كتاب «الجيش السوداني والسياسة»

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 07:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2004, 03:44 PM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كتاب «الجيش السوداني والسياسة»

    كتاب «الجيش السوداني والسياسة»
    عصام الدين ميرغني طه «أبوغســان»

    صدر كتابي «الجيش السوداني والسياسة» من دار آفرو ونجي السودانية بالقاهرة في مطلع شهر أغسطس 2002. منذ ذلك التاريخ، تعذر لأسباب عديدة توزيعه في السودان ومعظم دول المهجر. تعرضت أول نسخ من الكتاب أرسلت للوطن مع عائدين للمصادرة، وخضع حاملها الأول للاعتقال والتحقيق.. وفي وقت لاحق أصدر مجلس المطبوعات قراراً بحظر تداوله في السودان. رغم تلك المخاطر دخلت الوطن نسخ محدودة من الكتاب، بينما تم توزيع معظم ما طبع منه عبر قنوات توزيع في مصر ومنطقة الخليج.

    في السابع من يناير الماضي كتب العميد الركن (م) عبدالرحمن الحاج خوجلي تعقيباً عن الكتاب في منبر الحوار بسودانيزأونلاين. لقد اتضح لي من متابعة النقاش إن العديد من المشاركين لم يطلعوا عليه.. أو لم يسمعوا به مطلقاً. لذا رأيت من المنفعة العامة أن يكون الكتاب موضع النقد والتقييم معروف الإطار والمحتوى، وأن يتعرف القراء على ما ورد فيه حتى يمكنهم متابعة التعقيب والنقد، والمشاركة بأي معلومات تساعد في تنقيح وتمتين طبعة تالية. عليه سأعمل على نشر بعض الفصول الهامة، وخاصة تلك التي دار حولها جدل، أو اختلف فيها التقييم كحركة 19 يوليو 1971.

    سيأتي تعليقي وتعقيبي متمشياً مع ما يبرز خلال النقاش. وسيكون تسلسله الابتدائي كما يلي:
    أ. موجز عن كتاب «الجيش السوداني والسياسة».
    ب. مقدمة كتاب «الجيش السوداني والسياسة».
    جـ. الحلقة الأولى من التعقيب
    د. الحلقة الثانية من التعقيب.
    هـ. تسلسل مستمر لحلقات التعقيب والنقاش.

    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة)..
    ميخائيل نعيمة

    أبوغســـان

    14 فبراير 2004
    ---------------------------------
    موجز عن كتاب «الجيش السوداني والسياسة»
    تقديم
    يغطي هذا الكتاب فترة زمنية تمتد طوال قرن كامل، تبدأ منذ أول تكوين لوحدات عسكرية سودانية ضمن منظومة الدفاع عن السودان، والتي وضعتها دولتي الحكم الثنائي «بريطانيا ـ مصر» بعد فتح السودان في العام 1898. مروراً بـ «قوة دفاع السودان» التي أنشأت في العام 1925، ثم إعلان «الجيش السوداني» في يناير 1954 قبل استقلال البلاد، وأخيراً.. «القوات المسلحة السودانية» حتى نهاية العام 2000م. خلال معظم تلك الحقب الزمنية والسنوات الماضية كان الجيش السوداني في صدارة الأحداث السياسية التي صاغت تاريخ السودان الحديث.

    هدف هذا الكتاب إلى بحث الجذور التاريخية لدخول الجيش السوداني أسوار السياسة، ولرصد العوامل والمؤثرات التي قادت إلى تدخله بصورة متتالية، وإسقاطه للسلطة المدنية الديمقراطية، وليصبح السودان على أثرها من أكثر الدول الأفريقية هيمنةً وحكماً تحت ظل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية. يغطي الكتاب في الجزء الأول، جذور وتمدد العمل السياسي داخل القوات المسلحة السودانية.. وما قاد إليه ذلك من انقلابات عسكرية، وسفك دماءِ وظلم وخراب .. وهي محاولة لرصد معظم الأحداث السياسية العسكرية التي حفرت خطوطها على وجه السودان. أما الجزء الثاني منه، فهو عن تجربة المعارضة السياسية العسكرية في مقاومة أكثر الأنظمة العسكرية الشمولية التي اختطفت السودان وارتهنت شعبه بعد انقلاب يونيو 1989.


    [B]الجزء الأول: الجيش والسياسة في السودانالفصل الأول: جذور السياسة في الجيش السوداني
    الدخول من بوابة السياسة
    التدخل الأول: انقلاب 17 نوفمبر 1958
    الجيش السوداني والعمل السياسي المنظم
    الفصل الثاني: النظام المايوي .. الانقلاب والانقسام 1969 ــ1971
    التدخل الثاني: انقلاب 25 مايو 1969
    الانقسام والصراع الدموي.. 19 يوليو 1971
    الفصل الثالث: مرتزقة أم مناضلون؟ النظام المايوي والجبهة الوطنية المعارضة 1970 ـ 1976
    الصدام الأول: الجزيرة أبـا
    انقلاب المقدم حسن حسين
    الغزو 1976 .. مرتزقة أم مناضلون؟

    الفصل الرابع: النظام المايوي .. المعارضة من داخل القوات المسلحة
    مذبحة الجنرالات
    التنظيمات العسكرية السرية
    القوات المسلحة السودانية والنظام المايوي
    الفصل الخامس: من الانتفاضة إلى مذكرة الجيش
    الموقف السياسي والعسكري 86 ـ 1989
    الأزمة السياسية ــ العسكرية
    مذكرة الجيش والطريق إلى الانقلاب
    الفصل السادس: الإخوان المسلمون والجيش السوداني
    الإخوان والجيش السوداني 49 ـ 1977
    استراتيجية الخرق 1977
    البناء العسكري الإسلامي 77 ـ 1985
    الفصل السابع: الانقلاب .. اختطاف الوطن
    الطريق إلى الانقلاب
    الخطة العامة لانقلاب الجبهة الإسلامية
    خطط الخداع وتأمين السلطة الجديدة
    تنفيذ الانقلاب
    الجزء الثاني: مقاومة الدكتاتورية العسكرية
    الفصل الثامن: السباق بين التمكين والتصدي المضاد
    الانقلاب المتدثر بالخداع
    خطة الجبهة الإسلامية لتأمين السلطة
    التصدي الأول: «حركة مارس 1990»
    الفصل التاسع: «المذبحة».. حركة أبريل 1990
    المواجهة والتحركات المضادة
    التحقيق والمحاكمات والمذبحة
    قائمة ضباط «حركة أبريل 1990»
    تقييم القصور وعوامل الإخفاق
    الهوية السياسية «لحركة أبريل 1990»
    الإدانة والاستهجان
    المسئولية الجنائية ولائحة الاتهام
    الفصل العاشر: الجناح العسكري للتجمع الوطني الديمقراطي
    مولد مشروع الجناح العسكري
    تكوين «القيادة الشرعية»
    الفصل الحادي عشر «أنا السودان»..
    عملية «أنا السودان»
    «القيادة الشرعية» إلى أين؟
    قوات «أنا السودان»
    الفصل الثاني عشر «القيادة الشرعية»..العمليات النوعية
    العمليات السرية
    الغزو البحري والجوي
    الفصل الثالث عشر: انشطار «القيادة الشرعية»
    الطريق إلى التفرق
    العشاء الأخير.. الانشطار
    المستقبل
    الفصل الرابع عشر: الانقلابات العسكرية في السودان ــ المؤثرات ..التحليل والمستقبل
    النهج الانقلابي في السودان.. الحقائق والتحليل
    تحليل النهج الانقلابي المقارن
    البيانات العسكرية ( البيان الأول: 58 ــ 69 ــ 89)
    الإحصائية: الانقلابات والمحاولات:: (1956 ـــ 2000)
    مجموعة الخرائط: ( عدد أربعة خرائط توضيحية).
    قائمة المراجع استند هذا الكتاب في التوثيق وتقصي الحقائق على ما تيسر من مراجع، وبلغ عددها ثمانية وثلاثين مرجعاً، ثم التجربة الشخصية والمعايشة الآنية لبعض الأحداث التي شملها الكتاب، واستقصاء وحوار بعض قادة القوات المسلحة من معاصريها، إضافة لوثائق المعارضة السودانية في الفترة من 90 ـ 2000.
    ( عدد صفحات الكتاب 575 صفحــة)
    -----------------------------
    «الجيش السوداني والسياسة»
    المقدمــــة
    {
    يغطي هذا الكتاب فترة زمنية تمتد طوال قرن كامل، تبدأ منذ أول تكوين لوحدات عسكرية سودانية ضمن منظومة الدفاع عن السودان، والتي وضعتها دولتا الحكم الثنائي «بريطانيا ـ مصر» بعد فتح ـ أو غزو ـ السودان في العام 1898. مروراً بـ «قوة دفاع السودان» التي أنشأت في العام 1925، ثم إعلان «الجيش السوداني» في يناير 1954 قبل استقلال البلاد، وأخيراً.. «القوات المسلحة السودانية» حتى يومنا هذا. خلال معظم تلك الحقب الزمنية والسنوات الماضية كان الجيش السوداني في صدارة الأحداث السياسية التي صاغت تاريخ السودان الحديث، ومن أجل هذا، هدف هذا الكتاب إلى بحث الجذور التاريخية لدخول الجيش السوداني أسوار السياسة، ولرصد العوامل والمؤثرات التي قادت إلى تدخله بصورة متتالية، وإسقاطه للسلطة المدنية الديمقراطية، وليصبح السودان على إثرها من أكثر الدول الأفريقية هيمنةً وحكماً تحت ظل الأنظمة العسكرية الدكتاتورية.

