رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 03:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-10-2005, 01:37 PM

طيفور
<aطيفور
تاريخ التسجيل: 08-17-2002
مجموع المشاركات: 1666

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح

    يا صديقي الوسيم افتقد كتاباتك...



    Quote:
    تمـثـال تود عـنخ آمون في"مالينوفادولينا"




    (1)

    سحـنته الـنوبـيّة صَـدِ أت ،

    وتداعـت هـيبته الفـرعـونية ،

    قامـته المرهـوبـة ذابت

    مثـل عـجـيـن الشـمع ِ

    وغابـت تحـت غـبار ِ

    الصـيف ِ الـبـلـقـانيّ ،

    وغـاصـت شمس المجـد

    البازخ تحـت رماد ِ الفحم ِ

    الحجـريّ شـتاءاً ( حـتى

    الثعـبان الذهـبيّ تسـّلل

    من فـوق التاج الملكيّ

    وآب كـئيباً وكسـيرَ القـلب ِ

    إلى الأحـراش الأفـريقـية)

    (2)

    هـل جـف رحـيـق الد نيا في

    عـيـنـيه المـوحـيـتـيـن بأشـياء ٍ

    لاحـصـرَ لها ، أم كان يـقـاوم

    أشـباح َ الظلمة ِ و النسيان

    الـقـاتـل حـين تعـذ به أوجـاع

    الوحـدة ِ و الـقـلـق ِ العارم ِ و

    الإهـمال ِ المُـتعـمّـد ِ بـين

    ركام الـرف ِ الخـشـبيّ ؟ .....

    في تلك الـبرهة ِ بدأ الملك

    المنفيّ يـُـشّع فـضولاً لا يُـنـسى،

    وبزاويةٍ من عـينيه الواسعـتـين

    الكابيتين يحاولُ مـَفـهـمة اَلأحداث

    الجارية بذهـن ٍ سـلـفي!

    (3)

    حـين يكون وحـيداً( بالفِـيلاّّ )

    المسكونة بالأرواح ِ المهجـورة ِ،

    يهـبط تود عـنخ آمون ـ ببطء ٍ ـ

    مـن مـكمـنه المـتـرب ِ ، يتجـوّل

    مهـمـوماً ، يـتحـدث للجـدران ِ

    الصَمـّاء ِ، يـبـث أزيـز فـروع

    الأشجارَ العارية من الأوراق ِ

    الشوقَ لوادي النيل وكـثبان ِ

    الصـحـراء ِ، ويغـطس في مـوّال ٍ

    مـشـحـون ٍ باللوعـة ِ و الأشـجـان ِ،

    و يـشـعـل ُ في خاتمةِ التطوا ف ِ

    شـمـوعَ الزيت ِ، ويجـمع للمدفأة

    الباردة بـقـايا الحطب و يـوقـدهـا ،

    ويُـعـدّ طعاماً لا بأس بـه ، وينامُ

    عـلى المـقـعـد ِ( يحـلـمُ بـرياش ِ

    المـخـدع ِ في القـصر ِ الفـرعـونيّ ) !

    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ

    عـثمان محمد صالح



    وأسأل بحرقة هل قتلوا فيك مجد آمون وتحلل الثعبان
    أم ما زال في خاتمة التطواف بعض زيت مشحون باللوعة والأشجان...??



    أرجو عودتك قريبا
                  

06-10-2005, 01:45 PM

معتز تروتسكى
<aمعتز تروتسكى
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 9839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح (Re: طيفور)

    سيرجع قويا
    يوم واحد لم ازعل من عثمان
                  

06-10-2005, 02:09 PM

طيفور
<aطيفور
تاريخ التسجيل: 08-17-2002
مجموع المشاركات: 1666

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح (Re: طيفور)

