قرضاوي ايه الجاي تقول عليه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 11:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2005, 08:00 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قرضاوي ايه الجاي تقول عليه

    الشيخ يوسف قرضاوي هو النجم الساطع في قناة الجزيرة الفضائية ، وهو صاحب الفكرة في إقامتها ، وهو الأب الروحي لمعظم جماعات الإسلام السياسي ، وهو المرجعية الفقهية العليا لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو المستشار المالي لأكثر من عشرين شركة عملت بنظام المرابحة الإسلامية ونصبت على المسلمين وخربت بيوتهم ، وهو المستشار المقرب من أمير دولة قطر ، لذلك هو نصير حكام دون حكام حسب العائد ، فهو هناك من أنصار المبدأ السني العتيد بعدم عزل الحاكم أو الثورة عليه حتى لو كان جائراً أو فاجراً مادام مسلماً ، و "اطع الأمير ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك" ، وهو هنا من أنصار تحديد مدة الحكم للحاكم والثورة عليه عند الضرورة لأن هنا مكمن الصراع ، لأنه الوطن والكرسي الأعظم في الوطن ، وقرضاوي هو أيضاً من يدخل اليوم مباراة الديمقراطية المفتوحة ، التي حملتها إلينا رياح إنهيار برجي التجارة في نيويورك في 2001 .




    ولماذا لا يدخل قرضاوي المباراة ؟ السؤال ليس له محل لأن الديمقراطية ساحة مفتوحة لكل أبناء الوطن المؤمنين بها حقاً ، لكن السؤال الحقيقي هو لماذا يدخل القرضاوي المباراة ؟

    وهل هو مؤمن بالديمقراطية حقاً ؟

    إن الديمقراطية هدف عظيم ونبيل ومحترم لذاته ، لأنها حققت على الأرض بنظامها الحقوقي الحريات للإنسان مما أفرز تقدماً علميا ورقياً أخلاقياً وطفرة نوعية أنجزت حضارات لم يسبق للتاريخ مجرد تصورها ، في الوقت الذي كنا نحن ندلل على ما أنجز المواطن من علم بأنه قد ختم القرآن ، ومع يقين أن الديمقراطية آتية لا ريب فيها ، خاصة أن الراعي الرسمي للمباراة هو أقوى دولة قادرة في عالمنا ، وعن ثقة مسلم بها في هذه القدرة أمسى الخيال الديمقراطي حقيقة تلوح وتتجسد أمامنا . . ومن ثم قفزت كل فئران السفن الغارقة إلى المركب الجديد تغني نشيد الديمقراطية . . وأصبح الكل فجأة بغض النظر عن تاريخ معظمهم أنصارا غيورين للديمقراطية ، بل أبطالاً لها في الشرق حتى من كانوا يقبضون ثمن السكوت عن قهر الشعوب رواتب شهرية وكوبونات نفطية من أكاسرة العرب الكواسر ، وفي المولد الديمقراطي تحول عتاة الإرهابيين من باقري البطون وقاطعي الأعناق إلى التوبة وتعديل المفاهيم طلباً للمشاركة في المشروع الآتي .

    ورغم أن الديمقراطية ساحة مفتوحة للجميع ، فإن هذا لا يعني أن الجميع يدخلها محترماً هذه المساحة الحرة ، بل إن البعض يدخلها بآليات ومفاهيم لا تعترف بهذه المساحة من الحرية لتقويض هذه الحرية من الداخل وهذا البعض ينتهز الفرص ويهتبلها بتحالفات مشينة بين النقائض تحمل في داخلها بذور الخراب وتدمير المعبد على رأس الجميع من باب تخليص الثأر من الحكومة أو على الأقل إرباكها وهي في مرحلة تحول مأزوم ، وكل المتبارين يحملون ملفات من الأدلة التي تؤكد للراعي الرسمي أن كل التيارات في بلادنا تجتمع عنده وحده ، أو أنه على الأقل الممثل الحقيقي للشعب ، بدليل أنه لو عملنا انتخابات حرة سليمة سيكون هو الفائز ! "هذا ما يقوله كل تيار تقريبا" .

    وفي هذا السباق قدم الإخوان أوراق اعتمادهم في مبادراتهم المعلومة بينما أخذ قرضاوي يؤسس فكرياً وينظر للخط الإخواني الجديد شارحاً مفصلاً ما أغفلته المبادرة الإخوانية أ سقط منها سهواً وكان مثار نقد ، وذلك في برنامجه "الدين والحياة" يوم 6 / 6 / 2004 مدافعاً عن حق الإخوان في إقامة حزب شرعي يدخلون به الانتخابات في المجتمع الديمقارطي الآتي . متسائلاً تساؤلاً مشروعاً هو : "هل لأن الشخص متدين يحرم من حقه في أن يكون له حزب ؟ هذا ضد الديمقراطية لأن الديمقراطية هي أن تتيح فرصاً متكافئة للجميع" . وهو كلام له نعومة الأفعى ومرونتها لا تعرف فيها الرأس من الذيل ، لأن معنى الكلام أن الإخوان فقط من بين الناس هو المتدينون وهو أمر يجافي واقع بلادنا تماماً ، ولأن أحداً لم يزعم يوماً أن المتدين يحرم من العمل السياسي ، لكن هذا شأن وإقامة حزب على أساس ديني في دولة متعددة الأديان شأن آخر ، خاصة أن هذا الحزب يحمل منظومة متكاملة بديلة لمنظومة الدولة المدنية المعروفة ويعلن أنه يسعى إلى إقامتها بكل الوسائل الممكنة ، وهكذا وفي عبارة واحدة خلط قرضاوي أي شيء بأي شيء .. وطرح سؤالاً لا يطرح إلا على عامة البسطاء من الناس ولا يصح أن يصدر عن الداعية الكبير .

    المهم أن قرضاوي يدخل المدخل الديمقراطي من الباب الأمريكي حيث تم تشخيص أسباب العنف والإرهاب للقضاء على أسبابه التي هي فيما يقول "تسلط بعض الناس على الشعوب وسوقها بعصا القهر وإذلال الجماهير" .

    لكن قرضاوي لا يريد أن يأخذ الديمقراطية كما صنعتها ظروف الإنسان وهو يبني لنفسه كرامة على الأرض ، إنما هو يخلطها بلاهوت السماء "وإلا كيف سيكون له ولجماعته دور ؟ وهم في نظر أنفسهم ممثلو السماء؟" فيؤكد عدة مرات : "أنا أقصد ديمقراطية المجتمع المسلم" كما لو كان سكان البلاد مسلمين فقط ، وكما لو كان عهد الذمة مكتوباً على القبطي المصري في ظل الديكتاتورية العربية التي بركت على أنفاسه وأنفاس أشقائه المسلمين بحسبانهم موالي أكثر من ألف وأربعمائة عام ، ومكتوباً علينا أيضاَ أن نظل أهل ذمة وموالي في الزمن المأمول الآتي .

    ويشرح لنا قرضاوي ديمقراطيته الإسلامية وكيف سنمزج المنجز الإنساني بالمنجز الإلهي بقوله : "نأخذ من الديمقراطية آلياتها فيحكم الشعب حكام يختارهم الشعب . . بدون تزوير ونستطيع أن نحاسبهم وتحدد مدة رئيس الجمهورية . . والديمقراطية هي الشورى الملزمة لأن هناك من العلماء من يقول أن الشورى ليست ملزمة" ، ولا تفهم هنا سر قبول قرضاوي وإخوانه للمبدأ الديمقراطي الغربي مع الإصرار على كونه الشورى الإسلامية رغم علمه أن هذا أمر وذاك آخر ، ومادام إخوانهم أهل الحقيقة المطلقة وكل منهم يقدم نفسه حاملاً لمشعلها ، فماذا لا يتفقون أولاً على إلزام الشورى للحاكم كل لا يأتينا ذات يوم قرضاوي آخر ليحكمنا .. فيقول بعدم الإلزام كما قال خلفاء المسلمين من زمن أبي بكر حتى انتهاء الخلافة العثمانية.

    أقول لكم سر الإصرار على هذا الخلط وعلى الشورى الإسلامية وهو ليس سر ، خاصة إن أفصح به لسان قرضاوي في أكثر من زلة لسانية فصيحة أو بالأحرى فضيحة لأن قرضاوي وأحزابه يحتسبون المشيرين "أهل الحل والعقد" هم قرضاوي ورجاله وإخوانهوأن شوراهم اليوم ملزمة للحاكم ، فيقول : "ومن لا يستشير أهل الدين لأهل الحكم بالمشورة الصارمة النافذة أدى إلى الإستبداد بالرأي الذي قض دعائم القوة والخير في حياة المسلمين وجرأ الطغاة لأنهم غير ملزمين بمشورة أحد / المرجع نفسه 122" .

    مع ملاحظة أن قرضاوي بطول حديثه كان يتحدث عن الديمقراطية باعتبارها الحق الحر في اختيار الحاكم ليس إلا . ثم ينزلق قرضاوي إلى درجة صدق غير معهودة في خطابهم المخاتل تقرباً إلى الديمقراطية التي تفترض قيام التشريعات لمصالح البشر بيد البشر بغض النظر عن رأي الدين "أي دين" في هذه التشريعات ، فيقول في اعتراف عظيم الشأن : "إن السوابق التاريخية ليست ملزمة شرعاً وإذا كانت بعض أفعال النبي تدل على الإباحة والمشروعية ، فإنها لا تدل على الوجوب ، لذلك الخلفاء الراشدون خالفوا الرسول . . فالرسول فعل ما هو أصلح في زمن ، وعمر فعل ما هو الأصلح في زمنه . . ونحن نفعل الآن ما هو الأصلح لزماننا" .

    الله أكبر

    ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً !!

    وهذا الزهوق الذي زهق كان هو إصرارهم على القدسية الكاملة التامة لفعال الصحابة والتابعين ، وطرائقهم في العيش سياسة أو اقتصادا أو مجتمعاً ، بل يقدم هنا قرضاوي تنازلاً مبهراً حقاً عندما يتنازل عن قدسية أفعال النبي وضرورة ديمومتها كسنة ملحقة بالقرآن بالضرورة ، وهو ما يعني التنازل عن قدسية القرارات لأن الأفعال لا تتم إلا بعد اتخاذ القرار بالفعل ، وهو اعتراف وتنازل عظيم تترتب عليه نتائج أعظم . وما قدمه قرضاوي هنا من تنازل هو ما ظل صاحب هذا القلم ينبري له بالدليل الشرعي والقرائن الفقهية وبالقياس على فعال الصحابة والنبي ولحسابات مصالحنا اليوم ، عبر صفخات هذه المجلة منذ عام 1998 وحتى الآن ، فكفره سادتنا المشايخ ولعنه أدعياء التقوى من أصحاب المصالح على حساب مستقبل المسلمين . لكنهم أدركوا فجأة قيمة ما طرحه خلال السنوات السوالف فقاموا يؤكدون ما قال كمبدأ مشروع في دين الإسلام ، بعد أن حل المارينز بيننا ورأينا مجدهم مجداً ،وكان قولي بوجوب التغير بتغير المصالح والأزمان والظروف تهمة ضمن عدد من التهم بإنكار معلوم من الدين بالضرورة ووقفت بسببها في قفص الإتهام بطلب من سادتنا المشايخ ، ثم تبين لهم اليوم أنه ليس معلوماً من الدين بالضرورة . وسابقاً أفتوا بقتل فرج فودة فقتله الإرهابيون بفتوى وآيات ، وبعد أن قتلوه ومزقوا الوطن ترويعاً وتقتيلا اكتشفوا خطأهم بفتوى وآيات وأصدروا سلسلة كتب ومراجعة المفاهيم .

    ولهذا لا يبدو لي ما يقول قرضاوي هنا سوى لون من "التقية" الإسلامية الشهيرة ، وهي أن يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب . وحتى لا أبدو هنا متجنياً على فضيلته سأطلعكم معي على الثعلب وهو يروغ . عندما أتصل مشاهد لبرنامج القرضاوي معترضا على اعتراف قرضاوي بالديمقراطية ، لأن في الديمقراطية "للمخلوق أن يغير من أحكام الله إذا اقتضت الضرورة ذلك ، وبتقدير المصلحة يجعلون رأي المخلوق أظهر من حكم الخالق" .

    السؤال شديد الحرج لمولانا ، فهو شيخ إخوانجي معمم محترف معروف ، وأمام خيارين احلاهما مر، هنا بدأ الخطاب القرضاوي يكشف عن زيف كل ما قال من هنيهات وأنها كانت حلاوة من طرف اللسان ليس إلا ، لكسب المباراة على الطرفين ، طرف الديمقراطية لسادة العالم ، وطرف الإسلام لجماهير بلادنا ، فقال فضيلته : "إن الديمقراطية التي أدعو إليها هي ديمقراطية المجتمع المسلم ، وله ثوابت لا يتعداها ، وخطوط حمراء لا يمكن أن يتجاوزها وثوابت لا تدخل التصويت ولا يدخلها التصويت . . ولا يدخلها النقاش" . لله درك يا ديمقراطية ! لأنك مبدأ عظيم نزيه ، صدرك فسيح والحريات قي قيمك هي الأقدس ، يتم انتهازك عن غير إيمان ، ولم أزل أذكر خطيب المسلمين اللاجئين إلى هناك ، يسكنون ويعالجون ويطعمون يمنح شهرية وتتم حمايتهم واخترامهم بأوقات محددة في القنوات التليفزيونية يبثون فيها ثقافتهم ومطالبهم ، يطالبهم خطيب المسجد أسكت الله له حساً بألا ينسوا أنهم في ديار حرب ، وأن الله قد سلط على هذه البلاد عقولها فاخترعت الديمقراطية التي سلطها الله عليها بدورهم لصالح المسلمين الذين سيبلغون عام ألفين وعشرين 51% من السكان بحسب نسبة التزايد العددي الحالية ، حينئذ ستستغلون الديمقراطية ليأخذوا هولندا بأرضها وناسها ليحكموها بالإسلام . ويا خرابك يا أمستردام .

    ومثل الخطيب العربي الهولندي ينسج قرضاوي نسجه فيذكرنا "أن الديمقراطية تعطي فرصاً متكافئة للجميع" ، وأننا سنأخذ "بعض" آلياتها "كي يحكم الشعب بدون تزوير" . الموضوع هو الحكم بعد ذلك "ما كان حكماً لله ثابتاً قاطعاً لا يجوز للديمقراطية ولا غيرها أن تغيره ما دمنا مجتمعاً مسلماً . . وبقية الأشياء أحكام أجتهادية ، يعني نصالح فلاناً أم نحاربه ؟ نزيد الضرائب أم لا ؟ والاحتكام في النهاية إلى تصويت الأغلبية" .

    وهكذا لا يبقى من الديمقراطية سوى هل نصالح أم نحارب ؟ وهل نزيد الضرائب أو لا ؟ لأن المعنى هو حكم تلدين التام الشامل ، لأن فقهاءنا – سامحهم الله – لم يتركوا شيئاً في حياة الإنسان المسلم إلا وانحشروا فيه وأدخلوه مدخل الإسلام ، حتى أصبحت رؤاهم في الإسلام وأحكامه تبدأ من النهوض في الصباح مع السواك وتنتهي بدعاء النكاح في المساء .، ولا تصبح الديمقراطية هنا مطلباً لذاتها بقدر ما ستختار حكم الدين ولن تحتار الديمقراطية .

    قرضاوي وإخوانه مطمئنون لنتائج الصندوق سلفاً ويراهنون عليه إذا اتحيت فرص متكافئة للجميع بفعل ديمقراطي ليس فيه من الديمقراطية سوى الصندوق الذي يختزل الديمقراطية في قيمة رثة اعتماداً على ثلاثة أمور :

    الأول : التدين الذي يشتهر به الشرق وبخاصة المصريون ، والذي يمكن استثماره دوماً دون اعتراض الناس .

    الثاني : هو سيادة رأي بذاته في الدين على بقية الآراء منذ فجر الخلافة فبقى وحده في ساحة الفعل ، فطبع الإسلام بوجهة نظره وقدم تاريخ المسلمين من وجهة نظره ، ووضع أصول التعبد ذاتها من وجهة نظره ، وفسر القرآن من وجهة نظره ، واتخذ موقفه من الحديث وقدسه وقدس البشر من الصحابة ، وما كانت وجهة النظر تلك سوى لمصالح التحالف الفقيه والسلطان لترويض المسلم على أمور هي لمصالح الفقيه والسلطان وضد مصالح المواطن ، حتى أصبحت وجهة نظرهم من قواعد الدين وأولوياته ولم تكن كذلك أبداً ، كالاعتقاد في عقيدة الكراهية الدموية "الولاء والبراء" ، والاعتقاد بقتال غير المسلمين وقتلهم في "عقيدة الجهاد" ، والاعتقاد بشيء اسمه حد الردة ، والاعتقاد بصرامة أحكام انتهى زمانها وانتهت معه كأحكام فقه الرق ، والمرأة .. مثلاً .

    الثالث : الاعتماد على ظرف تاريخي قريب تم فيه غسل عقول الناس وإضافة مزيد من قيم الكراهية والموت للإسلام عبر نافذة ابن عبد الوهاب التي حمل ريحها الإخوان والعائدون من الخليج ، إضافة إلى الأزمات التي عانى منها الوطن ودفعت بالحاكم إلى الإستغاثة بالدين للتبرير واكتساب المشروعية خاصة في حال الصراع مع تيارات وطنية ليبرالية أو يسارية ، ومع وجود آلة الإعلام الباهرة "التلفاز" في كل بيت أصبحت عملية غسل العقل المصري مهمة أكثر يسراً ونجاعة ، مما تحول المجتمع كله نحو إسلام مظهري السلوك قاسي المخبر كاره عنيف لا يطرق القلب ولا الروح ، إضافة إلى النشاط الموازي الكثيف الذي قامت به الجماعات والجمعيات الدينية داخل الوطن لمزيد من التعبئة والحشد .

    ويعتمد إخواننا على انتشار هذه الثقافة في الوعي الجماهيري ، ويصبح كل من ارتدى اليونيفورم وأطلق اللحية وتحدث في الدين مستحقاً للسلطان ، لأنه سيكون الأدرى بشئون العباد عبر معرفته بكلام رب العباد لذلك يريد الإخوان الصندوق وحده ينجحون فيه لمرة واحدة ، وبعدها يكون لكل مقام مقال .

    لكن قرضاوي وهو يعامل الديمقراطية بهذه الانتهازية لأنها تتيح فرصاً متكافئة أو بالأحرى متساوية للجميع ، يعلم يقيناً لا يفصح عنه أن ذلك ليس من العدل في شيء ، وليس من الديمقراطية في شيء ، ولا حتى من أخلاق المؤمن المتدين في شيء ، وليس من الديمقراطية في شيء ، لأن بقية الأطراف من قوى المجتمع السياسية التي تم تهميشها طوال الوقت وحصارها وسد المنافذ عليها بسلاح التكفير الديني والتخوين الوطني لم تجد أبداً فرصتها للوصول إلى الجماهير بعد أن استولى التيار الديني على الإعلام جميعاً ، ومن ثم فإن الفرص المتساوية هنا تفترض إعطاء باقي الفصائل السياسية ثلاثاً وثلاثين سنة سيطرة إعلامية بداية من زمن دولة العلم والإيمان .. ثم عبرها عسل العقول بنصوص جديدة ركزت على المظهر دون المخبر ، وحلت محل كلام الله وأصبحت هي الإسلام والوسيلة إلى فهم كلام الله .

    وربما قنعت تلك الفصائل بالتنازل عن فارق زمني يجب أن يبدأ من يوليو 1952 ، وربما تنازلت عن فارق 1400 سنة ، ساد خلالها خط واحد في فهم الدين مع عدم السماح بأي فهم آخر تحت طائلة التكفير وربما قنعت فقط بخمس سنوات بروح ديمقراطية تسمح لكل الفصائل بالتواجد المتساوي في الإعلام ، لأن الفرص المتساوية يا مولانا لا يمكن أن تكون متساوية إذا بدأ السباق ، وحضرتك وإخوانك تقفون على بعد عشرة أمتار من خط النهاية وتقف بقية الأطراف على بعد كيلو مترات .

    ألا يشعرنا إخواننا الإخوان ومرجعهم القرضاوي وهم يطلبون صندوق اتخابات مجرداً مع علمهم بهذا الواقع أنهم انتهازيون كبار أماثل ، وأنهم أبداً غير صادقي النوايا وأن الديمقراطية عندهم وسيلة لا غاية .

    وفي واحدة من نوبات الحماس التي تأخذ قرضاوي حمل حملة شديدة على حكام العرب وأنظمتهم وديكتاتورية بعضهم المرهبة ، وله في ذلك كل الحق ، لكن الملاحظ أن سيدنا لم يحمل ولا مرة واحدة على ولاة نعمته في الخليج ، وعضد القاعدة فرع العراق وناصرها ضد الأمريكان ، رغم أن عدد جنود الأمريكان بالنسبة لعدد سكان العراق ، قياساً على عددهم في القاعدة الأمريكية بقطر بالنسبة لعدد سكان قطر ، يجعل من وجودهم في العراق نزهة ، ويجعل وجودهم في قطر احتلالاً . ولكن قرضاوي لم يطلب أبداً حمل السلاح ضد أمريكان قطر ، بل يميل دوماً لمدح أمراء البلاد وتقديم التقدير المشيخي لهم ، لكنه يحمل على حكام الوطن لأن موضع الحكم هنا هو موضع النزاع ، ومع الحماس غامر فقارن حال بلادنا بحال الهند وكيف أن ديمقراطيتها "أتت برئيس حكومة من طائفة السيخ وهي طائفة أقلية" ، ولا يلحظ قرضاوي أن ديمقراطية الهند ليس لديها خطوط حمراء ولا هوية دينية ، فلا هي إسلامية ولا هندوسية ولا بوذية ولا سيخية ، وأطن قرضاوي لن يجد رداً ، بل يحتمل أنه سيغضب لو سألناه عن رأيه في وصول مصري وطني مخلص مسيحي الديانة إلى الحكم بالديمقراطية ؟ السؤال نفسه لا محل له مع الديمقراطية القرضاوية الإسلامية .

    ثم ماذا لو قررت كل طائفة دينية أن تضع لديمقراطيتها خطوطاً حمراء : ماذا يبقى من الديمقراطية ؟ وإذا كانت الديمقراطية قيمة عظيمة وراقية أدركها مشايخنا مؤخراً فماذا لا يأخذونها بكليتها ، لتفرز حريات وعلوماً وحضارة وليس فقط كيفية الوصول إلى كرسي السلطة.

    ولكن إن قلنا "الديمقراطية بكليتها" ردوا فزعين : إذن هي العلمانية ؟ ولا تدري مم يفزعون، بينما هم من لوث العلمانية وقدمها للبسطاء على أنها ضد الإسلام وأنها فجور وانحلال، نعم الديمقراطية بأسسها وقيمها هي العلمانية كذلك ، سوى مشايخنا عفا الله عنهم ؟ ولماذا فعلوا ذلك ؟ ولماذا أصبحنا نعادي العلمانية ونستنكرها ؟ حتى قال قرضاوي وعينه على الصندوق معتمداً على الوعي الجماهيري المزيق : "مجتمعاتنا ليست علمانية ، مجتمعنا إسلامي ، والأغلبية الساحقة من مجتمعاتنا تؤمن بالإسلام ، وأنا أتحدى أي شعب من الشعوب الإسلامية نعمل له استفتاء هل يحكم بالإسلام أم بغيره ونرى النتيجة" .