    منذ العام 1955، وفي أغسطس تحديدا،ً دخل الجيش السوداني معترك السياسة بتمرد وحدات الفرقة الجنوبية لأسباب سياسية ناتجة عن ترسبات الاستعمار، وبقوة دفع من الساسة الجنوبيين.. ثم تلى ذلك الانقلاب العسكري الأول الذي قاده الفريق إبراهيم عبود في 17 نوفمبر 1958 والذي أدخل الجيش السوداني في لجة السياسة، ولتبدأ الحلقة الشريرة التي اشتهر بها السودان.. إسقاط الحكم المدني الديمقراطي بانقلاب عسكري يستولي على السلطة.. لتعقب بعدئذٍ انتفاضة شعبية تهدف لاستعادة الديمقراطية السليبة. إن تلك الحلقة الشريرة ما هي إلا نتيجة مشتركة لخيبة الأنظمة الديمقراطية المدنية من جهة، وتغول الجيش السوداني من جهة أخرى. فشلت الأنظمة المدنية الديمقراطية في قيادة البلاد بانتهاج حكم ديمقراطي معافى، قادر على تحقيق طموحات الجماهير في الاستقرار والتنمية، وأدخلت الوطن في أزمات سياسية متلاحقة عبر نصف قرن من الزمان، كانت تنتهي دائماً بفتح الطريق لتدخل الجيش.. ذلك الجيش الذي تحصل على ثلاث بطاقات دعوة للتدخل بكرم «حاتمي سوداني» طال حتى مصير الوطن.. وقاد ذلك إلى ثلاثة انقلابات عسكرية ناجحة، وطدت ثلاثة أنظمة حكم عسكري دكتاتوري، مختلفة الهويات والتوجهات، أسهمت جميعها بصورة مباشرة في المأساة التي يعاني منها الشعب السوداني اليوم.

    إن أنظمة الحكم الديمقراطي الثلاثة منذ استقلال السودان في العام 1956، تتشارك الفشل في عدم إكمال أي منها دورة حكم ديمقراطية كاملة تأتي بعد انتخابات نيابية.. وهي الفترات التي تعارف عليها العالم في التداول الديمقراطي للحكم، وفي متوسطها أربعة أعوام، إذ سرعان ما ينقض نظام عسكري لإجهاض التجربة الديمقراطية، دون إتاحة الفرصة للجماهير للحكم عليها وعلى السياسيين الحزبيين الذين قادوها.. والذين أخفقوا ـ كحالهم دائماً ـ في تنفيذ وعودهم لناخبيهم، ومدى التزامهم ببرامجهم السياسية.. إن كانت هنالك أصلاً برامج وسياسات واضحة.

    حاولتُ تقصي العوامل والمؤثرات، التي دفعت الجيش السوداني للتدخل في المرات الثلاث التي أدت إلى تقويض الأنظمة المدنية الديمقراطية منذ نيل السودان لاستقلاله، فوجدتُ أن معظم العوامل والدوافع تبدو متماثلة، ولا تختلف كثيراً عن تلك التي حركت الجيوش في العديد من دول العالم الثالث للزحف والإطاحة بالنظم الديمقراطية. هنالك نظرية عن تدخل الجيوش في السياسية تسمى بـ «نظرية الخلاص»، وهي نتاج لتجربة أمريكا اللاتينية من دوامة الانقلابات العسكرية التي عصفت بها خلال النصف الثاني من القرن الماضي. تقول تلك النظرية: «الجيش لا يعمل بالسياسة، إنه فوق السياسة.. لكن في اللحظات الحرجة، وعندما تتعرض البلاد للخطر، يجب أن يظهر على مسرح الأحداث وينقذ الأمة». كان ذلك ما أعلنه العسكريون الثلاثة الذين أطاحوا بالديمقراطيات المدنية في السودان، في قولهم المكرر: أنهم «جاءوا لإنقاذ الأمة».. وسيجد القارئ المتتبع ذات العبارات قاسماً مشتركاً في البيان الأول لكل منهم.. الأحزاب الفاشلة المتناحرة.. عدم الاستقرار.. تردي علاقاتنا الخارجية، ووقف الفساد ورفع معاناة الجماهير.

    في الوجه الآخر للعملة، لا يمكننا إغفال الضعف المستمر الذي عكسته الأحزاب الطائفية السودانية في إدارة الأنظمة الديمقراطية، ولا يمكننا إعفاؤها من مسئوليتها في خلق الأزمات السياسية المستعصية التي أدخلت فيها البلاد في كل مرة.. فالأزمات السياسية المستعصية، والفراغ السلطوي وضياع هيبة الحكم، هي أكثر العوامل لبناء المناخ الملائم للتدخل العسكري. أما الظاهرة الأسوأ والأدهى، فهي عدم دفاع الأحزاب السياسية عن النظام الديمقراطي، وعوضاً عن ذلك تكون المسارعة والهرولة في تأييد القادمين الجدد، الذين انتزعوا منها السلطة قسراً.. وذلك خير دليل على عدم القناعة الكاملة بالنظام الديمقراطي من قبل القائمين على أمره، وإثبات دامغ على تمكن نزعة انتهازية واضحة، تحاول الحصول على المغانم من كعكة السلطة العسكرية الجديدة.

    لعل السؤال الذي يطرح نفسه، ونحن في مطلع قرن جديد تسوده الديمقراطية وحقوق الإنسان على نطاق العالم.. كيف سيتسنى لنا إخراج السودان من وهدته الحالية؟ وكيف يمكننا وضع الضوابط حتى لا تتكرر تجارب الماضي القاسية التي خربت حال السودان وشعبه؟ وهنالك المسألة الجوهرية في أمر إعادة بناء جيش السودان مستقبلاً.. ذلك الجيش الذي تعرض للتسييس العقائدي، ولأهواء ثلاثة أنظمة عسكرية دكتاتورية تأرجحت «وفي معيتها الجيش» من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين المتطرف.. وكيف سنقوم بتخطيط وبناء منظومة الدفاع عن السودان، ضمن منظومة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وبحيث يضمن كلاهما السلام والاستقرار الدائم، ويحققان التنمية والعدالة.

    يغطي هذا الكتاب في الجزء الأول جذور وتمدد العمل السياسي داخل القوات المسلحة السودانية.. وما قاد إليه ذلك من سفك دماء وظلم وخراب.. وهي محاولة لرصد معظم الأحداث السياسية العسكرية التي حفرت خطوطها على وجه السودان. أما الجزء الثاني من الكتاب فهو عن تجربة المعارضة السياسية العسكرية في مقاومة أكثر الأنظمة العسكرية الشمولية التي اختطفت السودان وارتهنت شعبه بعد انقلاب يونيو 1989.. كيف كانت بداية معارضة ضباط القوات المسلحة، وقيادتهم محاولتين لإسقاط نظام حكم الجبهة الإسلامية في السودان.. تلك المحاولات التي انتهت بالمذبحة المروعة لثمانية وعشرين ضابطاً في أبريل 1990. يبحث الكتاب أيضاً تصدي قائد الجيش الذي أطيح به، ومعه ضباطه المؤمنون بحقوق الشعب السوداني في الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، لبناء «حركة سياسية ـ عسكرية» عملت في إطار التجمع الوطني السوداني المعارض على استعادة الديمقراطية والسلام والاستقرار. تلك تجربة مثيرة اختلطت فيها السياسة بالعمل العسكري، واستبانت لنا فيها كثير من الرؤى وخبايا الأحزاب السياسية السودانية، وهي دهاليز وسراديب قلما يدركها الجندي المحترف.

    يأتي هذا الكتاب نتاجاً لتجربة سياسية ـ عسكرية امتدت لما يقارب الأربعين عاماً، تأتي في خضمها التجربة الشخصية بدءاً من المشاركة في الحركة الطلابية خلال حقبة الستينات، ثم انخراطاً في خدمة عسكرية نظامية امتدت لواحد وعشرين عاماً.. وانتهاء بتجربة عمل سياسي معارض لنظام الجبهة القومية الإسلامية الحاكم في السودان منذ العام 1989. كانت التجربتان الطلابية والعسكرية في فترة زمنية صاغت فيها القوات المسلحة السودانية كل الأحداث السياسية الحاسمة في تاريخ السودان الحديث، منذ الانقلاب العسكري الأول، وحتى الأخير الذي نفذته جماعات الإسلام السياسي الأصولي. جاءت فترة التجربة الشخصية الثانية في ساحة المعارضة السياسية العسكرية بعد اختطاف الوطن وتعثر الحوار الوطني، ودعوة النظام الحاكم المعارضة لحمل السلاح إن أرادت للتغيير سبيلاً.. تحولنا فيها إلى قادة «حركة سياسية ـ عسكرية معارضة»، حملت سلاحها في مواجهة القوات المسلحة السودانية.. ذلك البيت الكبير الذي خرجنا منه مُشبعينَ بالقومية والانتماء لقضايا الوطن. خلال كل تلك الفترة الزمنية الطويلة، عايشنا معظم الأحداث الجسام التي كانت القوات المسلحة السودانية طرفاً فيها.. شهود عيان أحياناً، ومشاركين في أحايين أُخر. إن ذلك المسار الطويل، يتطلب الحياد والدقة والموضوعية عند الكتابة لتوثيق التاريخ، ولإظهار الحقائق التي يمكن أن تكون عظة لسياسيي الوطن، وهادياً لشعبه المتسامح من مغبة الوقوع في أخطاء الماضي.. ونبراساً لأجيال قادمة حتى لا يُظلموا كما ُظلِم آباؤهم من قبل.

    على الرغم من أنني بذلت كل جهدي في توثيق الأحداث التي يتضمنها ويخوض فيها هذا الكتاب بدقة.. وهي دقة أثّرَ فيها ـ بلا شك ـ فترة غياب قسري عن الوطن لأكثر من اثني عشر عاماً.. والوطن يعني القدرة على حوار شهود الأحداث وتقصي المصادر، وذلك يتعذر بالطبع في المنافي والغربة. وهنا يجدر بي أن أشير إلى أن بعض التوثيق أو أسماء المشاركين في الأحداث أو المتأثرين بها، لربما لازمه شيء من اللبس أو الخطأ.. فإن حدث هذا فذلك أمر يستلزم المعذرة، والتصويب مستقبلاً.

    أخيراً.. يجدر بي أن أدعو جميع القادة السياسيين، وقادة وضباط الجيش السوداني الذين شاركوا في صنع الأحداث الجسام في تاريخ السودان الحديث، أو الذين عاصروا مجرياتها، ألا يظلموا الأجيال القادمة بحجب الحقائق والسكوت عن كشف تفاصيلها الخافية. وكما هو معلوم فإن معظم الدول المستقرة ديمقراطياً، تُطبق قوانين واضحة في الكشف عن الوثائق والأسرار بعد مضي فترة خمسة وعشرين عاماً، وقد يذهب بعضها في إطالة تلك الفترة إلى أربعين عاماً.. ولكن خاتمة الأمر وغايته.. هو تمليك الشعب والتاريخ الحقائق المبرأة من كل غرض لتكون عبرة ومنفعة، ودروساً مستفادة تساعد على رسم خُطى مستقبل أفضل.. أكثر إشراقاً ووعداً.








