النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 00:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2005, 03:21 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال

    النبى ينهى الصحابه عن كثرة الأسئلة


    نهى " المرتضى" أصحابه عن كثرة الأسئلة وبصرهم بمآل أتباع " الكُمَّل " الذين سبقوه عندما مشوا فى ذات الدرب، وشددوا فى المسألة فشدد الله عليهم.

    وضرب لهم مثلاً بمسلك بنى إسرائيل فى قصة البقرة المُعجبة.


    لكن أسئلة الصحبة توالت واستفساراتهم تواترت واستفهاماتهم تتابعت ولهم عذرهم فـ " الأزج / الأزكى" دعا إلى ديانة جديدة مغايرة لديانتهم شملت أرجاء عديدة: العقيدة / العبادة / الأحوال الشخصية / الجزاءات / المعاملات .. إلخ، وهم مليطون من أى ثقافة دينية باستثناء نفر محدود وحتى هؤلاء فإن ما علموه مغاير لما جاء به، لأن الدين الذى بشر به هو الخاتم والمهيمن على ما سبقه زمانًا لا رتبة.


    والصحبة بهم تشوّف للمعرفة ولديهم شوق نحو التعلم وعندهم تطلع صوب التفهم وفى باطنهم نهم للإدراك.

    هذا من شق.


    ومن آخر: اعترضتهم فى حياتهم صعاب عبادية ومشكلات خاصة شخصية ونوازل تجارية أو مالية وقفوا عندها وقد أحاطهم الرَبك وعلتهم " اللخمة = كلمة عربية فصيحة معناها : ثقل النفس ا.هـ " ، وشملهم الاضطراب وعمتهم الحيرة وسيطر عليهم الإشكال ... لايدرون كيف يتصرفون ولا أين يتوجهون وفى أى طريق يسيرون.


    ومن ثم فليس لديهم وأمامهم إلا " القيّم الكامل" فأمّوه وقصدوه فهو الذى حمل إليهم الديانة الجديدة وهم موقنون أنهم سضيَلْفون عنده الجواب لكل سؤال والرد على أى استفهام والإيضاح لأى استفسار ...

    وكنتيجة حتمية تعددت وتنوعت وتباينت ولزام عليه أن يشفى غليلهم وينقع غُلّتهم وهو موقف يتسم بالعسر ويمتلئ بالمشقة ويتضلع من الرهق خاصة إذا تموضع السؤال فى شأن حساس أو تعلق الإستفسار بأمر مريج أو اتصل الإستفهام بموضوع دقيق.


    هنا لا يذر القرآن المجيد " الأبطحى" يواجه هذه القضايا منفردًا بل كالمتبع يعاضده ويعاونه ويؤازره ويتشكل جِماعه فى تقديم حل لكل معضلة ونفح فَكّ لكل ازمة وإهداء وتدبير لكل نازلة تختلف صورها وتتباين هيئاتها وتتنوع أشكالها وتتغاير رسومها إنما الذى لا مشاحة فيه ولا ينتطح على صحته عنزان أن المخاطبين بها تلقفوها مسرورين: صدورهم منشرحة وثلوبهم مطمئنة ونفوسهم راضية.


    وإليك حفنة مما حباه الذكر الحكيم لـ " الهجود" من نفحات شافية وإشراقات كافية وهبات وافية، فاز بها تبعه وألسنتهم تلهج بالشكر الجزيل والحمد الوفير والإمتنان البالغ والثراء العاطر.


    *******



    إذ إن ملامسة الحليلة لدى أولئك العُربان طقس يومى فشقّ عليهم، فخالفوه.

    ( أخرج الإمام أحمد والطبى عن كعب بن مالك ـ رض ـ قال:

    كان الناس فى رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب ذات ليلة من عند النبى ـ ص ـ وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت: إنى قد نمت ، فقال: ما نمت ثم وقع عليها.


    وصنع كعب بن مالك مثل ذلك.

    فغدا عمر بن الخطاب إلى النبى ـ ص ـ فأخبره الخبر.


    فأنزل الله تعالى { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [ البقرة : 187]


    [ المقبول من أسباب النزول: لأبى عمر الأزهرى ص 95ـ مرجع سابق، وأضاف المصنف فى غسناده صحيح وان أبا داود " من أصحاب الصحاح" اخرجه بنحوه من رواية ابن عباس.

    و ( لباب النقول فى أسباب النزول ) للسيوطى ـ ص33 ـ مصدر سابق أورده من رواية عبدالله بن كعب بن مالك وقال: أخرجه أحمد وابن جيري ( = الطبرى ) وابن أبى حاتم.

    و ( أسباب النزول ) للواحدى ـ ص20 ـ مصدر سابق.


    وقد ذكر الواحدى النيسابورى أن الصحابة " شكوا ذلك لرسول اللله ـ ص ـ فأنزل الله هذه الآية ] .

    وينفحنا الواحدى بمُعطى هام هو أن الصحاب عمهم السرور عندما تلا عليهم " الهادى" هذه الآية، كيف لا ومقاربة الزوجات وملك اليمين معلم يومى بارز فى حياتهم المبرورة، وذكر ان مسالة الإنبساط هذه أورها البخارى فى صحيحه وهو أصح كتاب السنة والجماعة بعد القرآن ففرحوا فرحًا شديدًا ـ رواه البخارى [ ذات الصدر السابق ـ ص 31].


    *******


    تزوج أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال من بنى مخزوم أيضًا وهو فى ذات الوقت ابن عمة " الفاتح" بَرّة بنت عبد المطلب بن هاشم وأخوه من الرضاعة أرضعتمها مولاة لأبى لهب تبت يداه ـ تسمى ثُويبة.

    وأسلم كلاهما ونزحا إلى الحبشة مع من نزح ثم عادا ونزحا مرة أخرى لقرية الحرتين واشترك أبو سلمة فى الغزوات والسرايا ثم مات فى السنة الرابعة وغدت هند أرملة.


    وتميزت بجما نادر ووضاءة باهرة وحسن فائق ونضارة ربانية. قبل زواجها " كانت جموع شباب تتسارع لتخطب ودها ولتطلب يدها" [ "أم سلمة أم المؤمنين" إعداد : أ. أمينة أمزيان الحسنىـ الجزء الأول ـ ص50 ـ الطبعة الأولى 1419هـ/1998م ـ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية / المملكة المغربية ].

    إذن جمعت بنت زاد الركب المخزومى بين عراقة المحتد ونبالة الأب وارستقراطية البيت والوسامة والقسامة والملاحة.


    فلما تأيّمت وانقضت عدتها وأمست صالحة للتزوج أرقل إليها عتيق عارضًا نفسه عليها ونسى أنه من فرع هزيل فى قريش " تَيْم" لا يصل إلى مستوى ركبة رهطها’ ولأدبها الجم وأخلافها العوالى " ردته فى رفق" [ المصدر نفسه ص 170 ].


    فحَجَل إليهل أبو حفص عمر وتلقى ذات الجواب. [ المصدر والصفحة ].


