|
اذا كانت حضارتهم زائفة كيف نأخذ منها نظمنا ؟
|
وجهه نظر -
لن نكل أو نمل من القول بأن ما يسمى بالحضارة الغربية هي حضارة زائفة .. هي لا تستحق إلا لقب مدنية ولم تكن يوماً حضارة .. حتى القيم فيها قيم مدنية , وليست قيم حضارية ... لأن قيم الحضارة لا تتجزأ , أما قيم المدنية فإنها تتجزأ وتتغير و تتبدل وتتلون , وحتى تتناقض , تبعاً للمصلحة والظرف والمكان ...
ورغم كل ذلك فإن هذه الحضارة إستطاعت أن تبهر أعيننا , وأن تبهر حتى عقولنا , وليس نحن فقط وإنما كثير في هذا العالم إنبهروا كما إنبهرنا ... ووجدنا الكثير ممن يَدَّعون ظلماً أنهم مثقفونا , وجدناهم يحلمون بها و يروجون لها .. ويعتبرونها النظام المثالي الذي يجب أن نسعى إليه .. ليس فقط في تقدمها العلمي بل في كل نظمها السياسية منها والإقتصادية ..
كل هؤلاء ظلموا أنفسهم وظلمونا معهم عندما روجوا لنظم ليست نظمنا , يستوي في ذلك من روج للكل أو روج للجزء .. فالكل من الجزء , ولولا تفاعل الجزء ما كان الكل .. ولو إقتطعنا الجزء من الكل لتشوه الكل و ما نفع الجزء ..
وها هي الأيام تثبت أن كل كلمة قيلت في زيف هذه الحضارة كانت صحيحة .. لأن هذه الحضارة هي قشور ملونة لا أكثر , ولكنها قشور متينة صلبة , صنعتها المدنية المادية , وأما ما تحت القشور فهي أشياء هشة .. وأهش ما فيها هي مبادئها , وليس مادياتها كما كنا نعتقد ..
هذه حضارة قامت على أساس المنفعة , وحضارة هذا أساسها لا يجب بأي حال أن تكون نموذجاً لأحد وخاصة لنا نحن كمسلمين حيث لا يمكن أن تعلو فيه المصلحة على المبدأ ...
لو كانت مبادئهم وقيمهم ونظمهم , هي قيمُ ومبادئُ ونظمُ حقً وعدلً و رحمة .. ما أنتجت لنا كل هذا الظلم الذي نراه بأعيننا .. ما أنتجت لنا كل هذه الحروب ولا كل هذه السرقات لخيرات الغير , ولا رأينا هذا التناقض بين ما يدَّعون أنهم يرعونه من حقوق الإنسان , بينما يدوسون على هذه الحقوق بأرجلهم خارج بلادهم ...
هذه الصور الوحشية من التعذيب التي مارسها الجنود الأمريكان والبريطانيون ضد العزل العراقيين والعراقيات .. هي ليست بالغريبة ولا المفاجئة لمن عرف طبيعة هذه المدنية .. بل إن العكس هو الصحيح , ولو أن أمريكا أو إنجلترا نشرت العدل والخير في ربوع العراق لأندهش من يعرف هؤلاء على حقيقتهم من هكذا نتيجة .. ولأعادوا حساباتهم في حكمهم عليها ...
ونحن إذ نحاول أن نكشف زيف هذه الحضارة , ليس حقداً عليها , ولا حسداً لها , ولا رغبة في تدميرها , وإنما هو الخوف على عقولنا نحن من أن تنجرف وراء هذه الحضارة الزائفة ونعتقد أن تحت هذه القشرة الصلبة مبادئ أو قيم أو نظم عادلة ... بل إنها تخفي تحتها قيم ومبادئ ونظم تقوم على المنفعة .. ولو زالت المنفعة لإنهار كل هذه المبادئ والقيم والنظم ...
|
|
|
|
|
|