بقلم (حمراني) القصيدة رؤية نضالية رومانتيكية وأغنية للحب والعدالة: القصيدة رؤية نضالية رومانتيكية واثقة من فعاليتها الذاتية، فهي أغنية للحب والعدالة ولإدانة الظلم، وهنا يكمن الأساس الواقعي الإنساني لواقعية الرمز ممثلاً في المجدلية، فالقصيدة غنائية هامسة بعنف إن لم تكن بالمفهوم الصوتي فهي غنائية بالمفهوم النفسي...فهي لو لم يغنها أحد لغنت نفسها. فبعد كل ذلك هل يحق لنا أن ننسبها برؤيتها التصويرية إلى المدرسة الرمزية؟؟....... فهي بجوانبها وأطرافها كذلك إلا أنها ليست برمزية فجة أو مجانية بل تكاد تمحو الحدود بين الرمزية والتلقائية المباشرة لامتلاكها مفاتيح الأسر الوجداني. فأنت أمام وحدة موضوعية تحسها وتستنشقها بعنف حين يصعب عليك مسها.
فماذا تنتظر من مثل شمو وقف على مدارج الزمن متسلقاً بقوة فانهارت الدرجات من تحت قدميه ولكن لم يسقط في هوة، فرحل بعيداً مكثفاً الزمن إلى مدينة مجدل قرب بحيرة طبرية في فلسطين حيث تقيم مريم المجدلية التي كانت ذات جمال مذهل وكانت امرأة لعوب.... فعندما ظهر يسوع فاقت إلى نفسها وأخذت تبكي على رجليه وتغسلهما بدموعها وتجففهما بشعرها الفضي حتى غفر لها يسوع وزارها في بيتها مؤكداً للجميع صدق توبتها.
نزل شمو إلى تلك المدينة وأتي مصطحباً مريم المجدلية شاهداً على هذا العصر، فظاهرياً لا نرى صورة محددة لدور المجدلية في بنية القصيدة فهي تدور في حركة ظلية غامضة تشعر بأنفاسها الدافئة تلفح وجهك وتغوص في الأعماق فتجعلنا نعيش في مناخها في صلاة قدسية طويلة
تنثال بدايات القصيدة بلهجة خاطفة جريئة يقف فيها الشاعر شاهداً فها هي الأرض سافرة عاهرة كما كانت مريم المجدلية وكل ما عليها يتجه إلى اللا شيء ها هي الأرض تغطت بالتعب البحار اتخذت شكل الفراغ مطلع وصفي...تقريري...إخباري.... لم يقع في فخ المجانية والاسترسال حيث يأتي الإنسان كأداة توقد داخلي فارضاً ارتباطاً عضوياً بين التعب والتواصل من جانب و الترقب والمستحيل من جانب آخر، فالنضال في ظل التعب المتواجد مشروط بالتواصل والاحتكاك والاقتراب من الواقع، وعندما يشتد التعب والقمع ويصعب التواصل يظل الفراغ شاخصاً ما بين الترقب وانتظار المستحيل وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل وأنا الآن الترقب وانتظار المستحيل يقظة تخيلية بارعة تنم عن تمرس كتابي وتعبير مدهش، فهذا التوليد اللغوي (إن جاز القول) كون علاقة جدلية من لحظة انتقال الشاعر من دور المشاهد إلى جزء من المشهد......بعد ذلك ينتقل النص في ثلاث محاور درامية - مريم الأخرى وهي الرمز الواقعي - مريم المجدلية وهي واقعية الرمز دلالياً - الشاعر ومع عودة شمو إلى الذاكرة الحبلى يعود بنا مذكراً أنجبتني مريم الأخرى قطاراً وحقيبة أرضعتني مريم الأخرى قوافي ثم أهدتني المنافي هكذا قد خبروني ثم قالوا لي ترجل
فهنا يرثي الشاعر أحلامه وتطلعاته الأرستقراطية المحبطة، وهو ليس رثاء كامل لمشروعه الشخصي بل لجيل كامل ظل يدور ما بين التواصل والرحيل فتآكلت أحلامه في المنفى والاغتراب...فلا يجد ملاذاً سوى كلمة تشجيعية (ترجل) والتي تأخذ طابعاً عضوياً ذا مغذى سياسي غير أن هذه الفكرة ليست متطورة في بنية القصيدة على الإطلاق.
وهذا الاغتراب عند شمو ليس باغتراب عدمي حيث يظل المحور الدائم هو الوطن، فسر الانتماء كامن بقوة بين صخرتين من الحب والعطاء متغاضياً بذلك عما ضاع من عمره سدى ثم أنت يا كل المحاور والدوائر يا حكايات الصبا تحفظين السر والمجد الذي ما بين نهديك اختبأ ليس يعنيك الذي ضاع من عمري هباء
والسر هنا يكمن في ما جاء به زياد توفيق عندما تغنى أم درمان تناديني وفي قبضتها سيف معطر وأنا أشعر نفسي سيداً ينهي ويأمر رايتي تكبر في الشمس وتكبر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة