هل هناك مجال لحوار ديني؟ محمد سعيد القدال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-07-2004, 03:14 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل هناك مجال لحوار ديني؟ محمد سعيد القدال

    هل هناك مجال لحوار ديني؟ (1 - 2)

    قال الامام الشافعي: «ما ناظرت أحداً فاحببت أن يخطئ، فرأي صواب يحتمل الخطأ.. ورأي خطأ يحتمل الصواب». (النص في منصور خالد ص 33).
    الحوار يحتاج الى توفر مناخ ديمقراطي منفتخ، وليس مجرد شعارات جوفاء نطلقها للاستهلاك ولا تساوي شرو نقير.. ان الديمقراطية ثقافة قبل ان تكون هياكل مؤسسية او عمليات اجرائية. والديمقراطية كثقافة لا تحتل مكانا كبيرا في الوعي السياسي العام في المجتمع السوداني، بسبب الطبيعة الوصائية والذكورية لهذا المجتمع. وتقديس الابوة والطائفية والعشائرية والنظرة الدونية للمرأة (منصور خالد - جنوب السودان في المخيلة العربية 207، 209)
    يقول محمد حسنين هيكل ان البعض يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان دون وعي كافٍ بأن هذه القيم العظيمة نتائج اكثر منها مقدمات. وهي نتائج لتفاعلات اجتماعية تصل المجتمعات معها الى حالة من التوازن تجعل من كل مواطن طرفا مسؤولا وليس مجرد رغبة طيعة. وحالة المواطنة درجة لا تصل اليها الامم الا بعد صراعات طويلة وقاسية يستحيل اختصارها. وان امكن تسريعها. وآفاقها مرهونة باتساع الآفاق الممكنة للصعود الاجتماعي. ويستمر قائلا: في العالم العربي ازمة شرعية، فمعظم الانظمة تحكم بقوة الامر الواقع دون اساس يقوم عليه بنيان سياسي يكفل سهولة الحركة، مما يفسر جزءا من اختناقات الفكر والعمل في العالم العربي، مما ادى الى عواصف السخط والغضب (هيكل).
    وتفشي حالة السخط والغضب هذه، هي التي جعلت دومنيك دوفلبان وزير خارجية فرنسا يقول: نحن نشعر بأننا لم نتوصل بعد الى توازن جديد، بل نري امكانية عودة نزعات الانطواء على الذات والانعزالية. وهناك اندفاع يتحطم اليوم على صخور عالمنا الحادة فيتكسر شظايا ورموزا للرفض، تصطدم بالعنف في كل مكان. وبالاستهانة واللامبالاة والعنف (راجع عرض الحاج وراق لمقالته في الصحافة).
    وادت هذه الاوضاع الى بروز تيارات سلبية من اللامبالاة والهروب، اما الى داخل النفس او الى الخارج. ولكن أعنف ردود الفعل تلك هو تفشي ظاهرة الهوس الديني، الذي يجد فيه البعض ملاذا من اهوال الحياة. والهوس الديني جدار اصم لا تنفذ منه افكار تتحاور مع افكار اخرى. ويقول روجي جارودي ان الهوس الديني (يسميه الاسلاموية والاصولية) هو مرض الاسلام، انه الخطر الاكبر على عصرنا، انه قرحة روحية آكلة تهدد الحضارة باكملها (جارودي - الاصوليات المعاصرة ص 11 - 12).
    ان الشرط الاول والاساسي للحوار، سواء أكان سياسيا او دينياً، هو توفر المناخ الديمقراطي الحقيقي وليس مجرد الاعلان عن توفره، فكم من انظمة ترفع شعارات لا علاقة لها بالممارسة الفعلية لاسلوب حكمها البغيض، لقد استطاعت اوروبا ان تنفلت من قبضة الكهانة وظلام العصور الوسطي بترسيخ الديمقراطية، فانفتح المجال لحوار واسع الارجاء.
    انه واقع مرير هذا الذي يغلف الحياة في البلاد الاسلامية اليوم. يقول فؤاد زكريا: ان واقع الاسلام في معظم ارجائه هو واقع جماهير امية ينقصها الوعي السياسي والعقلانية. وهو ايضا واقع بطش واستبداد وكبت للحريات من جانب القوى المعادية للجماهير. وفي مثل هذا الواقع يبدو ان الاسلام هو القوة الهائلة التي هي وحدها القادرة على تحريك مثل هذه الجماهير. ويستمر قائلا: انه حدث خلط في العالم الاسلامي وفقدان القدرة على التمييز بين اتجاهات اسلامية تدعو الى التغيير. واتجاهات اخرى تدعو الى تثبيت الاوضاع او العودة بها الى الوراء. وفي زحمة الحديث عن اليقظة الاسلامية نجد اشد الفئات رجعية تتصور انها جزء من هذه اليقظة، مع ان دعوتها في حقيقتها نوم لا يقظة وموات لا بعث. (فؤاد زكريا - الصحوة الاسلامية في ميزان العقل ص 18 - 19).
    ويتناول فؤاد زكريا بعض الجوانب التي تقف سدا منيعا في وجه اي حوار ديني مثمر، فيقول: يثبت التاريخ ان الاسلام هو ما يعنيه به المسلمون ، فإن ارادوا منه ان يكون سندا روحيا لنهضة فكرية وحضارية، كان لهم ما يريدون. وان ارادوا به وسيلة لتبرير الظلام الاجتماعي والتخلف الحضاري وكل اشكال الركود والخنوع، كان لهم ايضا ما يريدون. كما ان البحث عن النواة الصلبة للاسلام بحث عقيم، فكل فئة او طبقة اجتماعية او نظام حكم يحد بطريقة جازمة وقاطعة بين «الاسلام في ذاته» وبين «اسلامها» هي، وتؤكد ان الاخير هو وحده الذي يعبر عن طريقة الاول وجوهره الاصيل (ص 12).
    وتناول زكريا عقبة اخري تقف حائلا امام الحوار. فيقول كيف يمكن التوفيق بين سريان النص في كل زمان ومكان ومبدأ الاسلام دينا ودنيا، اذا كانت الدنيا لا تكف عن التغيير. والتغيير معناه ان ما يصلح لها في زمان معين ومكان معين قد لا يصلح في زمان ومكان آخرين. ويري ان المخرج الوحيد من هذا التناقض، هو تأكيد الجوانب العامة لما في النصوص الدينية. وترك التفاصيل لاجتهادات كل عصر. ولكنه يرى ان هذا الحل يصطدم بعقبة مثل وضع الحد الفاصل بين ما ينتمي الى المبدأ العام وما ينتمي الى التفاصيل. وينتهي الى ان الاصرار على التفاصيل معناه تجاهل حقيقة التغيير (ص32).
    ويمكننا أن نضيف الى ما قاله د. زكريا أمراً آخر. هو ان المخرج من هذا التناقض يكون بالرجوع الى النص القرآني، لا من اجل تفسيره او استنباط احكام منه. وانما بالوقوف على خطابه. وهذا الخطاب هو الذي يوضح رسالته. وهو نهج لم يتم التعامل معه بشكل شامل. والخطاب يساعد على التمييز بين ما هو مقدس وما هو تاريخي، فقد اشار القرآن الى امور لم يعد لها وجود في عالمنا، مثل الرق والظهار. والرجوع الى الخطاب يخرجنا من ازمة الانقطاع الحضاري، لان هذا الانقطاع هو الميزة للتراث الفكري والعلمي في البلاد العربية والسبب الرئيسى لتخلفنا الفكري.
    ويقول د. فؤاد زكريا ان ماضينا وحاضرنا لا يكونان خطا متصلا، مما ادى الى تشويه نظرتنا الى الماضي والحاضر. وعندما يكون التراث في حالة الانقطاع الثقافي يكون محتاجا الى مراجعة جذرية. وتكمن قيمة التراث ثروة حية في استمراره. وفي كونه جزءا من تاريخ متصل. وتكون قيمة التراث كاملة في تجاوزه. (المصدر السابق 51،53)
    وتناول برهان غليون جوانب اخرى يمكن ان تخرجنا من الجمود الحضاري والهوس الديني، فيقول يجب البحث عن المغزى الحقيقي للافكار في النسق الثقافي الذي يبرز وحده موقع الفكرة ومضمونها العقلي. وفي النسق الاجتماعي العام الذي يبين لنا وظيفتها وسبب ظهورها ومآلها، فالنقد الايديولوجي يعامل الثقافة كجوهر ثابت وقائم له والى الابد.. ويعمل على استنطاقه وفهمه بما هو جوهر ثابت. ولا يفهم التاريخ الا انه امتداد للماضي في الحاضر او للحاضر في المستقبل، فتصبح العملية الفكرية استنباط افكار من افكار دون العودة الى الواقع، باستثناء التي تسعى الى قياسه عليها (غليون- اغتيال العقل - ص 39-57)
    ويستمر ليقول: ان شرط المراجعة الحديثة هو ان تبرز الاسباب الموضوعية والمعقولة والملموسة للاخفاق. وتحديد الممارسة الممكنة والبديلة والمطلوبة. وحان الوقت للبحث في القضايا الرئيسية على اسس سليمة للمناظرة القائمة في الكشف عن اصل المشكلات. وكيفية التوصف الى حل ناجع لها. وآن للجدال العربي ان ينتقل من مرحلة اثبات الموقف والرأى او دحض موقف اخر، الى مرحلة المعرفة البرهانية التي تسعى للتحقق من صحة الرؤى. والرؤية الشمولية الواقعية هي التي تنقض الفكر السجالى. (66)
    ويرى غليون ان دراسة التراث من خلال عزله عن مشاكل المجتمع والتاريخ. ودراسة العقل والعقلانية بعزلهما عن بعدهما الثقافي. ودراسة الدين عن الصراع الاجتماعي والقومي، هو شرط اخضاعهم جميعا الى منطق واحد، هو منطق الايديولوجية الذي يريد ان يثبت من خلال كل ما يقوم به من تحليل عقلي صحة مقدماته ومتبعاته، فهو عندما يدرس العلم من وجهة اتساق مفاهيمه مع الدين يحكم عليه في الواقع بالتهافت قبل بدء مناقشة جدواه. وعندما يدرس الدين من وجهة اتساق مفاهيمه مع العلم، يقضي عليه ايضا منذ البدء. ولا يبقي عندئذٍ تفسيراً لوجوده سوى تخلف عقل الانسان وقصوره المنطقي او استلابه التاريخي. وكما يصبح إلغاء العلم هو مصدر الايمان، يصبح الغاء الدين هو اداة ظهور التقدم والعقل.
    وقال بعد هذا العرض: هل هناك مجال لحوار ديني؟ ان مجال الحوار لم ينغلق تماما. وانما تضيق حلقاته احيانا وتتسع في احيان اخرى. وهذا هو موضوع الحلقة القادمة.