                  

02-14-2004, 04:31 PM

theNile
<atheNile
تاريخ التسجيل: 02-10-2002
مجموع المشاركات: 365

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (Re: عصام الدين ميرغني)

    ياخوى وين الجيش دا وين السياسه دى. الجيش في الاصل عصابه منظمه ضد الشعب السودانى, مره تكون منظمه تنظيم شيوعي مره جبهجي او اسلامي مره يفشل التنظم لانه بعثي والارض السودانيه مغتصبه في الشمال الشرقي من البلاد حلائب وين الجيش دا وين السياسه دي. الجيش الجبان الذي يستعمل كاداء في ضرب الشعب. الدبابات في كباري العاصمه هى مفروض تكون في حلائب والجنود لافيين بليل عشان حظر التحول في العاصمه مفروض يكونو في الخنادق والبلد مقطوعه منو حته.
    وين السياسيين ديل محمد عثمان الميرغنى العمرو ماحس بجوع ولانطه عليه حرامى وهو نائم ولا درس في مدرسه وكان درجه الواطه ولا كراسته اكلته الغمايه . معقول سياسي لم يحس بالانسان الجيعان وعدم الامن والان تدنى التعليم وحتى وهو في المعارضه كان عايش في فنادق القاهره واسمره اسه كمان قلب علي جده تلك المدينه الساحليه دا كلو كوم منافسه الصادق المهدى كوم. الصادق المهدى والله الامام الصادق و هو مثل مولانا الختمي ماحس بجوع ولا عدم امن ودرس في مصر وبريطانيه يعنى من نعيم الي النعيم ودى كلو خلو ونمشي الي زين العابدين الهندى الما عندو راي مره مع المعارضه في مصر ومره مع الحكومه في الخرطوم بالعربي كده مبداء الطريق للسلطه يببر الوسيله وهو من المدرسه بتاعه مولانا الميرغنى والامام المهدى وكمان مادبو علي ابن زعيم القبيله وجوزف لااقو ابن ملوك الجنوب مبارك الفاضل وناس وبكري عديل والبناء والمرحوم عمر نور الدائم ابن زعيم قبيله الحسانيه يعنى الموضوع كلو عصابات مرات عصابه دينيه مره عصابه قبليه وصعب علي ابناء الصعفاء الدخول بها. السياسه في السودان عامله مثل الطريقه الماسونيه تنظيم دقيق من ابناء الزعماء الدينيين او الزعماء القبليين لو كنت منهم انتى جوه لو كنت من الطبقه التعبانه احسن تتفرج والله تعمل انقلاب وهي الحقيقه. طيب من الناس ديل بيمثل الغلابه الشعب المطحون الناس البتركب الحمار وتمشي اميال للمدرسه ناس الفته ومويه الفول ومويه الجبنه ولو كان في مويه زيت ما كان اشترو زيت وين الناس بالتشترى قلم رصاص واحد تكسره علي ثلاثه اولاد ولو كان في طريقه تكسره علي خمسه اطفال بس بالطريقه دى القلم حيكون صغير مايقدر يكتب به الاطفال. وين السياسيين ديل الواحد عمره دخل الستيين وفاقد الذاكره ولسه عايز يكون في السلطه ومكنكش فيها بيده وكرعيه وماعايز اي انسان ينافسه ودى مصيبه شيخ الدين وشيطان السياسه اليوم معاك ويصدر فتوى للجهاد وبكره عليك ويصدر فتوى الموت الفطيس اليوم مع عصابه الحيش ويضم عصابه الجيش والدين في اداره واحده وبكره يتمرد ويكيد ليك المكائد والادهى من ذاك من يتبعه وصدقه وين السياسه دى . وين السياسيين دى الواحد يبنى القصور في المناطق العشوائه ويهدم بيوت الطين في المناطق العشوائه الاخري وكل البيت هو اوضه بتاعه طين وراكوبه نصفاها مظلل والنصف الاخر عيدان سي مربوط فيها الحمار عشان يوصل الشفع للمدرسه وين السياسين ديل وين الحيش دا.

    (عدل بواسطة theNile on 02-14-2004, 07:21 PM)

                  

02-14-2004, 06:24 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (Re: عصام الدين ميرغني)

    عزيزي العميد عصام الدين ميرغني
    نشكر لكم التفضل بايراد الكتاب
    حتي يتثني لنا الحكم السليم
    كما نشكر لكم اقتراحكم بالاضافات والتعديل
    مما يعبر عن احترامكم لزملائكم
    والكمال لله وحده
    ننتظر من الاحبة
    العميدين
    عبد الرحمن خوجلي
    وهاشم الخير للادلاء بدلويهما
    نحترم جيشنا السوداني
    ونقر بانه قد انجب الصالح كما انه قد انجب الطالح مثله في
    ذلك مثل كل المرافق ولكم الاحترام

    (عدل بواسطة Elmosley on 02-14-2004, 06:25 PM)

                  

02-15-2004, 05:11 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (Re: Elmosley)

    up
                  

02-15-2004, 02:00 PM

nile1
<anile1
تاريخ التسجيل: 05-11-2002
مجموع المشاركات: 2749

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (Re: بكرى ابوبكر)

    أقترح أن تنسق مع الأخ بكري لتحميل الكتاب كاملا حتي يتسني للجميع قراءته فهو وثيقة وشهادة من شخص خبر وسبر أغوار ما يكتب عنه...التحية لك وللأخ بكري
                  

02-19-2004, 04:24 PM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (2) (Re: عصام الدين ميرغني)

    العميد أ.ح. عبد الرحمن خوجلي يعلق على كتاب الجيش السوداني والسياسة
    التعقيب على الوقفة الأولى
    الحلقة الأولى

    كتب العميد خوجلي:
    (اعتدت على قراءة كتب المذكرات واليوميات والفضفضة منذ زمن بعيد واحس دومـا عند قراءتـها براحة ذهنـيـة ونـفـسية تضيـف على الانسان احسـاسـا بالمسرة والبهجة والمرارة احيانا لأنها تعكس وقائع الحياة اليومية للناس بحلوها ومرها. أول كتاب قرأته في هذا الإطار كان كتاب ذكرياتي في البادية للاستاذ حسن نجيلة في الستينات من القرن المنصرم، وآخرها كتاب الدكتور بطرس غالي "طريق مصر للسلام" وقد كان سردا رائعا للاحداث وتحليلها والتي انتهت باتفاقية كامب ديفيد العروفة ويختلف الناس في تأييدها ومعارضتها باراء موضوعية ومثيرة للكثير من الجدل. أما هذا الكتاب الذي جاء نهجه في قائمة هذا النوع من الكتابة، لم يكن في روعة كتب المذكرات التي قرأتها انفا.)

    4. لا أعتقد إن العميد خوجلي قد قرأ كتاب «الجيش السوداني والسياسة» بدقة وحياد وتجرد تام بعد أن حكم عليه مسبقاً، وقبل صدوره، وأيضاً لم يوفق تماماً في تصنيفه للكتاب ضمن كتب المذكرات للأسباب التالية:
    أ. إن كتب المذكرات تكتب بعد معايشة زمنية متصلة بالأحداث. الكتاب موضوع النقد يغطي فترة زمنية تمتد طوال قرن كامل، تبدأ منذ أول تكوين لوحدات عسكرية سودانية ضمن منظومة الدفاع عن السودان والتي وضعتها دولتا الحكم الثنائي، مروراً بـ «قوة دفاع السودان» ثم إعلان «الجيش السوداني» في يناير 1954 قبل استقلال البلاد، وأخيراً.. «القوات المسلحة السودانية» حتى نهاية القرن الماضي. من الواضح هنا، إن مؤلف الكتاب لم يعاصر ويلتصق واقعياً بأي من الأحداث التي كان الجيش السوداني طرفاً مؤثراً فيها إلا بعد العام 1969، وأعني هنا الإنضمام للجيش السوداني كطالب حربي «أي بداية السلم العسكري»، ومعلومات الطالب الحربي عن تاريخ وخفايا الجيش السوداني تكون محدودة للغاية.
    ب. في يقيني وقناعتي إن كتاب «الجيش السوداني والسياسة» يقع ضمن مجال الدراسات البحثية «منهج البحث العلمي»، والذي يعتمد على التالي:
    (1) تجميع الحقائق المتعلقة بالموضوع من المصادر المختلفة، وتوثيقها بدقة بالأسانيد والوثائق.
    (2) تلخيص ووضع المادة في أطر زمنية متدرجة.
    (3) التحليل والتقييم والاستنتاجات.
    (4) رصد عوامل النجاح والإخفاق والدروس المستفادة.
    (5) الخلاصة والمستقبل.
    لقد طبق هذا المنهج البحثي عبر أربعة عشر فصلاً، تشكل في مجملها الكتاب موضوع النقد، ووظف في ذلك العمل خبرة سنوات طويلة في مجال البحوث والدراسات، يدركها المعقب، وكل معاصراً للكاتب في المجالين، الاحترافي والسياسي.
    جـ. اعتمدت الدراسة التي عرضها الكتاب على عدد ثمان وثلاثين مرجعاً، وعلى المئات من وثائق المعارضة السودانية في الفترة بين الأعوام 89 ـ 2000م.
    د. وآخراً.. في تعقيبي على التصنيف غير العلمي، وغير المنصف الذي ساقه العميد خوجلي للكتاب موضوع النقد.. أود أن أقول إن هنالك الكثيرون ممن لم يأخذوا بمثل ما أتى به، وجاءت آرائهم مخالفة تماماً، وسأقتطف من تلك المقالات ما يتعلق فقط بمنهجية البحث وشمولية التحليل:

    رأي (1):
    يشكل كتاب «الجيش السوداني والسياسة» للأستاذ عصام الدين ميرغنى طه (أبو غسان)، والصادر في القاهرة في أغسطس الماضي؛ إضافة ثرة للمكتبة السودانية في جانب مهم من جوانبها، وهو دراسة وتوثيق لعلاقة الجيش السوداني بالتحولات الدرامية، السياسية والاجتماعي، في سودان القرن الفائت.
    أما الوجه الثالث فيأتي من منهج الكاتب في إعداد دراسته؛ والذي جمع بين التوثيق الدقيق؛ المعتمد على دراسات سابقة ومراجع متيسرة؛ ووثائق تنشر لأول مرة؛ ومعلومات تفصيلية من داخل موقع الحدث؛ تحصل عليها من خلال نشاطه المهني والسياسي؛ ومنهج التحليل العلمي؛ والمبنى على استنتاجات وملاحظات وتعميمات نظرية خارجة من رحم التجربة.
    إن قراءة عامة للكتاب؛ توضح حجم الجهد الذي بذل في كتابته؛ وتشير إلى انه قد سد فجوة واسعة في المكتبة السودانية. إن التفاصيل الدقيقة والتحليلات العميقة إنما توضح وعيا عميقا للكاتب بموضوع دراسته؛ ووعى مماثل بقضايا الأزمة السودانية؛ وهى بهذا تنقل قارئ الكتاب من الانطباع الأول؛ بكونه مجرد مذكرات ضابط سابق في الجيش؛ إلى كونه عمل منهجي لمفكر وسياسي قدير.)
    الأستاذ عادل عبد العاطي ـ صحيفة أخبار العرب، أبوظبي ـ أكتوبر 2002
    صحيفة الأيام ـ الخرطوم، نوفمبر 2002.
    ملاحظة: الخط الذي في الفقرة الأخيرة تحت جملة: (وهى بهذا تنقل قارئ الكتاب من الانطباع الأول بكونه مجرد مذكرات ضابط سابق في الجيش) لم يضعه الأستاذ عادل عبدالعاطي في مقاله المشار إليه أعلاه.

    رأي (2):
    (لقد صدر خلال العقدين الماضيين أكثر من مؤلف يتناول قضية الجيش والسياسة في السودان، ولكن ما توفر للسيد عصام على دراسته وإصداره يختلف عما سبق في أنه جاء حاوياً متكاملاً في تتبعه للقضية بكل أبعادها، فهو يبدأ أولاً بإيضاح جذور الفكر السياسي في الجيش السوداني منذ أن كان قوة صغيرة باسم «قوة دفاع السودان» خلال مرحلة الاستعمار، ثم ينتقل بعد ذلك في دراسته المتأنية الموثقة إلى أن يصل بالقضية ويتابعها مرحلة بعد مرحلة من نشأة وتطور المقاومة العسكرية لآخر نظام عسكري «أيديولوجي» ابتلي به السودان ومازال الشرفاء من أبنائه يناضلون للخلاص منه.
    شَبَّه إمبراطور إثيوبيا الراحل هيلاسلاسي الجيش بـ «الأسد» فقال ما معناه أن إطلاق الأسد قد يكون سهلاً ميسراً، ولكن إعادته للقفص مرة أخرى تصبح أمراً صعب المنال.إن انفلات «الأسد» من قفصه عام 1958 فتح شهية كل القوى السياسية بلا استثناء للتسلل والعمل سراً وسط ضباط الجيش وجنوده، وهذه قضية أخرى لم يعالجها المؤلفون من قبل، ولكن العميد عصام غاص في بحور تفاصيلها وعاد بذخيرة وافية وصيد ثمين من المعلومات والحقائق التي يكشف عنها الغطاء بهذا القدر لأول مرة.
    إن المؤلف العميد (م) عصام ميرغني قضى في الجندية أكثر من 21 عاماً، تدرج خلالها إلى احتل منصباً مرموقاً في سقف قيادة القوات المسلحة السودانية حتى تم اعتقاله وإبعاده من المهنة التي أحبها وأخلص لها بصورة تعسفية فور نجاح انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30/6/1989.. ولما كان العميد «أبوغسان» من الضباط الذين يتمتعون بحس سياسي ووطنية متقدة.. ولما كان كذلك من المخلصين للشرف العسكري والمؤمنين بالديمقراطية ومناهضة الدكتاتورية، فإنه نذر ذاته من يومه ذاك للعمل في صفوف المعارضة حتى أصبح الآن رقماً أساسياً في الجناح العسكري للمعارضة.. وكانت كل هذه التجارب ذخيرة استعان بها في تأليف هذا الكتاب الجيد الذي يعد بحق أدق وأثمن وأوفى ما صدر حتى الآن من إيضاح وتحليل لقضية علاقة الجيش السوداني بالسياسة وتطور مقاومة الأنظمة العسكرية منذ يومها الأول وحتى الآن.
    الأستاذ محجوب عثمان ـ وزير إعلام سابق في السودان وكاتب صحفي، لصحيفة الاتحاد الإماراتية ـ 15 نوفمبر 2002م.

    رأي (3):
    جاء الكتاب شاملاً لموضوعه، منذ تأسيس قوة دفاع السودان عام 1925 وحتى انقسام القيادة الشرعية عام 1994، وهو بالتالي الكتاب الوحيد الذي أحاط بموضوعه هذه الإحاطة الكلية، مما يجعله مرجعاً لا غنى عنه لكل من يود دراسة هذه المؤسسة البالغة الأهمية في تاريخ السودان، أو دراسة أي جانب من جوانبها، أو فترة من فترات تطورها.
    لم يكتف بسرد الأحداث بل حاول تفسيرها وتوضيح دوافع القائمين بها ومراميهم، ووفق توفيقاً كبيراً في هذا المسعى، وخاصة فيما يتعلق بانقلاب الجنرال إبراهيم عبـود الذي فتح أبواب جهنم التي تمثلت في الانقلابات العسكرية الناجح منها والفاشل، هذا إذا لم نشأ أن نقول إن الانقلابات التي نجحت كانت في الواقع هي الأكثر فشلاً من الناحية الوطنية وفي علاقتها بمصائر الشعب السوداني.
    وما أحوجنا للحوار الموضوعي حول هذه القضايا الوطنية الهامة، وما أحوجنا في السودان للتمييز بين النقد والهجاء. ومن محاسن الكتاب أنه يفتح هذه الأبواب للجدل الموضوعي الذي لا يبتغي أهله سوى وجه الحق، وعظمة الحقيقة.
    الأستاذ الخاتم عـدلان ـ مجلة حـق ـ العدد الرابع، فبراير 2003
    ملاحظة: الخط الذي في الفقرة الأخيرة تحت جملة: (وما أحوجنا في السودان للتمييز بين النقد والهجاء) لم يضعه الأستاذ الخاتم في مقاله المشار إليه أعلاه.

    رأي (4):

    (وفي هذه المرة نسير في اتجاه آخر حيث نعرض التفاصيل الدقيقة والمثيرة التي عرضها العقيد الركن عصام الدين ميرغني في كتابه الحديث الصدور (الجيش السوداني والسياسة) عن الهجوم على الخرطوم من قبل الجبهة الوطنية في 1976م . وهي قراءة فنية وسياسية لذلك الهجوم نريد من عرضها أخذ العبر والوقوف على تكتيكات الهجوم على المدن الكبرى وتكتيكات المقاومة لها من وحي تجربة سودانية لم يكتمل اندمال جراحها المعنوية بعد!!).
    صحيفة الرأي العام السودانية 18 مايو 2003

    آراء أخرى:
    الأستاذ أحمد حسن محمد صالح، عمود مفارقات ـ صحيفة الرأي العام الأربعاء 21 مايو 2003.
    الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن ـ صحيفة الشرق الأوسط ـ العدد الصادر بتاريخ 17 مايو 2003.
    مجلة الطريق ـ ألمانيا.
    صحيفة البيان الإماراتية ـ عرض الكتب ـ http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2002/issue231/arabiclib/3.htm

    5. ليس لدي الآن أدنى شك في أن العميد خوجلي، قد أصدر إعلان حرب سابق لصدور كتاب «الجيش السوداني والسياسة»، وإن الخلاف السياسي بيننا بسبب خروجنا من «القيادة الشرعية» المقدسـة، بعد وصولها إلى نقطة التجمد والشلل الكامل، أصبح هو العامل الأساسي في كل خطواته وحكمه على كل المسائل المشتركة. وضع العميد خوجلي نظارات داكنة ومحدودة المدى.. ثم بدأ في قراءة الكتاب، ولذلك لم يرى إلا انعكاس واستنتاجات قناعات أصبحت ثابتة. ومن الواضح جلياً إن قراءته كانت انتقائية تستهدف اكتشاف الثغرات ومكامن الأخطاء.. وسنعرف في نهاية حلقات التعقيب، إن نجح في مسعاه.. أو عاد صفر اليدين.

    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة).. ميخائيل نعيمة
    19 فبراير 2004 أبوغســـان
                  

02-21-2004, 04:16 PM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (3) (Re: عصام الدين ميرغني)

    العميد أ.ح. عبد الرحمن خوجلي يعلق على كتاب الجيش السوداني والسياسة
    التعقيب على الوقفة الأولى
    الحلقة الثـالثة

    كتب العميد خوجلي:

    ( سبق في اختيار هذا العنوان للكتابة أولا العميد أ.ح. عبدالرازق عبدالرؤوف الفضل عندما قدم بحـثا بعنـوان "الجيش والسـياسـة" لـنـيل درجـة الماجستـيـر من جامعة الخـرطـوم، معـهـد الـدراسـات السـيـاسـيـة والاستراتـيـجـيـة. وثانيا العقيد (م) محمد محجوب عثـمان "الجيش والسـياسة في السودان" والمعروف عنه مشاركته في حركة علي حامد وكبـيـدة في 9/11/1959 وكـان وقـتـها برتبة ملازم وحكم عليه بالطرد من الخــدمة والسجن مدى الحـيـاة ثـم تــمت إعادته لـلخدمــة بعــد 25/5/1969 برتبة رائد ومذكراته في رأيي لم تكن دقيقة في سردها للأحداث، هـذا وقد ضـمـن عصام ميرغني هذا الكتاب في قائمة مراجعة.)
    التعقيـب:
    6. إن علاقة الجيوش والسياسة ـ أو تدخل المؤسسات العسكرية ضد أنظمة الحكم المدني ـ هو مجال يقع في إطار علوم الدراسات السياسية. هنالك المئات من الكتب التي بحثت في ذلك الأمر، والمكتبة العالمية حافلة بمئات المراجع بلغات عديدة. أما في السودان، فقد كان ما كتب عن علاقة الجيش والسياسة قليل جداً، وهذا المجال يحتاج إلى جهد آخرين لسبر أغواره.

