- إذن كيف كنت مع اللغة في بداية المغامرة ، هذا مع ملاحظة أن اللغة في ( وطن خلف القضبان ) كائن متجاوز للمخيال اليومي والمعتاد في كتابة الروائي بمعنى أنها تجاوزت أفق التلقي أو النسق البنائي للرواية السودانية لديك ولدى بعض شباب رواية التسعينيات ؟
- هذا السؤال تصعب الاجابة عليه إلى حد ما. كنت إلى درجة كبيرة أعمل جاهدا على التماهي تماما مع شخصية "رابعة" و"امتدادها" التاريخي الصوفي بالاضافة لمنافحاتها السياسية والاجتماعية راهنا. يخيل لي أنني كتبت على وقع داخلي كان يحرضني على قراءة "رابعة" من الداخل ومحاولة رصد حراكها النفسي لتكون اللغة بـ"وحشيتها" و"احتقانها" بل وحتى بتر العبارات في بعض الأحيان، تشكيلا لعالم رابعة الداخلي. وهي، في هذا العالم الداخلي، بالضرورة متأرجحة ورامية ببصرها تجاه البرزخ الذي يفصل بين عالميها.. التاريخي والحاضر، الصوفي و"التجريبي". وغير بعيد عن هذا أيضا، محاولتي لسبر أغوار ذاكرتها "التشكيلية" بوصفها فنانة. هذا المزج –داخليا على مستوى الشخصية- جعل صوت الراوي - على مستوى اللغة- موازيا لطريقة تفكيرها والتداخل بين الرؤية والمتخيّل لديها والمأمول والواقع. كما هو شأن التداخل بين عالميها أو فلأقل عالمي الرواية. حين الاشتغال على عمل يأخذ هذا الطابع لابد أن تقترب لغة السرد من الشعرية والايقاع في بعض أجزائها، وفي المقابل لابد أن تمس أيضا في بعض أجزائها لغة "المنشورات السياسية" بأسلوبها التقريري وربما "بذاءتها" أحيانا لخدمة البحث الابداعي عن ملامح هذه البطلة. هذا الجيل الذي أشرت إليه ونتاج تراكم التلاقح والتلاقي مع المدارس الحداثية الجديدة في العالم والتقنيات الجديدة في السرد، ونتاج التجربة المختلفة والرغبة في الحفر عميقا و"الكشف الابداعي"، طبعت أعمالهم الروائية بطابع مختلف في كل أدواتهم. ولعل هذا يبدو واضحا في أعمال أمير تاج السر وأبكر آدم إسماعيل ومحسن خالد وربما حتى في القصص القصيرة لأحمد ضحية ورانيا مأمون وستيلا قايتانو. وعلى الرغم من أن التجربة بشكلها العام قد تنزع للخروج عن مألوف السرد السوداني، على أنه بالمستطاع القول إنها تجربة تشق طريقها بمثابرة وقوة وحظيت باهتمام القاريء السوداني والعربي بشكل جيد. هذا الجيل يبشر بتطور كبير وتنوع في الأصوات الروائية.
- لست على اطلاع كاف يؤهلني للحكم وابداء الرأي فيما يتعلق بوصول الرواية السودانية إلى العمق الإفريقي، كما أن حاجز اللغة قد يكون عقبة أمام وصول الرواية المكتوبة باللغة العربية. لكن، من جهة أخرى، أخال أن الروايات والقصص السودانية المكتوبة أو المترجمة إلى الإنكليزية قد وجدت طريقها إلى النخب الإفريقية خصوصا في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه السياسة الإفريقية للمشكلات السودانية ومحاولة فهمها في عمقها الثقافي والاجتماعي. أما رؤيتي للفضاء الإفريقي في الرواية السودانية، فيمكننى القول بأن هناك أعمالا ناضجة كتبت بواسطة كتاب من جنوب السودان. ولعلني مشدود بقوة إلى تجربة الكاتبة الشابة ستيلا قايتانو. كما أن بعض الكتاب من الشمال – السياسي – ونتيجة احتكاكهم بالجنوب والثقافات هناك، أو نظرا للاستقطاب الثقافي الذي خلفته الحرب الطويلة، اشتغلوا على ثيمة الانسان الجنوبي وثقافته وآلامه. إلى حد كبير، استأثر هذا الموضوع بروايتي "الرقص تحت المطر" و"وطن خلف القضبان". ولعل الأولى استحوذت على هذا الموضوع بالكامل. كما أن الروائي أسامة مصطفى على سبيل المثال نشر عملين عن الموضوع ذاته. ويميل جيلي بشكل عام إلى معالجة موضوع الجنوب ابداعيا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هنا إنتهى الجزء المنجز من الحوار فلنقرأ معاً وليتواصل الحوار بمداخلاتكم وللحميم خالد عويس الحب والإحترام ولك الوطن كما نحلم به ولي ما تبقى من غناء
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة