|
أعواد الثقاب .. بروفة أول مرة - عثمان ميرغني
|
عثمان ميرغني Email: [email protected] أعواد الثقاب .. بروفة أول مرة ..!!
كتبت أكثر من مرة ألفت الإنتباه إلى أعواد الثقاب السهلة المتناثرة التي قد تصبح الشرارة التي توقد الحريق الأكبر .. حريق السودان الجديد .. ومعظم النار من مستصغر الشرر.. وأمس الاول في ضاحية الجريف غرب جرت أحداث مثيرة رسمت السيناريو الذي منه تشتعل أعواد الثقاب..
فتاة من جنوب السودان تعمل مع أسرة في الجريف غرب صعقها تيار كهربائي أثناء وجودها في مكان عملها.. رب الأسرة لم يكن موجودا حينها .. وقبل أن تتمكن الأسرة من تدبر أمرها كانت الحجارة ترجم المنزل من كل جانب .. تجمع عدد كبير من الأهالي من أبناء جنوب السودان وبدأوا في حصب المنزل وبه الزوجة وأولادها بالحجارة ..
الجيران أسرعوا بإبلاغ الشرطة ..جنديان كانا على مقربة من الحي حضرا سريعا يحملان بنادقهما الآلية .. لكن العدد المهاجم تكاثر وصار أكبر كثيرا من قدرة الجنديين فانسحبا بسرعة ..لكنهما وفي دقائق معدودة عادا بقوة كبيرة طوقت المنطقة بسرعة وتعاملت بفاعلية وكفاءة مع الموقف.. قال لي رب الأسرة الذي روى لي القصة أنه ممتن للشرطة في السرعة والحسم والحزم الذي تعاملت به مع الموقف ولو لا ذلك لكانت أسرته سجلا أليما في وقائع يومية التحري.
قوات الشرطة التي وصلت سريعا كانت مسلحة وعلى أقصى درجات الإستعداد لأى مستوى من تطورات الموقف .. حاصرت المربع كله ومنعت الدخول حتى رب الأسرة الذي كان خارج المنزل لم يستطع اختراق الطوق الأمني المضروب على المنطقة .. لم تطلق الشرطة رصاصة واحدة ولم تستخدم القنابل المسيلة للدموع ..فقد كانت عوامل السرعة واظهار القوة والحسم والحزم كافية تماما لتردع كل نوازع الفوضى ..
ألقت الشرطة القبض على بعض المشاركين في الشغب و تحفظت على بعض الموجودين قريبا من المكان وظلت دورياتها تجوب المنطقة فترة من الزمن حتى بدا وكأن الامر يعود الى وضعه الطبيعي .. لكن رب الأسرة الذي خشى على نفسه وأسرته من أى طوارئ تحدث ليلا طلب من الشرطة مزيدا من الحماية فأبقت الشرطة بعض قوتها مدججة بالسلاح ساهرة أمام المنزل حتى صباح اليوم التالي (أمس الجمعة)..
حتى لحظة كتابة هذا العمود ( عصر الجمعة) الموقف يبدو مطمئنا .. لكن سيناريو (اليوم الآخر) بات واضحا للعيان ... في قدرتنا - جميعا - شمالا وجنوبا أن نطفئ كل شرارة تنطلق من أى عود ثقاب .. لكن أسهل من ذلك ان نتواكل ونتقاعس ونستصغر الشرر حتى يصبح لهيبا تذروه الرياح .. والنار عندما تنطلق تصبح سيدة نفسها تحرق الصالح والطالح معا ..
الأمن مسئوليتنا جميعا .. ولئن كان على قوات الشرطة أن تواجه الموقف بعد وقوعه فإننا نحن الشعب مسئولون عن (الأمن الإيجابي) الذي يفرغ الشحنات الحارقة من مفعولها .. فلنمارس تطبيعا اجتماعيا لا يجعل مثل هذه الحوادث عرائض احتجاج ممهورة بتوقيع غبائن التاريخ القديم ..
مرة ثانية شكرا للشرطة على نجاحها - بتفوق - في الإمتحان الثاني..!! http://www.rayaam.net/colum/colum2.htm
|
|
|
|
|
|