    7. إن الكتابة والكتب لا تكون في العناوين، كما أورد المعقب، وإنما الكتابة تكون في الموضوعات. أما عن الكتب التي ذكرها العميد خوجلي، فلم تكن ملاحظاته مكتملة ودقيقة، وبعض تقييمه أيضاً ليس عادلاً للأسباب التالية:
    أ. الجيش والسياسة في السودان ـ حركة 19 يوليو، وصدر 1998، لمؤلفه الأستاذ محمد محجوب عثمان. أورد العميد خوجلي: (ومذكراته في رأي لم تكن دقيقة في سردها للأحداث). في رأيي إن هذا تعميم غير مقبول في حق المناضل المخضرم الأستاذ محمد محجوب عثمان، وقد يكون الخلاف في خلاصة ما توصل إليه الكتاب مدعاة للحكم الجزافي الذي أصدره العميد خوجلي. عليه ننتظر من العميد خوجلي أن يوضح لنا بجلاء أوجه عدم الدقة التي اكتشفها عند ما يكتب إفادته عن حركة 19 يوليو 1971.
    ب. العميد أ.ح. عبدالرازق عبدالرؤوف الفضل قدم بحـثا بعنـوان «الجيش والسـياسة» لنيل درجة الماجستير من معهد الدراسات الاضافية بجامعة الخرطوم، وقد أشرف على البحث الراحل المقيم بروفسير. محمد عمر بشير، ولم ينشر هذا البحث حتى الآن. لا يوجد ما يسمى بـ «معهد الـدراسات السياسية والاستراتيجيـة» في جامعة الخرطوم، وقد تم إنشاء معهد بذلك الاسم في عهد النظام الشمولي الحاكم، ويتبع لوزارة الدفاع.
    جـ. كتاب العميد السر أحمد سعيد عنوانه المكتمل هو «السيف والطغاة» والعنوان التعريفي الفرعي ـ الجيش السوداني والسياسة "دراسة تحليلية"، وفيه تم التركيز على حال الجيش في معية الإنقاذ.

    كتب العميد خوجلي:
    (جاء إخراج الكتاب في طباعة فاخرة وبتكلفة مادية عالية تحت زعم انها دراسة تحليلية للانقلابات العسكرية ومع ذلك لم تكن محتويات هذا الكتاب صادقة في ابرازها وقائع تاريخ العمل السياسي في الجيش ويبدو انها كتبت لتحقيق أغراض سياسية متعلقة بالمؤلف ورئيسه العميد(م) عبدالعزيز خالد في تنظيم قوات التحالف السوداني ولقد اعتـاد الكاتب التـجني على النــاس بالباطــل في العديد من الحوارات التي نشر بعض منها في جريدة الاتحادي الدولية التي كانت تصدر بالقاهرة.)

    التعقيـب:8
    وكأن المعقب يرمي إلى أن التحالف الوطني/قوات التحالف هي التي مولت طباعة هذا الكتاب. إخراج هذا الكتاب بطبعة غلاف مقوى وبورق جيد وأخرى عادية يعود الفضل فيه أولاً وأخيراً للأصدقاء في آفرو ونجي للتصميم والطباعة، الأستاذ محمد عبدالوهاب، والفنان التشكيلي المبدع حسان علي أحمد.. لم يتقاضوا فلساً واحداً، وتعاملوا مع المسألة كقضية وطنية. كل مراحل الإعداد والمتابعة وشراء المواد والطباعة تمت بجهد ذاتي وعمل جماعي، وكانت الدقة والإتقان هدف أساسي كما تعودنا خلال مسارنا الاحترافي.. وخرج الكتاب من مطبعة صغيرة في بولاق الدكرور بتكلفة كلية للنسخة الواحدة تساوي (ثلاثة دولارات وخمسون سنتاً) وهي لا تساوي ثمن شطيرة هامبورغر في دول العالم الأول. نحن جميعاً فخورين بذلك الإنجاز في التصميم والطباعة وندرة الأخطاء مهما كان الحكم على المحتوى.. ونحن فخورين إن خرجت منا رسالة في اتجاه الدفع بجودة الإخراج والطباعة للكتب السودانية مستقبلاً.. وسنتطوع بحصيلة الخبرة المكتسبة للعميد خوجلي عند تكملة إعداد كتابه المرتجى.

    9. أن تكون محتويات كتاب من 574 صفحة، تعالج حقب زمنية متدرجة، تبدأ من بداية القرن الماضي غير صادقة في إبراز وقائع تاريخ العمل السياسي في الجيش السوداني كما كتب المعقب.. وأنها كتبت لتحقيق أغراض سياسية معينة، فهذا لعمري ليمثل عين التجني والنقد الهدام. فلا بد أن يوضح لنا العميد خوجلي كل أوجه الخطأ والحقائق غير الصادقة. وفي مثل ما ادعاه المعقب، لا يجوز التعميم.. وعليه، ننتظر أن يوضح للقارئ كل أوجه الخطأ بالحجة والوثيقة والمستند.
    10. العميد عبدالعزيز خالد الذي أقحمه المعقِّب في الأمر ليست لديه أي علاقة بهذا الكتاب، ولم يره إلا بعد صدوره، كالآخرين.. بنفس القدر ليس لـ (التحالف الوطني/قوات التحالف السودانية) أي علاقة بالكتاب، وأظن أن المعقب لم يلاحظ إن كلمة (التحــالف) لم تظهر عبر كل الكتاب سوى في موقعين أملتهما الضرورة القصوى، وهما:
    أ. في صفحة ( 463)، عند تقييم تجربة قوات النهر الأخضر، وردت الفقرة التالية:
    «كانت تلك المجموعة صغيرة في حجمها، ولكن.. التجربة الثورية الكوبية لا زالت ماثلة في الأذهان، حينما تحصن ثلاثة عشر مقاتلاً في جبال «سيرا ماسـترا» واستطاعوا بقوة الإرادة والتصميم بناء قلب الحركة الثورية، وتحقيق الانتصار.. لقد أكسبت تلك التجربة مقاتلي «النهر الأخضر» الكثير من الخبرات النضالية الثورية، فكانوا القوة الدافعة وراء قرار الخروج من القيادة الشرعية حينما تقطعت بها السبل، واتخاذ القرار ببناء حركة ثورية جديدة.. وكانوا أيضاً النواة التي شكلت البداية الأولى لـ «قوات التحالف السودانية» مستقبلاً.»
    وتلك حقيقة.. إذ يمكن أن نعود مرة أخرى ونقوم بحصر الذين انخرطوا في قوات التحالف من مجموع تلك القوة المميزة، وكانوا في طليعة مؤسسيها.
    ب. وردت كلمة (تحالف) للمرة الثانية في كل الكتاب في السيرة الذاتية المختصرة جداً التي أوردها الكاتب في صفحة 563، وجاء فيها ما يلي:
    «أحد مؤسسي المعارضة السياسية العسكرية لنظام حكم الجبهة القومية الإسلامية في السودان، وعضو قيادي في التحالف الوطني السوداني.»

    إذن ما دخل التحالف في هذا الكتاب؟ وما هي الأغراض السياسية التي من أجلها صيغ كل هذا الجهد. قطعاً إن كل من قراء ذلك الإدعاء يتطلع لمعرفة إثبات ما أورده المعقب.. وكلهم لديهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل.

    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة).. ميخائيل نعيمة21 فبراير 21 فبراير 2004 أبوغســان
                  

02-27-2004, 12:38 PM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (4) (Re: عصام الدين ميرغني)

    العميد أ.ح. عبد الرحمن خوجلي يعلق على كتاب الجيش السوداني والسياسة
    التعقيب على الوقفة الأولى
    الحلقة الرابعة
    كتب العميد خوجلي:
    (ولقد اعتـاد الكاتب التـجني على النــاس بالباطــل في العديد من الحوارات التي نشر بعض منها في جريدة الاتحادي الدولية التي كانت تصدر بالقاهرة.)

    11. هذا يمثل قمة التجني وعدم المصداقية، وهذا أمر يتطلب الاعتذار كتابة في نفس المكان الذي ورد فيه هذا الإدعاء للأسباب التالية:
    أ. إنني لم أجر مطلقاً أي حوار، أو أكتب أي موضوع مهما كانت طبيعته في صحيفة (الاتحادي) منذ صدورها وحتى توقفها، وأطالب المعقب بإبراز وثيقة ادعائه، أو ذكر اسم أي شخص تجنيت عليه بالباطل.
    ب. طوال مسيرتي الاحترافية، أو السياسية، لم أتطاول حتى على الأعداء.. والقلم والكتابة عندي هي التمسك بالعقلانية وإبراز الحقيقة المجردة.. وهذه مسألة يعرفها الكثيرون، ومن غير المعقول تماما أن تغيب تلك الحقيقة عن العميد خوجلي؟

    كتب العميد خوجلي:
    (وأنا ادرك جيدا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس... واتفق في هذا الرأي مع صديقي العميد أ.ح. هاشم الخير بأن التعليق على هذا الكتاب واجب ويستحق الرد عليه بكتاب يفضح بنيانه الهش).

    12. ولا أجد هنا غير أن أقول لنترك القراء والتاريخ ليحكم على كتاب «الجيش السوداني والسياسة» ومد إذا كان بنيانه هشاً، أم أنه أضاف شيئاً للمكتبة السياسية ـ العسكرية السودانية. وأقول أيضاً إن المكتبة السياسية-العسكرية فقيرة جداً، وأن الجميع سيسعدون بصدور كتاب العميد خوجلي أو غيره، وهذا ما ظللت أردده دوماً.. ويمكن هنا أن أورد فقرة جاءت في ختام مقدمة الكتاب موضوع النقد:

    «أخيراً.. يجدر بي أن أدعو جميع القادة السياسيين، وقادة وضباط الجيش السوداني الذين شاركوا في صنع الأحداث الجسام في تاريخ السودان الحديث، أو الذين عاصروا مجرياتها، ألا يظلموا الأجيال القادمة بحجب الحقائق والسكوت عن كشف تفاصيلها الخافية. وكما هو معلوم فإن معظم الدول المستقرة ديمقراطياً، تُطبق قوانين واضحة في الكشف عن الوثائق والأسرار بعد مضي فترة خمسة وعشرين عاماً، وقد يذهب بعضها في إطالة تلك الفترة إلى أربعين عاماً.. ولكن خاتمة الأمر وغايته.. هو تمليك الشعب والتاريخ الحقائق المبرأة من كل غرض لتكون عبرة ومنفعة، ودروساً مستفادة تساعد على رسم خُطى مستقبل أفضل.. أكثر إشراقاً ووعداً.» ص ـ 12.

    كتب العميد خوجلي:
    (لقد تضررت معظم دول العالم الثالث من هذه الافكار، وليس صحيحا ان هناك نظرية تسمى "نظرية الخلاص" تدعي بأن الجيش لا يعمل بالسياسة وأنه فوق السياسة، لكن في اللحظات الحرجة، وعندما تتعرض البلاد للخطر يظهر الجيش على مسرح الاحداث وينقذ الأمة. هذه مقولة غير صحيحة وباطلة وليس هنااك ما يبررها.)

    12. الفقرة التي عناها العميد خوجلي وردت في مقدمة كتاب «الجيش السوداني والسياسة» ويبدو إنها لم تجد الفهم لدى العميد. قد يكون ميلي الدائم للاختصار سبب ذلك اللبس البين.. عموماً أورد ما ورد حرفياً قبل أن أعلق على ذلك الرأي. لقد جاء في صفحة (10) من الكتاب المذكور ما يلي:

    «حاولتُ تقصي العوامل والمؤثرات، التي دفعت الجيش السوداني للتدخل في المرات الثلاث التي أدت إلى تقويض الأنظمة المدنية الديمقراطية منذ نيل السودان لاستقلاله، فوجدتُ أن معظم العوامل والدوافع تبدو متماثلة، ولا تختلف كثيراً عن تلك التي حركت الجيوش في العديد من دول العالم الثالث للزحف والإطاحة بالنظم الديمقراطية. هنالك نظرية عن تدخل الجيوش في السياسية تسمى بـ «نظرية الخلاص»، وهي نتاج لتجربة أمريكا اللاتينية من دوامة الانقلابات العسكرية التي عصفت بها خلال النصف الثاني من القرن الماضي. تقول تلك النظرية: «الجيش لا يعمل بالسياسة، إنه فوق السياسة.. لكن في اللحظات الحرجة، وعندما تتعرض البلاد للخطر، يجب أن يظهر على مسرح الأحداث وينقذ الأمة». كان ذلك ما أعلنه العسكريون الثلاثة الذين أطاحوا بالديمقراطيات المدنية في السودان، في قولهم المكرر: أنهم «جاءوا لإنقاذ الأمة».. وسيجد القارئ المتتبع ذات العبارات قاسماً مشتركاً في البيان الأول لكل منهم..»

    13. أبرز الكاتب ميخائيل بليات في كتابه ـ سلفادور الليندي ـ ما أسماه بنظرية الخلاص. وهي ذلك المنهج المشترك الذي تعارف على تبنيه قادة الانقلابات العسكرية في دول أمريكا اللاتينية وتبريرهم لدوافعهم عند تفويضهم للأنظمة المدنية. فهم من جانب يزعمون إن جيوشهم لا تتدخل في السياسة، ونجد إن القوانين تسن لمنع أفراد الجيوش من العمل السياسي (وهذا ما تتضمنه قوانين الجيش السوداني).. ولكن عند تدخلهم عبر الانقلاب العسكري يزعمون أنهم جاءوا لإنقاذ البلاد من الفوضى السياسية. وهذا ما حدث تماماً في السودان عقب نجاح الانقلابات الثلاث التي أطاحت بالديمقراطية.
    المرجع: كتاب ـ سلفادور الليندي ـ للكاتب ميخائيل بليات. الناشر: دار الثقافة الجديدة ـ القاهرة، جمهورية مصر العربية ـ 1988.

    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة).. ميخائيل نعيمة
    أبوغســان 27 فبراير 2004
                  

02-29-2004, 01:26 AM

عصام الدين ميرغني

تاريخ التسجيل: 02-09-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) (Re: عصام الدين ميرغني)

    التعقيب علىالوقفة الثانية (5)
    تنظيم الضباط الأحرار 1974-1977

    الخلفية السياسية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار بالسودان:

    كتب العميد خوجلي: تحت عنوان: الخلفية السياسية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار بالسودان:
    ظلت مصر تتمسك بوحدة وادي النيل (مصر والسودان) منذ عهد محمد علي باشا، ولكن الانجليز أرغموا الجيش المصري على الانسحاب من السودان بعد الثورة المهدية، ثم وأعادوا فتحه بقوات أغلبها مصري، ورفعوا العلمين البريطاني والمصري في السودان، ثم عقدوا اتفاقية الحكم الثنائي بين البلدين في عام 1898 لم يكن لمصر أي رأي أو دور فيها سوى التوقيع عليها. ألغى مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر هذه الاتفاقية في 8 أكتوبر 1951 وأعلن فاروق ملكا على مصر والسودان. عندما جاءت ثورة 23 يوليو 1952 برئاسة اللواء محمد نجيب، تنازلت عن التاج المشترك ووقعت مع بريطانيا اتفاقية في 12 فبراير 1953 لإعطاء السودان الحكم الذاتي يقرر فيها السودان مصيره بعد ثلاث سنوات إما بالاتحاد مع مصر أو الاستقلال.
    في عام 1943 ، أسس الاستاذ اسماعيل الأزهري أول حزب سياسي في السودان وهو حزب الاشقاء. ينادي الحزب بوحدة وادي النيل ونشأت بعد ذلك عدة احزاب تنادي ايضا بالوحدة والدي مع مصر. في عام 1945 ، أسس السيد عبد الرحمن المهدي حزب الأمة وهو صاحب شعارالسودان للسودانيين.
    يعتبر اللواء محمد نجيب الوجه المشرق والواجهة لسياسة مصر في السودان ومعروفا بأصوله السودانية عن طريق والدته. ولد محمد نجيب في ساقـيـة أبو العلاء في الخرطوم وتلقى تعلـيمـه في السودان وعند تخرجه من الكلية الحربية عمل في شنـدي ووادي حـلفا وبحر الغـزال وأعـالـي النيل، وعندما كان في رتـبـة ملازم أول حصـل على دبلومـيـيـن في الاقتصاد السـياسـي القانـون الخـاص وتحصل على شهادة أركان حرب في عام 1939 . اشترك في حرب فلسطين واصيب فيها ثلاث مرات ومنح نجمة الملك فؤاد العسكرية مرتين تقديرا لشجاعته. وكان شخصية مرموقة بين أقرانه في الجيش المصري. ثقافة محمد نجيب واخلاقه الطيبة وتاريخه المجيد في حرب فلسطين جعل منه مثالا يحتذى وموضع اَمـال الضباط الاحرار. خاض انتخابات نادي الضباط على رأس قائمة الضباط الاحرار وبفوزه فيها وقف في مواجهة ملك مصر كرمز لرفض الجيش للاوضاع السائدة وضد الفساد الذي كان يعم البلاد. كان محمد نجيب الوجه المضئ الذي قدم للعالم ولشعب مصر حركة 23 يوليو 1952 تحمل مسئوليتها العسكرية السياسية أمام الجميع. استطاع اللواء نجيب توحيد ثمانية احزاب وحدوية سودانية في حزب واحد وهو الحزب الوطني الاتحادي برئاسة السيد اسماعيل الأزهري. اشار المفوض البريطاني ريتشرد في رسالة بعث بها إلى لندن من الخرطوم بأن أغلبية السودانيين ينظرون بالاعجاب بل بالحب للواء محمد نجيب شخصيا فهو نصف سوداني وبذلك فهو واحد منهم.
    زار الصاغ صلاح سالم وفضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري السودان في 21 ديسمبر 1952 وقام بزيارة الجنوب والتنقل في ارجائه بالسيارات لمدة عشرة أيام زار فيها جميع المديريات وقطع ثلاثة الف كيلومترا داخل أدغال الجنوب ورقص عاريا في رقصة الحرب مع راقصي قبيلة الدينكا. وبناء على رغبة الصاغ صلاح سالم نشرت صحيفة أخبار اليوم القاهرية صورته وهو يرقص عاريا في رقصة الحرب الشهيرة. أهم اثر لزيارة الصاغ صلاح سالم هو نجاحة في الاتصال بكل الاحزاب السودانية و إقناعها بالتوقيع على اتفاق سياسي وصفه الازهري في مذكراته بأنه أعظم اتفاق في تاريخ السودان. من الجانب الاَخر، اثارت هذه الاتفاقية حفيظة الانجليز لأنها ابعدتهم عن مركز ادارة ومتابعة أهم الأحداث السياسية في السودان وسحبت منهم البساط في الاشتراك في صياغة مصير السودان وهو على عتبات التحرر الوطني وتقرير المصير.
    بدأ النظام المصري بعد ذلك في التغلغل في الجيش السوداني لاستقطاب بعض ضباطه. هذا وقد اشار حينذاك السيد خلف الله خالد وزير الدفاع السوداني علنا بأن مجلس الثورة المصري يوحي للعسكريين السودانيين تقليده والاستيلاء على السلطة السياسية في السودان. هذا وقد اثار حديث وزير الدفاع اصداء داوية في السودان وتعليقات عدائية تجاه مصر في أجهزة الاعلام والصحف السودانية.
    خطط في تلك الظروف الصاغ عبدالرحمن كبيدة انقلابا باسم الضباط الاحرار في عام 1957. المعروف أن الصاغ كبيدة كان يعمل في مدرسة المشاة بأم درمان. حسب المعلومات التي توفرت للقيادة العامة للجيش، كان يوم 31/5/1957 موعدا لتحركه. اعتقل الصاغ كبيدة وقدم وهو المجموعة التي كانت تسانده لمحكمة عسكرية برئاسة الاميرلاي محمد عثمان محمد نائب القائد العام وحكم عليه بالعزل من الرتبة والطرد من الخدمة والسجن لمدة عشرين عاما.
    هذا هو المناخ السياسي الذي خرج من رحمه تنظيم الضباط الاحرار في السودان وهو يمثل فئة محدودة من العسكريين الوطنيين الذين ارتبطوا باتجاهات وتنظيمات سياسية متباينة ومدارس فكرية مختلفة وقد اجتمعوا في تنظيم واحد حول اهداف وطنية محدودة لغرض الاسهام في بناء الوطن ولم تكن هناك أي انتخابات لتمثيل أي تيار سياسي لادارة تحركه.
    أول انقلاب عسكري في العالم العربي قام به الاميرلاي بكر صدقي وكان رئيسا لاركان حرب الجيش العراقي بالانابة. وفي عام 1949 ، وقع انقلاب حسني الزعيم في سوريا رئيسا لاركان حرب الجيش السوري.


    التعليق:1.
    1. بدأ العميد خوجلي وقفته الثانية تحت عنوان جانبي هو «الخلفية السياسية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار بالسودان:». أورد في البداية ثمان فقرات هي عبارة عن سرد تاريخي تقود القارئ إلى فهم إن عامل رغبة مصر في الحفاظ على وحدة وادي النيل، والتأثير المباشر للواء محمد نجيب والرائد صلاح سالم هما كل العوامل الأساسية في خلفية تنظيم الضباط الأحرار. .. ولا أدري السبب في كتابة كل تلك الفقرات إن لم تكن لمضاهاة ومقارنة ما ورد في الكتاب المعني بالنقد «الجيش السوداني والسياسة». يبدو لي إن ما أورده العميد هو جزء أو مقتطف من كتابه الذي يعده، ورأى أن يحوله لـ (وقـفة) في مسار نقده للكتاب.
    2. لا أجد هنا إلا إن أقول بأن المعلومات التي أوردها العميد خوجلي فيها جانب من الصحة عن بعض المؤثرات على خلفية تنظيم الضباط الأحرار في نهاية حقبة الخمسينات، ولكنها تفتقد الترابط والتسلسل المنطقي. وهي أيضاً فيها بعض ما ورد في كتاب «الجيش السوداني والسياسة»... ما أغفله العميد خوجلي فهو بدايات العمل السياسي في الجيش السوداني منذ ثورة 1924، مروراً بقوة دفاع السودان، وتأثير مخاض الاستقلال.. وخيبة ما بعد الاستقلال، وتلك مؤثرات تراكمية أسهمت بصورة أو أخرى في دخول الجيش السوداني حلبة السياسة في نهاية حقبة الخمسينات.
    3. جاء في وقفة العميد خوجلي معلومات غبر صحيحة ننتظر منه تصويبها، فقد أورد التالي: (اعتقل الصاغ كبيدة وقدم وهو المجموعة التي كانت تسانده لمحكمة عسكرية برئاسة الأميرلاي محمد عثمان محمد نائب القائد العام وحكم عليه بالعزل من الرتبة والطرد من الخدمة والسجن لمدة عشرين عاما.). بالرجوع إلى كل تاريخ الجيش السوداني، لم نجد نائب لقائد عام الجيش السوداني يسمى الأميرلاي محمد عثمان محمد؟؟ أول قائد عام بعد الاستقلال هو الفريق أحمد محمد الجعلي، ومن شغر منصب نائب القائد العام منذ الاستقلال على التوالي اللواء إبراهيم عبود، ثم اللواء أحمد عبدالوهاب، وأخيراً اللواء حسن بشير نصر وبعدها عدل التنظيم وأستحدث منصب رئيس الأركانحرب العام.
    4. في ختام هذا الرد، أود أن أترك القارئ مع الجزء الذي ورد في الكتاب موضوع التعقيب عن الخلفية التاريخية لتنظيم الضباط الأحرار في السودان. ونتابع.
    (كما تحجب الغيوم وجه الشمس ولا تطفئها، كذلك يحجب الجهل وجه الحقيقة.. وتبقى الحقيقة حقيقة).. ميخائيل نعيمة

    كتاب الجيش السوداني والسياسة
    مقتطف من الفصل الأول
    الجيش السوداني والعمل السياسي المنظم

    البـدايات..
    بدراسة التأثير السياسي على الجيش السوداني وتطوره في الفترة التي سبقت استقلال السودان، نجد أنه كان محدوداً، وقد تسببت فيه التطورات السياسية التي سبقت الاستقلال، خاصة التجاذب بين مسألتي الوحدة مع مصر أو الاستقلال التام، إضافة إلى طبيعة العلاقة المستقبلية مع جنوب السودان. كان التأثير السياسي على الجيش السوداني بسبب مسألة الجنوب أيضاً محدوداً، ولكنه أصبح أكثر وقعاً ونتائجاً على الضباط والأفراد الجنوبيين العاملين في الفرقة الجنوبية، وما قاد إليه من تمرد دامِ في أغسطس 1955. أما المؤثر السياسي الخارجي فقد تمثل أساساً في تمدد التيار الوطني والنزعات التحررية في العالم العربي، وخاصة بعد انتصارات ثورة يوليو 1952 في مصر، وما أحدثته من تحولات سياسية عميقة فيها، ومن نهضة قومية عربية على نطاق الشرق الأوسط، ومساندة لحركات التحرر الوطني في أماكن أخرى. بنفس القدر أظهرت ثورة يوليو 1952 في مصر مدى الدور المتعاظم الذي يمكن أن تلعبه الجيوش في دول العالم الثالث في تحقيق إنجازات وطنية، وتحولات اجتماعية كبيرة. بلا شك أن السودان قد تأثر طوال تاريخه بما يحدث في شمال وادي النيل إيجاباً أو سلباً، ولذا لا يمكن نفي ذلك التأثير المباشر على تطور ونمو الدوافع السياسية وسط كوادر الجيش السوداني.
    في محاولة لتعريف مفهوم النشاط السياسي المنظم داخل الجيش السوداني، لابد من تحديد مكونات أساسية لطبيعة ذلك النشاط وأهدافه وهي قد تنحصر في التالي:
    أ. أن يكون ذلك النشاط السياسي يتم في إطار تنظيم سري لديه ضوابطه الصارمة في تجنيد العضوية وأسلوب العمل الذي يمنع تسرب أي معلومات خارج نطاق ذلك التنظيم.
    ب. يكون للتنظيم أهداف سياسية يسعى لتحقيقها، وهي أهداف تتفق عليها تماما كل كوادر التنظيم وتجمعها إرادة موحدة لتنفيذها.
    جـ. أن يكون للتنظيم هيكل تنظيمي محدد مبني على أسلوب هرمي في التسلسل القيادي يحدد المسئوليات، ويشدد على الطاعة والأمن والسرية.
    بإسقاط معايير العمل السياسي المنتظم على الجيش السوداني للوصول إلى تحديد بداياته الحقيقية، نجد أن كل القرائن تشير إلى منتصف الخمسينات من القرن الماضي. جاءت البداية الخارجية الأولى من شمال الوادي، بعد زيارة الصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة المصرية للسودان في العام 1953، وسنأتي لتفاصيل ذلك لاحقاً. بنفس القدر تشير كل المصادر وخاصة التوثيق الحزبي لتلك الفترة إلى أن حركة الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي السوداني كانا من سائر الأحزاب السياسية الرواد في فتح نفق العمل السياسي داخل الجيش السوداني.
    تأثرت تجربة الإخوان المسلمين في السودان بصورة كاملة بمسار وتطور التجربة في مصر، وبلا شك أن الإخوان في مصر كانوا الأسبق في اكتشاف دور الجيش في المستقبل وضرورة تأسيس العمل التنظيمي داخله. «ذكر صلاح شادي في كتابه ـ صفحات من التاريخ: أن حسن البنا مؤسس الحركة فكر في إنشاء قسم (الوحدات العسكرية) للإخوان في أوائل الأربعينات، وبدأت النشأة المنظمة لهذا القسم بزيارة الإمام الشهيد لمدرسة الصيانة التابعة لسلاح الصيانة أسبوعيا كل يوم أربعاء».(1) رغم أن مؤرخي حركة الإخوان المسلمين السودانية تفادوا بصورة متعمدة تسليط الضوء على تجربة «التنظيم الخاص» الذي يعمل بصورة مباشرة وبأسبقية أولى داخل الجيش السوداني، إلا أنهم أخفقوا في حجب الحقيقة التاريخية الواضحة بأنهم كانوا أول حزب سياسي سوداني سعى لاختراق الجيش السوداني في مطلع الخمسينات: «أما الجيش فقد ركز عليه الإسلاميون مبكرا وتم تجنيد عدد من الضباط مثلوا (جيل الطلائع العسكري الإخواني) وهم: بشير محمد علي وعبدالله الطاهر وعبدالرحمن فرح وعبدالرحمن سوارالدهب، وتطور العمل داخل الجيش. ويبدو أن أبا المكارم عبدالحي ـ ضابط مصري هرب إلى السودان ـ حينما جاء إلى السودان في 1955 كان منفعلاً بتجربة الإخوان المصريين مع الجيش، فأوصى بالتركيز عليه، ونقل تجربة التنظيم الخاص في مصر، مما أدى إلى أن يقبل بعض شباب الأخوان على الكلية الحربية محمود عبدالله برات وحسين خرطوم دار فور»(2). عموماً، إن معظم الضباط الذين أشار إليهم مؤرخ الجماعة كانوا طلاباً حربيين في الكلية الحربية السودانية في مطلع الخمسينات، وأصبحوا ضباطاً في الجيش السوداني قبل العام 1955، مما يؤكد أن البداية الحقيقية لذلك العمل السياسي المنظم كانت قبل ذلك التاريخ.. سنتطرق لتفاصيل تجربة الإخوان المسلمين مع الجيش السوداني في فصل قادم.
    نأتي إلى الحزب الشيوعي السوداني، وهو الحزب السياسي السوداني الثاني في التعرف على أهمية الجيش السوداني في تشكيل مستقبل السودان، والسعي بصورة متصاعدة إلى بناء قواعده الأولى داخله. يتشارك الحزب الشيوعي السوداني مع الإخوان المسلمين في التعتيم على نشاطهم وتجربتهم مع الجيش السوداني، إلا من نزر يسير أورده أعضاء في الحزب في توثيقهم لفترات تاريخية محددة، وخاصة عند تقييمهم للتجربة مع نظام مايو وحركة 19 يوليو 1971. «يعود تاريخ النشأة الحقيقية، وعملية التأسيس إلى ما قبل الاستقلال السياسي للسودان بداية عام 1954، وما صحب هذا من زخم وانفتاح ديمقراطي نسبي، أتاح الفرصة لعناصر متفتحة من الحركة الطلابية لولوج المؤسسة العسكرية، رغم القيود الثقيلة التي كبلتها بها قوانين الإدارة البريطانية الاستعمارية السابقة. وفي تلك الظروف تفتحت الفرص أمام مجموعات من الطلاب ذوي الميول الديمقراطية وآخرين من أعضاء ـ رابطة الطلبة الشيوعيين ـ للدخول للكلية الحربية والتخرج منها كضباط صغار داخل الجيش. ولقد شكل ذلك النواة الأولى لتنظيم الضباط الشيوعيين. والذي تقتضي الأمانة التاريخية القول بأن القدح المعلى في عمليات بناءه قد قام على أكتاف المقدم بابكر النور».(3)
    ويضيف المصدر أن ذلك يعتبر تطوراً للحزب الشيوعي واكب عمله الفكري والسياسي ومشاريعه وتوجهاته لبناء رصيد وطني ديمقراطي للحركة الشعبية داخل الجيش. وقد عزا الكاتب ازدياد اهتمام الحزب الشيوعي بالجيش السوداني بفكرة بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية التي طرحها الحزب في برنامجه للمؤتمر الثالث في العام 1956. وقد أورد أيضا أن ذلك المفهوم قاد إلى تصنيف ذوي البزة العسكرية ضمن فئات المثقفين الثوريين، كما جرى التركيز على خصائص الجيش بوصفه مؤسسة عالية التمركز، تتميز بروح الانضباط والحس الجمعي، المستمد من التوحد التقني والوظيفي، وما يوفر لها هذا من قدرات على التحرك السريع وحسم المواقف بالسلاح. أورد أيضا المؤرخ محمد سعيد القدال تأكيده بإعطاء الحزب الشيوعي لهذا الأمر أهميته حينما أورد: «وكان الحزب الشيوعي قد بدأ منذ الخمسينات في إقامة تنظيم داخل الجيش تحت إشراف عبدالخالق مباشرة».(4)