    وهو أمر بديهى لا ندرى كيف لم يفطن إليه ابن الخطاب فهو من بطن خَمَيْص ضامر، فأين عدىّ من مخزوم. [ نحن نرجح أن أهم دوافع التيمىّ والعدوىّ لخطبة أم سلمة هو أن يحولا دون نكاح " صاحب البيان" إياها لما تتمتع به من جمال باهر ووضاءة فائقة فتغدو منافسة خطيرة لابنتيهما عائشة وحفصة ونزاحمهما فى مكانتهما عنده ولما يسببه لهما ذلك من غيرة وقلق وهو ما تحقق بحذافيره أ.هـ. ].


    ثم تقدم لخطبتها " سعد الخلائق" بيد أنها اعتذرت بلطف ورقة بالغتين وتعللت بأنها مُصبيّة ولعدم وجود ولىّ من اهلها يزوجها. [ السمط الثمين للمحب الطبرى ـ ص 150 ـ مصدر سابق ].


    ونرجح أن مرجعه لسببين:

    أ ـ حزنها الشديد على زوجها أبى سلمة إذ كثيرًا ما رددت ( من خير من أبى سلمة )؟.

    ب ـ الفارق فى العمر فـ " ذو البراهين" عند تزويجه بلغ الثالثة والخمسين ووفاة أبى سلمة فى السنة الرابعة أى سنة آنذاك سبع وخمسون سنة.


    أما هند فقد حققت الباحثة المغربية وتوصلت إلى أنها توفيت سنة إحى وستين وأن سنها أربع وثمانون سنة [ المصدر السابق ص 574 ]. أى أنها وقت نزوح ( نعمة الله ) بلغت الثالثة والعشرين من عمرها وعند وفاة زوجها ناهزت السابعة والعشرين ( واستنادًا إلى ذلك نستطيع أن نستنتج أن ام سلمة ولدت قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة أى قبل بعثة الرسول بعشر سنوات ). [ نفس المصدر ص 49 ].


    وبحسبة بسيطة نصل إلى أن الفارق ينيف على ثلاثين عامًا.

    وقد غضب العدوىّ أشد الغضب حين ردّت " صاحب التاج" ولم توافق على قبول خطبته وكلمها فى ذلك ولكنها أظهرت له أعذارها. [ السمط الثمين للمحب الطبرى ـ ص 150 ].


    ونحن نذهب إلى ان غضب العدوىّ الشديد هو ما يسميه علم النفس " عملية إسقاط" فهذا تعبير عن مكنون صدره لأنها أولته ظهرها.

    ولكن " صاحب المنر" لم ييأس فَغِبّ أن أخفقت سفارة حاطب بن أبى بلتعة [ ذات المصدر ص 149]. توجه إليها بنفسه يخطبها ويحاورها ويفند ما تعللت به [ أورده أحمد فى مسنده وعبد الرازق فى مصنفه وابن سعد فى طبقاته نقلاً عن " ام سلمة" لأمينة الحسنى ـ ص 110 ـ مصدر سابق ].


    كما أن عمار بن ياسر أدى دورًا طيبًا فى إقناعها لقبول نكاح " المُنجد" غياها، فهو اخوها فى الرضاعة. [ السمط الثمين للمحب الطبرى ص 152 ـ مصدر سابق ].




    وفى ذات الوقت مولى لبنى مخزوم رهطها [ فى إحدى المرات تلاحى خالد بن الوليد المخزومى مع عمار فى حضرة " الأخشم" ، فأغلظ عمار لابن الوليد الذى تعجب واندهش وتوجه للمانح متسائلاً: أتدع هذا العبد يشتمنى؟، باعتبار ابن ياسر مولى لبنى مخزوم أى تابع لهم بيد أن " الشهيم" زجر خالدًا زجرًا عنيفًا. فإذا ثبت أن الواقعة حدثت قبل مراودات الخطبة فإن ما فعله عمار بشأنها يعد لجميل " صاحب العطاء" لأنه انتصر له من خالد سيده السابق وابن الوليد بن المغيرة رجل قريش فى الأيام الخوالى. أ. هـ. ].


    وما فعله عمَّار فى هذا السبيل أنه انتزع من حِجر أم هند طفلتها المولودة حديثًا ووصفها بـ " المشبوحة" ـ زينب وذهب بهل لمن ترضعها كيما تتفرغ أمها تفرغًا كاملاً [ السمط الثمين: ص152ـ ونساء النبى لبنت الشاطئ ص123ـ ورد فى الفتح الربانى لترتيب مسند الإمام أحمد: للساعاتى وأخرجه عبد الرازق فى مصنفه وابن سعد فى طبقاته والبيهقى فى سننه نقلاً عن" أم سلمة" لأمينة الحسنى ـ جزء أول ص 58 ].


    تم الزواج وانضمت بنت أبى أمية إلى ركب نسوان وزوجات " البارع" وصوّت ذلك عندهن دويًا صاخبًا لما يعلمنه علم اليقين عن فتنتها وحسنها " عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبى ـ ص ـ تزوج أم سلمة وكانت من أجمل النساء " [ السمط الثمين ـ ص152].


    وتصف بنت الشاطئ هند بأنها عزيزة ذات جمال وإباء وفطنة، وأحدث دخولها ضجة فى دور النبى وأشاع قلقًا وأى قلق فى الزوجتين الشابتين عائشة وحفصة. [ نساء النبى لبنت الشاطئ ص 118 ]. ومن المحال ألا يقع وأكثر منه ولعل ما صرحت به التيمية ينت عتيق فى حقها يثبته : " لما تزوج رسول الله ـ ص ت أم سلمة حزنت حزنًا شديدًا لما ذُكر لنا من جمالها، قالت: فتلطفت لها حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وُصِف لى من الحسن " [ الإصابة ج/8 ص 241 نقلاً عن نساء النبى لبنت الشاطئ ص 117 و" أم سلمة" لأمينة الحسنى ص 120 وأضافت آخر بخلاف الإصابة وهو " الطبقات الكبرى" لابن سعد ج/8 ص 94].


    فأم سلمة ذات أصل عريق وحسب ونسب كما كانت على جانب كبير من النضارة وتتمتع بقسط وافر من الحُسن والجمال مما أحدث ضجّة فى بيت النبى ـ ص ـ عند زواجه منها وأشاع قلقًا وغيرة واضحة فى نفس ضرّتيها عائشة وحفصة. [ أم سلمة : لأمينة الحسنى ص 49، 50].


    من نافلة القول أن نرقم أن " أم سلمة" حظيت عند " الذاكر" ومكث عندها ثلاثة أيام بعد أن إختلج عمار منها رضيعتها زينب وعرض عليها أن يمُدّ فترة الُبْث إلى أسبوع بيد أنها ردت ثلّث. [ "السمط الثمين" للمحب الطبرى ص 153].


    ويبدو أنها إقتنعت بالثلاثة أيام فقط لأنها افتقدت طفلتها الرضيعة زينب.

    وتعددت مظاهر حظوتها لديه منها " تقبيله إياها وهو صائم". [ أخرجه الشيخان فى صحيحهما وهما البخار ومسلم : نقلاً عن " السمط الثمين" للمحب الطبرى ص 155].




