في عقوقِه .. ( وطنُ الآخر )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 06:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-26-2005, 03:26 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في عقوقِه .. ( وطنُ الآخر )

    وطن يشيح بوجهه ..
    ولا يُبقي للخُلص من مبدعيه إلا قهراً .. وتقوقعا يفضي إلى الموات الإرادي ..
    ...........
    إطلعت علي ما لم أكن أعرف عن تفاصيل تلك ( الإشاحة ) .. هنا في الدوحة .
    جئتها من سقيم الأمكنة .. أمني ما أمني بإزهارٍ .. ربما لوجود عدد مقدر من المبدعين فيها ..
    إقتربت من عبدالرحمن نجدي . عبدالرحمن نجدي .. ذلك المسكون بالإبداع حد الجنون .. السينمائي و الناقد .. والفنان الفنان .. صاحب البصيرة ( النجيضة ) .
    نجدي يحمل حزنا نبيلا .. يهمس به أحيانا - حين قهر - و لا يدع لك مجالاً للحديث حين يوجعه قهره ذاك فيتمرد عليه , يتحول لحظتئذٍ إلى ما يشبه الحِمم , ثم يسكن . مسكنةٌ لهرولة الوطن في الإتجاه المعاكس ، يمارس و أصفياؤه حين تلاقٍ ذاك الأنين/الهم . هم الرؤيا /الأمام حين تُقْصَي بفعل الهدم المنظم للوطن.
    .............
    قال : أوتعرف زهاء
    قلت : لا
    قال : فاعرف ..
    ..............
    كتب نجدي عن زهاء الطاهر .. الذي رحل :

    أنشد يا هوميروس
    وأملأ الاحقاب موسيقى
    واللانهاية جمالاً وسحراً
    فالارواح ظامئة ، والقلوب متعبة ، والانسانية واجفة ،
    والاذان مكدودة من دوى العصر

    لا أدرى إن كان بعضكم يعرف زهاء الطاهر، وما أدراك ما زهاء الطاهر ،
    قابلتة اول ما قابلتة حين طرق باب بيتى بدون سابق إنذار فى فريج كليب بمدينة الدوحة ،
    هاشاً باشاً خفيف ألظل ثقيل الجسم يتحدث بإناقة لا تتفق ومظهره ، يمتلىء معرفة وثقافة حتى أخمص قدمية، جلس يحدثنى عن السينما – مجال تخصصى – حديث العارف ، تحدث بإعجاب لا تخطئة العين عن فيلم زد ، وعن ثيودراكس وعلى المك ونادى السينما وتلك الفترة الذهبية عندما كانت السينما مظهراً جضارياً جذاباً لكل أبناء جيلى ‘

    – هل تعرف اكثر ما يخشاة الناس هو ما لا يعرفونه
    - ولكنك تعرف فى السينما أكثر منى
    ضحك ضحكتة الصافية وانتقل بالحديث من السينما الى التشكيل الى المسرح ، ومن التاريخ الى الرواية الى الاسطورة ومن قضايا المرأة الى الديمقراطية الى الهوية ، وكان يقودنى بخبث شديد الى كل المجالات التى أحبها وكأنه خبرنى منذ الف عام ، وكان فى حديثة يمارس نوعاً من التنويم المغناطيسى ، ولم يفته بالطبع أن يقحم فى حديثة - بحب جارف - اناس أعشقهم

    - هل تعرف إن حسن موسى هو عراب ابنتى .....
    - وأن محمد عمر بشارة يرسم الآن لمجلة .......
    - وأن الياس فتح الرحمن افتتح داراً للنشر فى القاهرة وأنه الآن ....
    وكأنه كان يعرف مسبقاً نقاط ضعفى ، فبدأت صداقتنا العميقة من لقائنا الاول على الرغم من التناقض الذى كان قائماً بيننا ، والذى كان تناقضاً لاحدود لة ، وربما بسبب هذا التناقض كنا نتواجد معاً بصورة شبه دائمة ، تعرفت علية متمرداً ساخراً ، ورومانسياً حالماً .. وضائعاً فى كل الاوقات ، يعشق القراءة والكتابة ، تمتلىء دارة بالكثير من الكتب والمراجع ، وفى كل ركن تجد مجلة او مسودة لقصة أو مشروع كتاب جديد ، قال لى ذات مرة :

    - الكثير من الكتاب يعرفون قواعد الكتابة ولكنهم لا يعرفون كيف يكتبون
    - وكيف تكتب أنت ؟
    وبالطبع لم يكن ليفّوت لحظة كهذه
    - أكتب المسودة فى قلبك ثم أعد تركيبها فى عقلك .
    - ولكن كل كتابتك تنبع من العاطفة ، لا تخّمنى فى الحديث ، ثم هل قرأت كل هذة الكتب ؟
    اجابنى ساخراً
    - لا .. ولكنى أحتفظ بها فقط لابهر زوارى
    وكان يبهرنا بالفعل ، مرة أحتجت لمرجع فى السينما فأتانى بكل المقالات التى كتبت عن السينما بمجلة الدوحة ، ولم يكلف نفسة حتى عناء نسخها بل نزعها من المجلة وما زلت احتفظ بها ، كان شأنة شأن معظم الخلاقين من الناس تساورة الشكوك حول كثير من الاشياء ..كان يطمح فى فتح حوار شامل حول كل القضايا المعلقة ، وأظنه بالفعل كتب للكثير من أصدقائة العديدين .


    ................
    عبدالرحمن نجدي .. مولع بأشيائه الصغيرة الحميمة .. حقيبته ( الخُرتاية ) تلك تنهك كتفه .. ( وينهكه رحيق الأصدقاء داخلها ) . تذكرك بصفة ( الأولاد أبان خرتايات ) التي أطلقها دكتور بولا الجميل على ذلك الجيل الوضيء أواخر السبعينات .. خرتاية كما الجُب : خطابات من هاشم صديق .. خطابات من زهير .. صور للخاتم عدلان وأسرته .. قصاصات لمحمد سليمان .. صور و أوراق لمصطفى سيدأحمد .. أشرطة .. كاميرا .. أعداد من إصدارات مختلفة بلغات عدة عن السينما .. أوراق صفراء .. أخرى صدئة .. أكوام من الكتابات والملاحظات .. أفكار لسيناريوهات ......
    ذاك رجل مسكون بأرق جميل ..

    كتب زهاء الطاهر لنجدي في رسالة مصفرة مهترئة - يقدسها نجدي مع أقداسه الأخر-
    كتب زهاء الطاهر قبل رحيله الصامت ذاك :

    عبدالرحمن نجدي
    العزيز
    وقيل : في المخاطرة النجاة ، أو .. في بعض المخاطرة بعض من النجاة ، كثير من النجاة .. ذلك لأن النجاة مخاطرة .. وفي النجاة كل الهلاك ، وفي الخلاص مهلكة ، وفي الرضاء كل السلب، والرضى شكل من أشكال الموت المطرز بالغفلة .. وهو أعلي قدرات الحياة على الموت أو قدرات الموت في التشكل ، و تعلم أنه بالمرصاد وأنه يكيد ويكيد بوسائل شتى .. حتى برسم الحياة نفسها ، فتأمل .
    وفي زمن كنا نخرج من دورنا أو مدارسنا صباحا أو مساء .. ولا نعلم أقل علم إن كنا سنعود سالمين بع إنقضاء يومنا أو أننا أبدا لن نعود ، ولم نكن خائفين .. بل لم نكن ندري ما يعنونه بالخوف إذ كنا ممتلئين ثقة لحد الرعونة ، وظننا إنا قادرين على تحريك الحياة كلها من حولنا و من فوقنا .. وتجاهنا دائما .. تجاه أحلامنا الصغيرة ، وآمالنا المسهبة . وكم كنا نجيد ركوب المخاطر والخواطر ( والخاطرة مخاطرة .. فبالله انظر يا نجدي !! ) نخاطر بكل شيء وفي كل لحظة كالمغامرين المحنكين تماما ، ونجادل كل شيء عن كل شيء ، حتى الله في سمواته العديدة والأرض التي كانت تقل غناءنا فتثري الجوانح ، تثري العقل والشعور و تندي وجداناتنا . كنا صرعى أحلام مانعة ، ومرهونين أجمعنا للشمس والغد و الربيع والإنسان الإنسان ، ذلك الغد الذي تلمسناه في أشيائنا الصغيرة / العظيمة .. وكان كل شيء معنىً شفيف وزاهٍ وملهم ، بالأخص أصاحبنا قناديلنا الذين كانوا يضيؤن لنا ، و فينا يضيؤن فنضيء مثلهم . جميعنا كنا أسرى أحلام مسهبة ، وحمامات وقماري عصية ألوانها ، ولم يكن ثمة ادعاء بأي بطولة . لم نكن نر ثمة أية بطولة في ممارسة الحياة ، إ ذ كنا على يقين من أن الحياة يجب أن تمارس وفق ما يضاهي حلمنا ، وأي خروج عليها أو علي الحلم كان نشاز ، وكنا نرجمه ونرجم الخارجين عليه وعلينا .. وكل الخوارج . فاتسمنا بحدة راقية .. حتى الحب ، لم يكن سوى إحدى روافد اليقين بالحياة والتي كانت في مجملها جديرة بكل شيء ، فقمنا نساند الحياة . . بأي موهبة تراءت فينا و تراءت لنا ، فمرة بالغناء و بالرقص والموسيقى .. وبالدراما و بالسرد والقص ، والشعر السليط .. بالألوان والأفنان .. بكل شيء جميل . كرسنا أعمارنا الغضة .. والتي كانت كل ما نملك .. طرزناها لأقصى حدود اقتدارها و ما بعد الحدود وأحلناها نهيرات جذلة وغيوم للبشري .. ووردات في حجم الدنيا .. في جمالها وبساطتها . وكم كان رائعا كل هذا ، الثوابت والقناعات لدينا كانت نيرة و منيرة .. وقريبة من أيادينا و ملهمة ، وكان السودان يمثل كل يقيننا .. و كل شيء : أمهاتنا ، آباؤنا .. جيراننا و حبيباتنا وأصدقاؤنا .. ورب أربابنا .. آية في القرب والسطوع ، تسطع أحاسيسنا بالإنتماد لكل شيء فيهم .. لكل أصيل و منيع ، حبنا المهووس للأرض و أهلها ساقنا حتى أطراف السماء .. فخانتنا السماء .. حتى إذا ما انثقبت بنا ، وتلوينا وفجعنا فيها و تدحرجنا نحو الأرض ، لم نجد أرضا ولا ربا يسنداننا .. لم نجد شيئا .. حتى أمهاتنا ضحكن علينا ولمننا ، وآباؤنا قهقهوا مع أصحابهم ووصمونا باليفاعة وبكل شيء جارح للبصيرة . وقعت السماء وتهاوت علينا نجومها .. إندكت أرض ثوابتنا .. ذبل يقيننا ، وقامت الأرض .. كل الأرض الخائنة ، وحاصرتنا بعسكرها وبجهلها .. وضغينتها .. وسذاجتها ودينها وإيمانها .. وكم كان هذا قاسيا علينا ، فذبلنا قبل يوم ذبولنا .. خرجنا نصرخ في الطرقات فأكدوا علي جنوننا ، وعلى يفاعتنا مرة أخري ، أظلمت في وجوهنا الكتب .. كل الكتب ، و تحولت أغانيهم في حلوقنا خناجر وأشواك .. وأصبح السودان مثل الله .. بعيدا ومستحيلا . عنيداً وفظاً .. قاسياً ومريبا ، فكان علينا نحن - ذلك الجيل التعس - أن نكفر للمرة الثانية خلال أقل من من عشرين سنة لا أكثر .
    حين مررنا باكتوبر كنا أصغر من أن يتذكرونا .. وحين وأدوه حملونا كل تبعاتهم ، واغلقوا في وجوهنا أول نافذة للأمل و بصقوا على أرواحنا ، فكان جرحنا الأول .. ولن يكون الأخير ، عشرة أعوام بعدها .. وأعادوا إغلاقنا والبصق علينا ، وكنا قد كبرنا أثناءها مايكفي للعناد والإستشهاد.
    شحنونا في عربات الكاكي وأخفونا حتى عنا ، و كم كان ذاك جارحا ومؤلما .
    خرجنا ..
    نبحث عن ذواتنا ، عن حلمنا الذي فلت ، و عن كل أغانينا وعن جيلنا الذي وئد ، فما وجدنا شيئا .. وما رأينا شيء . واستكانت أرواحنا .. فهرعنا نلوذ بنسائنا يساعدننا علي موتنا والنسيان ، فاضرمن فينا نيرانا لا معنى لها ، ولا معنى عاد لهن أو لنا . ثلم كل شيء و خنعنا للرضاء و للنجاة ، وامتثلنا للقضاء والقدر .. وما عاد يهزنا شيء حتي لو عاد للسماء سقوطها وانثقبت الأرض ، أو لو أنا تفرقنا أيدي سبأ ..
    من يعيدنا إلى سجيتنا ؟
    إلى جنوننا الجميل من يعيدنا إلي سيرتنا الأولى .. لكفرنا المجيد ، وانعتاقنا الباهي ؟... من ؟ .. سوى مصيبة في حجم هذه الدنيا والسماء ، أو كأن نخرج يوما صباحا من منازلنا و .. نمشي و نمشي .. ونظل نمشي حول الأرض من جهة غلافها وندور حول الأرض لمليون مرة ثم .. نركلها آخر الأمر تجاه يوليو ، وتجاه أكتوبر البعيد البعيد ، ليبرد بعض هذا الحنين ( النوستالجي ) .. ثم : نكفر أو .. نؤمن للمرة الأخيرة .

    زهاء الطاهر
    ?? / ? / ????م

    ..................

    ( لعنتُ كافوراً .. ونِمتُ مقهورا ) ..
    أيها الوطن .

    (عدل بواسطة Emad Abdulla on 10-26-2005, 03:38 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de