                  

04-07-2004, 03:16 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل هناك مجال لحوار ديني؟ محمد سعيد القدال (Re: merfi)



    هل هناك مجال لحوار ديني؟ (2-2)
    محمد سعيد القدال



    استعرضنا في المقال السابق بعض المؤشرات التي أشار اليها بعض المفكرين للخروج من الازمة الخانقة التي تحيط بالخطاب الديني المعاصر. اهمها انه جمد التاريخ عند مرحلة معينة لا يتخطاها، واضفى على التاريخ صفة الالوهية، واصبح التعامل مع التراث خروجاً على العقيدة. كما ان خنق الحريات ضيَّق من فرص الحوار المنفتح ان لم يلغها تماما في بعض البلاد. ودونكم القبضة الظلامية في السودان منذ العام 1989م، حيث تفشى الاعتقال والتعذيب والقتل ولم يعد هناك مجال لفكر آخر. ودونكم ممارسات بعض البلاد العربية التي تخنق الفكر بأظافرها المتسخة.



    ولعل أخطر ما يواجه الحوار الديني جدران الاسمنت المسلحة التي تحيط بالافكار، والتي لا يسمع فيها المرء سوى اصداء صوته فيهتز لها طرباً. وهذه سمة انغلاق الافكار بين جدران من الهوس الديني في اكثر مظاهره جلاء. ولا يفهم الهوس الديني من اختلاف الرأي الا انه خروج على كتاب الله وينتهي بدمغ الفكر المغاير بالالحاد، مما يبرر له امتشاق السلاح ضده. فأصبح العنف الصفة التي تميز الحوار على أيامنا هذه. وامامنا ما يجري على الساحة الفلسطينية. حيث القتل هو لغة الحوار السائدة، ويتهم كل فريق الفريق الآخر بانه ارهابي. صحيح ان اسرائيل اغتصبت حقوق الشعب الفلسطيني، وانها دولة ارهابية من الطراز الاول. ولكن العنف لا يواجه بعنف مماثل، وإلا تحول العالم الى غابة. هذا الجو المفعم بالعنف يخنق الحوار، ويصبح الكلام فقط بلغة السلاح. ألم يسمع القوم بالمهاتما غاندي الذي اجبر الامبراطورية البريطانية في عنفوان غطرستها وقوتها على الركوع والخروج منكسة الرأس بسلاح العصيان المدني؟



    ويدعي الهوس الديني انه العارف الاوحد بالاسلام، بينما هو في الواقع يجتر ما قاله العلماء ويتبارى دعاته بالاستشهاد المبتسر الاعرج. ولا يدرك جماعة الهوس الديني ان الوعي يتطور، وان لكل عصر وعيه الذي يرتقي عن وعي العصر الذي سبقه. ودائما ما استشهد بمسألة دوران الارض. لم يعرف العلماء قبل القرن الخامس عشر ان الارض كروية وانها تدور حول نفسها وحول الشمس. وكان العلماء السابقون على جانب كبير من العلم، وكان لهم باع طويل في تطور البشرية. ولم يكن عدم ادراكهم لكروية الارض عن ضعف في عقولهم او ضحالة في معرفتهم، وانما لان وعيهم لم يصل بعد المرحلة التي تمكنهم من ذلك الادراك. وجاء العلماء في القرن الخامس عشر ليقفوا فوق وعي جديد كان نتيجة لتراكمات هي التي مكنتهم من معرفة ما لم يستطع من سبقوهم ان يقفوا عليه. ثم انبرى الهوس الديني المتمثل في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ليصادم ذلك الوعي الجديد، فأحرق العلماء ونكل بهم أيما تنكيل. ولكن الوعي البشري شق طريقه غير عابيء. إلا ان بعض دعاة الهوس الديني ظلوا يتمسكون بذلك الموقف المهترئ. فهاجم بعض دعاة الهوس الديني في العالم الإسلامي كروية الارض في القرن التاسع عشر. وكانت الكارثة الاكبر ان احد علماء الدين في المملكة العربية السعودية اصدر كتاباً قبل ثلاثة اعوام بعنوان: «تنبيه الحيران في امر الدوران» وبإشراف وزارة الاعلام السعودي، واعتبر القول بكروية الارض كفراً. وقد تناولت هذا الكتاب الغريب في مقال سابق. ولعل هذا ما دفع روجيه قارودي ليقول: إن العربية السعودية هي المركز السطحي لزلزال الهوس الديني في العالم الاسلامي. (ص 11، الاصوليات المعاصرة).



    ويصف الدكتور فؤاد زكريا حالة العلم في العصور الوسطى في اوروبا قائلاً: واصبح المنهج العلمي يقوم على الجدل العقيم. واصبحت عناصر المعرفة تستمد من الكتب القديمة، وهذا امر ضد عناصر المعرفة ذاتها. وبرع المفكرون في اقامة الحجج والبراهين اللفظية الخالصة، وتلاعبوا بالاستدلالات الشكلية والمغالطات. واصبح الاستدلال الوحيد المعروف لديهم هو قياس الجديد على القديم. وتمسك العلم بأضعف عناصر التراث. وصار التراث هو الذي يفكر بالنيابة عن الناس، وتكمن فيه الحلول لمعضلات العصر، ولم يعد اداة يستهدي بها العقل لايجاد حلول لما يواجهه من معضلات. (التفكير العلمي). أليست هي حالنا مع الهوس الديني؟



    وعندما تناولت بعض جوانب الخطاب القرآني انبرى احد المهووسين بمقال لم يعط نفسه فرصة قراءة ما كتبت. فلم يدرك الفرق بين الخطاب (discourse) والمخاطبة، ولان الفرق بين الخطاب والنص. فهو يخلط بينها خلطا مخلا. وقديما قال الامام علي بن ابي طالب ان القرآن حمال اوجه. وقال ايضا ما معناه ان القرآن اسطر بين ضفتين. لا ينطق وانما ينطق به الرجال. والرجال ينطقون بوعي عصرهم وليس لهم نطق مطلق باق على مر العصور. فهناك فرق بين الكتاب السماوي المقدس وفهم البشر له وهو فهم غير مقدس. ووصل الامر عند المهووسين انهم يعتقدون ان رأيهم مقدس. هذه آفة كبرى تجعل الحوار ليس شاقاً فحسب، بل مستحيلاً.



