الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله الخبر: نظّم طلاب وطالبات الجزيرة والمناقل بالجامعات السودانية مظاهرة سلمية امام البرلمان السودانى احتجاجا على قانون مشروع الجزيرة الجديد (القديم) الذى من المفترض ان يبت فيه البرلمان اليوم وسلمّوا مذكرة للبرلمان تطالب بعدم اجازة القانون. والقانون الجديد يخّول للدولة تمليك اراضى المشروع للمزارعين ولكنه فى نفس الوقت يخّول لها نزع الاراضى لصالح الدولة فى حال عدم قدرة المزارع فلاحة الارض أو عدم قدرته تسديد ما عليه من ديون لصالح الدوله. التعليق: كانت حواشات مشروع الجزيرة ولا زالت مؤجرة من الدولة للمزارعين وليست ملكا لهم منذ تأسيس المشروع فى العام 1925 وكانت القوانين واللوائح التى تنظم العلاقة والشراكة بين المشروع (الدولة) والمزارع قد وضعها الانجليز واستمرت بعد الانجليز حتى صدر قانون الحساب الفردى فى أوائل الثمانينات ثم جاءت بعد ذلك كثير من القوانين المجحفة فى حق المزارع.
لعل معظمكم يعرف الدور الاقتصادى الهام الذى "كان" يلعبه مشروع الجزيرة فى الأقتصاد الوطنى ، حيث كانت صادرات السودان من القطن تكاد تمثل المصدر الوحيد للعملات الصعبة اللازمة لاستيراد البترول منذ ثلاثينيات القرن الماضى حتى قريبا واستمر المشروع فى توفير محصول القمح والذرة والفول السودانى رغم السياسات الحكومية الخرقاء التى كانت تهدف لتقليص ذلك الدور الهام للمشروع حتى تم تقليص المساحات المزروعة قمحا منذ منتصف الثمانينيات ثم تقليص المساحات المزروعة قطنا ثم تقليص مساحة الحواشة من خمسة أفدنة الى أربعة ثم انحسار المساحات المزروعة فولا وذرة بسبب التمويل حيث رفعت الحكومة يدها تماما من تمويل زراعة أى محصول وظل دورها محصورا فى جباية الضرائب وتحصيل رسوم المياه والأرض وأصبح المزارع المسكين أمام مشكلة كبيرة فهو لا يستطيع تمويل العمليات الزراعية المختلفة من تكاليف تقاوى ومبيدات وأسمدة وحصاد وحش " تنظيف الحقل من الحشائش" لأنه لا يملك شئ ومعظم المزارعين يكابدون لكسب قوت يومهم فكيف يستطيعون تمويل تلك العمليات الزراعية التى كانت تمولها الدولة فى السابق ورغم ان الدولة كانت " تخلص حقها" بالضعف وتطلعها للمزراع " كسور وبواقى" أقول رغم ذلك كله فالمزارع كان راضى لأنه مضطر ووقع عليه قول " رضينا بالهم والهم ما راضى بينا" لأن الحكومة أوقفت التمويل ( تمويل الاسمدة و المبيدات وسلفيات الزراعة و الحصاد وغير ذلك) وظل المزارعون يعتمدون على خيارات أخرى منها نظام" الشيل" و كذلك أبناءهم المغتربين . ونظام الشيل ببساطة يعنى أن المزارع المحتاج يذهب للتاجر الجشع لكى يستلف منه على أن ينتظر التاجر الحصاد ويخلص حقه محصولا سوى أن كان فولا ، ذرة أو قمحا . وأقول التاجر الجشع لأن معظم التجار يستغلون حاجة المزاع اللحظية ويحددون له أسعارا متدنية للغاية لمحصوله ، فمثلا اذا كان سعر جوال الذرة فى تلك الفترة 6 الاف جنيه يحددون له سعر 4 الف والنتيجة ان معظم المحصول يذهب لبيت التاجر مباشرة من الحواشة وكنت أرى بام عينى التجار بلواريهم يوم الحصاد ينتظرون نهاية الحصاد ، حتى اذا انتهى الحصاد أخذو محصولهم والتاجر ينظر ولا يتكلم وترتسم على وجهه علامات البؤس والحرمان فاذا كان الانتاج ثلاثون جوالا مثلا ربما يناله منها ثلاث أو اربع وأحيانا لاشئ وأحيانا أخرى يكون مطلوبا اذا كان الانتاج متدنيا. ومن جهة أخرى بات الاعتماد على الأبناء المغتربين عبئا ثقيلا عليهم فى ظل تدنى عايداتهم ومرتباتهم وكل الظروف التى يمرون بها فى الغربة. وكنت أقول لوالدى عندما يطلب منى مبلغا كبيرا من المال ، كنت اقول له لماذا تريد كل هذا المبلغ وكان يقول لى " للحواشة" وكنت أقول له يعنى نحنا نرسل ليكم المصاريف ولا نرسل مصاريف للحواشة ، فالحواشة اصبحت تاكل اكتر مما تاّكل- بكسر الكاف . ومن جانب اخر ظل الخلاف قائما فى مشروع الجزيرة بين مسؤولى وزارة الرى من جهة ومسئولى المشروع من جهة اخرى واصبح الموضوع بينهما مجرد مكايدات على حساب المزارع حتى انقطعت المياه عن كثير من التفاتيش وفى أوقات هامة جدا فيما ظلت المياه " مكسرة" فى مناطق كثيرة دون ان يتدخل المسئولين ، حيث كان كل طرف يرى أن المسئولية لا تخصه . وللذين لا يعرفون مشروع الجزيرة فعبارة "مكسرة" تعنى ان المياه المخصصة للزراعة والتى تأتى عن طريق الترع ثم ابعشارين ثم ابستات ثم الجداول ثم تدخل الى " الحواشة" عن طريق السرابات – تلك المياه قد تتسرب من أبعشارين الى خارج الحواشات بسبب كثرتها فى أوقات محددة وعدم مراقبتها ثم عدم الحاجة لها فى أحيان كثيرة داخل الحواشات وخصوصا فى موسم الخريف حيث كان المزارع عادة لا يحتاج الى مياه كثيرة وكان المزارعون يؤمّنون حواشاتهم من المياه فى الوقت الذى تأتى فيه المياه مندفعة دون رقيب والنتيجة تدفقها الى الخارج والتسبب فى قطع طرق الموصلات بين القرى واحيانا لشهور عديدة.
ان السبب فى انهيار مشروع الجزيرة هى سياسات الدولة وليس المزارع المسكين. الدولة الان وفى ظل المشروع الجديد (القديم) هذا تقول للمزارع انت امام خيارين اما ان تنفق من جيبك لفلاحة الارض وتقوم بتسديد ما عليك من رسوم مياه وارض وفى هذه الحالة فالحواشة ملك لك ما دمت على هذا الحال وما دمت مزارع نشط أو ان تنزع الدولة الملكية تماما فى حال عجزك عن زراعة الارض او فى حالة عدم تسديد ما عليك من متاخرات للدولة. تنزع الدولة الحواشة من المزارع لاعطائها للشركات الخاصة القادرة على الفلاحة ....وماهى النتيجة ؟ النتيجة هى الخيار الثانى حيث سينتهى مشروع الجزيرة بعد عدة سنوات مملوكا لشركاتهم التى كونوها لها الغرض لأنهم يعرفون تماما ان معظم المزارعين مديونين للدولة او غير قادرين على زراعتها . وكان المزارع فى السابق عندما لا يستطيع زراعة حواشته يقوم بتأجيرها لمن يستطيع الزراعة أو فى بعض الاحيان مشاركة الحواشة وذلك بأن يعطيها لبعض الوافدين من مناطق أخرى لزراعتها شراكة . ان مسألة تمليك الارض للمزارع فى حال زراعته لها وتسديد ديونه للدولة لا تعنى شئ البتة لأن الارض كانت فعلا ملكا للمزارع منذ ثمانين عاما لا يزرعها غيره ومعظم المزارعين كانو ولا زالو يظنون ان الارض فعلا ملكا لهم و غير قادرين استيعاب عبارة ان الارض لم تكن ملكا وانما كانت عقد ايجار طويل الامد وغير محدد بوقت معين. ان القاون الجديد يعنى فعليا نزع للاراضى من المزارعين وتمليكها لافراد وشركات خاصة تابعة لهم. سأعود مرة أخرى لتعديد الاسباب التى أدت لانهيار المشروع بعد تسلم الجبهة الاسلامية الحكم فى السودان وتعاقب مديرين تابعين للجبهة على ادارة مشروع الجزيرة خلال ال15 سنة الماضية.
(عدل بواسطة Mamoun Zain on 06-26-2005, 09:10 PM) (عدل بواسطة Mamoun Zain on 06-27-2005, 10:28 AM)
العنوان
الكاتب
Date
قانون مشروع الجزيرة الجديد (القديم) - نزع للأراضى وليس تمليك لها !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة