|
مقايص بتفرم حشاها وغباين بتنفخ بطون البسفو التراب
|
مسارب الضي الأولوية القصوى الآن
الحاج وراق عوائد النفط على موائد العاملين والفقراء * ارتفع سعر كيلو الطماطم الى اكثر من 7 آلاف جنيه! والطماطم مع (الدكوة) تمثل آخر الاسوار التي يتحصن بها الفقراء، وإذ وصلت أسعارها الآن الى ما يقارب سعر اللحوم، فيبدو ان آخر الحصون قد تم احتلالها! والمذهل، أن هذا يحدث في أجواء الاحتفال بالسلام، رغم ان الطبيعي عقب توقيع اي اتفاق سلام حقيقي، فالمتوقع ان تتنزل (عائدات) السلام على المواطنين، في معاشهم وصحتهم وتعليمهم ورعايتهم الاجتماعية، لا سيما وأن السلام يقلل من المصروفات العسكرية والأمنية، التي يمكن اعادة توجهها الى البنود الاجتماعية. * ولكن الانقاذ التي (سالمت) الحركة الشعبية، تعتقد أنها بنجاحها في (تحييد) البندقية الاساسية في مواجهتها، فانها باتت في موقع افضل لمواصلة هجومها الاجتماعي على العاملين والفقراء! والمؤشر على ذلك ان الحكومة وبقرارات مباشرة منها رفعت أسعار العديد من سلع الاستهلاك الشعبي- فقد رفعت سعر السكر، وسعر الكهرباء، والمأساة أنها رفعت سعر استهلاك الـ 200 متر الاولى- أى سعر كهرباء محدودي الدخل، بينما لم تمس سعر استهلاك الامتار الاعلى!.. وكذلك زادت سعر المياه. ولأن السكر، يمثل سلعة الاستهلاك الشعبي الاولى، وسلعة التماس بين المدينة والريف، فإن منتجي الريف- المزارعين والرعاة، اضافة الى السماسرة، يلجأون الى اعادة تسعير منتجات الريف بمجرد ارتفاع سعر السكر، وهكذا كان، فزادت تلقائياً أسعار اللحوم والخضروات! وفي سياق منفصل، ولكن مرتبطاً بالمضاربة الطفيلية، زادت كذلك أسعار الاسمنت والسيخ! * وبذلك تتأكد واقعة أن بلادنا تعد من اغلى البلدان في العالم، خصوصاً فيما يتعلق بأسعار العقارات وتكلفة السكن، حيث ايجار شقة في الخرطوم يزيد عن مثيلتها في القاهرة ويضاهي إيجار شقة في نيويورك أو واشنطن! بل أن أسعار الاراضي في بلد المليون ميل مربع تزيد عن الاسعار في لندن وزيورخ! هذا على الرغم من أن دخول المواطنين في بلادنا تقل كثيراً عن مستويات الدخول في تلك البلدان، بل وتقل عن الدولار في اليوم، الحد الذي وضعه خبراء الأمم المتحدة كخط للفقر! وهكذا، فرغم ان الحرب العسكرية قد وضعت اوزارها فإن الحرب على الفقراء لا تزال مستعرة! * والمذهل حقاً أن هذه الزيادات في أسعار سلع الاستهلاك الشعبي تترافق مع ارتفاع صادرات البلاد من النفط، إذ بلغت 500 ألف برميل يومياً، بل وتترافق مع أعلى قفزة يشهدها التاريخ في أسعار النفط، إذ زاد عن الـ «50» دولاراً للبرميل! وتشير تقديرات موثوقة الى أن نصيب الحكومة حالياً من عائدات النفط يزيد عن 3 مليارات ونصف المليار دولار سنوياً! وهو مبلغ ضخم مافي ذلك شك! يقارب مدخولات دول الخليج إبان (الفورة) النفطية التي اعقبت حرب اكتوبر 1973! وهى المدخولات التي فيما لا يزيد عن عشرة أعوام غيرت وجه الحياة في تلك الدول.. ولتقدير ضخامة هذا الرقم يكفي التذكير بنداء رئيس وزراء حكومة الانتفاضة د. الجز ولي دفع الله عن (مليار دولار لإعمار السودان)! ورغم ان البلاد تتوفر لها حالياً اكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً ولثلاثة أعوام متتالية فما من احد من العاملين أو الفقراء في البلاد يحس بهذه العائدات على مائدته، على دخله، او صحته أو تعليمه! وهذا يشرع اسئلة جدية ولا مهرب منها: لماذا لا يحس احد بهذه العائدات؟ واين تذهب؟ وفيمَّ تبدد؟! وتأكيداً لغياب الحساسية الاجتماعية لدى الانقاذ، فإن وزير المالية يتذمر حول ان تقديرات الميزانية قامت على تقدير سعر البرميل بـ «34» دولار بينما فاقت أسعاره الخمسين دولاراً! وبالطبع فلأننا دولة منتجة ومصدِّرة، فالطبيعي أن هذه الزيادة لا تستدعى التذمر وإنما الابتهاج، فهى تعنى بأن عائدات الحكومة قد فاقت تقديرات الميزانية! ولكن الهدف من مثل هذا (التذمر) وقلب الوقائع إنما تحضير الاذهان لزيادة في أسعار البنزين والجازولين للمستهلك! وهى زيادة في حال تقديرها ستؤدي، كما كتب الاستاذ/ عثمان ميرغني- الى نتائج اكثر دموية مما حدث في اليمن! * لقد اوقفت الانقاذ الحرب في الجنوب، وتقديراً منها بأن استمرارها يشكل تهديداً جدياً على سلطتها، ولكنها واهمة إذ تتصور بأن حربها على الفقراء اقل تهديداً من تلك الحرب! وطال الزمن أو قصر فستصل الى مثل هذه الخلاصة! واذا كانت الانقاذ، بحاجة دوماً، الى الخضات والكوارث، كي تتفهم الحقائق من حولها فأين دور شركائها الجدد في الحركة الشعبية، وشركائها المحتملين في التجمع الوطني الديمقراطي؟! ان اية اتفاقية مع الانقاذ، اتفاقية سلام أو مصالحة لا تضع نصب اعينها أهمية مراجعة سياسات الانقاذ الاقتصادية الاجتماعية، عبر مؤتمر اقتصادي يُدعى له الخبراء والنقابيين والسياسيين، ويخلص الى إعادة توجيه الموارد -خصوصاً موارد النفط- بحيث تنعكس على موائد العاملين والفقراء، اية اتفاقية لا تفضى الى ذلك فإنها قطعاً لن تحقق استقراراً ولا سلاماً! ويكفي المتشكك في هذه الخلاصة ان يتأمل في (بروفات) احداث دارفور وبورتسودان وسوبا، انها مجرد بروفات لعرض شامل سيأتي حتماً! وذلك لأن المصالحات والإتفاقيات ستظل بلا طائل اذا لم تتحول الى مصالحة وسلام مع جماهير الشعب.. وأما المصالحات، والاتفاقيات التي تستهدف النخب وحدها، فإنها يصدق عليها قول السيد المسيح: (أما الاشرار فلا سلام لهم)! وأى شر أكثر من شراء رضا النخب خصماً على رضا المجاميع الواسعة من الشعب؟!
|
|
|
|
|
|
|
|
|