بسم الله الرحمن الرحيم نستشرف السلام وأكفنا وقلوبنا تتجه لله سبحانه وتعالى بخالص الدعاء أن يشمل بلادنا برعايته وأن يأخذ بيدها حتى تنهض من كبوتها وتلحق بركب الأمم علما وثقافة وحضارة ولا تبنى الأمم الا بسواعد أبنائها والذين من حقهم علينا تربيتهم التربية الصالحة وتمكينهم من التزود بجميع ضروب العلم و المعرفة واعدادهم الإعداد السليم جسديا وعقليا فهل نحن نفعل ذلك؟ وهل نحن نقوم بواجبنا تجاههم؟ أدعوكم قبل الإجابة على تساؤلاتي وغيرها الى قراءة هذا الموضوع الذي جاء بجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 23/4/2004 سهرة غير استثنائية.. على أكثر من فضائية لمشاهدة الكباريهات في البيوت جان الكسان
حتى في الكباريهات وعلب الليل لا نجد مشاهد تصل في تبذلها الى مثل هذه اللوحات الخليعة التي تقدمها الاغاني الحديثة الاستعراضية الراقصة (وكلها استعراضي وراقص) تحت لافتة الفيديو كليب.. ففي الملاهي يقدم عدد من مطربي الدرجة الثالثة او العاشرة من الذين تفرخهم بعض المعاهد الفنية التجارية او شركات التسجيل او المهرجانات الغنائية ولا يجدون عملا الا في هذه الامكنة، بعض الاغاني الهابطة، تعقبها وصلة او اكثر من الرقص الشرقي.. اما في الاغاني الجديدة التي تبثها الفضائيات، فنفاجأ في كل اغنية بأكثر من عشرين فتاة، منهن جامعيات وبعض الشابات احيانا يكشفن من اجسادهن اكثر مما يخفين، حيث يشاركن المطرب او المطربة برقصات خلاعية لا علاقة لها بالفن، وليس فيها الا ايماءات مبتذلة لاثارة غرائز الكبار وافساد تربية الشباب وذلك بنوع من التسابق الى تقديم الحركات الاكثر اسفافا واثارة، بحيث تصرف هذه اللوحات اذن المشاهد عما يؤديه المطرب من كلمات، لتشغل عينه بمشاهد الرقص الذي حول اللوحات الغنائية والاستعراضية الى نوع من (الاستربتيز العربي). * الأغاني بدل القصائد والأناشيد * واذا كان الاسفاف في مجال الاغاني المصورة قد هبط بها الى هذا الحضيض، فإن خطرها لا يقتصر على الكبار، بل يتعداه الى الصغار ويحدث ان تجد طفلا او طفلة من سن الثلاث سنوات الى الرابعة عشرة، لا يحفظ عن ظهر قلب اكثر من كلمات والحان وحركات هذه الاغاني، في حين غابت عن ألسنة الاطفال، القصائد الطفولية والاناشيد الوطنية التي كانوا يهزجون بها في الماضي.. حتى بعض الاغاني ـ او اكثرها ـ التي تقدم في برامج الاطفال، يقلد بها مقدموها ومخرجوها ايقاعات رقص الكبار فإذا هي لا تناسب كلمات الاغنية او القصيدة.. كما ان اكثر الاعلانات التجارية تقدم على الشاشة بكلمات جديدة وبألحان الاغاني الخلاعية التي ترسخ اكثر من غيرها في اذهان الكبار والصغار، ولهذا فإن متابعة هذه الاغاني العربية منها والاجنبية من قبل الاطفال تؤثر سلبا على دراستهم ونشاطهم وتأهيلهم بعد ان اصبحوا يحفظون اسماء نانسي عجرم وروبي ويوري مرقدة اكثر من اسماء بطلات وابطال التاريخ العربي الذي يدرسونه في مدارسهم. واذا كان المطربون فيما سبق يختارون المواقع الطبيعية الجميلة لتصوير اغنياتهم، فإن اكثر مطربي هذه الايام ـ خاصة المطربات ـ يفضلون السرير والفراش لتصوير المشاهد الاستعراضية الفاضحة بعد ان اصبح (الفيديو كليب) القاسم الاعظم لتقديم الاغاني بحيث اغرى حتى كبار المطربين. * جنس.. ولوعة.. وفراق * تبدأ الاغنية بتسليط الكاميرا على صبية شبه عارية تعلن عن حركات راقصة تظن معها انها ستقدم وصلة رقص، ثم تكتشف انها مطربة ترفق غناءها بالرقص او راقصة ترفق رقصها بالغناء، لتغطي على ضعف قدرتها الغنائية، وعلى (النشاز) في صوتها الذي تخفيه ضجة الموسيقى الراقصة. اما عن كلمات الاغاني، فحدث ولا حرج، اذ انها تتمحور حول اللوعة والمعاناة وفراق الحبيب والشوق في الليالي الطويلة والنداء المبحوح للحبيب حتى يعود من دون ان يكون هناك اية علاقة بين الكلمات المغناة وبين تعابير وجوه المطربين، فالمطربة تغني عن لوعة الفراق وهي ترقص وتهز كل قطعة من جسدها لوحدها، والكاميرا تتنقل بين الوجه والصدر والسرة والردفين او يظهر المطرب يغني اغنية رومانسية ذات شجن وهو ينط على الارض مثل البهلوان او يبدي براعته في القفز فوق سيارة او يداعب الفاتنات اللواتي حوله على الشاطئ وهن بثياب البحر او في الشاليه. * لكل مطرب.. مخرج * وقبل ان ننتقل الى تفاصيل سهرتنا التي تابعناها على عدة فضائيات عربية، لا بد من الاشارة الى ظاهرة هذه الاعداد الهائلة التي تتوالد بين يوم وآخر من الفنانين حتى اصبح الفن ـ والغناء بصورة خاصة ـ وكما يقول النقاد، مهنة من لا مهنة له. ففي السجلات شبه الرسمية، في النقابات الفنية ومحطات التلفزيون والاذاعة اكثر من ستة آلاف مطرب ومطربة من ابناء امتنا (ما عدا الفراطة).. الى جانب ظاهرة جديدة وهي ظاهرة مخرجي الفيديو كليب، فعلى الساحة الفنية اليوم مئات من هؤلاء المخرجين لم يسمع بهم احد من قبل، وعددهم في ازدياد.. ومن يشكك في هذا الكلام عليه ان يتابع على فضائية واحدة من تلك التي تقدم الاغاني الاستعراضية (ليلا نهارا.. فقط) ليفاجأ بأنه خلال ثلاث ساعات من المتابعة، سيجد نفسه امام اسماء اكثر من خمسين مخرجا تذيل بها الاغاني، بحيث يكاد يظن ان لكل مطرب مخرجه الخاص ولا احد يعرف كيف اصبح جميع هؤلاء مخرجين بين يوم وليلة، بالاضافة الى مئات الاسماء الجديدة لشركات تنتج الكاسيت والـ(سيدي) واشرطة الفيديو كليب وحتى بعض الاشرطة الخاصة الممنوعة. واذا كانت بعض اسماء المطربين او المطربات، قد طفت على السطح للعرض المتواتر والدعم الاعلامي الذي تحظى بها اغانيهم على الفضائيات لسبب او لآخر، امثال نانسي عجرم وهيفاء وهبي واليسا وروبي والين خلف وغيرهن، فإن هناك (اجيالا) جديدة من هؤلاء المطربات ومعهن عدد مواز من المطربين، هو الذي يمثل الشاشات اليوم، حيث تتوالى مباريات الرقص والغناء. * سهرة غير استثنائية * في هذا السياق حاولنا ان نقدم تجربة وهي متابعة عدة فضائيات عربية تبث هذا النوع من الاغاني الجديدة او الحديثة او العصرية او الشبابية وذلك على عدد من الفضائيات وهي: سترايك T.V وE و مليودي و دريم و عين وبرنامج اخبار فني اسمه (سمرة) وبرنامج فني اسمه (رولا عالهوا) حاولت صاحبته ان تخرج قليلا عن موضة (الاستربتيز) هذه بتقديم مجموعة من الاغاني المختارة المقبولة لمطربين حقيقيين، وكان التنقل بين هذه المحطات متلاحقا بواسطة صديقنا، صديق البيوت والعائلات: الريموت كونترول. * شوربة من الكلمات والالحان * كانت أول اغنية استقبلتنا تشتمل على مشهد يبدو فيه مطرب يتنقل من مكان الى آخر، تحيط به اربع راقصات يؤدين نوعا من الرقص الشرقي الخليع وهو يخاطب حبيبه قائلا: ابعد عني.. سيبني بحالي.. يا الله.. يا الله.. يا الله.. باي * ونقلة مفاجئة الى فضائية ثانية ظهر فيها مطرب يقول: عدا علي شاغل عيني قلبي انخطف مني وللنار سلمني * واعقبته مطربة تتشفى من حبيبها الذي هجرها أو هجرته وهي تقول: لسه قلبي بيقسى عليك وتعيش لوحدك حيران بتستاهل اكثر من هيك طق.. طق.. ما راح حبك * ويظهر مطرب توحي كلماته بأنه سيفترق عن حبيبته فهو يغني لها ويقول انه يتمنى ان يعيش عمره في (حضن هواها)، يغني هذه الكلمات وهي ـ فعلا ـ في حضنه بلباس البحر. * ونعود الى سهر الليالي عن لسان مطرب: ويلي ويلي ويلي ويل يللي مسهرني الليل وانت عيونك اخدوني وبحبك سهروني * ويظهر ديكور منطقة صحراوية.. وفيها بدوي يجلس امام دلات القهوة، وتبدأ الاغنية التي توقعناها او خليجية على الاقل، ولم تكن كذلك، لترافقها عدة راقصات مودرن كأنهن من السابحات الفاتنات في (بالم بيتش). * وواحدة تغني: اهواك اهواك ومشكلتي انك دايما توحش قلبي وعيني طيب مع كل الناس وكلك رقة واحساس لكنك ويا قلبي قاسي وما فيك احساس تغني المطربة في حالة عتاب مع الحبيب وتحرك يديها وكأنها ترقص. * وعلى شاطئ البحر يبدو شاب يلاحق فتاة بثياب البحر ويغني لها: بتهربي مني ليه وفجأة.. يرقصان ويغنيان معا * وهناك اغنية، اصبحت شهيرة، لم نفهم مطلعها، وقد سبق ان اعلنت احدى المحطات الاذاعية اللبنانية عن مسابقة بين مستمعيها، خصصت فيها جوائز مغرية لمن يشرح مطلع الاغنية، فلم يفلح احد في ذلك.. وقد التقطنا من وسط الاغنية هذا المقطع فقط: لو شنشلوني من شالي شالو شيباك بقي ان نقول ان احدا من الذين يشاهدون هذه الاغنية لم يهتم بمعانيها ولا بكلماتها لأن حالة الاغراء التي تقدمها بها المطربة تغني عن اي معنى. * ويبتكر مطرب اسلوبا جديدا في الغناء عندما يطعم اغنيته بمقاطع من اغاني الزنوج المثيرة ثم يغني معها: انا صوتي يا احلى صوت * ومطرب عراقي يقلد اغنية للمطرب الكبير سعدون جابر يؤدي اغنية عراقية قام بدوره بتطعيمها بمقاطع من اغاني الراب، فأفسد كلماتها ولحنها واصالتها. * ومع نقلة الى فضائية اخرى ظهرت مطربة تؤدي اغنية كاملة وهي في بانيو الحمام، وهي ترفع ساقيها الى اعلى. * وفي برنامج اخباري فني يعمد المقدم، والى جانبه زميلته التي تنافس الفنانات اللواتي تتحدث عنهن بـ (بوزات) جلستها، يعمد الى بث خبر يقول ان المطربة الفلانية تعرضت لهجوم لأنها قدمت اغنية اتهمت بأنها خلاعية، في حين نفت المطربة المذكورة ان الاغنية خلاعية، ويعمد المعد الى بث الاغنية (موضوع الخلاف) فاذا هي.. (يا لطيف) مميزة بالخلاعة. * ويظهر مطرب يصرخ: ليلي.. يا عيني.. يا ليل منسهر طول الليل ابعتلي الهوى يا ليل.. انا وانت.. يغني وهو يرسل القبلات في الهواء. * ومطرب آخر يلقي النصائح في الغناء وهو يؤدي حركات جنونية ويقول: الدنيا مجنونة.. والحب لازم * وتتخلل الاغاني مسابقة من نوع جديد يظهر فيها فنان من ثقب مفتاح الباب، يحرك شفتيه.. وعلى المتسابقين ان يحزروا ماذا يقول.. وان يتصلوا فورا على الهاتف (والجوائز بانتظاركم). * وتغني مطربة اغنية وهي تقود سيارة وكأنها توحي بأنها تلفت الانظار ليس الى اغنيتها، بل الى سيارتها الفارهة. * ومطربة تغني على البحر، شبه عارية، يلحق بها مجموعة من الشباب (الزعران). * ويعلن مطرب في مطلع اغنيته وهو يشير الى عدد من الفتيات جلسن كاشفات عن مفاتن اجسادهن قائلا: انا والبنات.. النا حكايات كما يعلن في الاغنية انه روميو زمانه * ولعل ما اعاد لنا بعض الثقة بالاغنية اننا، بين هذا الكم الكبير من الاغاني الهابطة بثت احدى الفضائيات التي تابعناها اغنية رائعة للمطربة اصالة بعنوان (اعتز بك). * وهناك ظاهرة جديدة وهي تقديم الاغاني القديمة او السابقة او الشهيرة بصوت جديد واخراج جديد وكل ما في الامر ان تلك الاغاني قدمت بمزيد من مشاهد الاغراء والاسفاف.. ومن هذه الاغاني على سبيل المثال لا الحصر: ـ حبيبي يا عيني ـ ما اشربش الشاي ـ احبك.. آه في حين قدمت بعض الاغنيات القديمة بصورة لائقة مثل اغنية المطرب المغربي الكبير عبد الوهاب الدوكالي (مرسول الحب) التي قدمتها المطربة حسنا بمنتهى الروعة والجمال والاتقان. * وعلى فضائية ثانية طلعت علينا مطربة تخاطب حبيبها الغائب وحولها مجموعة من الراقصات وهي تقول: ارجع ارجوك.. علشان صبري قليل * واغنية خليجية جميلة قدمها صاحبها مع صبية تقضي نصف هذه الاغنية وهي في السرير. * ومطربة حزينة تغني لحبيبها الغائب (يا ناسيني) وهي بثياب داخلية مثيرة وحمراء. * وفتاة يشكو حبيبها المطرب من فراقها وهي تداعب كلبها الصغير. * والى الفراش من جديد مع مطربة جديدة تتحدث عن حبيبها الذي تعرفنا به بأنه (احضانو هي تدفيني). * وايضا الى السرير والفراش ومنه الى الدراجة النارية، ثم عودة مع نهاية الاغنية الى السرير في حركات مثيرة. * واخيرا كان ختامها مسكا مع مطرب مجدد اطلق اغنية كاملة وهو يغني على الموبايل. * لا ادري اذا كان الموضوع بحاجة الى المزيد من التعليق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست