|
قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم
|
[Last Update 19 اغسطس, 2005 11:01:06 AM سودانايل
قرنق: آخر مرة رايته محمد المكي إبراهيم كنا الفا أو الفين من الرجال والنساء ضمتنا قاعة واسعة من قاعات العاصمة الأمريكية وكنا خليطا من جنوبيين وشماليين ولكن الجنوبيين كانوا أكثر عددا فقد كان اليوم يومهم –يوم الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لهبتهم ضد حكومات الشمال، وقد حشدوا لتلك المناسبة حشودهم من المقيمين في المنطقة وما جاورها واستقدموا عددا من شباب "الجيش الأحمر" وهم اولئك الشباب الذين تدربوا في كوبا وقاتلوا في أحراش الجنوب ولسبب ما جاء بعضهم الى الولايات المتحدة.
كانت أعمارهم متقاربة وكانوا يرتدون زيا موحدا يميل الى زرقة داكنة تضرب الى السواد وكانوا يرددون أناشيد قتالية بلهجاتهم المحلية تتخللها كما هي العادة كلمات عربية واسماء عربية كان ابرزها اسم صادق المهدي اولكنه بدا لنا من المؤكد انهم لم يكونوا يتغنون بمحامده.
اتخذت مجلسي بينهم لبعض الوقت الى أن جاءني شاب جنوبي عرض على مقعدا آخر معتذرا بأن فتيان "الجيش الأحمر" سيجلسون في ناحية واحدة ليترنموا معا بأغانيهم وأناشيدهم. وبطبيعة الحال رحبت بالعرض فقد كان "الجيش الأحمر" عابسا متجهما ولم يبد عليه انه يتفهم وجود المندكورو في مناسبة من ذلك النوع.
كان الوجود الشمالي كبيرا ومتميزا فقد جاءوا مبكرين الى المكان واحتلوا المقاعد الأمامية وكان عدد كبير منهم من ذوي البشرة الفاتحة خاصة البنيات اللائي تميزن بالحمرة التي لا ياباها سوداني وبقدر كبير من الأناقة والوجه الحسن. ويبدو ان ذلك الوجود الكثيف أفسد على بعض الجنوبيين والجنوبيات بهجة يومهم ذاك .
أقول بعض وليس كل الجنوبيين والجنوبيات فقد كان بعضهم مدربا على ذلك ومعتادا عليه وهؤلاء هم أهل المدن مما يسمى متروبوليتان واشنطن ولكن بعض القادمين من الولايات البعيدة لم يعهدوا هذه الوحدة بين الشماليين والجنوبيين وبعضهم لم يشاهد في حياته شخصا شماليا مثل اولئك الأولاد المعروفين باسم الاطفال الضائعين lost boysوهم الذين تجولوا على الأقدام من السودان الى اثيوبيا ومن اثيوبيا الى كينيا قبل نقلهم الى الولايات المتحدة.
السيدة الى جلست الى جوارها في مقعدي الجديد لم تكن راغبة في التحدث معي وكانت تتعوذ مني مرددة "هللويا" كلما سنحت الفرصة كما لاحظت انه ليس بين الجنوبيات من ترتدي الثوب السوداني في اشارة الى التميز والرغبة في الانفصال وكانت ازياؤهن مقتبسة من ازياء النساء الأفرو-امريكيات المتدينات.وكن يرددن هاللويا بمناسبة ودون مناسبة وذلك أمر لا يفعله المسيحيون الا في الكنائس ولكن جماعتنا اباحوا لانفسهم تردادها في كل مكان ربما للتدليل على اختلاف الدين.
في ذلك الجو المتجهم الكئيب صعد المنبر احد الناس ليقول لنا ان قرنق سوف يتأخر وأنه في مقابلات هامة مع المسئولين الأمريكين والى حين مجيئه سوف يغني لنا الجيش الأحمر بعض أغانيه.
انتظرنا وانتظرنا وأخيرا جاء من يبشرنا ان قرنق في طريقه الينا.وتوالت تلك البشريات مرة وأخرى ولكن الجمهور تذرع بالصبر الى ان جاء من يقول ان الزعيم الكبير على أبواب القاعة.
كان التصفيق عاليا داويا وكان قرنق منبسط الأسارير تبدو على محياه علامات سعادة حقيقية..حيا الجمع بالانجليزية والعربية معا وصافح بعضا من معارفه من الشماليين الذين سمح لهم بالصعود الى المنصة لتحيته وبعد نزولهم بدأ خطابه:
هذا ما أذكره من ذلك الخطاب:
أنا شايف قدامي "خلطة" (يقصد شماليين وجنوبيين)
وأنا أحب هذه الخلطة.
احتفلنا بذكرى قيام الحركة في رمبيك
وكان معنا حوالي مائة وعشرين من التجار الشماليين.
التاجر ليس له وطن ودايما هو وراء الزبائن والمصلحة. ولذلك كانوا يتاجرون معنا وجاءوا واحتفلوا معنا.
دايما كونوا مع بعض من أجل السودان الجديد.
بعد تلك الكلمة القصيرة استأذن قرنق من الجمهور قائلا ان امامه اتصالات هامة مع المسئولين الأمريكيين .
وقال ان المناسبة مناسبة احتفال وليست للخطب ولذلك سيتركنا :
غنوا وارقصوا وانبسطوا ومعكم الاخوان من الجيش الأحمر سيقدمون لكم الكثير من الاناشيد.
انصرف الزعيم الكبير خارجا ولكن روحه بقيت في المكان فقد انبسطت الاسارير وابتسم المتجهمون وبدا المرح يطفح على الوجوه ويرفرف في سماء القاعة .
حين التقت نظراتي بنظرات جارتي الجنوبية المتقدمة في السن كانت عيناها تضحكان فلم اتردد في الابتسام في وجهها . ولكن الشاب الجالس خلفي سأل عني ثم استجمع شجاعته وجاء ليقدم نفسه ويقول لي انه كان دبلوماسيا في وزارة الخارجية وانه عمل في الكونغو الى قريب من زمن قدومي عليها .وقدمني لزوجته وتبادلنا العناوين بمبادرة منه على أمل أن نلتقي ونتذاكر الأيام الخوالي.
رحم الله ذلك الزعيم الخالد الذي لم نحسن التعرف به والاصغاء اليه ولكن ربما انصفناه لو عكفنا على تراثه الوحدوي ننشره ونبشر به بين الناس ونتخذ من جون قرنق دي مبيور علما على وحدتنا في مصاف واحد مع على عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ.
وسلام عليه في الخالدين.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Elmuez | 08-19-05, 09:08 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Yasir Elsharif | 08-19-05, 09:51 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | jini | 08-19-05, 10:54 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | jini | 08-19-05, 11:02 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | jini | 08-19-05, 11:09 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | aymen | 08-19-05, 12:14 PM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | abraham deng | 08-19-05, 02:18 PM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Elmuez | 08-19-05, 11:37 PM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Yasir Elsharif | 08-21-05, 11:16 AM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Elmuez | 08-21-05, 12:00 PM |
Re: قرنق : آخر مرة رأيته .. محمد المكي إبراهيم | Yasir Elsharif | 08-21-05, 12:30 PM |
|
|
|