كنت منهمكا في إعمالي المكتبية التي قطعها تلفون متعثر من الخرطوم... آه يا للأسف ...فقد جاءت نتيجة فحوصات الوالدة.. وصمت الصوت ثم جاءت حشرجات و حشرجات..فشل كلوي ..الكلى متعطلة إلا قليلا... السماء بجبروته حط على أكتافي .. انكفأت عينيّ وتقرفصت خطواتي وانطوى في رأسي حبل التفكير ،وضاقت أمامي مساحة الكون الكبير... لم يكن بد من السفر إلى الخرطوم التي وصلتها في الغد الباكر.. رقدت الوالدة حاجة سعاد بأعلى مستوصف في العاصمة ..كل المحيطين بالأسرة اصبحوا أطباء فهم يسالون عن معدل(اليوريا)و(الكرياتنين) و(الدم الابيض) وهلم جرا.. أمطرت التلفونات من كل حدب و صوب علها تطمئن على صحة الحاجة سعاد...لم نكن نطمئنهم لان الطمأنينة قد انتزعها منا طبيب ليس له من الطب إلا الممارسة ...يا ربي لماذا ينخدع فيه ذوو المرضى ..لماذا يشتهر اسمه بانه طبيب جيد --لعنه الله لعنة واسعة. كنت احترمه وأكبره من باب البحث عن الشفاء ولكنه كان يتظاهر بانه يعلم الغيب بدنو اجل الوالدة ..كان يتصرف كما لو انه دجال وليس طبيب..كان يمسك بحاسبة الموبايل لحساب أجل صمت الكلى عن اداء مهمتها ..والغريب أن صغار الأطباء ومتخرجيهم كانوا يتناقشون معه ولكنه كان يستمع إليهم كما يستمع لمناغاة طفل وكل ذلك لزوم الاتكيت والسسترات والحركات... يبدو أن الرجل بسمعته التي رسمها لنفسه عند اهلنا البسطاء يمتطيه جمل العقد .. من مراقبتي لكيفية معاملة الرجل للمرضى والابتعاد عن الدنو منهم مهما كانت آلامهم.. ومن طريقة تشاؤمه او حبه للتشاؤم قررت الابتعادالفوري عن الرجل كخطوة أخرى للعلاج جاءني الرجل وقال انه يطلب ان نقوم بفحص (ملتي مايلوما) .لأنه يتوقع وجوده __لاحظ كان يمكن بقول يريد استبعاده – كما في عرف الاطباء. قلت في نفسي أن شاء الله يكون فشل كلوي ما يكون المايلوم..وفي هذه الاثناء ازدادت الكلى سوءا وازداد معدل الدم الابيض وكانت المؤشرات تدل على الوهن والتعب ....فقد قال الطبيب المعالج لا يمكن زرع كلى لان عمر المريضة قد تقدم .. لعنة الله عليك فقد جاءتك الحاجة تمشي على رجليها ..وزاد المهاووجعها عند وانت تتفرج وتنظر اليها بطرف عينيك الكسيرتين...ز تركنا له المستوصف الفاخر في ش/المستشفى ..وبدأنا في الحصول على مشورات من أطباء آخرين... سألت الدكتور الإشاعة (......)المختص والاستشاري في الكلى عن أخر كلامه لنا فقال: لا بد من توضيب القسطرات استعدادا لعمل الغسيل الذي ستعيش به باقي عمرها..وستسوءوتتدهور حالة المري1ضة بعد شهر وعشان ما تجونا مستعجلين احسن نبدأ في التوضيب.. كان الدكتور النورإبراهيم البشير اختصاصي الأسنان وعميد كلية طب الأسنان السابق قد استدعيناه في المستوصف لمعاينة الم بسيط في الخد المقابل للاسنان.. اعطانا أدوية واخذ بعض صور الأشعة ...ولكنني شخصيا لم اكترث للأمر ولم يكترث غيري ...فلتذهب الاسنان حين يتعلق الأمر بالفشل الكلوي والمايلوما.. طلب ان نحول الحاجة الى عيادته للاسنان وخلع جذر ضرس في حالة التهاب حاد كان نساه طبيب مهمل قبله في فم الوالدة قبل عشر سنوات..بعد يومين رجعت الكلى إلى طبيعتها ... ورجع الدم الابيض إلى طبيعته ..وكان ما كان من فشل كلوي جراء حالة التهابية حادة ..وكانت الغمة اعراض لا امراض ... صحيح ان البركة في الكفوف والحمد لله رب أنعمت فزد التحية للأستاذ النور الذي بهر انجازه هذا كبار الأطباء واحارهم .. كل هذا حدث قبل عام واحد تقريبا حيوا معي البروفوسير الانسان الدكتور النور نموذج الطبيب السوداني الذي نفتقد ... أرجو أن تحيوه معي مجددا.
(عدل بواسطة أبوتقى on 07-31-2005, 04:01 AM) (عدل بواسطة أبوتقى on 07-31-2005, 10:49 PM) (عدل بواسطة أبوتقى on 08-01-2005, 04:01 AM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة