|
|
 من كتاب الرسوم والجبايات
|
من كتاب الرسوم والجبايات
إسماعيل- الراي العام ادم
ارتفعت أسعار السلع والخدمات حتى بلغت حد السطوة، وأصبح المواطن في حيرة وولولة، ها هو محنى تجلده سياط الأسعار جلداً مبرحاً، والحكومة لا تكتفى بـ «الفُرجة»، بل بعض أذرعها تشتد وتجلب السياط وتجلد بفرض رسوم جديدة، أو بزيادات في الرسوم المفروضة أصلاً.
كلما تطرأ زيادة في سلعة أو خدمة، أو تفرض رسوم جديدة، تطلق الحكومة تصريحاً يدخل في باب التسكين: «حبّة عند اللزوم»، وقد تحدد الحكومة «العِلّة»، ولكنها لا تكلف نفسها كثيراً عناء مداواة «العِلّة»، بما يدرأ «الأضرار».
تبدو المعادلة، هنا، على طريقة: «الجمل ماشى والكلب بِنْبَح»، وبهذا فإن الحكومة، من حيث تدرى أو لا تدرى، تكون قد وقعت فى مأزق سياسة «اللورد كرومر» في مصر، وكانت قاعدتها: «انت أصرخ كما تشاء، وأنا أفعل ما أشاء»، ونهاية تلك السياسة معروفة: بقى الذى «يصرُخ» وذهب الذي «يفعل».
رطل السكّر إرتفع سعره في حي وسط الخرطوم الى «1400» جنيه، ترى كم بلغ في «أم طَرَقاً عُراض»، وهناك غلاء فاحش، وسوق أسود، ومضاربات نتنة في سوق الغاز، والأسمنت تربع في علاه، وربع الذرة من «6» آلاف الى «10» آلاف جنيه في الخرطوم، ومناطق الانتاج تأكل بـ «الإسقاط جواً»، وهنا تتجلى الأزمة والغرابة معاً.
كيلو الضأن اقترب من الضعف، والبقرى تضاعف فعلاً، والزيت يغلي، ومخالفات المرور من «10» آلاف الى «30» ألف، والحاوي هو الذي يفلت من حزمة المخالفات المرصودة في بلد جل سياراتها «مُكَعْكَعَة»، يطالبونك ــ مثلاً ــ بربط الحزام في عربة عمرها «20» عاماً، فكيف تفلت من المخالفة؟!
رسوم النفايات تفرض «على كيفى» والتحصيل بالقوة الجبرية، وزيادات جائرة في فاتورتي الكهرباء والماء، والرسوم في جل المصالح الحكومية التي تقدم الخدمات لاتتعدد وتتشعب فحسب، وانما تتجزأ على نسق بيع «الكفتيرة بسعر وغطاءها بسعر آخر». تحدد المصلحة رسوم الخدمة بـ «الشىء الفلاني، مجملاً ، والخدمة إنجارها يكلف جملة خطوات، وعليه تفرض المصلحة على كل واحدة منها رسوم، فتفاجأ برسوم للدمغة، ورسوم لتصوير الأوراق، وللملف الخاص بالأوراق، وللتصوير وللامضاء، وللكمبيوتر وللطابعة وكبونات، وسلسلة تجلب الهم، أمامها يعتريك شعور بأن هناك من يمارس عليك الابتزاز والاذلال، يبيع لك «الجدادة»، بثمن، وريشها بثمن أعلى، ويساورك يقين بأن كل مصلحة أو جهة أو هذه المسميات الكثيرة في بلادنا دولة قائمة بذاتها، لها قوانينها ونظمها وعصاتها الغليظة، بوسعها ان تفعل فيك ما تشاء، تجلدك كيفما تشاء.
هذه الوطأة الثقيلة على المواطن، وهذا «الضيق» الذي يلهث انفاسه، سببه ليس قلة موارد الدولة وضمورها الى حد الكفاف ، بما يحتم الترقيع بفرض الرسوم والاتاوات، ابداً، لا، فالدولة غنية، و«الخير وفير»، على حد تعبير مسؤول كبير، ولكن الأزمة تتجلى في سوء التوظيف والترشيد وفي اننا نعيش في دولة تترعرع في داخلها «مجموعة دول»، كل واحدة منها «على كيفها»، وأزمة ادارة ومديرين وادارات ... بل مصالح، وجيوش من هذا القبيل لها قدرة فائقة في اجتراح الرسوم، من الصنف الذي يحتمى بديباجات «الوطنية»، لتنفق على نفسها بسخاء، وحاتمية، وتترك دافع الرسوم للريح.. لا خدمات ولا يحزنون، لتذهب الديباجات الوطنية هي الأخرى مع الريح.
هذه الحالة لا تترك للبترول منطقاً وجيهاً يدافع به عن نفسه امام اتهامات الناس وأسئلتهم، ولا تترك لوزارة المالية فسحة لتسويق ارقامها «الكُبار» حول تحسن الأوضاع.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست