يعرب الحزب الليبرالي السوداني عن تعازيه لقيادة وعضوية ومؤيدي الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ في وفاة الدكتور جون قرنق دي مبيور؛ رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ ونائب رئيس الحكم في الخرطوم؛ ورفاقه من قيادة الحركة؛ والذين حدثت وفاتهم امس 31 يوليو 2003.
لقد كان حزبنا من المعارضين لشكل قيادة د. جون قرنق؛ في اطار الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ والمتمثلة في الطابع العسكري والمركزي لها؛ وفي الانتهاكات المتعددة لحقوق الانسان التي تمت تحت قيادته؛ وفي التقلبات السياسية والفكرية غير المبدئية؛ والتي انتهت به وبحركته للشراكة مع نظام الخرطوم؛ ضمن اتفاق سياسي ثنائي كانت لنا منه مواقف نقدية مستقيمة؛ ولا تزال.
وقد قيّم حزبنا منذ تاسيسه سلبيا؛ الدور الذي لعبته وتلعبه الحركة الشعبية؛ في صيرورة الصراع الديمقراطي في السودان؛ واوضح كيف انها؛ نتيجة لعوامل مختلفة؛ قد لجأت اخيرا للحلول السلطوية؛ وكيف انها اسقطت مصالح المواطنين الملحة؛ سواء في الجنوب؛ او في كامل البلاد؛ بحثا عن حلول سريعة وفوقية؛ لقضايا الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق المستضعفين والدولة المدنية في السودان.
الا اننا في كل ذلك؛ لم نكن ننطلق في نقدنا لدكتور قرنق وحركته من مواقف شوفينية او عنصرية؛ ولا من مواقع القوى المُسيطِرة؛ بل على العكس؛ نزعم اننا حاولنا دائما؛ ان ننطلق من مواقع مصالح المواطن الجنوبي البسيط خاصة؛ والمواطن السوداني البسيط عامة؛ في موقفنا من الحركة الشعبية لتحرير السودان وقائدها الراحل؛ كما في موقفنا من كل القيادات والقوى والمشاريع السياسية السودانية.
لقد رحل د. جون قرنق وهو محاط بآمال شعبية عظيمة؛ عبر عنها الاستقبال الجماهيري الضخم الذي لم يجر مثله في تاريخ السودان؛ عند وصوله للخرطوم في 9 يوليو المنصرم؛ والذي كان في جوهره نزوعا للسلام والعدالة؛ من قبل جماهير طالما اكتوت بنيران الحرب والتفرقة والتسلط وانتهاك الحقوق الاساسية؛ تحت ظل حكم النخب الانانية المدنية والعسكرية؛ التي تعاقبت على دست الحكم في السودان؛ وتعبيرا عن الحلم بالتغيير.
ان مصرع د. جون قرنق لا ينبغي ان يشكل مصرع ذلك الحلم؛ والذي لانعرف اليوم ان كان الرجل قادرا على تنفيذه ام لا؛ لانه اصبح في عالم الغيب؛ كما انه لا يجب ان يشكل انتصارا للقوى العنصرية والشوفينية؛ والموجودة داخل النظام وخارجه؛ والتي لا نستبعد تورطها في مصرع الرجل؛ كما لا يمكن ان يفتح الباب امام مشاعر الكراهية وامام عودة الحرب في جنوب البلاد؛ صراعا حول قيادة الحركة والجنوب او فتحا لجروح يريد لها الشعب ان تندمل.
ان موت د. جون قرنق بالمقابل؛ ينبغي ان يحرض القوى الديمقراطية والشعبية في الجنوب وفي كامل السودان؛ على مواصلة نضالها من اجل السلام العادل والشامل؛ ومن اجل كافة حقوق المواطنين في الحياة والعيش الكريم؛ وفي الاطاحة بمسببات الازمة وبناء النظام الديمقراطي المستقر؛ وفي تصفية كل اشكال التفرقة والعنصرية في السودان؛ وبناء الدولة السودانية المدنية العلمانية العصرية؛ دولة المواطنة والحقوق والحريات لكل المواطنين.
ان حزبنا يعتبر ان موت د. جون قرنق التراجيدي ورفاقه؛ سواء كان حادثا ام بفعل فاعل؛ قد كان فداءا لكل سلبيات قيادة الرجل؛ وشكّل نهاية اسطورية؛ لرجل تضاربت حوله الاراء؛ ما بين مؤيد ومعارض؛ وتم في وقت كان الرجل قد وضع فيه قدميه؛ طوعا او بسبب من الضغط الدولي؛ في طريق ايقاف الحرب ولو جزئيا في الجنوب؛ وان كان الثمن هو الشراكة والتحالف مع نظام الخرطوم. ومهما اختلفنا في تقييم بواعث تلك الخطوة ومآلاتها؛ فانها قد غيرت من صورة جون قرنق عند الكثيرين؛ وجعلت العديدين ينعونه بصدق.
ان حزبنا في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البلاد؛ يؤكد على ضرورة الحفاظ على السلام الاهلي؛ وضرورة التحقيق النزيه في مصرع د. جون قرنق؛ احقاقا للحقيقة والعدل؛ وتفويتا للفرصة علي العنصريين وتجار الحرب؛ ويمد يده بيضاء من غير سوء؛ لكل قيادات وعضوية ومؤيدي الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ للعمل من مواقع الندية والمبدئية والمسؤولية الوطنية المشتركة؛ من اجل السلام العادل والشامل؛ والحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية لكل اهل السودان؛ والدولة العلمانية التي تتساوى فيها كل العقائد والاديان؛ والنظام الديمقراطي المستقر؛ والعدالة الاجتماعية والتنمية؛ والمحاسبة العادلة لكل المجرمين؛ وترسيخ المؤسسية وحكم القانون؛ وفي هذا الطريق نسير؛ وعنه لن نحيد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
على عمر على
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست