صدور فتوى وقع عليها عدد من العلماء في السودان تكفر كل من ينضم إلى الحركة الشعبية من المسلم

Quote: وفي الأسبوع الماضي صدرت فتوى وقع عليها عدد من العلماء في السودان وخلاصتها : أن كل من ينضم إلى الحركة الشعبية من المسلمين يعتبر كافراً لأنه ناصر ووالى أعداء الله والله سبحانه وتعالى يقول : } ومن يتولهم منكم فإنه منهم { إننا بغض النظر عن موقفنا السياسي من الحركة الشعبية نقول الآتي : أولاً : إن العهد الذي يحكم علاقة المسلمين بغير المسلين في السودان هو عهد المواطنة وليس عهد الذمة والفرق بين العهدين أن عهد الذمة يفرضه المسلمون على غير المسلمين على أساس الغلبة والهيمنة يخضعونهم لشروطهم وأحكامهم وأما عهد المواطنة فالحقوق فيه متساوية لأن جميع الحقوق والواجبات تقوم على أساس المواطنة وليس على أي أساس آخر فلا مجال للتمييز بين مواطن ومواطن على أساس الدين .. ثانياً : طبيعة الأحزاب في السودان طبيعة مدنية وليست دينية لأن أهدافها تتعلق ببرامج الحكم وسياسة الدولة وهى أحزاب قومية في الغالب تضم كل الأديان والقبائل والفئات العمرية والنوعية ومعظم الأحزاب تضم مسلمين ومسيحيين وأديان وضعية فلا مجال لإدخال الدين كعامل تفرقة بين أبناء الوطن الواحد بل إن معظم الأحزاب تحترم الأديان ولا تسمح بإهانتها .. ثالثاً : بين الشمال والجنوب فوارق اجتماعية وثقافية وحواجز نفسية صنعها الاستعمار وغزتها الحرب والآن وضعت الحرب أوزارها ونحن مطالبون أن نزيل المظالم التي لحقت بأهلنا في الجنوب ونبدد الشكوك وأزمة الثقة وأن نتخذ من السياسات والمواقف ما يجعل الوحدة الطوعية جاذبة لا أن ننفرهم وندفعهم دفعاً إلى الانفصال ؛ إن مثل هذه الفتاوى تطرد أهلنا في الجنوب طرداً من الوحدة وتشجعهم على الانفصال .. رابعاً : لا بد من معرفة خلفيات الأحكام التي صدرت تاريخياً حول وضعية غير المسلمين في الدولة الإسلامية وعلاقة المسلمين بغير المسلمين فكثير من المسلمين يعتبرون أن آية السيف قد نسخت كل آيات التسامح الواردة في القرآن الكريم .. نحن نقول : إن سبب تشدد الفقهاء في فقه علاقة المسلم بالآخر يرجع إلى موقف الآخر من الإسلام فالمشركون على طول تاريخهم مع الدعوة الإسلامية كانوا معتدين , فقد مارسوا كل أنواع القهر والاضطهاد حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة مرة إلى الحبشة وأخرى إلى يثرب وبعد إخراجهم سعوا لاستئصالهم واستعملوا كل الأساليب للقضاء على الدعوة وأهلها , واليهود كان نهجهم مع المسلمين يقوم على الخداع والمكر ونقض العهود والمواثيق وطوائف اليهود الثلاث أخرجت من المدينة لأسباب متعلقة بالخيانة والغدر , والنصارى كثير منهم تآمر ضد الإسلام وبلغت قمة عدائهم في الحروب الصليبية .. هذه الأسباب جعلت الأحكام الفقهية المتعلقة بالآخر متشددة لا مجال فيها للتسامح .. خامساً : علينا أن ندرك التطور الذي حدث في العلاقات بين الأديان والعلاقات الإنسانية بصفة عامة فقد توصلت الإنسانية إلى نوع من العلاقات تقوم على الإعتراف المتبادل بين الأديان والثقافات والشعوب والتعاون المتبادل للمحافظة على السلم والأمن الدوليين إن هذا النوع من العلاقات دعا إليه الإسلام وقنن أحكامه قال تعالى : } وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان { وقال تعالى : } لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين { .. سادساً : إن مثل هذه الفتاوى لم تراع طبيعة المجتمع السوداني المتعدد الأديان ولم تلتزم بأسلوب الإسلام في الدعوة فالإسلام يقرّ أن أهل الكتاب ليسوا سواءاً وأمرنا أن نتحاور معهم وندعوهم بالحسنى .. كذلك إن الذين أصدروا الفتوى فات عليهم أن رئيس الحركة الشعبية سيكون النائب الأول لرئيس الجمهورية فما أدري كيف يتعاملون مع نائب أمير المؤمنين وقد أصبح مصيرهم في يده .. سابعاً : كثير من المسلمين المقيمين في أوروبا وأمريكا أعضاء في الأحزاب التي تحكم تلك البلدان بل بعضهم جنود في القوات المسلحة وينفذون أوامر قادتهم المسيحيين بما فيها الحروب ضد دول إسلامية فهل تنطبق عليهم الفتوى ؟ وماذا يحدث لو عومل المسلمون كما يتعامل أصحاب الفتاوى مع غير المسلمين في بلدانهم ؟ لا بد للمفتي من معرفة طبيعة البيئة التي يعيش فيها وعلاقاتها المعقدة حتى لا يصدر فتاوى يكون ضررها أكبر من نفعها ومعلوم أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعادات والأحوال .. إن هذا النوع من الفتاوى هو الذي أورد بلادنا المهالك وعقّد الأزمة بيننا وبين إخوتنا من جنوب السودان وساهم في نشر ثقافة العنف والاستئصال ؛ وسلم بلادنا للأجانب فصارت محمية دولية وظل فقهاء الفتنة في حيرة من أمرهم .. إننا ننصح هؤلاء أن يكفوا ألسنتهم عن الفتاوى التي لا تزيد النار إلا اشتعالاً وإن ضاقوا ذرعاً بالسودان المتسامح فعليهم أن يبحثوا عن وطن يطبقون فيه أفكارهم الظلامية .. الحديث قال r : (( بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا )) أوكما قال ..