    وهناك فرق بين القرآن الكتاب المقدس وبين بعض النصوص التاريخية التي يحتويها. وتاريخية هذه النصوص لا تنفي قدسية القرآن. كما ان قدسيته لا تتعارض مع النصوص التاريخية. وضربت مثلاً بموقف الخليفة عمر بن الخطاب من الآية 41 من سورة الانفال التي تقسم الغنائم الى اربعة اخماس للمجاهدين وخمس للدولة. ورفض الخليفة عمر ان يقسمها بتلك الطريقة لان في ذلك حرماناً للاجيال القادمة. وتبعه في ذلك الرأي الامام مالك ثم الشيخان المعاصران جاد الحق علي جاد الحق ومحمد الغزالي. ولم يخرج اي منهم من ملة الاسلام. وهناك آيات الرق، وقيمتها تاريخية وليست مقدسة بعد تلاشي نظام الرق من المجتمعات البشرية. وقلت ان دراسة الخطاب القرآني سوف تساعدنا للتمييز بين المقدس والتاريخي.



    وفي هذا الصدد كتب الاستاذ حسين احمد امين يقول: الدين لا ينشأ في فراغ، وانما في مجتمع معين وزمن معين، فتتلون تعاليمه بالضرورة بظروف ذلك المجتمع ومقتضيات ذلك الزمان وتراعيها. هو اذن حقيقة مطلقة وردت في اطار تاريخي، وظهر في بيئة اجتماعية انعكست معالمها عليه، وذلك من اجل ان يلقى القبول ويضمن الانتشار. فلو ان الرسالة الخالدة لم تراع جهاز الاستقبال لدى من تسعى الى مخاطبته والوصول اليه لضاعت في الاثير واستحال التقاطها. (ص 8، من مقدمته لكتاب عبد الله النعيم، نحو تطوير التشريع الاسلامي).



    الحديث يطول حول الهوس الديني، ويستوقفني ما قاله روجي قارودي، الذي يحتفي اصحاب الهوس الديني بانضمام الرجل للاسلام. ولكنه لم يأت الى الاسلام مغمض العينين، وانما جاء اليه بعقل منفتح. فماذا قال؟ قال إن الاصولية المتخفية في رداء نهوض ديني، هي انغلاق على الماضي. ان برنامج القادة الاسلاميين يتحول الى تكرار ذي طموح تهذيبي واخلاقي، ليصوغ تجريده من القرآن والسنة منذ ألف عام، منفصلة عن سياقها في القرآن وفي التاريخ. وهم بذلك لا يدعون الى إعمال الفكر ومبدأ المشاركة، بل يدعون الى الانقياد السلبي للزعماء الدينيين. ان حركات كهذه تكون هدفا سهلا لقوى اجنبية جاهزة دائما لتمويلها بشجاعة لانها تعزز كل السلطات، الامر الذي يسمح لهذه القوى بتوطيد الايديولوجية من خلال التبعية الاقتصادية. (ص 60-61).



    ان امكانية الحوار في هذا الجو المشحون بالهوس الديني والعنصرية البغيضة والمشاعر السلبية المنفلتة، تبدو ضعيفة وبعيدة المنال، ولكن في نهاية النفق المظلم يسطع نور، هو الذي سوف يسترشد به الانسان لينفذ الى رحاب النور الساطع. لم يتوقف دأب الانسان ابداً عن البحث للخروج من العتمة مهما كان ظلامها كالحا. هذا هو المنطق الذي يقول به تاريخ البشرية منذ ان بدأت تجدَّ السير في دروب الحياة الوعرة. سوف نصرُّ على الحوار وعلى فتح قنواته مهما حاول البعض أن يغلق منافذه. ولا سبيل إلا المثابرة في هذا المسعى.
                  

04-07-2004, 07:43 PM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل هناك مجال لحوار ديني؟ محمد سعيد القدال (Re: merfi)

    Up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de