ما بين الكباشي وأزرق طيبة ....الحركة الشعبية .. والطرق الصوفية
إعداد: لبابة جفون صرخت الفتاة الصغيرة .. شيخ الكباشي وتمتمت بكلمات متسارعة وأسماء كثيرة فهمت منها أسماء بعض شيوخ قرية الكباشي والتي يبدو أنها تتسع لعدد غير قليل من شيوخ الطرق الصوفية فأعدت تحديد سؤالي لها هذه المرة... عاوزين الشيخ الزاروه ناس الحركة الشعبية وكأنها عثرت على كلمة السر: «أيوااا...!!» الشيخ الجيلي ! واشارات إلى منزل لا يبعد كثيراً عن مسجد القرية حيث تولت إمرأة في العقد الخامس من عمرها مهمة إدخالي الى منزل الشيخ الجيلي المترامي الاطراف ولم نسعد بوجود الشيخ في الغرف العديدة التي كان جهاز التلفاز قاسماً مشتركاً فيها ! لتفيدنا زوجته وابنه بأن الشيخ الجيلي قد غادر ربما في مشوار قصير داخل القرية. لكن محاولاتي المتكررة لمحاورة الشيخ الجيلي الكباشي والذي اختارته الحركة الشعبية كأحد مستشاري الفريق سلفاكير ميارديت لم تكلل بالنجاح. وعلى عكس الشيخ أزرق طيبة أول حلفاء الحركة من قبيلة شيوخ المتصوفة. فإن الشيخ الجيلي وبرغم مظاهر الحداثة والاطباق الفضائية في منزله بالكباشي . يبدو شديد التحفظ تجاه التعامل مع وسائل الاعلام. وعلاقة الحركة الشعبية بالطرق الصوفية قصة تطوي في فصولها المرثية الشهيرة للدكتور منصور خالد في تأبين القطب الصوفي الراحل الشيخ الطيب قريب الله وتبتديء بعض ملامحها في زيارات وفود الحركة الشعبية إلى طيبة وأزرقها والكباشي وشيخ الجيلي. أزرق طيبة إذاً.. يبدو أن الحركة بعد جلوسها للتفاوض مع الحكومة وقبل التوصل الى صيغة إتفاقية السلام الحالية بدأت بتوسيع علاقاتها الى اكبر من دائرة التجمع والاحزاب في الشمال. وأبرز تلك العلاقات تمثلت في الاتصالات التي أجرتها الحركة مع شيخ الطريقة العركية المعروف (أزرق طيبة) والذي قدم بإيعاز من الحركة مبادرته التي عرفت وقتها بالمشروع الوطني لبناء الثقة وتوطيد السلام والديمقراطية والوحدة الوطنية. والتي كان من المقرر أن تتبعها ترتيبات أخرى تشمل تحديد برنامج عمل وطني مشترك بين اطراف العمل السياسي السوداني كافة. لكن مبادرة أزرق طيبة توقفت تداعياتها مع وصول وفد الحركة الاول الى الخرطوم! والذي قام بزيارة ضرورية واستراتيجية له في مسيده وضم الوفد وقتها أقوك كور واكول مكواج وعبد الله عباس وياسر عرمان. وما بين إتصالات الراحل د. قرنق الهاتفية بأزرق طيبة وزيارة وفد الحركة الاخيرة للشيخ الجيلي الكباشي بعضاً من تفاصيل صلات الحركة الشعبية بالطرق الصوفية وشيوخها والتي تحفظ القيادي البارز بالحركة بول ميوم عن رفع الستار عن بعض جوانبها مقتضباً في الحديث الذي أفادنا به قائلاً : أنا كنت بعيداً من السودان لفترة طويلة وفي الوقت الحالي ربما لا أتمكن من أن أفسر علاقة الحركة بالطرق الصوفية سوى أنها ضرورة إستراتيجية. رايات ونذور وأضاف الاستاذ بول ميوم لكن بالتأكيد لا يمكن أن نصف ذلك بأن الحركة تستبدل علاقتها بالاحزاب الشمالية بالطرق الصوفية إنما يأتي الامر في سياق نشر ثقافة التفاهم. ومن أبرز القيادات التي أسهمت في تقديم الحركة الشعبية للكيانات الشمالية المختلفة ياسر عرمان والذي كان قاسماً مشتركاً في كل زيارات الوفود والاتصالات مع رموز الطرق الصوفية والذي أوضح شارحاً لـ «الرأي العام» :- الحركة الشعبية تتفهم الاسلام السوداني وكرر مشدداً (أركز على كلمتي الاسلام السوداني هذه) والذي أخذ من ملامح وثقافة هذا البلد. والاسلام السوداني الذي يمثله بإمتياز رجال الطرق الصوفية ويضيف الاستاذ عرمان أن الاسلام السوداني إنتشر بالقدوة والموعظة الحسنة على مدى تسعمائة عام في شمال السودان منذ توقيع اتفاقية البقط في العام 641 بعد معارك دنقلا وحتى قيام السلطنة الزرقاء. والاسلام الصوفي هو الاقرب إلى وجدان السودانيين وثقافاتهم وهو مليء بحضور كثيف للثقافة الافريقية التي تفاعل معها عند دخوله في السودان وكان طابعه التسامح. ويكمل عرمان والحركة الشعبية التي تؤمن بالتعايش بين الاديان ترى أن رجال الطرق الصوفية سيكون لهم القدح المعلى في نشر السماحة والندى وأن الاسلام يجب أن لا يوضع في تعارض مع وحدة الاسلام. الاسلام والوحدة بل الاسلام يجب أن يكون زاداً روحياً داعياً للوحدة ولا فرق لعربي على عجمي والناس جميعاً هم أبناء أنبياء وجدهم جميعاً النبي آدم ويجب ان نعلي قيم الاعتراف بالآخرين وحقهم في أن يكونوا آخرين. وفي ذات الاتجاه تمضي مداخلة الكاتب البارز الحاج وراق في اتجاه الحركة لتعزيز صلاتها مع الطرق الصوفية مفسراً لهذا الاتجاه بالقول : يوجد في الحركة الشعبية أناس يفهمون الاسلام بعمق ويفهمون واقع الشمال كذلك بعمق ، ومن هؤلاء أناس كالدكتور منصور خالد وياسر عرمان والواثق كمير وغيرهم. ومن هذا الفهم العميق فقد توصلوا وعن حق بأن التصوف الاسلامي هو أكثر المذاهب الاسلامية قبولاً للآخر واكثرها تسامحاً وقابلية للتعايش السلمي المشترك في وطن واحد ولذا ليس مصادفة أن تمد الحركة الشعبية أياديها الى شيوخ الطرق الصوفية. ويضيف الاستاذ وراق مستدركاً : وعلى كل فإن إتفاقية السلام كي تنجح لابد وأن تتحول إلى ثقافة عامة والى بناء اجتماعي واسع وفي هذا الاتجاه فإن قبول الطرق الصوفية لها يشكل ضرورة لازمة. وحول ما إذا كان لتمدد الحركة بإتجاه خلق أرضية مشتركة مع التصوف قد يؤثر على علاقتها بقوى اليسار التي ساندت وجود الحركة في الشمال طوال العقود الماضية يرى الاستاذ وراق أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك أثر سلبي ويعزي ذلك لسببين قائلاً : أولاً : لأن هناك يساريين كثر يرون ذات ما تراه الحركة في الطرق الصوفية والسبب الثاني كما يراه الاستاذ وراق : أنه يمكن أن يكون توجه الحركة الشعبية إستيعابياً وتكاملياً بمعنى أن تتوجه نحو الطرق الصوفية وفي ذات الوقت نحو القوى الديمقراطية ، خصوصاً وأن هناك مساحة ممكنة لهذاالتكامل - فالملاحظ أن الطرق الصوفية تتركز في الريف بينما يتركز نشاط القوى الديمقراطية أو (اليسارية) في المدن ، وبالتالي فيمكن أن تتكامل سماحة التصوف في الريف مع إستنارة القوى الديمقراطية في المدينة. وعن كيف ينظر أصحاب نظرية الاسلام السياسي للحركة الشعبية وهي تتمدد في مساحة وسجادة الطرق الصوفية والتي ظلت لفترات متطاولة رصيداً وافراً وحكراً على احزاب اليمين وحدها. خطوة مهمة إتجهت بسؤالي للمفكر بروفيسور حسن مكي والذي ينظر بتفاؤل لخطوات الحركة بإتجاه الطرق الصوفية قائلاً : مطلوب جداً دخول الحركة الشعبية لتحاور المجتمع السوداني وتتعرف على مكوناته الاجتماعية وثقافاته وتياراته المختلفة لأن هذا الواقع يبرز منه المكون السياسي والاقتصادي. لذلك أرى أن تحرك الحركة الشعبية بإتجاه المتصوفة هو خطوة مهمة جداً واستوقفني كذلك إختيار نواب الحركة لياسر عرمان كرئيس لكتلة نواب الحركة بالبرلمان لأن هذا الاختيار فيه تجاوز للعرقية ويشكل بدايات لدفع سياسي مهم. ويضيف بروفيسور حسن مكي : بعض منسوبي الحركة لم يؤدوا القسم في الوزارات بعضهم يريد أن يكون في الجنوب ومن المهم للحركة وقد أصبحت شريكة في الحكم أن تعطي اولوية لتوحيد خطاب الحركة السياسي. وأعتقد أن الخط الموالي للراحل د. قرنق داخل الحركة هو منفتح تجاه الشمال لكن بحسب بروف مكي فإن المشكلة الحقيقية الآن داخل الحركة أن المجموعات التي لديها قدرات قوية داخل الحركة يقتصر كل تفكيرها على الجنوب فقط. البروفيسور على حسن الساعوري أستاذ العلوم السياسية ينظر لتقارب الحركة الشعبية والطرق الصوفية على أنه رؤية استراتيجية للحركة اذا ما ارادت وحدة السودان حيث يكون لديها أرضية موجودة. كأن الحركة تضم المسلمين الجنوبيين بطريق غير مباشر على المدى القريب وفي المدى البعيد أن تضم الحركة القاعدة العريضة للصوفية وحوارييها ليكونوا رصيداً لها في الانتخابات القادمة. ويضيف بروفيسور الساعوري أن الحركة ربما أرادت من هذه الخطوة أن تطمئن السودانيين بأنه ليس لديها عداء مع الحركات الاسلامية. وتبقى خلاصة القول بأن الحركة الشعبية وهي توسع خطاها بإتجاه التصوف والمتصوفة تفتح باب تجسير علاقاتها بقطاع واسع في المجتمع السوداني. أو ربما تأخذ الحركة «الطريقة». على أيدي هؤلاء الشيوخ ولكن بالتأكيد صوب صناديق الاقتراع ! نقلا عن الراى العام

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]