|
Re: لماذا لا يستقيل مدير تلفزيزن جمهورية السودان (Re: سجيمان)
|
عثمان ميرغني Email: [email protected] بالمهنية .. لا الماهية ..!
إذا سلمنا بأن المرحلة التالية من عمر السودان هى الأخطر في تاريخه .. وإذا سلمنا بأن النجاح فيها رهن بإزالة ألغام النفوس قبل ألغام الأرض كما تحدث عنها السيد رئيس الجمهورية في خطاب أداء القسم.. وإ ذا سلمنا بأن ذلك يتطلب استخدام سلاح الإعلام .. وإذا سلمنا أن أعتى أسلحة الإعلام هو جهاز التلفاز .. فالأجدر ان نسلم بأن أكبر لغم في أرض السودان هو جهاز التلفزيون.. الثغرة المفتوحة على مصراعيها ومن مكمنها قد يأتي الخطر ..
فبينما كان العالم كله يفرك عينيه لمتابعة اللحظات المثيرة لوصول الدكتور جون قرنق الى مطار الخرطوم .. ثم في اليوم التالي مراسم أداء القسم والتوقيع على الدستور.. كانت الحسرة تكبت فرحة الكثيرين وهم يرون تلفزيون السودان عاجز عن نقل الحدث.. وكثيرون مثلي استداروا ليتابعوا الحدث من قناة الجزيرة الفضائية - التي قبل هذا أغلقتها الحكومة ولأكثر من عام - و مع كل البعد الجغرافي كانت أقرب الى الحدث ومشاهديه من تلفزيون السودان.
والدهشة تبلغ مرحلة الحيرة أن ينقل تلفزيون السودان في أغسطس العام 1998 أى قبل سبعة أعوام حادثة قصف مصنع الشفاء ويتابعها العالم كله.. بكل البغتة والمفاجأة التي أحطات بها .. ويفشل في العام 2005 في نقل حدث كان معلوما بكل تفاصيله وطقوسه منذ ستة أشهر..
ولو كانت المشكلة في الأجهزة لأمكن بذل المال لتوفيرها لكن التلفزيون يملك الأجهزة التي تمكنه من نقل الحدث .. وتبقى المشكلة الأكبر في الطريقة والفكرة التي يعمل بها أعقد جهاز لصياغة وتوجيه العقل السوداني ..
من العسير استيعاب فكرة تحرير العقل السوداني بغير تحرير همة الأجهزة الإعلامية .. أن تلتفت إلى مهنيتها وتندفع بأشرعة الاحتراف المهني المحض لممارسة قيادة الرأى العام السوداني بكل رصانة ومهارة .. لكن إذا طفقت الأجهزة الإعلامية تمارس الحكمة الذهبية (سكن تسلم) فإن الجار والمجرور لن يسلم من سوء صنائعها .. فسوء قيادة الرأى العام كسوء قيادة جيش في معركة يودي بأهله قبل الآخرين..
ولا أقصد بهذا الحديث تشخيص الحالة على قدر القائمين بأمر الجهاز الإعلامي حاليا لكني أريد لفت الإنتباه إلى أن نجاح صيف العبور الديموقراطي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا لن يكون بلا تخطيط أو ثمن .. وأول متطلبات التخطيط الحصيف التسليم بأن الإعلام هو الرائد الذي - يفترض أن - لا يكذب أهله ..
اتفاقية السلام والدستور من بعدها حضّا على المهنية الإعلامية بلا قيود.. وأكّدا على أن الماكينة الإعلامية لن تعمل بالضمير المستتر.. وهو أمرتحقيقه لا يحتاج الى بطل .. لكن الشكوك تساور كثيرين كيف يستطيع من أدمنوا السير جنب الحائط أن يصدقوا أنهم محكومون بمهنيتهم لا (ماهيتهم) ؟!.. eserved
|
|
|
|
|
|
|
|
|