|
|
 لا تقل لي أنك لا تريد أن تمارسها ، فقط قل كيف تريد أن تمارسها ..
|
السياسة ، كلمة يخشاها البعض ، يخشاها الناس العاديّون ، ويخشاها الممسكين بالسلطة . كثيرون يرون أن الابتعاد عن السياسة يعتبر أحد عوامل الاستقرار والطمأنينة والأمان ،، وبعض الناس يرى أن التفكير السياسي تفكير مزعج ، وأن من الخير الابتعاد عن السياسة لتوفير بيئة حياتية خاصة تتسم بالهدوء والطهي على النار الهادئة ..
يزعجني جدا أن يحدثني أحد الناس أنه لا يحب السياسة ، أو لا يمارسها ،، أعيب عليه ذلك وأشعر أنه يعاني من قصور في التفكير ، ينتج عنه تردد وجبن مخلّين ،،
التفكير السياسي قديم قدم الإنسان ،، منذ زمن بعيد وجد الإنسان نفسه في حاجة إلى تنظيم ، وقوانين ، وضرورة تعايش ،، وإن كان الإنسان يعلم بهذا أو أنه كان جاهلا به ، فهذه هي السياسة نفسها ،، هي الحاجة إلى تنظيم الحياة ، ووضع أسس التعايش ،، وهذه الأسس إما أن تضعها بنفسك منفردا ، وإما أن تكون مشاركا في وضعها ، وإما أن يضعها لك الآخرون ،، وأن تنفرد بوضعها فهذا يستدعي قمع الآخرين ، ولقمعهم لابد من توفر القوة ، وأن تكون مشاركا فهذا يقتضي أن تتعرف على حقوقك وتؤمن بها وتسعى لها وهذا يعني انغماسك في السياسة كعمل يومي ،، أما أن تنتظر الآخرين ليضعوا لك أسس تنظيم حياتك دون أي إسهام منك ، فهذا قصور ما بعده قصور ،،
لو عدنا إلى الفلسفات القديمة لوجدنا أنها كانت تتحدث عن شكل للدولة ، وعن مدينة فاضلة ، وعن قيادة ملهمة أو حكيمة ، وكانت تعلم الناس أن لهم حقوق وعليهم واجبات ،، أيضا الأديان رسمت شكلا كونيا للدولة ، وجعلت للآلهة السيطرة على حركات الكون ، وجعلت الإنسان يسعى إلى محاولة تقليد هذه الدولة ، كما أن الأديان تطرقت لوضع أسس تنظيم الحياة ، وبعضها رسم القوانين ، وبعض آخر ترك المسألة لتدار عبر ميكانيزم الأخلاق ، وبالتالي فهي وضعت المسألة في يد البشر ،، إذن الدين نفسه يعتبر عنصرا هاما يحرك في الإنسان الغريزة السياسية ،، والأديان أيضا أتت باكرا ، وقد سبقت بعض الفلسفات الإنسانية ..
وبما أن الإنسان في هذه الحياة يعيش ضمن مجتمع تزيد درجات تشابكه كل يوم ، فإن عليه أن يستمتع بما يتيحه المجتمع من سعادة ، وأن يكتوي بما يفرزه المجتمع من تعاسة ،، لكن السؤال يبقى :
هل هذه السعادة المتاحة لك وهذا الشقاء المكتوب عليك يمثلان حدود حقوقك وواجباتك ، أم أن هناك قصورا هنا وضغط إضافي هناك ؟
طرحك لهذا السؤال يمثل ممارسة للسياسة ،، وسعيك وراء الإجابة هو انغماس في الممارسة السياسية ،، وتخطيك لمرحلة إجابة السؤال تجاه تغيير الواقع يمثل نضالا سياسيا ،، أما طرد الفكرة كليا أو جزئيا فإنه يعتبر تقصيرا في حق نفسك وتقصيرا في حق مجتمعك ،، ولو كنت ترى أنه لا حاجة بك إلى السياسة والانغماس فيها وفي نضالاتها بحجة أنك تعيش عيشا طيبا فربما ينظر إليك البعض وكأنك بقرة مدللة في مزرعة فاخرة يأتيها رزقها صباح مساء دون سعي منها ولا عناء .. وقد قال الاشتراكيون أن مجتمع الرفاهية الذي تتشدق به الرأسمالية هو مجرد ذر للرماد في العيون ومحاولة لعزل الناس عن ممارسة السياسة ومتابعة النضال من أجل إلغاء الاستغلال الرأسمالي الواقع على العمال ولتمديد فترة التهام الأغنياء لفائض القيمة المأخوذ جورا من عرق العمال وجهدهم ..
السياسيون يوجهون المجتمعات ، ويديرون شئون حياتها ، وفي هذا تدور دورات من العدل والظلم ،، وتصاغ القوانين وتخط اللوائح ،، فهل ترى أنت يا من يريد أن يريح أعصابه من رهق السياسة ، هل ترى أن هذه القوانين وهذه اللوائح جاءت هكذا بدون محرك مرتبط بمصالح من يضع هذه القوانين ؟ واضع القوانين لا بد أنه متأثر بأمور عديدة ،، هناك من يتأثر بالدين ، وهناك من يتأثر بمذهب فلسفي ، وهناك من يتأثر بمبادئ طبقة ، وهناك من ينطلق من عنصرية ، وهناك من ينطلق من قصور نفسي ذاتي ،، كل هؤلاء ربما يكونوا هم واضعي القوانين أو مشاركين فيها أو مؤثرين فيمن يضعها ،، لذا فمن الصعب جدا تبرئة قانون ما من الغرض ومن القصور ومن النقص ،، لكن من أين يأتي القانون الكامل ،، نقول الكمال لله وحده ، لكن المطلوب هو القانون الذي تقبله الغالبية ، وهو الذي يصاغ بمشاركة من الكل ،، قد لا تكون المشاركة مباشرة ، لكنها يمكن أن تكون عبر تمثيل ، لكن التمثيل لا يعفي من أعطى التفويض أن يترك من فوضه بدون رقابة وبدون متابعة وبدون محاسبة ،، وهذه هي السياسة ، وهذه هي ممارستها ..
التعليم لا بد أن يطوّر في الإنسان عقلا ناقدا ،، التعليم الذي لا يطوّر مثل هذا العقل يعتبر تعليما ناقصا ، ومدمرا ، ومصمما لهدف غير نبيل ، والعقل الناقد لا يتقبل الأمور على علاّتها ، هو عقل يغوص في عمق الأشياء ، ليخرج من هذا العمق وهو ممسك بالحقيقة ،، إذن العقل الناقد لابد أن يدفع صاحبه إلى ممارسة السياسة ، لأن العزوف عن السياسة يعني عدم الغوص في داخل الأشياء ، ويعنى القبول بالواقع والتعايش معه ، وهذا يعني تفريطا في الحقوق ، وقصورا عن الواجبات ، وإهمالا لدور العقل ..
يتحدث الكثيرون عن تأثر كل ما هو اقتصادي وكل ما هو اجتماعي بكل ما هو سياسي ،، والعكس صحيح ،، إذن حتى لو أن الإنسان جلس في بيته ، وأبعد نفسه عن صداع السياسة ، فإنها ستلحقه وهو متدثر على فراشه ،، هي من حولك ، ومن فوقك ، ومن تحتك ، أن مارستها أو لم تمارسها فأنت متأثر بها ،، وحتى إن هجرتها فهي لن تهجرك ،،
إذن لا تقل أنك لا تريد أن تمارسها ، قل لي فقط كيف تريد أن تمارسها .
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لا تقل لي أنك لا تريد أن تمارسها ، فقط قل كيف تريد أن تمارسها .. (Re: ودقاسم)
|
| Quote: كثيرون يرون أن الابتعاد عن السياسة يعتبر أحد عوامل الاستقرار والطمأنينة والأمان ،، |
هذا المعنى كان حاضرا صباح هذا اليوم في حوار هادي مع والدتي الله يديها ويدي أمهات واباء كل هذا الشعب العافية
وهاهي الخواطر عند بعضيها يا سيدي ود قاسم
وفي اعتقادي أن محاربة مثل هذا التصور في غاية الأهمية لصلاح حال العمل على هدم النظام الحالي وصلاح ما بعضه
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لا تقل لي أنك لا تريد أن تمارسها ، فقط قل كيف تريد أن تمارسها .. (Re: ودقاسم)
|
سأل طفل أباه ما هي السياسة ؟ فقال الأب : دعني أحاول شرح لك معنى السياسة ، أنا مصدر
رزق الأسرة ، لذا سنطلق عليّ اسم الرأسمالية ،،، و أمك هي المدير المالي لذا سنطلق عليها
اسم الحكومة ،،، و نحن هنا لنهتم باحتياجاتك لذا سنطلق عليك اسم الشعب،،، و الخادمة سنعتبرها
الطبقة العاملة ،،، و أخوك الصغير سنطلق عليه اسم المستقبل ،،، و الآن فكر في هذا
و انظر ما اذا كان يبين لك المعنى !!
ذهب الطفل للفراش يفكر فيما قاله له ابوه ، و في وقت متأخر من الليل سمع صوت اخيه الصغير يبكي
فقام ليرى ما به ، فوجده قد بال في حفاظته ، فذهب لغرفة ابوية فوجد امه غارقه في النوم و لم يرد إيقاظها، ثم ذهب لغرفة الخادمة فوجدها مغلقه ، اختلس النظر من فتحة الباب فوجد اباه على السرير مع الخادمة استسلم الطفل و ربع الى فراشه .
و في اليوم التالي قال الطفل لأبيه : ابي الآن فهمت معنى السياسة ، قال الأب : ممتاز
اخبرني الذي فهمته !! !!
رد الطفل : حسنا (( بينما تعبث الرأسمالية بالطبقة العاملة تكون الحكومه غافلة نائمة فيصبح الشعب مهملا و المستقبل في عمق ((القذارة .
لذا نكره السياسة يا خـال ..
نكرهها .. نمقتها ..
نتعاطاها ولا نمارسها .. ولن نفرط في حقوقنا ..
99% ممن يتولون مقاليدها متسخون ..
هى مستنقع آسن ولعبة قذرة ..
تتدخل في العام من حياتنا والخاص .. تدخل حتى في غرف نومنا ولا تتركنا ننام .. ولا مفر منها ..
في البورد نتحاشاها .. نتفادها .. نهرب منها ..
خارج البورد .. نتأبطها خيرا وشرا .. وأنت تعلم
في البورد نفضل الفكر .. الفلسفة .. الأدب .. الآجتماع .. ما تيسر لنا ذلك ..
لك تحياتي ..
صلاح / شتات
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لا تقل لي أنك لا تريد أن تمارسها ، فقط قل كيف تريد أن تمارسها .. (Re: شتات)
|
شتات
كل هذا الذي تشكوه من السياسة يصيبك بشئ من الأذى ، ولا يفرّق بين حركتك وسكونك ، بل يداهمك في كل لحظة ، فإما أن تدفعه عن نفسك ،بنفسك ، وإما أن تجد شخصا ما يدفعه عنك وإما أن تسهم مع الآخرين في دفعه ،،
إن جلست تتأفف فأنت مقصر ، وإن انتظرت أن تتبدل الأمور صدفة فأنت واهم ، وإن ظننت أنك ستستمتع بمذاق ما ينتجه غيرك فمذاقك يظل متهما
Quote: خارج البورد .. نتأبطها خيرا وشرا .. وأنت تعلم
في البورد نفضل الفكر .. الفلسفة .. الأدب .. الآجتماع .. ما تيسر لنا ذلك .. |
هذه هي السياسة ، فالسياسة كل شئ ، هي الفكر والفلسفة والاجتماع والأدب ، وتلك هي طريقتك في الممارسة ..
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ودقاسم
فتحي البحيري
Shinteer
شتات
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست