ضمتني جلسة عامرة مع كوكبة من الفنانين التشكليين بينهم الفنان سيف اللعوتة، الفنان المرهف الباقر موسى، و الفنان الرقيق خلف الله عبود و النحات الصديق أحمد العربي، كانت جلسة إمتدت ليومين كانتا من الأيام التي تعدل ألف سنة مما تعدون، إستضافت هذه الجلسة المنقسمة إلى يومين أسرة الأخ طه جعفر الخليفة صاحبة البيت الفسيح بالحوارات المهمومة بكل ما هو سوداني، مدت أيضا الحاجة "سارة عثمان الفكي" والدة العزيزة سامية قسم "زوجتي" و أمتعتنا بالكسرة السودانية و "اللوبيا" و قيضت لنا الغربة مشكورة "زيت السمسم" أكلنا به تلك الوجبة الهنية التي سمعنا على هوامشها موسيقى حافظ عبد الرحمن و هو يجسد أصوات أبراهيم عوض، أحمد الجابري و العاقب محمد حسن الخالدين آبدا فكانت بحق "جريف و لوبيا".
سار الحوار كما كان مخططا له حيث قدم الفنان الرقيق خلف الله عبود لوحات رائعة عن تأريخ حركة الأخوان الجمهوريين و رصد للحضور أيضا حركة الأخوان الجمهوريين التنظيم الجديد و نشاطها و الفكرة التي تربض وراء بروزها إلى السطح. كانت هذه هي ملامح الحوار الأساسية و الذي تمخض عن أشياء رائعة ربما يتم طرحها في هذه المساحة.
الأستاذ خلف الله عبود ذكر قصة وددت أن لا تمر دونما توثيق و سرد و هي ميلاد فكرة أركان النقاش و سردها و هو يقول كأنما حدثت بالأمس الفريب على الرغم أن عمرها يتجاوز الربع قرن من الزمان، فقال إن ميلاد الفكرة يرجع إلى منتصف السبعينات "هو لا يدري أي سنة بالضبط" لكن كانت جلسة الجمعة العادية في منزل الشهيد الأستاذ محمود محمد طه بمدينة المهدية في الثورة الحارة الأولى و كان وقتها قد إشتد التضييق من الأخوان المسلمين و الوهابيين على الأخوان الجمهوريين و نشاطهم في المساجد، فكان المقرئ "جبريل" يقرأ القرآن" و كالعادة ففي ذلك اليوم قرأ "فتول عنهم حتى حين" فقال الأستاذ معلقا لكأنما القرآن يتنزل الآن من جديد و كأنما هذا الخطاب الذي تنطوي عليه الآية موجها للأخوان الجمهوريين بأن يعرضوا عن هذه الجماعات و إلى حين بأن تترك لهم الحركة ساحة المساجد و لكن إلى ساحة أخرى، تلك كانت مقاربة الأستاذ بين النص و سبب نزوله و ظرف الأخوان الجمهوريين ذاك، فتمخض النقاش عن أركان النقاش و كانت في كل تجمعات السودانيين في الجامعات في الأسواق و في مواقف المواصلات في معظم مدن السودان، و لعل من أشهرها كما ذكر الفنان الرقيق خلف الله عبود أركان جامعة الخرطوم و ركن "العرديبة على ما أظن" المقابل للقصر الجمهوري. الأستاذ محمود كانت قدرته على إستلهام المقاربات الدليل على نفاذ بصيرته و إلمامه، فدونك مقاربة وباء الجدري و التصدي لطوفان سبتمبر 1983، و مقاربة الحديث النبوي "...... الذين يحيون سنتي بعد إندثارها" و الذي ضمن في بيان "هذا أو الطوفان" كونه زمان آيات الأصول "السنة" لا آيات الفروع "الشريعة" فهذا لعمري تشكيل و عبقرية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة