|
الجنوبي: وحكاية الزيت بالفول
|
يستعمل الشماليون كل اشكال الاختلاف الثقافي المتاحة للنيل من قيمة الجنوبيين الاجتماعية.. وهم في فعلهم هذا لا تورعون في اعابة ما هو مدعاة للفخر و التباهي في نطاق الانسانية من كريم الصفات..والشمالي لا يسأل حين يتباهي بكونه احسن واكرم و اشجع و أامن و.... من كافة الشعوب العربية، لا يسأل كيف اصبح افضل ممن يصر علي ان دماءهم تجري في عروقه. انه لا يدري ان الجينات التي اتت بصيغة (افعل) في الصفات، تقع علي مرمى بنت شفة استهجانية منه..و سوى كان الامر لعمى او تعامي، لجهل او تجاهل، او لهروب من رؤية وجوههم في المرآة، فالنتيجة واحدة..و الجرح واحد، وان ازهقت منه ملايين الارواح. مما اثار حفيظتي و انا بعد غض الاهاب، تندر الشماليين بحب الجنوبيين لكثرة استعمال الزيت في الفول، مما اطلق الخيال لبعضهم فنسجوا النكات و الحكايات.. و التي منتهاها استحقار الفعل و من اتي به..وقد فشلت عندها في ان اجد المبرر الكافي لعادة الجنوبيين تلك، و ان كنت لا اري داعيا لاستهجانها، و قد ذقت الفسيخ و التركين و الكول.. وقبل ان يشتعل الرأس شيبا، تراءت لي الحقيقة في دروس الكيمياء الحيوية..ولكن قبل ذلك دعونا ننظر ماذا يعمل معظم الجنوبيين الذين ربطت المخيلة الشمالية بينهم و بين عادة الفول و الزيت. انهم يشتغلون في الاعمال اليدوية الشاقة، اعمال البناء (طـُلب)، والعتالة.. يترنمون باشواقهم لقراهم، لابقارهم، و لحبيب بعيد.. فرقت بينهم طلقة و دانة، يترنمون باعذب "رطانة".. منهم سايمون، ذلك الشيخ النويراوي الوقور الذي اشتغلت معه (طـُلبة) في احدي الاجازات المدرسية.. كان يترنم بلحن ما فتئ يهدهد روحي ( شلولو ... لوزا، تمتم ماتا..... شلولو ... لوزا، تمتم ماتا)، كنت اراه مختليا الي نفسه تحت شجرة شهاب لا يغني ظلها عن لهيب الشمس و لا سموم صيف الاجازة المدرسية..( شلولو ... لوزا، تمتم ماتا... شلولو ... لوزا، تمتم ماتا) ..( شلولو ... لوزا، تمتم ماتا... شلولو ... لوزا، تمتم ماتا)..وفي عينيه حزن السنين.. وفي بسمته صبر ووقار و حنين.. ..( شلولو ... لوزا، تمتم ماتا... شلولو ... لوزا، تمتم ماتا).. وقد تطاولت و قطعت مناجاته مرارا...بسؤالي عن المعني، كان يجيب بما فهمت منه " الحنين".....( شلولو ... لوزا، تمتم ماتا... شلولو ... لوزا، تمتم ماتا)، سألت النوير، الدينكا، الشلك، وكدت اسأل غاديات الطير و رائحاتها ، فلم اجد من سمع بها.. ومنهم من رأيته اذا انهي العمل، هرع الي المدارس المسائية في شارع الحرية و غيرها، من التي انشأها صديقي د. لادو و صحبه الميامين..يتحدون جور الزمان، و وحشة المكان.. فمن اين لهم بتلك الطاقات، و كنا اذا اكلنا الفول للفطور، لا نذكر من الحصة او المحاضرة التالية الا تثاوباتنا؟؟ تخبرنا الكيمياء العضوية ان كل من جرام البروتينات وجرام السكريات يحتوي علي 4 سعرات حرارية، اما جرام الدهنيات، فيحتوي علي 9 سعرات حرارية.. اي اكثر من الضعف..واذا اخذنا في الاعتبار ان البروتينات الموجودة في الفول صعبة الهضم، وصعب استخلاص السعرات الحرارية منها..نجد ان الفائدة التي يجنيها الجنوبي من وجبة فول بالزيت تفوق كثيرا الفائدة التي يجنيها الشمالي.. فيكون الجنوبي اكثر حكمة في اختياره زيادة الزيت في الفول
|
|
|
|
|
|