جـون قـرنق في محاضـرة بواشـنطن دي سي:مـاذا ربـح جنــوب الســودان مـن اتفاقــية نيفـاشـا؟؟؟

Quote: أسسها عبد الرحمن مختار في 1961م العدد رقم: 4333 2005-06-26 الدكتور جون قرنق في آخر محاضرة عامة له في واشنطون قبل تكوين حكومة الوحدة الوطنية لن يستطيع أحد أقصاء الحركة الشعبية لأنها من أقوي الكيانات السياسية في البلاد واشنطون: خالد موسي دفع الله بعث لنا مراسلنا بالعاصمة الاميركية واشنطن الاستاذ خالد موسى برصد شامل للمحاضرة التي ألقاها الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية على جمع من المهتمين بالشأن السوداني والتي تعد الاخيرة له قبل تقلده رسميا منصب النائب الاول في التاسع من يوليو القادم. ولما احتوته هذه المحاضرة من ملامح رئيسية وسمات عامة لسياسات وتوجهات حكومة الفترة الانتقالية ننشرها تعميما للفائدة باعتبارها احدى وثائق الحكم للفترة القادمة. حظيت آخر محاضرة عامة قدمها الدكتور جون قرنق في واشنطون قبل تكوين حكومة الوحدة الوطنية في التاسع من يوليو القادم أنفاذا لأتفاق السلام بتجاهل تام من قبل المهتمين بالشأن السوداني الذين درجوا علي نقل أحاديثه السابقة بتوسع وشرح مستفيض عندما كان يحمل لواء المعارضة ويبشر بالأنتفاضة المسلحة. أبرزت المحاضرة خطابا سياسيا متزنا أتسم بالواقعية وأحتفي بالسلام وأكتسي بمفردات التصالح ونبذ الحرب وتضميد الجراحات حيث خاطب طبيعة المرحلة وتحدياتها والتطلعات المرتجاة من أنفاذ أتفاق السلام. أكدت المداخلات والتعليقات أن النخبة المثقفة والجمهرة الناشطة مازالت تغتبق من صدي الخطاب الصدامي القديم الذي يغذي المرارت ويشحذ العواطف ويكرس التحفز للمواجهات والأقتلاعات المتبادلة. أكدت نبرات ومفردات زعيم الحركة أن ترمومتر الثقة بين الشمال والجنوب آخذ في التصاعد إذ خلا خطابه من مفردات الشك والتقريع التي صبغت ندوته الأخيرة مطلع هذا العام. وكما نجح الدكتور جون قرنق من قبل في تعبئة الحشود بالخطاب العاطفي الملتهب فأنه يثبت الآن قدرة أستثنائية علي مخاطبة تطلعات المرحلة بخطاب واقعي متزن فرضته أستحقاقات السلام رغم عسر سريانه في آذان بعض الحاضرين. أستضافت الجامعة الأمريكية بواشنطون مساء يوم الأحد الخامس من يونيو الجاري الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان في محاضرة عن عملية السلام في السودان. شارك في تنظيم المحاضرة فرعية الحركة بواشنطون الكبري ومنظمة SPADE الطوعية. قال الدكتور لويس قودمان عميد مدرسة الدراسات الدولية بالجامعة في تقديمه للدكتور جون قرنق أن المؤسسات الأكاديمية أسهمت في تعميق ونشر الوعي بقضية جنوب السودان والتنبيه للأنتهاكات التي كانت تمارس ضد شعب الجنوب وأعرب عن سعادته بأن يخاطب زعيم الحركة طلاب الجامعة الأمريكية والمهتمين بالشأن السوداني في آخر زيارة له الي الولايات المتحدة قبل أن يتولي منصب النائب الأول في حكومة الوحدة الوطنية. حكومة جديدة وتوجه جديد أستهل الدكتور جون قرنق محاضرته بالتنبيه الي أنه ليس ذاهبا الي الخرطوم للأنضمام الي حكومة الأنقاذ ولكن لتكوين حكومة جديدة بموجب أتفاق السلام.وقال أنه لا يمكن أن ينضم للحكومة الحالية لأنها تقوم علي قاعدة أسلامية أقصائية ولكن سيشكل مع شركائه في المؤتمر الوطني حكومة تعكس طبيعة التكوين القومي وتعبر عن التنوع الأثني والقبلي والديني في السودان. وقال إن السؤال الأساسي في مفتتح المحاضرة هو لماذا تطاول أمد الحرب ورهن السودان جيلين من أبنائه لرهق الحرب ومعاناتها والأجابة هي أن الحكومات المتعاقبة في الخرطوم شكلت هوية السودان علي أسس أسلامية عربية مما أدي الي تهميش وأقصاء الثقافات الأخري وبالتالي أحتكرت العناصر المنحدرة من هاتين الثقافتين السلطة والثروة وتحولت العناصر المهمشة الي مواطنيين من الدرجة الثانية. وقال إن ذلك الأحتكار يصادم حقائق التاريخ لأن السودان نشأ نتيجة تمازج حضاري وثقافي علي أمتداد العصور وبالتالي يستحيل بناء سودان موحد ومستقر ومتحد علي قاعدة دينية وثقافية واحدة. في عام 1983 أعلنت الحركة الشعبية مشروعها للسودان الجديد حيث أشارت بوضوح الي أن السودان لا يمكن توحيده علي أسس عربية وأسلامية فقط وتجاهل المكونات الأساسية لهذا القطر الفريد. لا غرو وان السودان يتشكل من 500 قبيلة تتحدث 123 لغة وتسود فيها ثلاثة أديان رئيسية. لهذا فأن مشروع السودان الجديد عبارة عن رؤيةVISION وهي أن السودانيين جميعهم شركاء في وطن واحد يتساوون في الحقوق والواجبات دون تفريق باللون أو العرق أو الأعتقاد الديني. وهو كذلك عبارة عن أهداف Objectives ومزيج من التكتيكات والأستراتيجيات . وأستطرد قائلا إن أتفاقية السلام جاءت لتخاطب هذه الحقائق وتحقق تلك الغايات لذا فهي ملك مشاع لكل السودانيين وعليهم أستخدام نصوصها لأنتزاع حقوقهم وبهذا الوصف فأن الأتفاقية ليست ملكا لطرفي الأتفاق ولا يدعيان حق أمتلاكها ولكنها ملك للشعب السوداني قاطبة. مكاسب الجنوب وهناك سؤال يفرض نفسه هو ماذا حقق جنوب السودان من هذه الأتفاقية بعد سنوات متطاولة من الحرب وهل هي ثمن مناسب لكل النضال والتضحيات والدماء التي سكبت من أجل القضية ؟. أ - أكبر أنجاز حققته الأتفاقية لجنوب السودان هو حق تقرير المصير حيث وضع ذلك الحق تحديا للحكومة وللنخبة في الشمال وهي أنها إذا أرادت أن تحافظ علي وحدة السودان لا بد أن تجعلها وحدة جاذبة وذلك بتطبيق الأتفاقية وتأسيس سودان المساواة والعدل وأعطاء الجنوبيين حقوقهم وإلا فأنه بعد ست سنوات سيجد الجنوبيون أن الأنفصال هو الخيار الأمثل إذا شعروا بأنهم مازالوا يرزحون تحت الظلم والتهميش والأحساس بأنهم مواطنيين من الدرجة الثانية. ب - تحديد الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب وذلك لأول مرة في تاريخ السودان. ت - سيمتلك جنوب السودان بموجب أحكام الأتفاق سلطات حقيقية لأول مرة في التاريخ ولن يكون الجنوب تحت رحمة النوايا الطيبة لحكام الشمال. إذ ستدار البلاد علي أساس دولة بنظامين. هذا فضلا عن أن رئيس حكومة الجنوب سيكون هو نائب رئيس الحكومة الأتحادية. ث - وجود جيش مستقل لجنوب السودان بأعتباره ضمانة رادعة ضد الأخلال بالأتفاقية وخيانة عهودها ومواثيقها. وسيعامل جيش الجنوب علي قدم المساواة مع جيش الحكومة. كما سيشكل الطرفان القوات المشتركة التي ستكون النواة للجيش القومي في حالة الوحدة الطوعية مستقبلا. ج - وجود مصادر وموارد مستقلة لجنوب السودان. حيث تتوفر للجنوب أربعة مصادر للتمويل وهي: - 50% من موارد البترول المنتج في الجنوب. - 50% من العوائد غير البترولية. - العائدات الضريبية التي تفرضها حكومة الجنوب. - الدعم الدولي. سيتمتع جنوب السودان في ظل أستقلاله المالي والأقتصادي بنظام بنكي مغاير لما هو سائد في الشمال. قننت الأتفاقية لنظام مصرفي بنافذتين حيث سيسود النظام التقليدي العلماني في الجنوب والنظام المصرفي الأسلامي في الشمال. نصيب الجنوب في الحكومة المركزية سيكون 10 وزراء أتحاديين و11 وزراء دولة. سيتم التوزيع علي أسس قطاعية حتي لا تكرر الأخطاء التي كانت سائدة في الماضي حيث كان يتولي الجنوبيون الوزرات الهامشية مثل وزارة الثروة الحيوانية والطيران وهلمجرا. حسب الأتفاق سيكون للجنوب 3 وزارات سيادية و3 وزارات أقتصادية و4 وزارات خدمية. المناطق المهمشة قال قرنق إن البعض ينتقد الحركة بأنها أهملت ونسيت المناطق المهمشة بعد أن رضيت بنصيب الجنوب. ولكن الحقيقة هي أن الأتفاقية قدمت الكثير أيضا للمناطق الأخري فعلي سبيل المثال سيكون لأهالي منطقة أبيي بالتزامن مع أستفتاء الجنوب حق التصويت أيضا لتحديد خيارهم بالبقاء ضمن حدود الشمال أم الأنضمام للجنوب. أما طبيعة التشريعات التي ستسود خلال الفترة الأنتقالية فستقررها المجالس التشريعية للمناطق الثلاث لاحقا. وأضاف بأنه تم أستثناء الجنوبيين والمسيحيين في الشمال من الأحتكام للشريعة الأسلامية وتنفيذ الحدود الأسلامية عليهم. وقال الدكتور جون قرنق أن الأتفاقية بهذا الشكل ستحدث تغييرا جوهريا major paradigm shift. في البنيات السياسية والأقتصادية والأجتماعية في السودان.وقال أن ملامح هذا التغيير بدأت تلوح في الأفق حيث أنضم للحركة الشعبية حوالي مليون ومئتي ألف عضو جديد في شمال السودان فقط خلال الفترة الماضية. اولويات الفترة الانتقالية قال الدكتور جون قرنق أن أولويات الفترة الأنتقالية تتلخص في الآتي: 1- تضميد جراحات الحرب وبناء الثقة وتناسي المرارات وأجراء المصالحات والتراضي الوطني. وذكر في هذا الصدد قيام مؤتمر بين الحركة والمليشيات المسلحة بالجنوب في القريب العاجل كما نوه بضرورة قيام الحوار الشمالي الشمالي. 2- وضع اللبنات الأساسية للحكم عن طريق تطبيق معايير الحكم الرشيد والشفافية وتحقيق العدالة والمساواة والأهتمام بحقوق الأنسان. وقال في هذا الصدد أن حكومة الجنوب ستراعي تمثيل كل القوميات والقبائل بصورة عادلة في مستويات الحكم وقال أن تلك المعايير ملزمة أيضا للحكومة المركزية وحكومات الشمال الأخري. وقال أن حكومة الجنوب ستهتم بمحاربة الفساد وسد الطرق والمنافذ والممارسات التي تؤدي الي ذلك. وأضاف أن أدارة جنوب السودان خلال الفترة الأنتقالية تعتبر تحديا كبيرا أمام حركة ناشئة خرجت للتو من الغابة إلا أنه أكد عزم وتصميم قيادة الحركة علي تجاوز تلك التحديات كما فعلت من قبل أثناء فترة النضال العسكري. 3- أنشاء البنيات الأساسية المادية مثل أنشاء الطرق والمواصلات والأتصالات وتوفير خدمات المياه والصحة والتعليم والصرف الصحي. وقال في هذا الصدد أن حكومة الجنوب ستهتم بتأهيل خطوط السكة حديد لربط الجنوب بالشمال وشرق أفريقيا خاصة مينائي ممبسا وكيسنجاني في الكونغو لتنشيط التجارة وخفض تكلفة الترحيل. وكذلك أنشاء خزانات للمياه لدعم الزراعة. وقال أن خطتهم لمحاربة الفقر تعتمد علي التنمية الريفية بحيث تستخدم عائدات البترول لتمويل الزراعة وقد صاغت الحركة شعارين لمخاطبة تلك التطلعات وهي: Use Oil Revenues to Fuel Agriculture Take Towns to People not People to Towns وبذلك فلن تكرر حكومة جنوب السودان أخطاء الدول الأفريقية التي أستخدمت عائدات النفط لأشباع النمط الأستهلاكي للنخبة وكذلك تجنب تكديس المدن بالعمالة غير المؤهلة . وفي هذا المجال فأن التنمية تتطلب تأهيل الكادر البشري لأنها لازمة ضرورية للتنمية وفي العام 2015 سيكون التعليم العام في الجنوب مجاني والزامي وستهتم حكومة الجنوب بتنمية المرأة وزيادة دخلها وكذلك بشرائح الشباب وجنوبي الشتات الذين يعيشون في الخارج. وقال أنه قد تداعت الي سمعه شائعات قوية تزعم أن الحركة بدأت في أبتعاث بعض الكوادر للتدريب الخارجي بعد تعيينهم في حكومة الجنوب ولكن الحقيقة أن نصيب الجنوبيين في الحكومة الأقليمية والمركزية يوفر فرص كافية للجميع. وأستعرض في هذا الصدد نصيب الجنوب في المجالين التنفيذي والتشريعي وهي: 135 عضو في البرلمان القومي. 170 عضو في المجالس التشريعية للولايات الشمالية 400 عضو في المجالس التشريعية في الجنوب. 11 وزير أتحادي في الحكومة الأقليمية 20 وزير دولة. 40 وزير في حكومة الجنوب. وقال إن التحدي الحقيقي هو توفير كادر كفء ومؤهل لشغل هذه المناصب التي ستوزع بالعدالة المطلوبة بين مختلف القبائل والقوميات. العلاقات البينية والخارجية في ردوده علي الأسئلة والتعليقات قال الدكتور جون قرنق أنه يتطلع الي علاقات متطورة بين السودان والولايات المتحدة خلال الفترة القادمة سيما وان الولايات المتحدة قد أسهمت أسهاما فاعلا في الوصول الي أتفاق السلام كما شاركت من قبل في تقديم الغوث الأنساني في الجنوب وكذلك تفعل الآن في دارفور.وقال أن السودان يتطلع الي جذب الاستثمارات الامريكية في مجال الزراعة والمياه والتكنلوجيا والبترول. وردا علي سؤال حول العلاقة مع المؤتمر الوطني هل هي تحالف استراتيجي قال ان العلاقة هي علاقة شراكة لتنفيذ الاتفاق لأن كلمة حلف تعني التحالف ضد شئ ما وأن الأتفاقية لا تعادي أو تستهدف أحد بل تنشد توحيد أهل السودان علي جادة طريق السلام. وحول تصريحات الصادق المهدي الأخيرة التي أكد فيها بأنه لن ينضم الي حكومة غير منتخبة قال يمكنه الأنتظار لحين الأنتخابات القادمة بعد ثلاث سنوات . وعن حركات التمرد الخارجية التي تتخذ من السودان مركزا لنشاطها مثل جيش الرب اليوغندي قال إن مسئولية حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب أيضا هي أن تجعل السودان خاليا من حركات التمرد الخارجية. وحول دارفور قال لابد من تحقيق سلام عادل وشامل في كل السودان فلا يعقل أن نحقق سلاما في الجنوب وفي الوقت الذي تشتعل فيه الحرب في أجزاء أخري من السودان. وقال أن مشكلة دارفور لا بد من حلها علي أسس عادلة عن طريق التسوية السياسية الشاملة وأكد علي أنه بدأ أتصالات مكثفة مع حركات المقاومة في دارفور وحثها علي التفاوض مع الحكومة للوصول الي تسوية عادلة وقال سنواصل جهودنا لحل المشكلة بعد تكوين حكومة الوحدة الوطنية. وفي رده علي سؤال عن الأتصالات الخارجية للحكومة الأقليمية قال إن الأتفاقية نصت علي أن يكون للجنوب وزارة للتعاون الأقليمي والدولي تتمتع بصلاحيات عديدة منها أبرام الأتفاقيات مع الكيانات الخارجية. وبالتالي يحق لهذه الوزارة أنشاء مكاتب في الخارج. من ناحية أخري فأن نصيب الجنوب في وزارة الخارجية سيكون بين 20-25% خلال الثلاث سنوات الأولي ومن ثم سترتفع الي 35% بعد ذلك. وتعرض في أجاباته الي ضمانات تنفيذ الأتفاقية والتي لخصها في توفر الأرادة السياسية للطرفين ووجود جيش مستقل للحركة يمثل رادعا ضد نقض الأتفاق وكذلك الضمانات الدولية. وقال إن هذه الضمانات تؤكد أن عدم تطبيق الأتفاق سيكون ثمنه باهظا للطرف الذي يجرؤ علي ذلك. ونبه الدكتور جون قرنق في مداخلاته الجنوبيين الي ضرورة أستثمار مدخراتهم والأنخراط في الأعمال التجارية مشيرا الي أن الأقتصاد سيؤول الي الجلابة والهنود المتمركزون في شرق أفريقيا إذا أكتفي الجنوبيون بالوظائف الحكومية وهجروا العمل الأقتصادي والتجاري. وأكد في ختام محاضرته أنه سيذهب الي الخرطوم ليس للأنضمام الي النظام القائم ولكن لتشكيل حكومة جديدة وفق أسس جديدة تنفيذا لأحكام الأتفاق.بلغت عضويتنا في الشمال 2و1 مليون بعد توقيع الأتفاق