|
بالجد يا أخـــــوانا
|
بعد الصراع الطويل بين شعب السودان والشمولية العقائدية المتدثرة في ثياب العسكر متمثلة في حكومة الجبهة الإسلامية ، وبعد سنين من المعاناة والصبر والجلد ، أقرت الجبهة القومية الإسلامية بأنها لن تتمكن من فرض خطها السياسي المتشدد على هذا الشعب الذي عشق الديمقراطية ، وبذل من أجلها التضحيات الجسام ... لكن الجبهة الإسلامية لم تكن لينة العريكة ، بل قاتلت بشراسة من أجل بقائها ، ومن أجل استمرار سلطتها ، وبذلت هي الأخرى تضحيات كبيرة من شبابها وشيبها ... وبعد أن استحالت الاستمرارية في الانفراد بالوطن ، وتهميش الآخر ، وبعد أن رفع المجتمع الدولي العصا الغليظة في وجه الأنظمة المستبدة ، وبعد أن استشرى أمر حقوق الإنسان ، توصلت الجبهة إلى أنها إن لم تتراجع وتتنازل وتقبل بنصيبها فقط دون التعدي على أنصبة الآخرين ، فإنها ستفقد كل كل شئ ،،، وأمامها نماذج عديدة في عالمنا تجعل فرائصها ترتعد ... نعم لقد فاوضت الجبهة طويلا هذا الآخر ، فاوضته وكأنها تؤمن بضرورة الحوار ، لكن الآخرين كانوا يعون تماما أن الجبهة لم تجئ إلى الحكم إلا لتستمر فيه منفردة ، ولم تكن أبدا تفكر بأنها ستتقاسم مع الآخرين أو أن تضع نفسها مرة أخرى تحت رحمة صناديق الاقتراع ... ولم يكن السلام هماً من هموم الجبهة ، بل كانت تفكر في أنها جسد سياسي مستعد للتضحيات ، ومستعد للمواجهة ، وأن هذه المواجهة سترغم الآخرين أن يأتوا صاغرين ... لكن شراسة هذا الشعب ، وعشقه لحريته ، وهو الشعب الذي فجر ثورتين شعبيتين على أنظمة مستبدة من قبل ، كان يزداد شراسة كل يوم ، ويؤكد على صموده في مواجهة الشمولية العقائدية المسنودة بالقوة العسكرية ... وحمل أبناء الشعب السلاح في مواجهة سلاح الجبهة القومية الإسلامية ، وبدأ جسد الجبهة القومية الإسلامية في التفكك ، فانقسمت على نفسها ، وشدّت الحركة الشعبية لتحرير السودان مئزرها ، ومدت يدها لشعب السودان مساندة له في نضاله العادل لانتزاع الحرية ، ورفع الشعب قضيته للمنظمات الدولية وللعالم ، وكان تدخل المجتمع الدولي حاسما ومساندا لموقف الشعب وداعما لإرادته ... الجبهة القومية الإسلامية التي تحكم بإسم المؤتمر الوطني ، وتعارض بإسم المؤتمر الشعبي ، ارتضت بطرفيها أن تجنح إلى الديمقراطية ، وأن تجنح إلى السلم ، وأن ترضى بالقسمة مع الآخر ... وكل الجادين من شعب السودان ، وكل الحادبين على سلام الوطن ووحدته يعرفون أن بالسودان أزمة سياسية عميقة الجذور . هذه الأزمة تتطلب وقتا لحلها ، وتتطلب جهدا من جميع أبناء الوطن ، وتتطلب دعما للذين يصارعون من أجل الديمقراطية والعدالة والمساواة . هذه الأزمة تحتاج إلى ترتيبات خاصة ، وتحتاج في آن واحد إلى تنازلات وصمود في وجه الطامعين . والحركة الشعبية هي الجناح الأكبر الذي خاض معركة المواجهة ، والتفاوض ، وهي تقدم على خطوة ليست سهلة ، متمثلة في الشراكة التنفيذية - وليست السياسية - مع المؤتمر الوطني ، والشعب الذي انتظر أن يقطف ثمار مجاهدات الحركة الشعبية طيلة هذه السنين لن يتركها لوحدها في الساحة ، بل سيدعمها ، وهذا ليس تحليلا سياسيا ، بل هو واقع ، فمنذ عودة الحركة إلى العمل السياسي وتخليها عن النضال المسلح اتجهت حشود كبيرة لتنضم إلى صفوف الحركة ،، وفي الخرطوم استقبلت الملايين قائد الحركة الشعبية وهتفت بإسمه وبإسم الحركة ، ونادت بالتمسك بالديمقراطية والعدالة واستدامة السلام . وهذه الجماهير فيها من ينتمي للحركة وفيها من ينتمي إلى تنظيمات سياسية أخرى ، ومن أهما التجمع الوطني الديمقراطي ، بكل أحزابه وكياناته ، وفيها من لا يزال يحمل السلاح ضغطا على الحكومة من أجل استرداد المزيد من الحقوق ، وكل هذه التنظيمات ، وقياداتها مطالبون اليوم بالعمل يدا واحدة ليستمر النضال ، وليستمر التنوير ، وليستمر الحذر ، حتى لا نعود إلى الوراء ... وكما وضعنا يدنا في يد الحركة الشعبية في سنوات النضال المسلح فلابد أن نضع يدنا في يد الحركة في شراكتها التنفيذية مع المؤتمر الوطني ، وبدون دعمنا للحركة فإننا نكون قد تراجعنا عن مطالبنا ، وتراجعنا عن تحالفاتنا الاستراتيجية ، لأن الحركة هي التي تحرس هذه المطالب ، وتدعمها بكل قوتها ، ويدعمها معها المجتمع الدولي ... ومهما كانت نسب توزيع السلطة لا ينبغي لنا أن نقف مكان المتفرج ، فهناك موقع لكل فرد منا ، وأهم المواقع هو موقع الداعمين للحركة الشعبية وهي تقود المرحلة الأخيرة واضعة يدها في يد الشعب وجماهير المهمشين لبناء أسس السلام العادل ، وإرساء قواعد الديمقراطية العادلة والمسئولة ، وتثبيت مبدأ العدالة والمساواة ... فعلينا أن نقف جميعا داعمين للحركة الشعبية ومساندين لها ، نشد من أزرها ، ونشاركها التضحية ، ونتقاسم معها الأمل .. ولا ينبغي لأي منّا أن يقف مكتوف اليد ، أو يجلس في مقاعد المتفرجين .. والتجمع الوطني الديمقراطي هو أول المعنيين بهذا النداء ، إذ عليه أن يشارك بفعالية في الحكومة الإنتقالية وأن يحسم تردده تجاهها ، ليس من أجل عيون المؤتمر الوطني ، ولكن دعما للحركة الشعبية ، والحركات المسلحة في دارفور وفي شرقنا الحبيب ستأتينا بنصيبها ، وسيكون دعما ورديفا لنصيبنا ، ونصيب الحركة الشعبية ، وحينها سنكون قد امتلكنا ما يؤهلنا لمرحلة ما بعد الحكومة الإنتقالية ، مرحلة الانتخابات ، وصناديق الاقتراع ، والتي ستعطي كل ذي حق حقه ، وتأتي بالممثلين الحقيقيين للشعب ، الذين سيكونون حكومة الرضا العام ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|