|
|
 وزير الشباب الارتري ينضم الى قافلة الهاربين
|
صحيفة الرأي العام
الخميس13مايو2004
وزير الشباب الارتري ينضم الى قافلة الهاربين
بقلم: محمد طه توكل
انضم الى مسلسل هروب مسؤولي الحكومة الارترية وزير الشباب والرياضة محيي الدين شنقب طالبا حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الامريكية بعد عملية اختفاء مفاجئة دامت شهراً كاملاً.
وقد انكشفت سيناريوهات الهروب بعد ان اعلن عن ذلك بنفسه امس. وذكر ان معلومات مؤكدة قد نمت الى علمه تفيد باعتقاله عقب عودته الى اسمرا من قبل المسئولين في اسمرا.
ويعتبر شنقب من الشخصيات المقربة الى الرئيس افورقي ، اضافة الى انه عضو فاعل في المكتب السياسي في الجبهة الشعبية الحاكمة في ارتريا التي تتكون من «18»عضواً وهي اعلى سلطة حاكمة في ارتريا.. وقد اختفى شنقب عقب جولة قام بها الى عدد من الدول الاوربية وكانت استراليا المحطة الاخيرة في جولته وتضاربت المعلومات والاجتهادات حوله بين الهروب والعودة حتى اعلن شنقب نبأ هروبه الى امريكا فيما التزمت الحكومة الارترية الصمت وامتنعت عن الادلاء باي تصريحات النفي او التأكيد وكشف شنقب عن هروبه الى امريكا وهو اول تأكيد لنبأ في تصريحات مقتضبة ادلى بها في واشنطون واتهم حكومة بلاده بممارسة اعتقالات جماعية خاصة الشباب الذين تولي قيادتهم في ارتريا واعلن طلب حق اللجوء السياسي من الولايات المتحدة.
وقال شنقب انه وصل الى قناعة ضمنية تؤكد ان انهيار النظام الحاكم في ارتريا اصبح وشيكا واعترف بتورط حكومة افورقي في حملة اعتقالات واسعة طالت كافة الفئات .ولوح شنقب بكشف كل الملفات والمعلومات عند الضرورة في حالة تزايد الاستفزازات من قبل النظام الذي بدأ يروج اشاعات مغرضة التي بدأت عمليا ضده، واضاف ان الحكومة عادة تتهم كل من يختلف معها، اما بالخيانة او السرقة وهذه الاتهامات اصبحت مألوفة لدى الارتريين.
وقد رفض شنقب الخوض في اي تفصيلات اكثر حول خياراته المستقبلية بعد هروبه مكتفيا بانه سيكتفي بطلب اللجوء السياسي فقط وقال انه لاعتبارات متعددة سيلتزم الصمت حتى يرى رد فعل الحكومة.. وكشف ان الحكومة الارترية اوقفت تصريحات مسؤوليها حول ظاهرة الهروب منذ خروج السفير عبد الله آدم سفيرها السابق بالخرطوم العام الماضي.
ويعد شنقب من ابرز القيادات الشبابية في نظام الجبهة الشعبية الحاكمة حيث تولى عدة مناصب بارزة في قيادة الطلبة والشباب التابع للتنظيم الحاكم.
وكان شنقب قد قطع دراسته الجامعية في كلية الآداب جامعة دمشق قسم اللغة الانجليزية 1986 والتحق بالجبهة الشعبية منذ وقت مبكر وانتظم مع التيار اليساري، اضافة الي كونه ارتبط بالرئيس اسياس افورقي بعلاقات ذات بعد شخصي وان هروبه يعتبر انتكاسة للحكومة الارترية التي راهنت على القيادات الشابة بعد الاستقلال واقصاء الحرس القديم الذين تبنوا خيارات الاصلاح ودخلوا في مصادمات مع اعضاء المكتب السياسي للجبهة الحاكمة التي تسيطر عليها القيادات الشابة.. وان خروج الوزير المدلل الذي قاد قطاع الشباب ما بعد الاستقلال وكان رأس الرمح في سياسة الحكومة الارترية يعتبرها المراقبون انتكاسة حقيقية للجبهة الحاكمة التي رمت بكل ثقلها على جيل الشباب الذي دفع فاتورة صراع السلطة وكان هو الخاسر الاكبر وان هروب شنقب هو ابلغ التعبير عن معاناة الشباب.
وتميز شنقب بهدوء الطبع وتواضع المعاملة وليونة الاسلوب وبسعة الصدر مما اكسبه ود الكثيرين من رفاقه الذين عرفهم.. وكان شنقب من اكثر الوزراء الذين يدافعون عن قناعتهم بشجاعة فذة، وقد عرفته عن كثب وهو من القيادات الشابة التي اوجدت لنفسها مكاناً وسط صقور النظام بل اصبح رقما خطف كل الاضواء وقد تكالبت عليه القيادات التي تسعى دوما لاستحواذ كل السلطة في يدها وترك شنقب بصمات واضحة وقوية وجلية في القطاع الشبابي وحقق نجاحاً في مجاله مما خلق له عداء من قبل الحزب الحاكم والدبلوماسية الارترية وهو الرجل الثالث بعد الرئيس افورقي ووزير الخارجية حيث كان يتصدر وسائط الاعلام الارتري كما جاب شنقب بقاع المعمورة لحشد التأييد والمساندة لبلاده حتى اطلق عليه « الرجل الذي يعيش فوق السحاب» وتضاربت الانباء عن هروب شنقب الذي اذهل الكثير من المتابعين للشأن الاريتري الذين كانوا يعتقدون هروبه شيئاً مستحيلاً ولن يحدث مهما كانت المسببات، ولكن بعد تأكيد هروبه احدث شرخاً عميقاً ذا ابعاد متعددة في جدران النظام الحاكم في اسمرا.
وشنقب الذي عاش في كنف افورقي الذي رشحه في مؤتمر الجبهة الشعبية الثالث 1993 ليكون عضواً في المكتب السياسي فإن قرار هروبه حسب المراقبين اعطى له بعداً آخر لاستمرار شنقب على المسرح السياسي الاريتري ليكون من اهم اوراق اللعبة في معسكر المعارضة الذي بدا ينشط بصورة فاعلة بعد انضمام المنشقين من الجبهة الشعبية الى معسكرهم، وشنقب هو ارفع مسؤول مسلم يهرب من النظام وهو عضو المكتب السياسي فهو منحوت في ذاكرة مجموعة من جيل الشباب الذين عرفوا شنقب عبر وسائل النظام وخلال جولاته حول العالم وبما ان هروب شنقب كان ضربة في المقتل وخلطت كل الاوراق والحسابات حول ما كان يعرف بالمحسوبيات والولاء الاعمى وكسر التصنيفات حول ارتباط فئات ومجموعات معينة وانضمام شنقب الى قافلة المجموعات الهاربة هي بداية متاعب للنظام الذي سقطت عنه اهم الاقنعة واصبحت عوامل سقوط النظام قد اكتملت حلقاتها.
وتتجه الانظار نحو النظام الذي يحتفل بالذكرى الثالثة عشرة لاستقلاله الذي تزايدت المتكهنات والتنبؤات حول مستقبل المتغيرات في اريتريا بعد التطورات في معسكر المعارضة الذي ارتقى الى صراع السلطة وتزايد شد الحبال على عنق النظام الذي يعيش في سكرة الموت وبقى امام المعارضة في الداخل والخارج ان تملأ الفراغ وتتفق على آليات اسقاط النظام والفترة الانتقالية بعد سقوطه ويعتقد المراقبون ان كل عوامل التغيير صارت ممكنة محليا واقليميا ودولياً وبدأت تدخل القوة الالهية ودعوة الصالحين قد يستجاب لها رغم عدم وجود حتى الآن اي تصور متكامل سواء من فئات المعارضة او الجوار الاقليمي حول التعاطي والتعامل مع النظام الحاكم في اسمرا واصبح من المهم ان يحرر الناس انفسهم من حبس الماضي ويستقبلوا الفارين الجدد من جحيم النظام وان يتخلصوا من مدارس الثأر التي جعلتهم خارج كل الخيارات في السنوات الماضية.. ان التاريخ لا يصنع السلطة ولا المال ولكن المال والسلطة يصنعان التاريخ انظر ماذا فعل النظام في اريتريا ما بعد الاستقلال.. اذا اردنا ان نغير الواقع علينا ان ننسى ماذا فعل شنقب، المهم ماذا يريد ان يفعل شنقب وان قرار هروبه يعتبر قرارا شجاعا حيث ركل كل الامتيازات وانحاز الى جانب شعبه مضحيا بكل مغريات السلطة واضوائها والدعوة عامة لمن هم في فلك النظام ان يتداركوا المخاطر المحدقة بعد ان دق ناقوس الخطر ببوادر انهيار النظام وابرز مؤشراته هروب شنقب الى امريكا.
|
|
 
|
|
|
|
ثروت سوار الدهب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست