نقد النظرية السنية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 00:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-12-2005, 07:44 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقد النظرية السنية (Re: Sabri Elshareef)



    نقد النظرية السنية
    فصل من كتاب بعنوان (ليس من السيرة النبوية)



    الروايات المعنيِّة
    1
    تتحدّث الروايات (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 19، 21،23، 24، 27، 28، 29) عن لحظة الوحي الأولى بوضوح، اي عن لحظة المشروع النبوي الكبير في بدايته المجسّمة المسمّات على صعيد الفعل والقول والمهمة والتكليف، سواء كان أوّل ما نزل من القرأن سورة (أقرأ) أو سورة (يا أيها المدثر) كما في رواية جابر الأنصاري (27 / 7 ــ ز) أو سورة الفاتحة (18 / 5 ــ ج)، وسواء كان ذلك في اليقظة أو في المنام كما في رواية ابن أسحق (19 / 6 ــ أ)، وأمضاها الطبري في تاريخه (24 / 7 ــ د)، والمطلوب هو إجالة النظر في هذه الرو ايات سنداً ومتناً. وفي الحقيقة هناك أكثر من رواية في هذا الكم تستدعي النظر قبل غيرها لأسباب فنيّة وعلمية.

    الرواية (19 / 6 ــ أ)
    هذه الرواية مرسلة لانّ عبيد بن عمير بن قتادة الليثي تابعي توفي سنة 68 للهجرة ــ40 تهذيب التهذيب 6 / 147 ــ وروايته اشبه بالقصّة، ومن غرائب هذه الرواية مفادها الصريح أن الوحي زار النبي في حالة النوم، حيث يقول صاحبها على لسان النبي (... فجأءني جبرائيل وأنا نائم بنمط من الديباج فيه كتاب فقال أقرأ...) لكن أكثر أهل الاخبار بان الوحي كان في اليقظة (لان الوحي بالنبوة لا يمكن أن يكون في حالة نوم، ثمّ أنه لا يختلف في هذه الحالة عن الرؤيا التي تظهر للاشخاص في الأثناء) 41 ــ تاريخ العرب قبل الاسلام ص 155 ــ وفي الرواية نجد ما لم نجده في روايات أخرى، مثل مقابلة ورقة للنبي أ ثناء طوافه بالكعبة وتقبيله يافوخه، والغريب أن الرواية تنبيئ عن معرفة خديجة لظواهر النبوّة !
    الرواية أشبه بالقصّة، ذلك أن مصدر ا لرواية هو (عبيد بن عمير بن قتادة الليثي)، وهذا الرجل (كان أوّل من قصّ) 42 ــ سيرة أعلام النبلاء 3 / 157 ــ بل هو متخصّص في هذا الفن فقد عُرِف عنه أنّه (كان قاصّ مكة) ـ 43 المعرفة والتاريخ 2 / 24.حاول بعضهم تأويل موضوع النوم بقوله (ويحتمل أن هذا المنام كان بعد ما راه في اليقظة صبيحة ليلتئذٍ ويحتمل أنه كان بعده، والله أعلم) 44.هذا التأويل في تصوري بارد جداً، لانّه خلاف اللفظ الواضح الصريح القاطع.
    روى الطبري هذه الرواية كما ذكرنا آنفاً (24 / 6 ـ أ) بسنده المذكور الّذي ينتهي فيه الى محمّد بن اسحق عن وهب بن كيسان سماعاً عن عبيد وهو يقصّ، وفيه زيادة أو زيادات مهمة (قال ـ أي رسول الله في حديثه الى خديجة بعد أن فجأه الوحي باقرأ ــ ولم يكن من خلق الله أحد أبغض اليّ من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر اليهما، قال: قلتُ أن الأبعد ـ يعني نفسه ــ لشاعر أو مجنون، ولا تحدث بها عني قريش أبداً، لأعمدنّ الى حالق من جبل، فلأطرحنّ نفسي منه، فلأقتلنّها فلأستريحنّ) 45 ـ الطبري 2 / 386 ــ 387 ــ وروى البيهقي الرواية ذاتها مع هذه الزيادة أي طبق ما ورد في الطبري، ونقله الذهبي في تاريخ الاسلام (3 / 130 ــ 132)، عن إبن أسحق مشيراً إلى الزيادة أعلاه، ولم يعط رأياً في الرواية، وأخرون بذات السند القصصي السالف.

    الرواية رقم (27 / 7 ــ ز)
    هذه الرواية نجدها في غير الطبري أيضا، فقد أخرجها البخاري ح 4922 عن يحي، عن وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحي بن أ بي كثير قال: سألت أبا سلمة، كذلك في تفسيره لسورة العلق، ثمّ مسلم في كتاب الأيمان 73 باب بديئ الوحي ألى رسول الله ح 275 بسنده عن يحي بن أبي سلمة عن جابر.
    في سنده: علي بن المبارك عن يحي بن أبي كثير ولكن (رواية يحي عن أبي كثير منها رهماء)46 ــ تهذيب التهذيب 7 / 375 رقم 609 ــ والغريب ان الزهري يروي عن أبي سلمة عن جابر أنّ قوله تعالى (يا أيها المدّثر) نزلت على رسول الله بعد فترة الوحي بل بعد فتوره المعروف (عن إبن شهاب قال: سمعتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثمّ فتر الوحي عنّي فترة فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الّذي جاءني في غرّاء حرّاء قاعد على كرسي فجثيت منه فَرَقا، حتى صرت إلى ألأرض، فجئت أهلي فقلت: زمّلوني زمّلوني، فزمّلوني فأنزل الله عزّ وجل يا أيها المدّثر) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب وثيابك فطهّر 47، كذلك مسلم (1) كتاب الإيمان (73) ح (253) ومسند أحمد بن حنبل 3 / 325، ولا يخفى وجه التناقض بين الروايتين، قال الأمام النووي (القول بأنّ أوّل ما نزل يا ايها المدّثر ضعيف باطل) ــ السيرة الحلبيّة 2 / 251 ــ

    الراوية (28 / 8 ــ أ)
    رواها البيهق في سنده السالف ونقلها إبن كثير في البداية والنهاية (3 / 13) عن موسى بن عقبة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وذكره السيوطي في (ا لخصائص الكبرى 1 / 93) عن أبي النعيم، وعن البيهقي عن طريق موسى بن عقبة، عن إبن شهاب أي الزهري، واوّل ما يُلاحظ على الرواية الإرسال، فضلأ عن أنّ إبن معين كا ن يضعّف موسى بن عقبة بعض الشيء 48 ــ تهذيب التهذيب 10 رقم 638 ــ (وقال الاسماعيلي في كتاب العتق: يُقال لم يسمع موسى بن عقبة من الزهري شيئاً) 49 ــ نفس المصدر والرقم ــ وقد ذكر إبن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير هذه القصّة وزاد عليها (ففتح جبرائيل عيناً من ماء فتوضّاً ومحمّدا صلى الله عليه وسلم وجهه ينظر إليه ويديه إلى المرفقين ومسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ثمّ نضح فرجه وسجد سجدتين في مواجهة البيت ففعل محمّد كما رأي جبريل يفعل) ـ 50البيهقي 2 / 145 ـ وهي رواية مرسلة بهذا السند.
    الرواية تتألف من مقاطع...
    المقطع الأول: نقرأ أكثر من مفردة ملفتة للنظر، منها شق البطن المزعوم، ومنها إ جلاس جبرائيل لرسول الله صلى الله على ذلك الكرسي الياقوتي، وفي هذه الإثناء حصلت لحظة الوحي القرأني.
    المقطع الثاني: نقرأ مفردات غريبة أخرى منها رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم جبرائيل في المنام، وفي الأثناء بشّر جبرائيل محمّد بالنبوة ! وفيها تبشير خديجة لمحمّد بالنبوّة أيضأ.
    المعقطع الثالث: نقرأ عن ذهاب خديجة الى (عدّاس) المزعوم الّذي أعطاها فكرة واضحة عن الوحي وفلسفته ومهمّته.
    المقطع الرابع: نقرأ عن ذهاب خديجة ألى (ورقة بن نوفل) فقصّت عليه ما حصل لرسول الله، فأمضى نبوّته وما ت ورقة بن نوفل في الحال.
    الواقع: أن إتصال الوحي برسول الله أبّأن اليقظة وهو يتلو عليه أقرا أو يا أيها ا لمدّثر تكفي لأثبات نبوّته، وعندها لا حاجة إلى ذلك الدليل البائس برواية عروة على لسان ا لنبي، أي الرؤية في المنام ا لتي جعلها عروة الدليل التاسيسي على نبوة محمّد، وأنّها هي ذاتها التي فسّرت ما هية وحقيقة الإتصال الأوّل الّذي تدشّن بأوّل آية نزلت على قلب الرسول الكريم، وهذا التصوير إفتئات على العلم وتعدّي على الحقيقة، وهو أشبه بذلك الّذي يستدّل بالاخفى على الخفي، خاصّة وإ نّ الوحي كان قد أعدّ للنبي ذلك الكرسي الخيالي الرائع، الّذي لا يخرج عن مملكة المخيال الاجتماعي المتعلّق بصور الأحجار وا لمعادن الكريمة، فأي دلالة أجلى من هذا الأتصال الحسّي بين النبي وجبرائيل؟ فما قيمة تلكم الرؤية إذن لتكون مُفسِّرة لهذا الوضوح الصريح؟ ونحن هنا نناقش الرواية على ضوء منطقها الداخلي المتداعي، وإلاّ فأن مسألة هذا الكرسي هي الأخرى تدعو إلى الرثاء، ل أنها تمثل بحق العقلية التجسيميِّة الخرافيِّة، ولا أعتقد أن تقدير النبي وإ جلاله يتم بهذه الطريقة الحسيِّة الغليظة، ومهما يكن من أمر، فان موضوع(شق البطن) أثار فضول أهل الغريب أستفساراً وتفسيراً وتوجيهاً، فقد إدعّى بعضهم أنها ذات العمليّة المزعومة التي حصلت معه قبل البعثة وا لمعروفة بـ (ششق الصدر)، ويرى اخرون أنّها حصلت مرّة أخرى، وأوصلوها إلى ثلاث مرّأت !! وهذا يعني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (طُهِّر) داخليّاً ثلاث مرّات أيضاً، ممايثير حقاً استغراب الفطرة والعقل معاً ــ 51 دلائل النبوّة 2 / 146 ــ
    في المقطع الثالث نصادف هذ الّذي اسمه (عدّاس)، تلتقيه خديجة كي يُفسِّر لها أو يعطعيها فكرة عن جبرائيل، فيما محمّد النبي الّذي أُنزل عليه هذه الملك إلى جانبها، يحدّثها عنه، وعن علاقته به ودوره في توجيهه !! فما هي حاجة خديجة إذن إلى عدّأس هذا؟.

    أربع روايات
    الرواية (23) يرويها الطبري مُرسَلة، ذلك أ نّ مصدرها هو (عبد الله بن شدّاد) وهو وإن ولد في زمن النبوّة، لكنّه لم يحدِّث عن رسول الله، ولّذا عُدِّ تابعيِّاً 52 ــ تهذيب التهذيب 5 / 251 رقم 441 ــ وتتضمّن الرواية كسابقتها ونظيراتها هذا التشويش المرفوض بحق محمد العظيم (فقال: يا خديجة ما أ راني إلاّ عُرض لي)، ومن المستبعد أن تقول خديجة لمحمّد بعد أن أ بطأ عليه الوحي هذا الكلام القاسي وهي التي آمنت به وصدّقته، وهناك روايات أن قائل هذا الأفتراء هم أهل قريش وصناديد الشرك أنذاك ــ 53 مجمع البيان مجلد 10 ص 765 ـ
    الرواية رقم (24) مرّ الكلا م عنها في التعليق على الرواية رقم (1. والرواية رقم (29) مُرسَلة لأنّ محمّد بن نعمان بن بشير تابعي ــ 54 تهذيب التهذيب 9 / 492 رقم 803 ــ والرواية رقم (21) في سندها (النعمان بن راشد) قال علي بن المدني: ذكره يحي بن القطاّأن فضعّفه جدأ، وقال إبن معين: ضعيف جداً، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف، وهناك تضعيفات أخرى في شانه ــ 55 تهذيب التهذيب 10 / 452 رقم 819

    2
    بقي لدينا من الروا يات التي تتحدّث عن المفاجاة الكبيرة (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8،9، 10، 11، 12، 22)، وهي روايات البخاري ومسلم وأحمد، وبالتدقيق في هذه الروايات سوف نجد انها تنتهي إلى الزهري عن عروة عن عائشة أ م المؤمنين، ومن الواضح انّ رواية أبن سعد (12) لا تتحدّث عن لحظة الوحي الأولى، ولا تتطرق إلى حيثيات ومستحقات المفاجأة الكبيرة، ولا ننسى أنّ محمّد بن عبد الله هذا هو أبن أخ الزهري وقد ضعّفه إبن معين وذكر ذلك المغني في الضعّفاء ــ 56 2 / 597 رقم 5666 ـ كذلك رواية البخاري (4) فأنها تتحدّث عمّا بعد (إ قرأ) كذلك الرواية رقم (5) والرواية (6) والرواية (7) وعلى إمتداد ذلك الرواية رقم (10) في صحيح مسلم، وبهذا فإن الروايات التي تروي لنا لحظة الوحي الأولى، أي لحظة (إقرأ) أو ايّا كان الأول من النازل من القرأن الكريم منحصرة في الارقام (1، 2، 3، 8،9، 11)، ومجرد نظرة الى هذه الروايات سنرى أنّها ترجع الى (الزهري عن عروة عن عائشة) وذلك بدون استثناء، وبالتالي يكون مصدر الرواية هو عائشة لا غير، والسؤال المنطقي هنا هو من أين أخذت عائشة هذا العلم؟ ونحن نطرح هذا السؤال لأن لحظة الوحي الأولى تمثل مكانة مهمة من خارطة العقل الاسلامي، فنريد معرفة هذا البيان المهم.
    لم تكن عائشة مع رسول الله عند لحظة الوحي الاولى، هذه حقيقة معروفة فلابد أنها استقت هذه المعرفة من رسول الله أو من مصدر أخر قريب جداً على الرسول الكريم، وفي سياق هذه الصيغ من الصعب إ نحصار الخبر بمتلقي واحد هو عائشة، ويزداد هذه السؤال موضوعيّة إ ذا علمنا أن خديجة كانت على تماس رئيسي وجوهري بالحدث بنص رواية عائشة، فلماذا لم يُنقل عنها ذلك؟! ثمّ السؤال نفسه يسمح بتسلسله، إذ ما السبب ور اء إنحصار عروة بالخبر عن عائشة وهي التي كانت تحدِّث عروة وغيره؟ أنّ هذه الانحصارية غريبة جداً، لا تتناسب أبدا مع طبيعة الحدث ولا رموزه الفاعلة أو النا قلة.
    الملفت للنظر في هذا الخصوص أن العصبة الزبيريّة مولعة جداً بهذا الخبر، فهنا نلتقي مع عروة باعتباره الواسطة الوحيدة بين عائشة ومن تلاه، وفي مسانيد أخرى نجد (أسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير)
    يمثل أحد مسانيد الرواية المذكورة في نقطتها الجوهرية وحولياتها الاخرى، كما في رواية إبن إسحق (19) التي نقلها الطبري وإ بن كثير وغيرهما من المؤرخين وأصحاب السير، وهشام بن عروة أدلى بدوره في هذا المجال، ومن الملاحظ أنها كانت مادّة تثقيفيِّة في مجالس عبد الله بن الزبير.هذه الظاهرة ينبغي ان توضع بنظر الأعتبار وسوف نعود لها في الوقت المناسب، ونعود للقول بان أحاديّة المنبع لمثل هذه الروايات تثيرالسؤال الحسّاس والمحرج، لانّ المفروض في مستوى هذا الحدث هو الأنتشار، وكثرة الرواية، وقبل ذلك تعدديّة المصدر والمنبع، وفي سند الرواية رقم (1) نتلقي بـ (عُقيل بن خالد بن عقيل الأربلي أخو الأموي مولى عثمان)حيث يثور في النفس منه شيئ عندما نعلم أنّه كان شرطيّاً في نظام بني أُميّة في المدينة 57، ولهذا ضعّفه أبن سعد 58 ونصادف في سند الحديث رقم ( يونس المعروف بروايته عن الزهري، هذا الرجل هو مولى معاوية بن أبي سفيان، قال وكيع: كان سيئ الحفظ، وكان يكتت الحديث مضطرباً ن وسئل عنه رحمه الله فقال: روى أحاديث منكرة، وقال إبن سعد كان حلو الحديث وليس بحجّة، وربما جاء بالشي المنكر، وقال إبن يونس: كان من موالي بن أميّة 59 ــ تهذيب التهذيب 11 / 452 رقم 869 ــ
    وفي الواقع حتى إذا تجاوزنا كل هذه التضعيفات التي تنتاب هذا السند أو ذاك، فإنّ إ نحصاريِّة الاصل في مصدر واحد يثيرالريب حول صدق الرواية في هذا الجزء الحسّأس من بنية الحدث، لأنّ دواعي التعدّد في المصدر متوفّرة، ولا نعقتد يوجد ما يوجب إحجام رسول الله صلى الله عليه وسلم من إ لقاء هذا السر إلى غير عائشة من زوجاته، او حوارييه، وإذا كان قد حصل ذلك فعلاً، فلا داعي لستره عن أسماع المسلمين وجمهور الصحابة، خاصّة وأنّه مادّة نشيطة للتداول والتحادث.