    قرضاوي يقدم العلمانية كنقيض لٌسلام رغم أنه هو نفسه يقول في موضع آخر : "إن العلمانية لا اعتراض لها على الجانب الأخلاقي في الإسلام ، بل لعلها ترحب به وتدعو إليه / كتابه الإسلام والعلمانية 103" بل إن "العلمانية لا تجحد ولا تنكر على الناس أن يؤمنوا بالله ورسوله واليوم الآخر انطلاقاً من مبدأ المسلم به عندها هو تقرير الحرية الدينية لكل إنسان / المرجع نفسه 95" وهي أيضاً "لا ترفض الإسلام باعتباره عبادة وشعائر / نفسه 93" .

    فأين جريمة الديمقراطية الكلية العلمانية في حق الإسلام والاخلاق لتنفير الناس منها كل هذا النفور ؟ يرد قرضاوي الديمقراطي ليعود في مراوغته من حيث أتى قائلاً : "إن العلمانية لا يمكن أن تكون محايدة كما زعم بعض العلمانيين العرب ، فهذا بالنسبة للإسلام مستحيل لأن الإسلام يواجهها بشموله لكل جوانب الحياة الإنسانية .. وهي لا تسلم له بهذا الشمول ، فلا مفر من الصدام بينهما .

    إن النصرانية قد تقبل قسمة الحياة والإنسان إلى شطرين ، شطر لله وشطر لقيصر ، أما الإسلام فيأبى إلا أن يواجه الحياة كلها بأحكامه ووصاياه وأن يصبغها بصبغته .. إن طبيعة الإسلام أن يكون قائداً لا مقوداً وسيداً لا مسوداً يعلو ولا يعلى /نفس الموضع" .

    ولأن الذي سيحكم ليس الإسلام ، بل رجال من بني الإنسان ، ولأن الإخوان يقدمون أنفسهم كنواب الإسلام ولأنه بعدما قال قرضاوي لم يبق من ديمقراطية الإخوان سوى الصندوق ، وبعد الصندوق سيتم صبغ كل شيء في الحياة برؤية بحسبان ذلك أحكام الإسلام ووصاياه .. وبعدها .
                  

العنوان الكاتب Date
قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-05-05, 08:00 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه عبدالقادر الكتيابي06-05-05, 01:13 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-05-05, 03:19 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Mohamed Elbashir06-05-05, 09:22 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-05-05, 09:45 PM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه nadus200006-06-05, 02:04 AM
      Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Yasir Elsharif06-06-05, 04:55 AM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Mohamed Elgadi06-07-05, 03:55 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-06-05, 05:05 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Tragie Mustafa06-06-05, 05:23 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه هميمة06-06-05, 05:26 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-06-05, 05:38 PM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Mohamed osman Deraij06-06-05, 07:31 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-06-05, 08:29 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه هميمة06-07-05, 03:21 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-07-05, 05:55 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه نهال كرار06-07-05, 11:22 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-07-05, 01:30 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-07-05, 04:27 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه نهال كرار06-08-05, 11:18 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Deng06-08-05, 01:40 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-08-05, 03:21 PM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه نهال كرار06-09-05, 06:26 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-08-05, 03:27 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه هشام المجمر06-09-05, 03:18 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-09-05, 10:08 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-09-05, 10:32 AM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه نهال كرار06-09-05, 01:07 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-09-05, 02:59 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-10-05, 12:38 PM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-12-05, 11:10 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Tragie Mustafa06-13-05, 00:38 AM
  Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Sabri Elshareef06-22-05, 07:57 AM
    Re: قرضاوي ايه الجاي تقول عليه Osman M Salih06-22-05, 08:02 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de