عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 02:02 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-05-2005, 05:04 AM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) (Re: سامى عبد الوهاب مكى)



    راحلةٌ من صفـيح
    ـــــــــــــ
    مهداة إلى قـطعة منسيّة
    من روحي ـ إلى نوبة
    الجبل


    كان طقـس ذلك الشطر من اليوم عَـقـاب صيف على شفا خريف
    جدتي فاطنة هسن مهيمد نائمة في البرندة الجوانيّة اللصق المطبخ
    بعد أن أحكمت إغلاق باب الحوش وهي توصيني ب" مَشلاّ كارتا"
    والدتي ـ ببيت خالتي روحيّة، والدي بعيداً ـ يسلـّم التابلت
    لقـطر بضاعة سيغادر رصيف محطة الحصيرة بعد دقائق، جدي أحمد
    طه ـ في حواشات إتناشرات، أخوالي الأربعة ـ لا أدري أين

    هاتـفـتْ أعوامي الأربعة أهـِلـّةٌ خضراء في جحوظ عـينين زجاجيتين
    خاويتين من الحياة مثبتتين على هـيكل صفـيح يشوقه تراب شارع
    الكلاب

    إستيقـظت روح الهيكل المتروك قـرب زريبة البهائم وتدحرجتْ
    بالأهـِلـّة محاذرةً ألا تصدر صوتاً يوقـظ الجدة، وإنفـتحت لها
    ضُـلعة في صدر السور الأسمنتي ـ الغافـل عن نيتها في الخروج
    ــ و هـو يسعى لإلتقاط أنسام تخفـّـف عـنه وطأة سَموم ما بين
    صلاتي الظهر والعصر فـوجدتني تخطّيت عـتبة الباب

    أرشدتْ دفة الشارع الهيكلَ إلى مستعمرة جنادب ويرقات فـراش
    و سرائح عـظام جزارة العم دياب في الساحة الوسطانية للقـرية
    أركانهاالستة بيت الأستاذ عكاشة أحمد إبراهيم، سدرة هـِسين بيرم،
    مربوع آل عُـقـلان، صندكة جُميّ، الشفخانة، بيت شَـقـّي، فـراكوبة
    شعبان قـرناص غاصةً بسجالات و بُـقج ملابس عابري سبيل ـ رواعـيّة
    ومهاجرين

    أبطأت الراحلة قـليلاً عـندما لامس مقـودها سور المسجد الساكن
    بين مواقـيت الصلوات فإنكشفت لناظر الأهـِلـّة غلالة ترابيّة
    مبتـلة الأطراف بزخّات دقـيق يطوف لولبه بقـرميد ٍ أحمر، عالي
    السقـف و صخّاب الجوف تعمل على خدمة هـديره تشغيلاً وصيانةً
    و حراسةً فـزّاعة طير ـ عـَرّاقي عـبدو فـرح ملطّخ بدميرةِ قـُـبالةِ
    عَـمْـكـَة الأم قـبل أن يرمي بها في قـيعان التماسيح والأسماك
    المتوحّـشة هي والبيوت والنخل و السواقي مجراف طوفان الستيّـنات

    طافـت الغلالة قـوامها ماذكرتُ وجلاليبٌ بلاجيوب وجَرجارات، بصّات
    في طريقها لقـفـلة وأخرى لكسلا، لواري محمّـلة بسوس، بوص متطاير
    تتعقـبه نيّة في النحر تبرق من شفـرات سرائح تلك العظام التي
    خلّـفـتـُها وراء ظهري في مستعمرة الجنادب و اليرقات، شاحنات رمل
    تسيل منها أصداف على طول الطريق الذي يشطر القـرية إلى نصفـين
    ، حُمر رشايدة، عـيدانٌ ومحريبْ

    أكـمـلوا الطواف وسكـنوا عائدين إلى مواضعهم الأصليّة. الجلاليب
    والجَرجارات قـسمٌ منها ـ إلى ظهـرة طُـشاطة وحبال غـسيل وكاويات
    ، قـسمٌ ـ إلى نـفــتـلين سحّارات والمتبقـّي ـ إلى رؤوس مسامير مغروزة
    في جدران، السوس ـ إلى المقابر، البوص ـ إلى سقـيفة العم قـروشي،
    سرائح العظام المهتاجة ـ إلى ساطور الجزارة، العيدان ـ إلى رواكيب
    مشلـّعة في جُمي والصين الشعبيّة وقـطاطي عـمّال زراعـيين في
    حواشات الأملاك وكـَمبو الزغاوة والبَـررو على مشارف القـرية
    عـشرة، البصّات ـ واصلت أسفارها، حُمر الرشايدة ـ إلى ترعة
    سبعات، الأصداف السائلة على الطريق ـ إلى خبائها في الكـثبان
    الديدبانةِ حارسةِ غابة ساساريب، إلى أين يعود المحريب؟ فالغلالة
    الترابيّة التي إصطحبته في حل و تسفار بُـقجـتها من محطة تـَهـمْـيّم
    على خط حديد كسلا ـ بورتسودان تركـته وعادت بالبُـقجة فارغةً
    من حمولة الغبار وعازفةً عـن رفـيق سـفـر
    2
    في قـريتي بالبطانة دقـّاقة
    ولدت كأخواتها من طواحين السهل سليمة البصيرة والبصر، ألقـمتها
    السل ضروع مواشي و مع ذلك فـتـيـّة الروح ، كادحة وشفـوقة
    على القـمح في الوقـت الذي لاتخفي فـيه عـداءها للذرة. نحن نوبة
    الشمال والقـسم المُهجّر منهم للشرق ـ نوبة الجبل ربما ساقـتهم رياح
    مشيئة أخرى في هذا الشأن لا أدري ـ لايستهوينا مذاق الذرة ولايدخل
    في قـوام إدامنا اليوميّ إلاّ نادراً ـ يختـفي القـندول الحامض من مطابخنا
    خلال أشهر العام ولايطلّ برأسه إلاّ في زرّيعة آبري رمضان وعـصيد
    العيد الصغير. الدقـّاقة تعي ما يدور بأفـئدة صـِحافـنا ولهذا السبب يأتي
    طحين قـمحها شديد النعومة مهروساً بحرص تصبّ فـيه عـصارة
    جهدها كمالو أنها تعدّه لطعامها الخاص، و يتكدّر مزاجها و تعطب كثيراً
    إذا ما غـمرت جوفها أكـياسُ ذرة بيضاء أو حمراء
    ومع ذلك فإن التمرة تظل هي التمرة. لم ترغـمنا نحن المهجّرون تربة
    الموطن البعيد عن الجروف ولا إلزاميّات الفلاحة تحت إمرة إدارة
    مشروع حكومي على إحلال السنبلة موضع السبيطة في سويداء
    الكلام
    3
    طفـتُ حول الدقـّاقة 37 عاماً والأهـِلّة الخضراء التي شبعت غـرقاً
    وجحوظاً في بركة تكلّس ماؤها طافـت معي طوافاً لم تكتمل شعائره
    حتى الآن
    4
    لم أكن مشاركاً ولاشاهـداً على مارويتُ لأنني كـنت حينها مع أسرتي
    بمحطة الحصيرة أراقـب والدي بإعجاب وهـو يسلـّم التابلـِت لقـطر
    بضاعة غادر رصيف العام 1973 إلى دقـّاقة هـواء الحريّة بريف
    Limburgالألفـيّة الثالثة حيث أكتب هذه السطور. وحده المكان
    العراء فـيما بعد مسجد القـرية خمستاشر هـو الذي أنشأ من
    صلصال السكينة و مخيال السَموم جمهرة الطائـفـين حول حجر
    الدقـّاقة ـ المعدومة ـ في ذهـن حفـنة قـمح مبلول شاقـته
    رؤية شارع الكلاب و مستوطنة الجنادب الطليقة و يرقات الفـراش
    المتخلّـق في الساحة التي باركتها في مواسم الكـَشرنقـيق أبخرة
    بليلة جدتي فاطنه صادق وسارت بها من مخزن البيت المثقـوب
    الآسبستس راحلة صفـيح قـديم يسعى على أظلاف مثـلـومة من
    عُـلب صلصة

    هامش
    ــــ
    " مشلاّ كارتا" تعني ماتحوم في الشمس
    عثمان محمد صالح
                  

العنوان الكاتب Date
عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 00:09 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 01:43 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 03:00 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 04:05 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 04:12 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 04:20 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 04:32 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 04:33 AM
      Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Faisal Taha07-05-05, 04:52 AM
        Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 06:04 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 04:53 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:03 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:04 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:06 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 05:11 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:21 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:25 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 05:34 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Osman M Salih07-05-05, 05:38 AM
      Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 05:44 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-05-05, 08:08 AM
    Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) Faisal Taha07-05-05, 01:44 PM
      Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-06-05, 00:01 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-06-05, 08:00 AM
  Re: عثمان محمد صالح والتوابيت الرعديده(نداء للذين لم يرفع عنهم القلم ) سامى عبد الوهاب مكى07-07-05, 07:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de