    ابتداؤه بها عندما يدور على نسائه. [ المصدر السابق ص 156]. نومها معه فى لحاف واحد وهى حائض. [ صحيح البخارى والمسند لأحمد ابن حنبل ـ المصدر السابق ونفس الصفحة ] . إغتسالها معه فى الجنابة فى إناء واحد [ صحيح مسلم : كتاي الطهارة ص 157]. ونص الحديث الشريف: { صحيح البخارى ـ كتاب الحيض المجلد الأول 4 ـ باب: من سمى النفاس حيضا.


    294ـ حدثنا المالكي بن إبراهيم قال : حدثنا هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة: أن زينب بنت أم سلمة حدثته: أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، مضطجعة في خميصة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، قال: (أنفست). قلت: نعم، فدعاني، فاضطجعت معه في الخميلة. [ 316، 317، 1828 ] ش أخرجه مسلم في الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد، رقم: 296.


    ( خميصة) ثوب مربع من خز أو صوف. ( فانسللت) ذهبت في خفية. ( ثياب حيضتي) الثياب التي أعددتها لألبسها حالة الحيض. (الخميلة) هي الخميصة أو هي ثوب له خمل وهدب }.‏

    وفى صحيح مسلم: الجزء الثالث. كتاب الحيض ـ 57 ـ باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد. ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ:


    بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعَ رَسُولِ اللّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حيْضَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنُفِسْتِ؟"


    قُلْتُ: نَعَمْ.

    فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ معَهُ فِي الْخَمِيلَةِ.


    قَالَتْ: وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْتَسِلاَنِ، فِي الإِنَاءِ الْوَاحِدِ، مِنَ الْجَنَابَةِ }.

    فى هدية النجاشى المردودة عندما قسّمها على نسونه ففضلها عليهن. [ المسند أحمد بن حنبل : ص 158].


    تلك الزوجة الغضة النضرة الحسينة الأثيرة عند زوجها " البحر" عندما تؤمه باستفسار من حقها عليه أن يبين لها. فهى فضلاً عما أكسبتها حياة البادية من صفات الشجاعة والمروءة والإعتزاز بالنفس، وغير ذلك من الصفات التى ورثتها عن أبيها فنشأت فصيحة اللسان قوية البيان ذات ذكاء وفطنة. [ أم سلمة : لأمينة الحسنى ـ ص 50].


    ولقد أهمها موقف القرآن الكريم من النساء:


    { أخرج الترمذى والحاكم وأبو يعلى وغيرهم أن أم سلمة أنها قالت يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء فى الهجرة بشئ ... فأنزل الله عز وجل : { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ } [ آل عمران 195].


    [ ( المقبول من أسباب النزول ) لأبو عمر نادى الأزهرى ص 150. وأضاف بخلاف مصادره التى أوردها فى فاتحة الخبر أن الواحدى رواه فى أسباب النزول والحميدى فى مسنده والبخارى فى التاريخ الكبير والطبرى فى تفسيره وأن الذهبى اقره وصححه والمصنف قال عنه: إسناده صحيح. ـ ( ولباب النقول فى أسباب النزول ) للسيوطى وذكر أن عبد الرازق أخرجه فى مصنفه مسعيد بن منصور وابن أبى حاتم ـ بخلاف الترمذى والحاكم ـ مصدر سابق .


    وأسباب النزول : الواحدى ـ ص 92.


    ( أم سلمة ) لأمينة الحسنى ـ ص 239. وأضافت أن راوى الحديث هم سلمة بن عبدالله بن عمر .. أحد حفدة هند / أم سلمة وسبق أن وصفت مثل هذا الحديث أنه عائلى مما يوثق صحته].

    وهكذا تضافرت هذه المصادر والمراجع على علو قدر هذا الحديث ونأيه المطاعن وبعده عن القوادح وخلوه من المثالب. والذى يشحن قلب ابنة أميّة بالهم والقلق والشجن لابد وبطريق الحتم واللزوم أن يصيب " الحفىّ / اللطيف " بقدر وسيع منه لأنها بعلته الحبيبة وزوجته المضلة وحليلته المقربة.

    وقد رأينا أنه فى أمثال هذه المقامات يتكرم " المبين المُحكم" ويفتح طاقة منها مكونات الهم وعناصر الغم وأجزاء الإزعاج فعلى الفور انبثقت منه آية بالمساواة بين الذكور والإناث فى الأجر وخاصة أجر النزوح لأنها من بين من نزح مرتين الأولى إلى بلد أصْحَمَة ( الحبشة ) والأخرى إلى القرية ذات الحرتين " أثرب".


    فلما تلا " خيرة الله" الآية على زوجته ذات المنزلة الحميمة تهلل وجهها وانفرجت أساسيرها ومن البديهى أن جميعه انعكس على " آية الله" طلاقة وبشرًا وأنسًا.


    وتقدم لنا الباحثة المغربية أمينة الحسنى هدية بالغة الثمانة عالية القيمة وهى ان استجابة " مأدبة الله" جاءت على الفور لا على التراخى، لم تتأخر أو تتمهل أو تتباطأ ومردّه إلى المنزلة السامية لابنة زاد الركب . قال الشيخ منصور على ناصف صاحب التاج الجامع للأصول معلقًا: " ففيه إشعار بعلو مكانة أم سلمة حيث أجابها الله بسرعة " [ ( التاج الجامع للأصول فى أحاديث الرسول ) للشيخ منصور على ناصف الجزء الرابع ص 90 كتاب التفسير / نقلاً عن ( أم سلمة) لأمينة الحسنى ص 239 ].


    ونأمل أن يتفرس القارئ فى عبارة وردت فى الفقرة التى نسخناها عن الشيخ منصور وهى " أجابها الله بسرعة " إذ تشف عن أن البعض فَطِن إلى العلاقة الجدلية بين الذكر الحكيم والقائد وكذا إلى العلة فى انبثاق سوره وأياته نجومًا ولماذا لم يشرق جميعه فجأة وكرّة واحدة يتيمة. وما علاقة ذلك باللوح المحفوظ؟؟؟؟؟ . ولو أن فطانة الشيخ منصور وأنداده إلى هذا الملمح المُمْعن عُمق شأنه تنبع من منظور الدروشة ولغقالة العقل وتغييب الوعى وتغريب الفكر وتهجيره.



    وهو بالطبع بخلاف منهجنا الى إلتزمناه ومازلنا وبداهة لا نُكره غيرنا على اتباعه فكما يقول المثل " لكل شيخ طريقة" بيد انّا على إقناع أن جادتنا هى الأصح والأصوب إلى أن ياتى من يثبت لنا العكس لأننا لا ندعى لمنهجنا العصمة ولا لأفكارنا المطلقية كما يدعى الآخرين وهيئات التقديس السلفية.


    *******


    ورجالهم فى نطاق الإتصال بنسونهم لا يكتفون بقضاء الوطر وإشباع الغريزة والحصول على الخلفة بل يتغنون فى أوضاع المعاسفة، فمرة مقبلة وأخرى مدبرة وثاثة باركة ورابعة مُجبية، وخامسة شَرْحًا وبفضل أن يجئ مُنكرًا إمعانًا فى الحصول على أعلى قدر من المتعة .. وأمسى هذا المسلك من قبل القرشيين عُرفًا مستقرًا وأمرًا ثابًا وتقليدًا راسخًا يقوم به رجالهم وترحب يه نساؤهم أيما ترحيب.


    فى حين أن الأثاربة الأعاريب على العكس لا يبغون من مجامعة النساء سوى أن يقضوا وَطَرهم وعلى الحرف مع اكبر قدر من الستر، ولعل مآبه علتان:


    الأولى: أنهم تاثروا باليهود الذين ربطتهم بهم علاقات متعددة كما رقمنا، وهؤلاء ـ خاصة طائفة الفريسيين ـ ينظرون إلى العلاقة الجنسية نظرة ضيقة أى يتعين أن تؤدى تحت ضغط الغريزة وبأبسط صورة. احترامًا للمراة وقداسة الزوجية.

    الأخرى: أن بنى قيلة أوضاعهم المالية أخفض من مثيلاتها لدى بنى سخينة.


    فلما نزح بنو سخينة إلى يثرب نقلوا معهم تلك العادة الرائعة !!. وعند نكاح بعضهم لنسون بنى قيلة أراد ممارستها معهن فاستهولتها الأقريبيات واستنكرنها واستقبحنها ورفصنها بالكلية لأنه حسب علمهن أنها تُرتكب مع الجوارى والإماء والسرارى والمحظيات وملك اليمين أما مع الزوجة الحرة فلا،


    عندئذ طقت تساؤلات من فبل الأثربيات توجهن بها إما مباشرة وإما بالواسط إلى " صاحب السلطان" الذى وجد نفسه فى منتصف المسافة فإذا وافق الأثاربة ضاق المنازيح بنو سخينة ذرعًا وهم أجناده الأوفياء ، وإذا أرضاهم تململ بنو قيلة وهم الذين آووا ونصروا.

    إذن ما المخرج؟


    أن يشرق جبريل بآية أو أكثر من القرآن المجيد تضع الأمر فى نصابه الصحيح ويحتفظ للرسول الأمين بأحلافه ورجاله المقاتلين من المنازحين والأثاربة ، ولا يستطيع أحد من الفريقين أن ينبس بعدها ببنت شفة.


    { قال ابن عباس إن هذا الحى من قريش كانوا يتزوجون النساء ويتلذذون بهن مُقبلات ومُدبرات فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار، فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة فأنكرن ذلك وقلن هذا شئ لم نكن نُؤتى عليه، فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله ـ ص ت فأنزل الله تعالى فى ذلك { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [ البقرة 223 ]. قال: إن شئت مُقبلة وإن شئت بَركة وغنما يعنى بذلك موضع الولد } [ ( أسباب النزول ) للواحدى ص47 . وقال رواه الحاكم / و( لباب النقول فى أسباب النزول ) للسيوطى ص 31 ـ أضاف أبى الحاكم أبا داود وهو واحد من الصحاح الست / و( المقبول ) لأبى عمر نادى الأزهرى ص 126، 127، 128 ـ وأورد حديثًا مشابهًا قال عنه: أخرجه النسائي عن نافع مولى ابن عمر ].


    وهناك خبرًا عن رجل من حمير أتى " أبا القاسم" فقال له:


    { غنى أحب النساء وأحب أن آتى امرأتى مجيبة أى منكبة على وجهها فكيف ترى ـ فأنزل الله تعالى الآية { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [ المرجع السلبق ص 129].

    ولنلتفت فى هذا إلى ملحظين:


    أ ـ قول الحميرى إنى أحب النساء مما يقطع أنه مكون اساسى فى نفوس أولئك العَرَبة الأجلاف الأوباش ، وهذا مآبه كما رقمنا فى كتابات لنا سوابق أن حيواتهم تَصْفُر من أى نشاط اجتماعى أو ثقافى أو فنى أو رياضى ومن ثم فليس ثمة أمامهم إلا هذا النزوع.


    ب ـ أنه استبيان مباشر توجّه به صاحبه إلى " الفخر " ولا يتصور أن يذر الإعرابى دون إجابة شافية خاصة أنه لابد أن لمح من لهجته وانفعاله وكيفية نطقه أنه يعتبرها بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت.


    تدخلت هند أم سلمة فى خبر ثالث وأدت دور الوسيطة بين اثربية وبين " الظَفُور" واستوضحته نيابة عنها لأن المرأة هابته واستحيت أن تتقدم إليه مباشرة خاصة أن فى السؤال حساسية: { أخرج الترمذى واحمد عن أم سلمة قالت: لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار تزوجوا من نسائهم وكان المهاجرون يُجِبون وكانت الأنصار لا تُجبى، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك فأبت عليه حتى تسأل رسول الله ـ ص ت قالت فاستحيت أن تسأله، فسألته أم سلمة فنزلت الآية: { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [ المقبول ص 130 ونلفت النظر إلى أن من أخرجه الترمذى أحد الصحاح الست وأحمد فى المسند، ووصف المصنف أن إسناده حسن. وأم سلمة لأمينة الحسنى ص 221، 222 ].


    قدّ أحسن القصص موقف " المصطفى" فى هذه المسالة التى إمتازت بقدر من الدقة لأن بنى سخينة يحتل موضوع " معاسفة الإناث" مساحة طويلة عريضة من نفوسهم ووجدانهم وغرائزهم.

    فى حين أن بنات قيلة علقنها على الكرامة والمكانة والاعتبار الشخصى لأنها ببساطة شديدة تحولهن من حرائر إلى إماء ، وإجابة أى طرف لمبتغاه سوف تثير لدى الآخر قدرًا من الغضب المكتوم والحنق المدسوس والغيظ الخبئ، من هذا المنطلق أسعفه بآية لابد أن يتقبلها الجميع بالرضا ويتلقفها بالتسليم ويتناولها بالإذعان، ومما لا مشاحة فيه أن " ذا المقام المحمود" شكر الذكر الحكيم على وقوفه معه يحل له الأزمات.


    *******


    ومن هنا ما انفكت استفهاماتهم واستيضاحاتهم تدور فى هذا المضمار.

    وشكلت أسئلتهم لـ " الأمين" فى هذا المجال نسبة متميزة، ونحن لا تخالجنا ذرة من ريب فى أنه " ذو الخلق العظيم ومتمم مكارم الأخلاق" بشهادة القرآن كان لابد من أن يجيبهم ويلبى ما يجول فى خواطرهم لأنهم عسكره الذين بسيوفهم الباترة ورماحهم النافذة وخناجرهم القاطمة يحقق طابتين عزيزتين عليه أثيرتين لنفسه، ححبيبتين إلى فؤاده:


    الأولى: نشر الديانة التى بشر بها { صحيح البخارى ـ باب الإيمان ـ حديث 24: ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏شُعْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏حَمَّدٍ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏أَبِي ‏ ‏يُحَدِّثُ عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى ‏ ‏يَشْهَدُوا ‏أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ ‏‏مُحََهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ‏‏عَصَمُوا ‏مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ‏}. [ وأخرجه مسلم فى صحيحه ايضًا

    الآخر: إقامة الدولة التى مهد لها اجداده : قصىّ، وهاشم، وعبد المطلب.


    لقى المسلمون فى حنين فى اول المعركة هزيمة نكراء كما حدث فى أحد لولا شجاعة " الشديد" ونفر قليل معه وثباتهم وعدم فرارهم كما فعل الكثير من الصحابة الأجلاء المقربين فلما انهزمت هوازن عسكروا بأوطاس عسكرًا عظيمًا. [ المغازى للواقدى ـ الثالث ـ ص 915 ].


    وغنموا مغانم جزيلة حتى إن عددًا من المؤرخين والإخباريين ومصنفى كتب السيرة المحمدية المعطاءة لكل خير يذهب إلى أنهم لم يحظوا بمثلها فى أى غزوة أو سرية ومن بينها سبايا كثيرات من نسوان وفتيات وصبايا قبيلة هوازن وإذ إن " المكىّ المكين" أدرى بنفسيات تبعه فقد وزّع عليهم أنصبتهم على الفور وفى ذات الموقع وكأنما يحدّث نفسه " لِمَ خرجوا معى إذن؟"و وعلى الرغم من انهم فى بدّى المعركة انكشفوا انكشافًا مريعًا وولوا الأدبار ومنحوا عدوهم أكتافهم وظهورهم وأمعنوا فى الهروب حتى إن أبا سفيان بن حرب قال متهكمًا عليهم ( لا ننتهى هزيمتهم حتى البحر ). [ ذات المصدر ص 910 ].


    وفاز عدد وفير من الصحبة كل منهم بواحدة أو اثنتين من السبايا الوضيئات فتلمظت شفاهم ولم ينتظروا حتى يصلوا بهن إلى يثرب مع أن المسافة قصيرة وعزموا النية وعقدوا الخناصر وأجمعوا الأمر على مفاخذتهن غِبّ تسلمهن بيد أن أولئك السبايا أبدين قدرًا من المكر وشطرًا من المخادعة ونصيبًا من المخاتلة تهربًا بقدر ما يستطيعن من هتك أعراضهن وهن الحرائر بنات النسب والحسب والشرف، فكلما اقترب صاحبى من واحدة منهن أخبرته أنها ذات بعل ، فعكرن عليهم مزاجهم وأذهبن بهجتهم وأطفأن شعلة غريزتهم وفرحهم وتلهفهم و شبقهم لأن معناه الإنتظار ختى تحيض ولو حيضة واحدة وهى " حيضة الاستبراء" أى خلو الرحم من اى شئ علق به حتى يغدو الولد ابن الصحابى حقيقة لا فرضًا.


    إزاء ذلك وقع الأتباع فى خاص باص فإما أن يعتلوهن وفى هذا مخاطرة لنسبة الولد إليهم وإما أن يتريثوا حتى تحيض المملوكة وهو لا طاقة بهم على الإنتظار ولا استعدادًا لديهم للبث ولا صبر عندهم على المُكث.


    فماذا يفعلون إزاء هذه المشكلة التى أهمتهم وأررقتهم وأقضت مضاجعهم؟.




    *******


    ليس أمامهم إلا باب " العالم" كيما يلوذوا بجنابه ويقفوا على أعتابه ويطرقوا أبوابه:


    { روى مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى عن أبى سعيد الخدرى قال: أصبنا سبايا من سبئ أوطاس لهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبى ـ ص ـ [ ( لباب النقول ) للسيوطى ص 50 ـ مصدر سابق].


    الحديث ورد فى اربعة من كتب الصحاح الستة وفى مقدمتها صحيح مسلم المًصلى ( التالى ) لصحيح البخارى.

    كما أن راوى الحديث أبو سعيد الخدرى ذكر أن السبايا ذوات بعول حقيقية لا مجرد ادعاء منهن.

    وجاء به الواحدى فى ( أسباب النزول ) برواية الخُدرى أيضًا [ ص 98].

    وذكره الأزهرى فى ( المقبول ) بذات رواية السيوطى التى نسخناها قبل سطور وأضاف الآتى:

    { إسناده صحيح ورواه ابن أبى شيبة فى مصنفه واحمد فى المسند وأبو يعلى فى مسنده والبيهقى فى السنن والطبرى فى التفسير والسيوطى فى الدر المنثور ونسبه أيضًا ( = السيوطى لا الأزهرى ) للفريانى وعبد الرازق والطيالسى وعبيد بن حميد [ المقبول للزهرى ص 206 ].

    لكن المصنف الأزهرى رقم معلومة على درجة عميقة من الأهمية وهى أن مُسلمًا فى الصحيح أورد فى كتاب الرضاع باب = جواز وطء السبية بعد الإستبراء [ ذات المرجع والصفحة ] ، أى أن استبراء رحم الجارية أو المملوكة أو الأمة شرط لإمتطائها.


    ومن المفسرين القدامى أو السلف القاضى البيضاوى لقول أبى سعيد الخدرى أصبنا يوم اوطاس سبيًا ولهن ازواج فكرهنا أن نقع عليهن فسالنا النبى ـ ص ـ [ تفسير البيضاوى ص 108].

    ومن المحدثين الشيخ عبد الحميد كشك إذ أورد الخبر ذاته بحروفه. [ فى رحاب التفسير لعبد الحميد كشك ج/5 ص 878 ـ مرجع سابق ].

    ونذكر القارئ بما سبق أن أسلفناه فى المقدمة أن المحدثين يتعكزون على السلف وياخذون بمقولاتهم دون غضافة أو تعليق أو تفنيد.

    ثم نختم بعمدة مؤرخى الغزوات :

    وأصاب المسلمون يومئذ سبايا فكانوا يكرهون أن يقعوا عليهن ولهن أزواج فسالوا النبى ـ ص. [ المغازى للواقدى ج/3 ص919 سبق لنا إثباته ].


    *******


    بعد أن أم التبع " أكرم خلق الله " يسألونه حلاً لهذه المعضلة الجنسية التى اهمتهم واكربتهم وأزمتهم وهو ينقه موقعها فى نفوسهم أمسى الموقف دقيقًا، فمن ناحية هناك " حيضة الإستبراء" التى يتعين عليهم أن ينتظروها ومن ناحية اخرى هو يعلم مدى لهفتهم على وطئ السبايا أو الصبايا الوضيئات، فإذا أباح لهم الوطء جاء ذلك مخالفًا لقاعدة شرعية مستقرة هم يعرفونها والواجب عليهم أن يُذعنوا لها وألا يطلبوا مخرجًا من هذه الزنقة. وإذا أمرهم بالتربص والإنتظار أصابهم أمره بالنكد والتمرد إذ حال بينهم وبين المتعة التى يلهثون وراءها ، وهو من عمق الحصافة والحرص على عسكره وغزاته بحيث يدرك أن إدخال الغم على صدورهم لا يعد من حسن السياسة.

    وهنا يقتحم القرآن دائرة الأزمة ويحاصرها ويطوقها ويقضى عليها:


    فأنزل الله تعالى الآية: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } [ النساء: 24 ]. [ المغزى للواقدى ج/3 ص 919 ].


    وفى تفسير البيضاوى : ( فاستحللناهن وإياه عَنَى الفرزدق بقول: وذات أنكحتها رماحنا : حلال لمن يبنى بها لم تطلّق ) [ ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل المسمى تفسير البيضاوى ) ص 180 مصدر سابق ـ وكذلك ( أسباب النزول ) للواحدى النيسابورى ص 98 ـ مصدر سابق].

    وفى المقبول : ( يعنى السبية من المشركين: تصاب لابأس بذلك ) [ المقبول فى ألسباب النزول : لأبى عمر نادى للأزهرى ـ ص 207 ].

    ويبدو أن البعض منهم تحرّج وربما دفعه لذلك خشيته أن السبية قد علقت من زوجها فأخذ يعزل أى يهريق ماءه خارج الرحم فسألوا النبى ـ ص ـ يومئذ عن العزل فقال: ليس من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله أن يخلق شيئًا لم يمنعه شئ . [ فى رحاب التفسير : لعبد الحميد كشك ص 878 ].

    وبهذه الآية الكريمة حُلت المشكلة وبداهة ان أصحاب السبايا الجميلات عمهم الفرح والسرور وفرحوا بالتفخيذ.


    وبها يزيدنا القرآن حجة أنه دائمًا مع " الصبور " لايدعه طرفة عين وأنه معه فى ترحاله .


    *******


    وأظهر ما نتصبت فبه بداوتهم وتمثلت فى حُشيتهم وبرزت فيه جفاوتهم أسئلتهم السمجة واستفساراتهم السقيمة واستيضاحاتهم المستهجنة واستبياناتهم المرذولة ... إلخ.


    ( عن ابن عباس كان قوم يسألون رسول الله ـ ص ـ استهزاء فيقول الرجل من أبى؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتى؟ .. ) [ ( لباب النقول) للسيوطى ص 78 ، وقال إنه فى صحيح البخارى / و ( أسباب النزول ) للواحدى النيسابورى ص 141 وذكر أيضًا أن محمد بن إسماعيل البخارى قد رواه / و ( المقبول ) للأزهرى ص 310 / وأكد أنه فى صحيح البخارى وأضاف أن إسناده صحيح وأن الطبرانى رواه فى الكبير والطبرى فى التفسير والسيوطى فى الدر المنثور وأنه زاد نسبته لابن مردويه وابن أبى حاتم / و ( التسهيل لعلوم التنزيل ) لابن جزئ الكلبى ص 189 ].


    وهكذا ثبت ركاكة وتفاهة عصبة من صحبه من واقع حدي رواه البخارى فى صحيحه ونقلته عنه مصادر من ذوات الرتب العوالى.


    *******




    وعدد هؤلاء ليس ضئيلاً بل هو مفرطح ومفرشح ووسيع. مما حث " المُتبتل ؟؟ " على أن يعتلى المنبر وهو غاضب للغاية ويخطب بشأن هذه السخافات لدرجة أن العدوىّ ابن الخطاب اعتبرها فتنة واستعاذ من شرها:


    { روى أنس أنهم سألوا النبى ـ ص ت فأكثروا المسالة فقام على المنبر فقال: لا تسألونى عن شئ ما دمت فى مقامى هذا إلا حدثتكم به، فقام عبدالله بن حذافة السهمى ـ وكان يُطعن فى نسبه ـ فقال يا نبى الله من أبى ؟ فقال أبوك حذافة بن قيس. وقال سراقة بن مالك، ويروى عكاشة بن محصن يارسول الله: الحج علينا فى كل عام؟ فأعرض عنه رسول الله ـ ص ـ حتى أعاد مرتين أو ثلاثًا فقال ـ ص ت ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لتركتم ولو تركتم لكفرتم، فآتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه. وقام آخر فقال يا رسول اله أين أبى؟ فقال فى النار، ولما اشتد غضب الرسول ـ ص ـ قام عمر وقال: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًأ .. } [ مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير: للإمام فخر الدين الرازى ـ ج 6 ـ عند تفسيره المائدة 164 مصدر سابق / والمقبول للأزهرى ص 311 وقال إنه صحيح الإسناد أورده ابن جرير اطبرى رواه فى تفسيره وكذا ابن كثير وفى تفسيره والسيوطى فى الدر وأضاف لما رقمه الرازى على لسلن العدوى : ... ونعوذ بالله من سوء الفتن ].


    الذكر الحكيم هل يترك الحنيف يعانى هذا المسلك الجانح والفعل المنفلت من أولئك الصحابة الذين بلغت شدة خشالتهم وكثافة تنطعم دفعه إلى ذروة الغضب وهو مضرب المثل فى الحلم والقدوة والصبر؟؟.


    لاشك أن الإجابة ستجئ بالسلب استقراء من مواقف القرآن العظيم معه فأهداه آية كريمة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [ سورة المائدة: 10 ].


    وفيها إعلام لهؤلاء النفر ولغيرهم بالكف عن ولوج هذا الدرب، وإذ أنه نهى جاء به الفرقان فلا مجال إذن للنقاش فيه أو مخالفته ، وبذا استراح " السابق بالخيرات" من هذه المشكلة التى بعثت الغيظ إلى ذاته الشريفة وهكذا يتم تدخل القرآن فى الوقت المناسب لأنه يعاين عن كثب كافة شئونه وأوضاع.


    *******


    6ـ هاجس الحصول على الغنائم والأنفال والأسلاب هو الذى هيمن على أتباع " الصادق الصادوق" وهم يخرجون بمعيته الشريفة فى اغزوات أو منفردين فى السرايا، وهذا ميراث متأصل فى نفوسهم من النشأة الباكرة والتربية المتقدمة، ويستحيل عقلاً وواقعًا أن يفارقوه أو يفارقهم فى البضع سنوات التى حظوا فيها بصحبة المصطفى فإن سنن الإجتماع ترفضه وتخبرنا عن أن غلف العادة التى ترجع إلى الصبا من أعسر الأمور التخلى عنه.

    ومصداقيه أن واحدًا من أسبق الذين تابعوه على ديانته التى بشر بها حزن حزنًا دفينًا يعادل حزنه على مقتل أخيه لأن " المطاع" رفض أن يعطيه سيف أحد قتلى الأعداء فى غزوة بدر الكبرى.




    { عن محمد بن عبد الله الثقفى عن سعد بن أبى وقاص قال: لما كان يوم بدر قُتل أخى عمير وقُتل سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة فأتيت به النبى ـ ص ـ قال: فاذهب فأطرحه فى القبض قال: فرجعت وبى ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخى واخذ سلبى .. } [ ( أسباب النزول ) للواحدى النيسابورى ص 155 / و ( لباب النقول ) للسيوطى ص 85 وذكر أن أحمد بن حنبل رواه فى مسنده / و ( المقبول ) للأزهرى ص 533 ـ مراجع سابقة ].


    هكذا وجد هذا الصحابى على فقد سلبه أو حرمانه منه ما وجد على قتل أخيه، وهذا ينفحنا مؤشرًا على أن نفوس هؤلاء أسربت حب الغنائم والأسلاب، وتعليله أنها مصدر رئيسى لديهم فهم لا يعرفون الصناعة بل ويحتقرون من يزاولها ويسمونه قيْنًا أى عبدًا، وهناك قبيلة مضاربها قرب أثرب تسمى بنى سليم احترفوا صناعة الأسلحة وبالأخص السيوف فتهكم عليهم هؤلاء العَرَبة وسموهم بالقُيون أى العُبدان.


    وبذات القدر سخروا من الزراعة والزراع وعندما امتهن بنو حنيفة الزراعة تهزأ هؤلاء الأعاريب بهم وقالوا عنهم: سيوفهم مساحيهم.


    ولما غزوا العراق والشام ومصر وداسوا بخيولهم المباركة أراضيها واستعمروها واستوطنوها ونزحوا خيراتها تعالوا على اهلها ووسموهم ب ( العْلوج ) لأن عملهم الأصيل الزراعة ولم يستحوا أن الأموال الطائلة بكافة صنوفخا التى كسحوها من هذه البلاد ونقلوها إلى واديهم القفر الغير ذى زرع هى نتاج جهود وعرق الفلاحين أو ( العلُوج ).


    *******




    ثم عود إلى السياق:


    لخلو أيدى تبع " الموقر" من أى حرفة أو مهنة ولن بنى سخينة جردوهم من أموالهم التى درجوا على توظيفها فى التجارة. هذا من ناحية المنازيح أما بالنسبة لبنى قيلة فشأنهم كسائر العرب فى اعتبار حب الغنائم وتوابعها بمثابة الغريزة، لجماعه كله حدثت خناقة بين كبار الصحاب وصغارهم وشيبهم وشبيبتهم عليها وفى أول غزاة يخرجون فيها.


    { روى أن يوم بدر: الشبان قتلوا وأسروا والأشياخ وقفوا مع رسوا الله ـ ص ت فى المصاف، فقال الشبان:

    الغنائم لنا لأننا قتلنا وهزمنا وقال الأشياخ:


    كنا ردءًا لكم ولو انهزمتم لانحزتم إلينا فلا تذهبوا بالغنائم دوننا فوقعت المخاصمة لهذا السبب} [ ( مفاتيح الغيب ) للرازى ـ المجلد السابع ـ ص 431 ـ مصدر سابق ].




    أما القرطبى فيضع بين أيدينا رواية مشابهة أهميتها أن من ادلى بها هو واحد من المقدمين بين تبع ( العدة / الزخيرة ).


    روى عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله ـ ص ت إلى بدر فلقوا العدو فلما هزمهم الله اتبعهم طائفة من المسلمين:


    وأحدقت طائفة برسول الله ـ ص ت واستولت طائفة على العسكر والنهب، فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم قالوا: لنا النفل، نحن الذين طلبنا العدو وبنا نفاهم الله وهزمهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله ـ ص ت ما انتم أحق به منا نحن أحدقنا برسول الله لئلا ينال العدو منه، وقال الذين استولوا على العسكر والنهب ما انتم باحق منا هو لنا نحن حويناه واستولينا عليه. [( الجامع لأحكام القرآن أو تفسير القرطبى ) للقرطبى ـ المجلد الرابع ص 2796 / و ( مرويات غزوة بدر ) جمع ودراسة وتحقيق أحمد محمد العليمى بارويز ـ ص 278، 279 الطبعة الأولى 1400هـ/1980م ـ مكتبة طيبة ـ المدينة المنورة ـ المملكة العربية السعودية. وهو رسالة نال بها المحقق درجة الماجستير من شعبة السُنَّة بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ـ هذا الحديث فى مسند الإمام أحمد وفى هامش ص 279: قال البناء فى تعليقه على الحديث فى الفتح الربانى 14/73، قال الترمذى هذا حديث صحيح ثم قال وأورده الهيثمى وقال رجال أحمد ثقات ثم قال: أورده الحاكم فى المستدرك وصححه وأقره الذهبى ـ وبذلك يغدو هذا الحديث صحيحًا بعيدًا عن المطاعن ].


    هكذا حولت الأنفال والغنائم والأسلاب الإخوة المتحابين الرحماء بينهم إلى خصوم ألداء يوشكون أن ينقلبوا إلى أعداء، ونلفت نظر القارئ إلى كلمة ( نهب ) وردت فى الخبر مرتين والنهب فى معاجم اللغة هو الإستيلاء على الشئ قَهْرًا واغتصابًا وغلبة.


    *******


    وعن السيوطى:


    { روى أبو داود والنسائى وابن حبّان والحاكم عن ابن عباس قال: قال النبى ـ ص ـ من قتل قتيلاً قله كذا وكذا ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم فقالت المشيخة للشبان أشركونا معكم فإننا كنا لكم رِدءًا ولو كان منكم شئ للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبى ـ ص ـ .. } [ لباب النقول للسيوطى ص85 ].


    هذا الحديث رواه أبو داود والنسائى وهما من اصحاب الصحاح الستة وكذا الحاكم فى المستدرك وهو من دواوين السنة المحمدية المعتبرة وقد جاء به ذكر الاختصام صراحة.

    كما أورده عمر الأزهرى فى المقبول وأضاف فى أسانيد الحديث المذكور بخلاف ما رقمه السيوطى:


    صححه الحاكم وأقره الذهبى وأورده البيهقى فى الدلائل وابن أبى شيبة فى المصنف والطبرى فى تفسيره ( قال الشيخ شاكر فى عمدة التفسير: رواه الطبرى بثلاثة أسانيد صحاح إلى ابن عباس، وكذا زاد ابن كثير نسبته فى تفسيره لابن مروديه )


    وذكر الأزهرى أن إسناده صحيح. [ المقبول لأبى عمر نادى الأزهرى هامش ص 336 ].


    *******


    هكذا أمسى اختصام بل عراك الصحابة على الغنائم حقيقة تاريخية موثقة لا يمارى فيها إلا لجوج ولا يجادل بشأنها إلا خصيم ولا يحاج فيها إلا شكِس.


    بعد هذا أصبح اللبيب بغير شك ضيق الصدر من تخاصمهم الذى أوضحته لنا هذه الأخبار الصحيحة بيد أن القرآن المجيد لا يذره يعانى هذه الحُروجة فتقبل آية كريمة هى الأولى من سورة الأنفال: { ... يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }


    وهكذا فُض الاشتباك بين تابعيه وارتفع عن صدره الكريم الضيق وقسمها عن بَوَاء أى عن مساواة ورضى المتنازعون، وكيف لا يفعلون والتقسيم جاءت به آية صريحة على المقاس أمرتهم بالتقوى وإصلاح ذات البين وبطاعة " المشير" وعلقتها على الإيمان وقرنتها بطاعة الله جل جلاله.

    { فبمجرد أن نزل الوحى بإرجاع ذلك إلى الله ورسوله سلموا الأمر وانقادوا للحق واطاعوا الله ورسوله } [ ( مرويات غزوة بدر ) احمد بارويز ص 273 ].


    وبذا على الدوام يثبت القرآن العظيم أنه مع " المُخبِت" لايغفل عنه طرفة عين ويؤكد لنا فى كل حين الحكمة من إشراقه منجمًا.


    *******


    7ـ ترك اليهود أثرًا غائرًا فى بنى قيلة باعتبار أنهم أصحاب إسطير مقدس هو أقدمها جميعًا ( أخرج أبو داود والحاكم عن ابن عباس أنما كان أهل هذا الحى من الأنصار ( وهم أهل وثن ) مع هذا الحى من يهود ( وهم أهل كتاب ) كانوا يرون فضلاً عليهم فى العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ). [ لباب النقول للسيوطى ص21 ].

    وقد رقمنا من قبل ما نقشه منهم الأثاربة رجالهم ونسونهم فى مسألة طيقة الجماع.


    ولما وصل المنازيح إلى قرية الحرتين صار من الطبيعى أو البديهى أن تَزْرِب إليهم عدوى التأثر باليهود مباشرة أو عن طريق إخوانهم أعراب قرية ما بين الحرتين.

    من بين ما اشتهر عن أولاد يعقوب موقفهم من المَرَة الحائض، فهم لا يؤاكلونها بل ولا يجمعها بهم بيت، واحد ولا شك أن الأوس والخزرج فعلوه ووصل خبره إلى المنازيح وجلهم من بنى سخينة ( قريش ) فحاك فى صدورهم لأنهم حتى ذياك الحين نظرتهم إلى بنى إسرائيل لم تتغير خاصة من ناحية احتيازهم لكتاب مقدس وفيهم علماء دين وعليه نص الذكر الحكيم { أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 197].




    ونشد الانتباه إلى ملحظ وفير الأهمية هو أنه لم يصف رجال دين بعلماء إلا هم بل لم يذكر هذا اللفظ فيه كرة أخرى.


    والذى خربش نفسية النزحة ليس هو عدم المؤاكلة فهذا مألوف لديهم حتى وهى طاهرة. [ العربة عندما غزوا مصر واستعمروها واستوطنوها واستنزفوا خيراتها أتوا معهم بهذه العادة الحضارية الرائعة حتى إنها ما زالت مهيمنة فى المناطق التى احتلوها مثل الصعيد رغم مضى أربعة قرنًا مع أن المصرى القديم لم يعرفها طوال تاريخه الطويل، ربما لأن المصرى القديم أخفض منهم درجة فى سلم المدنية أ.هـ ].

    إنما عزل المرة فى مكان منفصل. لماذا؟.


    لأنهم خاصة بنى سخينة لابد أن يعاسفوا زوجاتهم حتى وهن حُيض بأن تُحكم إزارها على منبع الدم ويباشر ما دونه: ما فوقه وما تحته وربما يرى بعضهم أنه لابأس من المفاخذة التامة.

    إذن هذا الخطر أزعجهم وهذا القيد أربكهم وهذا النهى ضيّق عليهم، كيف لا وهو سوف يحرمهم من القيام بالطقس الذى يؤدونه ولو جزئيًا، ويمارسونه ولو ناقصًا .


    *******


    إذن ما المخرج؟

    ليس أمامهم إلا أن يهرعوا إلى " المستجيب" يسألونه حلاً ... وبذا قبت مشكلة : إذا خالف يهودًا، ربما تأولوه أنه مناكفة لخطة الموادة والملاينة التى شرع ينفذها كما سبق أن أوضحنا، وإن وافقهم حرم تبعه من عادة شبوا عليها، ويجدون فيها متعة بل هى الوحيدة التى لهم إذ ليس لديهم أنشطة ثقافية أو فنية أو أدبية.


    وهنا يأتى القرآن بالحل:


    { أخرج الإمام أحمد مسلم والترمذى والنسائى وابن ماجة وغيرهم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها فى البيوت. فسئل رسول الله عن ذلك ...


    فأنزل الله الآية :{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [ البقرة 222].


    فقال رسول الله ـ ص ـ { جامعوهن فى البيوت واصنعوا كل شئ إلا النكاح } [ ( روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى ) المعروف بـ ( تفسير الألوسى ) لأبى الفضل شهاب الدين محمود الأوسى، تحقيق محمود الشرقاوى الجزء الثانى ـ ص 181ـ 1415هـ / 1994م ـ كتاب الشعب الدينى ـ دار الشعب بمصر ].

    والحديث أورده أربعة من أصحاب الصحاح الستة، بالإضافة إلى أحمد بن حنبل مما يقطع بصحته.



    وأتى به عبدالله شحاته فى تفسيره برواية أنس بن مالك أيضًا نقلاً عن مسلم وأحمد أبى داود وأضاف : غيرهم. [ تفسير القرآن الكريم: لعبدالله شحاته ج/2 ـ ص353 ].


    ومما يثبت وجهة نظرنا أن سؤال التبع انصب على مقطع محدد وهو معرفة الاقتراب من المَرَة ولا تهم المؤاكلة والمشاربة أن الآية الكريمة خلت مما يخص غيره ( = الاقتراب ) وما بيّنه الهادى من إباحة كل شئ إلا الجماع ولعل مما يوثقها ما حمله تفسير الأوسى عند تناوله لآية { فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ }

    وإن اختاره الإمام وقال: إن المعنى اعتزلوا مواضع المحيض. [ المصدر ذاته ص 183].


    *******


    فى التفسير الوسيط:


    جاء أن سبب النزول هو ما ورد بالحديث الذى نسخه الألوسى وبذات الإسناد: مسلم واحمد أبو داود.


    بهن ( المقصود باعتزالهم فى المحيض هو تجنب الاتصال الجنسى. [ التفسير الوسيط للقرآن الكريم: تأليف لجنة من العلماء : إشراف مجمع البحوث الإسلامية الجزء الرابع ص 363 وما بعدها ت الطبعة الأولى 1393هـ/1973م من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية ـ الأزهر مصر ].


    ونضع تحت باصرة القارئ اللوذعى الفطن عبارة ( واللمس نحو ذلك ) وهى حجة تنضم إلى ما سبقها على صحة ما إرتأيناه.


    وإن المرء يتولاه العجب من أولئك العربان الذين لا يتوفقون عن إشباع غريزتهم حتى ولو أن الزوجة غريقة فى طوفان دماء الحيض لا يعتقونها. [ الواحدى فى ( أسباب النزول ) ص 46. السيوطى فى ( لباب النقول ) ص 30 ].




    *******


    ساعتئذ حلّت هذه الآية الكريمة التى نفحها الحق المحكم لـ " فضل الله" ـ المشكلة التى أصابت الصحبة بالسهد وضربهم بالأرق وألزمهم السهر، ولا شك أنهم بعد سماعهم إياها منه تنفسوا الصعداء وعادوا إلى زوجاتهم البائسات يصنعون معهن كل شئ إلا النكاح وما اكرم المعصوم كيف صبر على كل هذه الخُشالات التى لايكاد يمضى يوم إلا ويصدمونه بها سواء فى جلهم أو ترحالهم. ولاشك لانه لم يكف عن حمد الله على أن الذكر الحكيم يلازمه كظله فى عَدَنه وظعنه وانه انبثق نجومًا ليواكب تعاريج واقعه.
                  

07-01-2005, 08:17 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال (Re: Sabri Elshareef)

    00000000000000000000000000000
                  

07-02-2005, 03:21 AM

أحمد الشايقي
<aأحمد الشايقي
تاريخ التسجيل: 08-08-2004
مجموع المشاركات: 14611

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال (Re: Sabri Elshareef)

    الأخ صبري الشريف

    لمــن المقــــال؟
                  

07-02-2005, 06:19 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال (Re: Sabri Elshareef)

    اخي احمد الشايقي

    هو للكاتب الازهري المحامي خليل عبد الكريم

    شكرا علي المرور
                  

07-03-2005, 08:57 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النبي ينهي الصحابة عن كثرت السؤال (Re: Sabri Elshareef)

    ......00.


    .0.000000
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de