    أن المرء ليتساءل بعفوية الفطرة وحاكمية العقل وصراحة المنطق عن اكثر من ظاهرة تتصل بحوليات الحدث الكبير.
    سؤال (1): تُرى أيّ مبرّر لمثل هذه الممارسات القاسية من قبل جبرائيل مع أعز إنسان على الله تبارك وتعالى؟ وذلك من عصر شديد وعنت وغط قاس.
    سؤال (2): ولماذا أعاد القراءة ثلاث مرّات لا أكثر ولا أقل؟ 60
    سؤال (3): وما السرّ وراء إستجابة النبي للأمر في المرّة الثالثة دون غيرها مثلا؟
    هذه أسئلة موضوعيّة وطبيعية، ولا نجد في تضاعيف وأعطاف الرواية أي إجابة على أي سؤال من هذه الأسئلة المطروحة.
    3
    رواية البخاري ومسلم وأحمد وكل الروايات ذات الوزان تؤكذ خاصيّة مهمة في لحظة الوحي الأولى، تلك هي خاصّية المفاجاة...
    تُرى هل هي مفاجأة اللقاء؟
    أم هي مفاجأة الامر بالقراءة؟
    أم هي مفاجاة الصورة التي تبدّى فيها جبرائيل؟
    أم هي مفاجأة الاصوات الغريبة التي صاحبت اللحظة الكونية الهائلة؟
    مهما يكن نوع المفاجأة ها، لان الروا ية متوزّعة البيان في خصوصها، إلاّ أنّها تحمل طابع الغرابة والدهشة والفزع، ولذا يستغرب القاريء العادي من كل ذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قد مرّ عشرات المرّات بحوادث وظواهر تفوق أو توازي اللحظة الاولى، ذلك على إ متداد عمره الشريف، وسندنا في هذا روايات كثيرة تنسجم مع الخط الذي يُمضي تلك المفاجأة كحقيقة قاطعة لأنها وردت في كتاب البخاري مثلاً أو مسلم أو أحمد.
    أنّ تلكم الحوادث الغريبة كانت ميتافيزية غيبيّة خارقة، وقد تكرّرت وتوالت وفي هذا الصدد تنتصب ثلاث ملاحظات أساسيِّة: ــ
    الأولى: لم تحدّثنا كتب التاريخ والسنن والتراجم أيّ ردود فعل أزاء تلك الحوادث كالتي ترتبت على لحظة الوحي الاولى، مع أنّها لا تقل عنها غرابة إنْ لم تكن أكثر دهشة وخروجاً عن مظاهر الحياة الطبيعية والسنن الكونية.
    الثانية: أن تلكم الحوادث كما يقول أصحاب الفكرة المذكورة ــ كانت من أجل إعداد محمّد لتلقّي الوحي ــ وبالتالي من حقنا السؤال عن هذا الإعداد، أين تأثيره في استقبال تلك اللحظة العظيمة، لقد تعامل معها بدهشة وغرابة وخوف ووجل وشك !
    الثالثة: وفي الواقع أنّ الّذي يمرّ بتلك الغرائب لا يفجأه الوحي بالصورة التي مرّت علينا، الشك والخوف والتردّد وا لجهل، فقد مرّ حسب هذه النظرية بأحداث تهيئه للتعامل مع تلك اللحظة الكبيرة بانشراح وتفاعل وفهم ووعي، وا ستكمالاً منا لإطار ومضمون هذه النقطة الاساسية الصميميّة في محاكمة نص البخاري أو بالاحرى روايته ورواية نظائره نرى من الافضل إدراج بعض مفردات تلكم الحوادث: ــ
    منها (1) حادثة شق الصدر.
    منها (2) ان الوحي كان ياتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام قبل اللحظة الأولى وذلك لفترة طويلة، وتلك كما يٌقال سُنّة مع كل الانبياء (حتّى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي بعد ذلك) 61 ــ سيرة إبن كثير 1 / 388.
    ومنها (3) ما يرويه مسلم عن جابر بن سمرة من أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (أني لأعرف حجراً بمكّة كان يسلّم على رسول الله قبل أن يُبعث أني لأعرفه الآن) 62 ــ نقله إبن كثير في سيرته 1 / 389 ــ
    تُرى كيف تنسجم تلك المزاعم حول حوليات تلك اللحظة القدسيّة مع هذه المقدّمات العجيبة؟
    لقد شقّ الملائكة صدر الرسول...
    وكان الحجر يسلِّم عليه قبل النبوّة...
    وكان يرى الوحي في المنام...
    بعضها ليس مرّة ولا مرّتين بل مرّأت...
    إذن لا بد أن تكون لحظة استقباله للوحي نوعاً من التماهي والتوافق بين المقدّمات وهذه النتيجة، وقد كان رسول الله واعياً يمتلك المقدّمات، عارفاً بجوهرها الخارج عن نطاق المادّة وقوانينها.
    أين نضع هنا ذلك الخوف المزعوم من الكهانة والشعر والجنون؟
    أين نضع ذلك الخوف المزعوم من المجهول؟
    أين نضع دعوى الإ قبال على الإ نتحار؟
    أين نضع كل ذلك من هذه المُقدّمات التمهيديّة العجيبيّة؟
    4
    الزيادة المطروحة في حديث البخاري (1 ــ ج) كذلك صحيح مسلم تستدعي الأنتباه وتثير الجدل لأنها تشتبك بآواصر نافية مع جوهر النبوّة.
    أنّ مسألة (الأنتحار) هذه تثير السخرية، لا تمّت بأي صلة إلى واقع النبوّة فضلاً عن خصائص محمّد الإنسان، تلك الخصائص التي تبلورت في ثقته المطلقة بنفسه وبما يفعل ويقول، وإذا أمكن القبول بأن هذه الحادثة حصلت مرّة فليس من المقبول ولا من المعقول القول بأنها حصلت أكثر من مرّة كما تفيد هذه الرواية الجانية، فأن الحالة هذه تفيد قطعاً بان محمّداً غير واثق من نبوّته الكريمة، وهو خلاف قوانينها وخلاف مجريات حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
    هذه الزيادة لم نجدها في الرواية الأصل (1 ــ أ) التي هي بسند يحي بن بكير عن الليث عن عقيل عن إبن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين، ولم نجدها في كل المسانيد الأخرى، لماذا غابت هذه الزيادة هنا؟ وهو سؤال مهم، لأنّها ليست بالزيادة التي تستحق الأهمال، بل تستحق الذكر والمحافظة عليها وعلى نقلها، وفي الجزء الثاني سوف نتابع بقية الموضوع بإ ذن الله تعالى.



    ستراتيجيِّة النص
    النص الّذي بين أيدينا بشكل عام و بصرف النظر عن الكثير من المفردات يعبّر عن ستراتيجية بعيدة المدى، تترجم مبدأ المعرفة / السلطة، فخديجة بأعبتارها زوج الرسول الأوّل أكتسبت شرف العلم بالوحي كحدث كوني هائل شريف مٌقدَّس مفعم بالاسرار اللاهوتيّة القريبة من السماء، فهي كانت على مقربة زمانية ومكانية وروحية متواصلة مع النبي، وقد فاجأه الوحي وهي تحته، زوجة صادقة مُطيعة مُعضِّدة ماديِّاُ ومعنويِّاً، وسواء صحّ دورها التربوي والتعليمي والإرشادي لظاهرة الوحي بالنسبة للرسول أو لم يصح ـ وهو ما أره ــ، فأنّها كانت على مقربة من حامل سرّ السماء جبرائيل بصورة من الصور، وكانت على مقرُبة أشد من حامل رسالة هذا السر، وكل ذلك يوجب في نطاق صراع ملحمة الفضائل التي لم تنفصل باي حال من الأحوال عن الصراع القبلي والعشائري في صدر الاسلام.
    خديجة تشكل عنصر الشهادة الحيّة على لحظة الوحي الاولى، عائشة تحتل مهمة الموازنة، ولكن ليس الموازنة التي من شأنها الحد من سلطة خديجة وموقعها، بل الموازنة التي من شأنها طرح عائشة كمعادل موضوعي لخديجة، فإنّ أختصاصها بنقل تفاصيل الحدث، يُضفي عليها الشيئ الكثير من القداسة والبركة والمنزلة، فهي ليست الزوجة الاصغر والمدلّلة من بين زوجات النبي الكريم وحسب، بل هي التي كانت أمينة سر الوحي، لولاها لضاع التاريخ، هي التي حفظت مكارم اللحظة الاولى، هي التي حفظت لخديجة دورها في التاريخ، وبالتالي لن تخسر موقعها في ملحمة لحظة الوحي الأولى، تلك اللحظة التي دشّنت أسم خديجة في جسد التاريخ الجديد للإنسانية.
    إنّ إختصاص عائشة بالرواية ذات مغزى كبير، مغزى لاهوتي منغمس بالتاريخ الملتهب بالصراع من أجل الخلود، فكأن عائشة هي الوحيدة التي كانت تحيط بسرّ تلك اللحظة الكبيرة، وهي الوحيدة التي تحتل مكانة الإ ئتمان على سرّها العظيم، وبالتالي بروايتها لذلك تكون قد أنقذت التاريخ من الضياع، وأي تاريخ، تاريخ اللحظة التي تأ سّس بها الأسلام.
    حقاً انّها لحظة ذات وقع هائل في ضمير المسلم وضمير مؤسسي الفكر الديني واللاهوتي، فبروايتها نشق الطريق إلى السماء، نكتنه السرّ العزيز ودروبه بالصعود والنزول، فليس خديجة وحدها تستأثر بطرف من ذلك، مسألة النص في مثل هذه المجالات لا يمكن أن تعامل بسذاجة، لانّها تتصل بآفاق عريضة من الصراع وتزاحم القوى و المصالح.

    في التراث الشيعي
    سجّل التراث الشيعي حضوره بكثافة في مجال النبوة المحمّدية، وقد ترك لنا التراث المذكور الكثير من الروايات فيما يتصّل بولادة النبي وما قبل الولادة واستحقاقات كثيرة تتصل بعموم النبوّة قبل تحققها فعلاً. وقد ضمّن المجلسي الجزء 15 من كتاب البحار العديد من الروايات في هذا السياق، أكثرها مناقبي إعجازي، ولكن تفتقد لكثير من موضوعيّة السند ومعقوليّة المضمون، فقد أورد الكافي (39) رواية عن شؤون ولادة النبي ووفاته لم يصح منها سوى رواية واحدة لدى البهبودي وهي رواية عادية لا تحمل شيئا مثيرا ـ صحيح الكافي 1 ص 51، وقد قام بتشريح هذا التراث الشيخ أصفي محسني وخرج بنتيجة مؤدّها ان هذه الروايات ضعيفة ولا يمكن الإعتماد عليها بتأسيس عقيدة أو رؤية رصينة، فهو يعلّق على الباب الاول من الجزء 15 من البحار حيث يتحدّث عن بديئ خلق النبي الكريم والانوار التي حفّت به قبل الخلق فيقول عنها ضعيفة سنداً متعارضة متدافعة يتعذر الجمع بينها وغامضة ــ ص 301 ــ وفي خصوص الولادة ومتعلّقاتها يشكك الكاتب بالروايات التي جاءت في صددها، وفي ذلك يقول (لا حجّة ولا إعتماد على ظواهر روايات ضعيفة وليست هي كثيرة توجب الإطمئنان بصدورها عن النبي الأكرم أو الأئمة) ص 306 ــ ولا توجد مادّة شيعية خصبة في كيفيّة تلقي الرسول الوحي في اللحظة الأولى، ولكن غاية ما في الامر يؤكد هذا التراث على أن النبي كان محاطاً برعاية ربانيّة بواسطة الملائكة، بل هناك من الملائكة ما كان يكلّمه ويهديه ويرشده، وكل ذلك ليس من لوازم النبوّة في تصوري، ويكفي ان يرعاه الله تعالى بتوفيقه وهدايته من غير حاجة الى مباشرة الملائكة بشكل وآخر.


    المصادر والمراجع
    (1) صحيح البخاري 1 / 14 ح 3.
    (2) نفس المصدر 3 / 327 ح 4953.
    (3) نفس المصدر 4 / 295 ح 6982.
    (4) نفس المصدر والصفحة والحديث.
    (5) نفس المصدر 3 / 373 ح 3392.
    (6) نفس المصدر 3 / 328 ح 4955.
    (7) نفس المصدر 3 / 328 ح 4956.
    ( نفس المصدر 3 / 328 ح 4957.
    (9) صحيح مسلم 1 / 73 ح 252.
    (10) نفس المصدر 1/ 73 ح 253.
    (11) نفس المصدر ح 254.
    (12) مسند أحمد 6 / 259 ح 26104.
    (13 ــ 16) المصدر ج1 (194 ــ 195).
    (17 ــ 19) المصدر ج1 (104 ــ 109).
    (20) سيرة إبن هشام ج1 (251 ــ 254).
    (21) المصدر (54 2 ــ 255).
    (22 ـــ 2 الطبري ج 2 (283 ــ 391).
    (29) دلائل النبوّة ج2 (142 ــ 145).
    (30) نفس المصدر ص 146.
    (31) المصدر ص 139.
    (32) سنعرض لروايات اخرى في هذا الموضوع في المكان المناسب.
    (33) تهذيب التهذيب 3 ص 181 ــ 182.
    (34) نفس المصدر 1 ص 104 وقد ضعّفه كثيرون.
    (35) نفس المصدر 7 ص 184.
    (36) تهذيب التهذيب 7 ص 404
    (37) المغني في الضعفاء 2 ص 619، تهذيب التهذيب 9 ص 278 ــ 279.
    (3 تهذيب التهذيب 1 ص 183.
    (39) سيرة إبن كثير 1 ص 399.
    (40) تهذيب التهذيب 6 ص 147 رقم 148
    (41) تاريخ العرب في الاسلام لجواد علي ص 155.
    (42) سير أعلام النبلاء 4 ص 157.
    (43) المعرفة و التاريخ 2 ص 24.
    (44) سيرة إبن كثير 1 ص 404.
    (45) الطبري 2 ص 386 ــ387.
    (46) تهذيب التهذيب 7 ص 375 رقم 609.
    (47) صحيح البخاري ح 4924، 4925.
    (48 ــ 49) تهذيب التهذيب 10 ص 365 رقم 638.
    (50) البيهقي 2 / 145.
    (51) دلائل النبوّة 2 ص 146.
    (52) تهذيب التهذيب 5 ص 251 رقم 441.
    (53) مجمع البيان مجلد 10 ص 765.
    (54) تهذيب التهذيب 9 ص 492 رقم 803.
    (55) نفس المصدر 10 ص 452 رقم 819.
    (56) المصدر 2 ص 597 رقم 5666.
    (57) سير أعلام النبلاء 6 ص 301 رقم 127.
    (5 تهذيب التهذيب 7 ص 256 رقم 466.
    (59) المصدر نفسه 11 ص 452 رقم 869.
    (60) الصحيح في السيرة 1 ص 223.
    (61) سيرة إبن كثير 1 ص 388.

                  

العنوان الكاتب Date
نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-10-05, 03:23 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-10-05, 03:36 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-12-05, 07:44 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-12-05, 08:16 PM
    Re: نقد النظرية السنية عمار عبدالله عبدالرحمن09-13-05, 04:32 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de