    Quote:
    خرساء حي العمال
    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    ترتاح ظلال العـصيرة على عـنقـريب متهدل
    الحبال في برندة معروشة بعنبة.
    أرتاح أنا الآخر علىعـنقـريب مجاور سيسطو
    عـلى لحافه لاحقاً طوفان، شابكاً يديّ تحت
    رأسي فـيسوقـني إلى تراب الشارع نداء
    أخرس لايسمعه إلاّ المقـرّبون، مبصراً في
    التوب شروخ تواريخ وأحداث أتـلفـتْ ذاكرتها
    أمنيزيا في زمن سبق خروج الحي العمالي
    إلىالوجود، في تجاعـيد قـبة مهيبة لها سلالم.
    أرتقي السلالم.
    قـطعتُ في مسيرة ثلاثة أيام أحراشاً عـلى
    نهر سيتيت. كان ذلك في العام 1975.
    تابعتُ مجرى النهر متعقـباً رائحة قهـوة .
    عـبرتُ إلى الضفة الأخرى على
    جسر الرائحة التي ظللتني ثم ضللتني
    وهي تغريني بمفارقة المجرى .
    نفـذ زادي و سجائري وإيماني وصبري
    في وهاد مغضوب عليها وعـتامير بلا
    وجيع وبطاح عـنكوليب تشقـق من الحَر
    بإنتظار رحمة مناجل.
    تهتُ أسبوعاً كاملاً أمضيته متوسّداً
    كومة قـش جاف وعـقارب دائخة
    الأذناب وثعابين زاهـدة في إلحاق
    الأذى بالناس والكائنات تحت تأثير
    سطوة قـبة الصوفي المدفـون في
    حلة أم شديدة على طريق اللواري
    والبصّات السفـرية بين حلفا الجديدة
    وعطبرة.
    طششتْ بي شمس ظهيرة فإذا
    بركـبتيّ غاطستين في رغـوة
    مالحة تشق طريقها من البحر
    الأحمر إلى مضارب.
    أخبرني من أخبرني بأن البحر
    فاض من تراكم بضائع سعودية
    مهرّبة وشباك منتحرة وسفـروقات
    تتعقـب سيقان أرانب وعـيون
    ثعالب ولغات محلية تائهة وظلال
    أشجار دوم وأظلاف في أوحال
    وأربطة تكتم أنفاس دلاء وبقايا
    عجوة مغمسّة في زيت سمسم
    و مياسم متـقـدة لرقم بعير أجرب
    وقـِرب يابسة في آبار وعـقـود
    سكسك منـفـرطة ومظالم دهـرية
    وثأرات قـبلية سممّت الهواء وثغاء
    مواشي تتناطح حول كلأ يابس
    وغـبائن مصرورة في بُـقـَج
    محمولة عـلى رواحل وأسلاك
    تلغراف وعجاجة مسلولة تكح
    في عراء وفـناجين قهوة ضُهريّة
    وحَور في عـيون ورمد وبائي
    وشملات و مُخلايات وأشواك
    هجليج مغروسة في أقـدام مناحات
    وقلاّيات وأكياس تمباك وسيقا ن
    خروع و رحلات صيد فاشلة
    وسَـفـّايات مخبولة تلتهم كل ما
    يصادفها بلا تمييز وأحذية أمهرية
    لاجئة ومناجاة لشفـيع الأمة وصلاة
    تتوسّـل كـشف الغـمة وفـلنكات
    غافـلة جرفـتها أمطار وأوتاد
    خيام وأدعـية في مزارات وحول
    قـباب و صديريات و فـلّوكات
    أجهدتها أنشطة التهريب المنظّم
    وأفـقـدها الإبحار بلا توقـف
    الرغـبة في الحياة.
    عـدتُ خائضاً في الرغـوة الآخذة
    في الإنحسار حتى أشرفـتُ على
    وادي الحجر متلفحاً بدمور رهـبة،
    ميمّماً صوب مسقـط رأس جدتي
    ــ المنحدر حرم إدريس في بلاد
    السكّوت.
    نهش ساق بعيري مرفعين فـواصلت
    سيراً على الأقـدام والنيل يتباعـد كلما
    قاربته حتى إختفى تماماً من ذاكرتي
    وأنا أصلي إماماًلأشباح صلاة الجنازة
    على رفات ضالين قـتلتهم في خلاء
    لمعة دينار ليبي.
    عـبرتُ سهولاً جرداء تـفـضي إلى سلسلة
    جبال، تسلقـتُ هاوية سقـط فـيها أحد أفـراد
    عُـصبة اللعب ونجا من الموت المحقـق
    بأعجوبة جعلت منه بطلاً ثابتاً في حكايات
    مابعد الدوام المدرسي و سلكتُ جُسوراً
    خشبية مترجرجة تربط بين جبال، متفادياً
    نوايا كتاحات رملية وعابراً في المرحلة
    الأخيرة عـدداً من الكهوف مسكونة بأنياب
    كواسر و تجاويف مغارات ــ يطلّ منها
    فحيح ظلال شابحة وشرور طافحة من
    عـيون متقـدة و زمجرة وحشية تـفـوح
    من برهات خفـوتهاعـفـونة رميم ــ تشكّـلها
    تلافـيف أغـصان وسحر مغامرة تحولّـت
    إلى روتين وبلبلةٌ في أصابع مرتعدة
    وإضطراباتُ أنفاس وجلة وصمتُ أعالي
    تسبح في خيلاء لاتكترث بالزوار، بالغاً
    ما تعارفـتْ عـُصبتي على نعته بفـرع
    الطيور. قـمة الشجرة الخرساء حيث
    لا هواء ولا سماء ولا أعـشاش ولا طيور.
    نحن أطفال الحي عـَبدة شجرة النيم
    العجوز كـنا الطيور.


    لم تكن لها صداقات بين أشجار الحي. كنا
    لها الأصدقاء.
    تخالط وقارها مسحة كآبة .
    كـتومة للآلام حتى عـندما يشتد عـليها
    هـبوب الزمن.
    يشّع منها حنين لمرقـد الأسلاف في شبه
    جزيرة آسيوية. خرساء وعاقـرْ .


    يتـفاداها العابرون من سوق الحي وعمال
    السكة حديد في غـدوهم ورواحهم . حتى
    إدريس مجنون الحي كان يفـضّل الرمضاء
    على ظلها.
    تساقـطتْ مني أرياشُ لهو و وهـبتُ جناحيّ
    لمولود من مواليد الحي رأيتُ فـيه ملامحي
    وتوسّمتُ فـيه محبة الخير للأشجار عـندما
    تجازوتُ عُـصبتي مرحلة الطفـولة، ساعتها
    إختـفـت الشجرة الخرساء في باطن الأرض.

    أكثر من عـقـدين من الزمان وأنا ألمح
    شجرة النيم العجوز المطمورة في طيات
    كتاب تـزهـر بين الحين والآخر في تربة
    سماء.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    عـثمان محمد صالح
                  

06-10-2005, 02:13 PM

طيفور
<aطيفور
تاريخ التسجيل: 08-17-2002
مجموع المشاركات: 1666

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح (Re: طيفور)

    Quote: حاف في طوفان
    ـــــــــــــــــــــــــــ

    مـزّقَ شرشـفَ الظهيرةِ المُـنسدلةِ على بيوت
    الحي العـمّـالي، في أكثر من موضع ، خنجرُ
    صرخة.
    بدّدتْ حدّةُ الصرخةِ، قـبل26 عاماً، سَـكـينةَ
    ما بعد الغـداءِ عـلى الضفة الغربيةِ للقاش.

    كنتُ أغالب في تلك الأعـوام هـزالاً مزمناً
    وإفـتقاراً ملحوظاً لعتاد الخبرة اللازمة
    في جهاد الحياة غافـياً في طمأنينة بركةِ
    عـرق مما يَسـّر عـلى طوفان الذعـر الذي
    إجتاح الحي جـَرْفَ لحافي في إتجاه بيت كان
    موصداً أمام الـزوّار لسنين طويلة بعد
    رحيل آخر مستأجرين، تـزوره عائلة
    المالك من حين إلى آخر ترمّم الجدران وتحول
    بين الحوش وتغـوّل النباتات الطفـيلية
    وتـزيح قـباب الرمل السادّة خشم الباب
    وتعيد حفـر مجاري الأمطار وتسقي شجرة
    القـريب فـروت المثمرة عـلى مدار
    العام ، ثم فجأةً إستأجرتْ البيت اُسرة
    إستيقـظتُ تحت شجرة القـريب فـروت في
    البيت الغريب ووجدتُ لحافي مسيّجاً بأصداف
    وأعـضان كتر وأراك منتـفخة الأوداج
    بزبدٍ مالحْ وزعانف حيّة لا تكـفّ عـن
    التقافـز وآثار أقـدام مطبوعة بمحبة
    عـلى رمالٍ تتمدّد بلانهاية في حدقة عـين
    وروائح أليفة لأماكن ومزارات لم أشاهـدها
    في حياتي وحبور أسماك زهـريّة الأشكال
    وأخرى بلا أشكال وسلال لوبياء وحبوب
    تبش وكركدي وحجبات ورقـية و صمغ
    هـشاب وهجليج ومحايات أفـسد مفعولها
    الدهـري ماء الطوفان وخرق ملابس حاولت
    وأصدقاء بيعها دون جدوى في حيّ سيغانسكا
    مخالا بصوفـيا ونمليّة مهجورة في محطة الحصيرة
    خلّـف سقـوطي منها في السبعينات ندباً
    غائراً في يدي اليمنى ولوح صخري يسرد
    بلسان مبتور مأساةً أمازيقـية
    بلسان مبتور وغـليان أباريق
    شاي أخضر لبدو ليبيين في طريقهم
    ليلاً من رطوبة البحر الأبيض
    إلى برد فـزّان ومجـوّ ز لحمل الماء في
    الأرياف وقـدور ضخمة مملؤة بعجين يحاكي
    في ليونته العجين المثالي الذي يبيعه
    الفلاتة في سوق غـرب القاش، وصحاف
    من سعـف نخيل نوباتيا عـليها دوم
    أثري رأيته لأول مرة في مطلع التسعينات
    في فـترينة بالمتحف القـومي بالقاهـرة
    وثمار حادقة المذاق وأنفاس مخنوقة في صدر
    بركان خامد في جوف المحيط الهاديء ولوحة
    لعالم مبصر يتفـتق من مغيب كفـيف
    وأقـنعة صينية مرعـبة وزحّافة جليد
    وكرات من شاكلة تلك التي تـزيـّن أشجار
    الميلاد وعـملات معدنية حبشية خرجت من
    دائرة التداول وألجمة رواحل تتعثر في
    أظلافها تحت أثقال ألواح ملح مجلوبة من
    مخلفات بحيرات آيلة للتلاشي هجرها المحيط
    في قـلب الصحراء إلى النيجر وثماثيل
    خشبية لقادة أفـذاذ أشرار أرقـوا
    مضجع القـرن العشرين وأقـمطة مُـدّماة
    لمواليد في بطون توتسيّة مبقـورة بمدى
    قـَتـلة من الهـوتو وعـبارات مستهلكة
    في سوق الغزل الشعبي ومخالب مثـلومة
    لدراكون غارق في موات قـيعان أحاجي
    وأفـراء دباء مكـتئبة صادر حريتهاغجر
    من البلقان وحوّلـوها كسباً للرزق إلى
    راقـصات على أنغام موسيقى شحاذين
    و كوفـية شاعـر كهل قـتل زوجته في ساعة
    غـيرة و جلد زرافـة يتدلى في سهوم من
    مقـدمة قارب تايلاندي يشـق سكون الأفجار
    في بحيرة تماسيح وكومة فحم حجري مطفأ وصلوات
    مُسهـَدة الخواطر ضلت طريقـها إلى عـرش
    الخالق و قـشور بطيخ أسطوريّ الحجم ينبت
    بكثرة في سرابات حكايا تتناسل من شوارب
    رواة وجرجار حكيمات نوبيات في أمسيات
    قـريتي وأحزمة قـصب سكر بسهل البطانة
    تنتظر الترحيل إلى مقـصلة المصنع وجَنبيّة
    يمانيّة وختم فـرعـوني لم يصدأ و بقايا
    شهاب أشقاه البعاد عـن العالمين فـهـوى
    يائساً في جُب وجماجم سُلافـيّات في مقـتبل
    العمر إنتحرن في كهف ٍ بجبل بلغاري بعد
    حملهن سفاحاً نتيجة إغـتصابات تعرّضن لها
    عـلى أيدي جنود عـثمانيين في القـرون
    الوسيطة وطحالب تغطّي بوصلة معطوبة
    وعـمائم من بلاد ما بين النهرين وقـرعة
    مزخرفـة ببواكـير محاولات شخص ٍما في نظم
    الشعر وإناجيل باللغة الأراميّة و رسائل
    و وصا يا طال حبسها في قـوارير تستغيث
    في رغـوةٍ مائجة ووجوه مألوفة من أهالي
    الحيّ وأخرى جديدة، وطيبة غـبار ٍ نقيّ
    السريرة وخالد المعزة ــ برغم شوائب
    لا يؤبه لشأنها ـ للحيّ العمّالي تبيّـنتُ
    فـي سحنته ملامح أهالي الأطراف القـريبة
    لأحياء العرب وبانت والسكة حديد.

    طالعتُ تساؤلاً ملحاحاً في عَكرة النظرات
    التي لم يشـفي غـليلها تـفـسيري لظاهـرة
    الماء المُوحل يقـطر بلا توقـف من أقـطان
    اللحاف. تجاهـلتُ دهـشة المتسائلين من
    جوابي عاجزاً كل العجز عـن حملهم عـلى
    التسليم بحقـيقة دخولي للحوش متمدّداً
    عـلى لحافٍ محمول ٍعـلى ظهر ِ طوفانْ.

    تلفـّتُ متـفـحّصاً فـقـر المكان . تسمّر
    بصري مذهـولاً عـند مرأى حذائي
    الجديد المخصّص للمناسبات والأسفار
    والأعـياد والمحبوس وقـتها في صندوق
    محكم الغلق بالبيت، فجأةً، بإنتظاري
    هـناك ، ناجياً من غـرق مؤكد وهـو
    يتبعني في الطوفان، منكـفـئاً عـلى ذاته،
    عـلى بعد خطوات من اللحاف.

    ثم تبخّر الماء المُوحل فجأةً دون أن
    يخلّـف أثراً فإنصرف الحاضرون
    عـن اللحاف وإنشغلوا بأمر ٍ أهـم.

    أدركتُ مصدرَ الصرخة التي مزقـت
    شرشف الظهيرة في غـيبوبة سـِت
    البيت مُسجّاة عـلى مقـربةٍ من لحافي
    تـفـوح من مقـلتيها رائحة تراب وروث
    أغـنام ونسوة من الحي مهمومات
    يغمرن صمتها بنظرات متوجّسة
    ولمسات مبتهلة و بسملات عـطر
    كولونيا وأدعـية مكـتومة.

    إنعقـد خيطان في ذهـني وأنا ألمحُ
    مكـنسةً عـتيقةً تتوسّـد بلا حراك
    تراباً مختـلطاً بروث أغـنام مُكوّم
    بإهـمال أمام باب الحظيرة المنزوية،
    بلا بهائم وبلا برسيم، في ركن ٍ غـير
    بعيدٍ من موقع الجَـلـَبة المفـزوعة.

