|
حلومر في فراش قرنق: "ودَّ الإسيد" عشطان أدَّها نظرة و"أُم بَلِّي" حداها لا تنساها
|
أورد لكم هذه القصة الطريفة لعلَّها تلهمكم الصبر والسلوان وحسن العزاء ولكي أهديها لروح الفقيد الدكتور قرنق الذي أعتبر خطابه برمبيك مانيفستو لتنمية الريف ولأحيِّ روحه وأنا أذكره يقول، بالحرف الجوباوي الواحد: "نعمل موية بتاع شراب يكون قريب للناس ويكون موية كويِّس"... "اتفضَّلوا"
يروى، والعهدة على الراوي الذي يجب أن أثق في صدق روايته، أنَّه عند زيارة النميري لأحد مدن أدنى البطانة (والأرجح أنَّها تمبول إذ أن القرى المذكورة في القصة أقرب إلى تمبول ولا يمكن لأهلي في بطانة أب علي أن يتكبَّدوا المشاق في شأن خاطر عيون النميري و"يِدَلُّوا" رفاعة، المدينة الأكبر في أدنى البطانة)، وربَّما كانت الزيارة لقرية زُرْقَة ولست متأكِّداً. على أي حال، زار النميري "كتَّر خيرو" المنطقة وبينما هو يخطب وقف زول من زُرْقَة وهتف:
زُرْقَة الثورة تحيِّ الثورة
زُرْقَة، قرية من أنحاء تمبول، وبما أن ودَّ الإسيد تجاورها، فقد وقف زول ودَّ الإسيد وهتف مكمِّلاً هتاف زول زرقة:
والمجلس في تمبول، ودَّ الإسيد عشطان أدَّها نظرة
"أفُّو" زول ود الإسيد "ينضم" وناس أُم بلِّي، من نفس الأنحاء، "في صمَّة خشمهم"، وقف زولهم وأكمل:
أم بلِّي حداها، لا تنساها
وعلى ذمَّة الراوي، فقد تحوَّل ذلك اللقاء إلى "مجادعة" بين الأعراب من ثورة إلى نظرة إلى حداها إلى لا تنساها وإلى ما إليه وأولئك قوم "الحديس ما بكوسوهو ". الغرض، تحوَّل لقاء النميري ذاك إلى مجرَّد سيرك ممَّا أغضب جنابه فما ألقى أي نظرة لا على ودَّ الإسيد ولا على أُم بلِّي ولا على زُرْقَة نفسها بيد أن المجالس ما زالت تنعقد وتنحلَّ في تمبول وفي العرشكول لكنَّني أرجو، فالمدَّة قد طالت، أن يكون عطش أهلي في ودَّ الإسيد قد زال وأنَّ أُم بلِّي قد تذكَّرها أحداً من دون أن ينالها من ذلك الذكر مجرَّد تغيير اسمها الجميل هذا. هل طلب زول ودَّ الإسيد من النميري، أو من أي حاكم قبله أو بعده، أن يحوِّل مجرى النيل الأزرق أو نهر عطبرة أو أن يشق ترعة أو أن يحفر آباراً ليسقي سهل البطانة المنبسط هذا؟! هذا السهل المنبسط (بكلَّ المعاني التي تحتملها الكلمة) والذي تعجَّب وفد صيني زاره كيف استطاع قوم أن يزيلوا كل الجبال والتلال التي تعلوه ويعملوا leveling "متل ده" لينبسط السهل على مدِّ البصر ورغماً عن ذلك يعجزون عن زراعته؟!!!، وربَّما ردَّ عليه مرافقه "ما في زولاً بسطوا، بسطوا الخلَّى عويناتك ديل متل قدود الجلد". طبعاً لا، زول ودَّ الإسيد طلب نظرة وزول أم بلِّي لم يطلب أكثر من أن لا تُنسى أم بلِّي من نظرة مماثلة. هل نظرة النميري، وحكَّامنا من قبله ومن بعده، لأهلنا في الريف مكرمة؟! هل هي كرامة؟! هل على قدر عزيمة أهلنا في الريف (طلب نظرة وعدم نسيان من نظرة) تأتي العزائم أم أنَّ ذلك يعكس مدى ثقة أهلنا في الريف في حكَّامهم فلا يودُّون أن "يحمِّلوهم فوق طاقتهم" وهذه النظرة الأميريَّة، هل "أكان الله سهَّل دربا مي هينة؟!" لا ندري، لكنَّ ما ندريه حقَّاً هو أنَّ سهل البطانة ما زال "آخر انبساطة"، فماذا عن حكَّامنا؟! وماذا عن دعوة نقل المدينة إلى الريف، بعد رحيل قرنق؟!! هل تكون "آخر انبساطة هِيَّ كمان"؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وأعود لأوضِّح المعاني الحقيقية لقول الفقيد الدكتور قرنق ""نعمل موية بتاع شراب يكون قريب للناس ويكون موية كويِّس" ولتعليق عن خطابه المانيفستو ذلك.
ودمتم إلى ذلك اللقاء إن شاء الله
|
|
|
|
|
|
|
|
|