|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: ABUKHALID)
|
الأخ العزيز أبوخالد تحية طيبة و شكر لأنك خصـصتني بهذا الشجن المكتوب عن الخرطوم سأرد للمدينة المهداة هنا قـسطاً من الدين في الساعات المتبقية من اليوم ، فإن تأخرت فغداً
إليك يا أبوخالد و لقـرائك الأفاضل نصاً قصصياً متواضعاً فيه من الخرطوم مافيه بُسـط في هذا المنتدى قبل شهور
كن دوماً بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: Osman M Salih)
|
شوال فحم ــــــــــــــ
إخترقـتْ نافـذة طائرة أردنيّة أقـلعت في يناير الماضي من مطار عـمان في طريقها إلى الخرطوم سريحة بَـرّاق
إستقـرّ لهيب السريحة في حرز طلاسم أودعـتها جبين طفـل لم يكمل العامين يمينُ شيخ ٍ متصوف ٍ دار في يسراه دولاب هجليجة هـيّـأت لإستقـبال العائد فجراً ـ برفـقة زوجة أمريكيّة من أصل آفـرو ـ هـندي تنتمي لطائـفة شهود يهوه ـ متأبطاً جوال فحم أفـرغـته ثمانية عـشر عاماً أمضاها بين هـولنده ولندن وفـلوريدا غاسلاً لشوارع و جامعاً لخضروات وفـواكه و بائعاً بمطعم شاورمة وزارعاً لورود و شغـّيلاً بمحل أدوات كهربيّة خرطوماً مكروبة خلعت عـنها صلاة الصبح رداء غـبار وسمته لسعة برد وأقـدام متظاهـرين ومشرّدين وأطفال مسغبة و حروب أهـليّة و كوارث أسريّة وعـطالة طافحة وإنتـفاضات مُجهَضة و أحذية عـسكريّة مستبدّة و سـِعدة وافـدة من مشاريع زراعـيّة خنقـتها أعـشاب طفـيليّة و روث سعيّة متآكلة الأظلاف تشق جبال كرري في طريقها لسوق الناقة و قـشور تسالي وأكياس لحمة كـيري وعـطرون نشوق و نثارة بنقـو و عَـرقي عـيش مضروب و شطة حبشيّة و سُوس أصولي في صدور أماني وأحلام مبقـورة البطون وجوّالات مكوّمة في زريبة الفحم بالديوم، وهـبتها بدلاً عن الرداء المخلوع رداءَ غـبارٍ مسلولْ
تويوتا مكشوفة الظهر يطوف بها نعاس شارع أفـريقـيا شارع 61 فـ محمد نجيب محفـوفاً بدكاكين موصدة وCelphone وAfricacafe و Internetcafe و ود القـبايل لتأجير السيّارات وLondonshow وأفـراح الشماليّة وعادل شروم ومطاعم يمنيّة وتركـيّة وبقالتا بن سينا و الركن الهاديء وإجزخانات حي الزهـور و الشفا وQueen ومستوصفات ومستشفى بن سينا والنادي الأثيوبي فـمقابر فاروق فخباء أسمنتيّ بالخرطوم إتنين إستقـبل بحفاوة نسلاً محصّـناً بـَرقـية
لم تكن تلك الـرَقـية ردّة إلى إعـتقاد طواه قـرابة العقدين من الزمان لحافٌ مُـتعلمّن، وإنمّا عـنوان حنين لم تقـوى عـلى غـسله ثـلوج بحر الشمال، وتعميداً لعودة نهائية إلى أصل لم يكـنسه أوركاندو، وتحصيناً للذريّة ضد التشرّد بغرسها في تربة لم تـلدها
وبرغم سريحة النار السماويّة وطلاسم الرَقـية المزبورة بمداد أصابع و دوران العالم في دولاب نوى شجرة مبروكة بيمين شيخ متصـّوف ، رأيت العائد في سنتر قـرية Venray في ال27 من أبريل هذا العام
كان جرس ساعة الكنيسة يدق معلناً تمام الثامنة مساءً عندما غادرتُ النادي المغاربي في طريقي لسوبر ماركـت Edah
كانت الساحة المتوسّطة للسنتر خالية من المارة والمقاعد الحديديّة المتبرّكة بيمن ِ جيرةِ تمثال ِ القـدّيس Godefridus Henschenius مبللةً برذاذ يشاغـب جمود هـواء من جبّـانة قـرن دارس(1601- 1681)
إصطبغ رداء التمثال بقـلق غـدرتْ بجُـزلانه مطالبُ عـشيرة إحتـفـت بعودته ثم أولته لاحقاً ظهرها، ومارس الجيران عـلى حرم التمثال مبعوثة الأرض الجديدة تمييزاً سافـراً بسبب سمرتها المتـفـحـّمة" تمشي لحد أمريكا ما تجيب معاك إلاّ الخادم دي؟!"
لمحني شرود القـدّيس المتصخـّر عـندما تجاوزت مبنى ال PostBank ، هـبّ من مقعده لما إقـتربتُ من أنفاس الدراكون الحارس لواجهة المطعم الصيني ـ الإندونيسي وإستوقـفـني لأول مرة بعد ثلاثة أعـوام من مروري بجواره ليسألني بحياء عما إذا كنت سودانياً سألني وعـينه لا تبارح جوال فحم معبأ ومسنود إلى مقعد زوجة تطاردها إغـماءات سُـكّري و لعنة سمرة متـفحّمة وطفـل مُحصـّن بـَرقـية لايدري كـيف يحميهما من عاصفة تشرّّد وشـيكة الهبوب
عثمان محمد صالح Venray-Netherlands
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: ABUKHALID)
|
نهار بعد ليال عديدة
ضاحية Footscray بمدينة ملبورن
نساء جميلات شديدات امتشاق القوام فارعات الطول وببشرة بنية اللون كما يقول الأستراليين ( درءا لشبهة التمييز العرقي) يتجولن بحرية مفرطة بين محلات بيع المنتجات ألأفريقية التي تشتهر بها الضاحية ويتجرعن حرية التجول في تلك المحلات بظماء شديد أتابع المشهد وعبق البن الحبشي حديث القلي يشبع المكان برائحة مألوفة وأتفرس في امرأة لايخلو وجهها من وشم أخضر يعلو جبهتها (تقدم القهوة في كامل طقسهاالحبشي) لتبا غتني الديوم طافت بذهني اضأءت شديدة الوهج ألفيت نفسي أجوب في حواري ضيقة في نفسي وفي مدينتي التي أحب أشتد بي الحنين الفيت نفسي أردد أسئلة خاسئة داخلي وترهات شديدة الغموض ومقارنات خاسرة بين مدينة ومدينة غلبني الحب فدلفت الي نكهة القهوة في طقسها الخاص وأفتقدت رائحة الطين وخضرة البرسيم والتحضيرالشديد الحذق ( فقد أعملت التكنولوجيا أدواتها سلفا في مواعين ألاعداد رغم أصرار المرأة علي وشمها ألاخضر الذي يعلو جبهتهاكاشفاعن هويتها ) تنطمس المعالم في عتمة المدن الضخمة ولكن رائحة غبار المدينة التي تسكن جيوبنا ألانفية تذهب أبعد لتمنح أرواحنا المنهكة غبار الذكريات العامرة بالتوهج والمشبعة بالحنين أنها الخرطوم تسرق عنا متعة المشاهدة وتلفنا في حنايا ذكرياتها رغم ضجيج المدن الكبيرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: ABUKHALID)
|
ابو خالد ..
نص بديع عن الخرطوم ... لم اكن اعرف كم احتاجة حتى اطلعت عليه ..
اراحني من عناء يوم عبوس ..
محمد صالح
اضافتك الى البوست زهت به وسمت ... اصاب ابو خالد حين اهداك البوست .. فقد عرف كيف يتدفق منك الكلام .. انا مدين لكم بهذا اليوم ... شكرا لكم ...
اتنم تعرفون كيف تجعلون المكان يطاق..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: DKEEN)
|
DKEEN أنه حنين لايغسله الماء والغرق في محيط التداعيات حنين أسرج صهوه البرق مسرعا بنا الي حتمية وجه مدينتا التي تطاردنافي مدن العالم المتفرقة تحجز لنفسها مكانا في الذاكرة والوجودان شديد الخصوصية والحضور مدينة أحتفظت بحقها في المفآجاة لنلتقي بسمتها شديدة الحزن في محطات المترو الساحات العامة وجوه الغرباء أعلانات الصحف باللغات ألاجنبية في طريقتنا لشرب الشاي والسير علي الطرقات والاطراق في لجة الضجيج شكرا علي مرور المشرف ونحن من ندين لك لمنحنا الوقت في مطالعة تداعيات تداهمنا ساعة فساعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الي صديقي عثمان محمد صالح (ليالي الخرطوم) (Re: ABUKHALID)
|
لم تكن تلك الـرَقـية ردّة إلى إعـتقاد طواه قـرابة العقدين من الزمان لحافٌ مُـتعلمّن، وإنمّا عـنوان حنين لم تقـوى عـلى غـسله ثـلوج بحر الشمال، وتعميداً لعودة نهائية إلى أصل لم يكـنسه أوركاندو، وتحصيناً للذريّة ضد التشرّد بغرسها في تربة لم تـلدها
عثمان محمد صالح تلك العبارات ناجعة كل منا أوركاندو ألذي سكن أصله لكن أوركاندو الذي سقته ألينا قطيعة علينا أن نرتقها علينا أن نورث الحنين والجوع والفقر لأطفالنا لكي يعرفوا أي مدينة مهيبة وغامضة ومقهورة وساحرة تعنون تاريخ هذا الوطن أنها مدينة أغدقت علي الشعراء صفو الكلام والمغنيين عذب الاغنيات والفقراء التشرد والجزام مدينة يفضحها المطر وتعرقل المرور مدينة يمنح سكان أطرافها المعدمين نشوة لسكان قلبها المترفين في تبادل النقود والخمر الرخيص أنها مدينة برائحة الموت ونكهة النيل تشف في أحياءها وتوغل في الغموض تحت سلطة حكامها لكنه الهوي الذي ما أرعوي
| |
|
|
|
|
|
|
|