    اُخرجتْ الجثة المدفـونة تحت طبقات
    روث يابس. كانت لوليد مجهـول
    الهويّة بكامل هـيئته وعـلى جسده
    الغض بقايا دم الولادة وحبل السُرّة
    لـيّـناً كما لو أن الجثة وُريّتْ بالأمس.

    كانت يد الوليد التي تحرّرت من القـبر
    ، بعد أعـوام من المجاهـدة ، بفـضل
    مكنسةٍ غابت عـن الوعي من هـول
    المفاجأة، متداعـيةً في قـبضةِ يـدٍ
    أنثويةٍ عجزت عـن إغاثة لهفة السعف
    المذعـور، ما تزال مرفـوعةً تـتوسّل
    الإفـصاحْ .

    تم لاحقاً دفـن الوليد. ظلت يده ـ برواية
    المشاركـين في الدفـن ـ نابضةً بالحياة
    مترعة بالقـول مرفـوعةً في تصميم
    يحاكم عـنادُها ـ الذي لم يكسر صلابته
    ولم تـفـتّ في عـضد مقاله الصامت تـُربُ
    القـبر القـديم والجديد معاً ـ فـظاظةَ وغـشامة
    العالم الذي يئد جواهـر روحه في روث
    أغـنام.

    عـدتُ إلى البيت بأفـكارغـبشاء عـوضاً
    عـن اللحاف، عـدتُ يائساً ومرهـقاً كما
    لو أنني جُرفـتُ في الطوفان ألف عام،
    عـدتُ تاركاً اللحاف في مكانه تصليه
    شمس الحوش الغريب.
    عـدتُ إلى البيت بلا لحاف مُصدوماً
    بحقـيقة أن لحافي العزيز ليس لي،
    وأنه لم يكن لي في يوم ٍ من الأيام
    لحاف، أما ذلك المُسيّج بمخلّـفات
    الطوفان فاُكّـدَ لي بأنه مِـلكٌ للأسرة
    الجديدة .
    أخبرتُ أيضاً ـ وشهد على ذلك نفـر
    من الجيران ثقاة ـ بأن اللحاف كان
    مبسوطاً تحت شجرة القـريب فـروت
    قـبل أسبوع من تاريخ إكـتشاف قـبر
    الوليد المجهول.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عـثمان محمد صالح
                  

06-10-2005, 02:16 PM

طيفور
<aطيفور
تاريخ التسجيل: 08-17-2002
مجموع المشاركات: 1666

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح (Re: طيفور)

    Quote: زمزم
    ____
    تـفجّر ماء زمزم من أصابع ِ الطفـل ِ النبيّ
    تـفجّر ماء زمزم في حوار ِ الطفـل ِ والحجر ِ
    الشفـوقْ
    تـفجّر ماء زمزم في مزاح ِ يد ٍمباركةٍ وملكوتْ
    تـفجّر ماء زمزم في إضطرام النار في بطن ِ
    دعاءْ.
    وبسمةٌ شجريةٌ في عـين هاجر جدتي ومليكـتي
    ومظلتي وسِجّـل أشجاني
    وريثُ محبّةٍ في قـلب زمزم بنت هاجر للخلاءْ
    حبورُ الماء ِ يغسل مهجة الطفـل النبيّ يعدّه
    لرسالةٍ في ذلك العتمور ِ
    أنا وليدُ الموج في شطٍ سعيدْ،
    سليلُ النهر ِ ــ ذاك النهر ِــ يرشح من لحاء ِ
    قـصيدةٍ قـدسيّةٍ تعدو مكثـفـة الخواطر في كتابٍ
    عامر ٍ بالشمس ِ والأنواء ِ مُـفـرَدةٌ صحائفُ
    شجنه بين الصفا والمروة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    عثمان محمد صالح
                  

06-10-2005, 05:22 PM

alfazia3
<aalfazia3
تاريخ التسجيل: 02-24-2003
مجموع المشاركات: 202

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة إلى.... صديقي عثمان محمد صالح (Re: طيفور)

    واصل معي القراءة يا طيفور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de