    نشأة «تنظيم الضباط الأحرار »

    نسب اسم «الضباط الأحرار» إلى التنظيم العسكري المصري الذي أطاح بالنظام الملكي في مصر في ثورة 23 يوليو 1952. يرجع الاسم إلى أن المشاركين في ذلك التنظيم يتقاسمون قدراً من الحرية الفكرية التي تبعدهم عن أي تأثير أيديولوجي محدد، وتربط بينهم القومية، والولاء للوطن وشعبه. كان ذلك التنظيم العسكري المصري هو تحالف على مشروع سياسي، دون اعتبار للمؤثرات الفكرية القديمة لدى كوادره، ونلاحظ ذلك بوضوح في أن التنظيم المصري ضم داخله تيارات وميولاً متباينة، ففيه من كانوا أعضاء في حركة الإخوان المسلمين، أو لهم ارتباطات تنظيمية بالحركة الشيوعية المصرية. «ويذكر أنور السادات حول معنى الضباط الأحرار، أن أساس اختيار اسم الضباط الأحرار للتنظيم يعني انهم أحرار في أهدافهم الوطنية والاجتماعية، وأنهم أحرار كذلك في الانتماء إلى أية هيئة أو جمعية أو تشكيل معروف».(5) كما يتضح أيضا أن غالبية الكوادر التي انخرطت في تنظيم «الضباط الأحرار» المصري كانوا من الضباط المحترفين الذين غلب عليهم التوجه الوطني القومي. كان لنجاح التجربة المصرية وما حققته من إنجازات ثورية أثره الكبير في سرعة انتقال مفهوم وأسلوب العمل السياسي داخل الجيوش العربية، وإلى السودان وسوريا والعراق على وجه الخصوص.
    خلال العام 1953 زار الصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة المصري والمسئول عن ملف السودان في السياسة المصرية الخرطوم، وكان بصحبته الصاغ أبونار مدير مكتبه وأحد ضباط المخابرات المصرية. أتيحت للوفد المصري خلال تلك الزيارة فرصة الالتقاء ببعض ضباط الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم ومدينة جوبا، ويبدو أن دور الجيش في المشروع الوطني القومي قد تمت مناقشته بصورة ما، ومناقشة أهمية العمل التنظيمي السري وضرورة ارتباطه بـ «تنظيم الضباط الأحرار» المصري والثورة المصرية. أشارت بعض المصادر إلى أن الرائد يعقوب كبيدة الذي كان متحمساً للتجربة الناصرية حافظ على اتصالاته مع الرائد صلاح سالم، وعمل على بناء أول خلايا سياسية داخل الجيش. خلال العام 1957 رصدت شعبة استخبارات الجيش نشاطاً سياسياً لعدد من الضباط على رأسهم الرائد يعقوب كبيدة، وكانت نتائج التحقيق الذي أجرته القيادة إحالة أربعة ضباط إلى الاستيداع «الخدمة العسكرية غير العاملة» لمدة عام، وهم الصاغ يعقوب كبيدة، الصاغ محمود حسيب، الصاغ عوض أحمد خليفة والصاغ جعفر محمد نميري.
    ورَدَت أولى إشارات بدء العمل بمفهوم التنظيم التحالفي العريض «تنظيم الضباط الأحرار»، بغرض تحقيق أهداف وطنية بواسطة العمل العسكري المنظم ـ أي «الانقلاب العسكري» ـ في حركة التاسع من نوفمبر 1959 التي قادها المقدم علي حامد، وإن كانوا أطلقوا على أنفسهم اسم «حركة الضباط الوطنيين».. «ساهمت ثورة 23 يوليو 1952 في مصر بتأثيرها المعنوي في بلورة أفكار عامة اجتاحت كل الوطن العربي وبتحديد أسلوب عمل نهلت منه كل التنظيمات، فقام عدد من الضباط بتكوين تنظيم يحمل مبادئ تحررية ويتجه إلى فكرة الوحدة العربية. ولكنه لم يكن في ذلك الوقت يسعى إلى إجراء تغييرات ثورية أو يخطط للاستيلاء على الحكم. وكان من أهم عناصر هذا التنظيم الشقيقان يعقوب كبيدة وعبدالرحمن كبيدة الذين تمحور حولهما النشاط».(6)
    قاد إخفاق حركة 9 نوفمبر 1959 وما أعقبها من إعدامات وسجون وإقصاء، والدروس المستفادة منها، إلى توضيح أهمية التنظيم المتماسك داخل الجيش وفق برامج سياسية متفق عليها وبضوابط أمنية عالية. في تلك المرحلة السياسية من تاريخ السودان (1960)، كان الحزب الشيوعي السوداني قد طرح استراتيجية الجبهة الوطنية الديمقراطية رغم عدم تحديده للدور المطلوب من المؤسسة العسكرية ضمن ذلك الحلف الوطني: «ومهما يكن وضع المؤثرات الخارجية فإن تركيز الجهد النظري على الجيش في تلك الفترة كان يتم وفق معطيات نابعة من تطور الحياة السياسية السودانية، ألا وهو تواتر الانقلابات العسكرية».(7)
    من الواضح من دراسة التطور الذي صاحب العمل السياسي داخل الجيش السوداني أن «تنظيم الضباط الأحرار» بصورته الكاملة، وهو تحالف جبهوي من الضباط الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين تأسس في مطلع العام 1960. تؤكد بعض المصادر، وتطور الأحداث فيما بعد، أن النقيب ـ آنذاك ـ بابكر النور عثمان عضو التنظيم العسكري الشيوعي في الجيش السوداني كان في طليعة المؤسسين لذلك التنظيم، وهذا يتفق مع توجه حزبه خلال تلك الفترة في تكوين الحلف الوطني والجبهة الديمقراطية. بدأ التنظيم بعدد من الضباط الشيوعيين والقوميين والوطنيين، الذين يمكن تصنيفهم جميعاً في إطار التيار الديمقراطي العريض. رغم نطاق السرية والتكتم التي يفرضها أي عمل سياسي عسكري سري داخل الجيش السوداني، يمكن أن نشير لبعض المجموعات والقادة المؤسسين:
    أ. مجموعة الحزب الشيوعي السوداني: كان على رأسها النقيب بابكر النور عثمان، وضمت هاشم العطا ومحمد محجوب عثمان ومحمد أحمد الريح وعبدالمنعم محمد أحمد وعثمان أبوشيبة ومحجوب إبراهيم (طلقه).
    ب. مجموعة الضباط الديمقراطيين: من أبرز قادتها النقيب فاروق عثمان حمدالله، وشارك فيها المتعاطفون مع التيار اليساري.
    جـ. مجموعة الضباط القوميين: احتوت على أسماء عديدة، منها جعفر محمد نميري، الرشيد نورالدين، الرشيد أبوشامة، أبوالقاسم هاشم، خالد حسن عباس، مأمون عوض أبوزيد، يعقوب إسماعيل، زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر، وكامل عبدالحميد. تأثر بعض أفراد هذه المجموعة بصورة واضحة بالفكر والتجربة الناصرية.
    د. مجموعة الضباط الوطنيين: وهي مجموعات ملتصقة بقضايا الوطن، ويزيد من ارتباطها التنظيمي الأزمات السياسية وتطلعات الشارع السوداني. برز من تلك المجموعة أحمد الشريف الحبيب، محمود حسيب، مزمل سليمان غندور وسعد بحر.

    لم تشهد الفترة من العام 1960 وحتى أكتوبر 1964 أي نشاط سياسي محسوس، ويرجع ذلك إلى تشديد سلطة نظام الفريق إبراهيم عبود القبضة الأمنية على الجيش بعد محاولة نوفمبر 1959 الانقلابية التي تم بعدها إعدام وسجن وطرد العديد من الضباط. وفي محاولة السيطرة على الجيش تم نقل العديد من الضباط الذين حامت حولهم شبهات سياسية غير مؤكدة للعمل في الجنوب ووحدات الأقاليم القصية.
    ___________________________
    (1) حيدر طه، الإخوان والعسكر. ص ـ 23.
    (2) حيدر إبراهيم علي، أزمة الإسلام السياسي. (نقلاً عن توثيق حسن مكي محمد أحمد عن حركة الإخوان المسلمين). ص ـ 74.
    (3) محمد محجوب عثمان، الجيش والسياسة في السودان. ص ـ 11.
    (4) محمد سعيد القدال، معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني. ص ـ 211.
    (5) أحمد بيلي، الصفوة العسكرية والبناء السياسي في مصر. ص ـ 290.
    (6) حيدر طه، الإخوان والعسكر. ص ـ 73.
    (7) محمد محجوب الجيش والسياسة في السودان. ص ـ 18.
                  

03-01-2004, 09:01 PM

Alia awadelkareem

تاريخ التسجيل: 01-25-2004
مجموع المشاركات: 2099

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) (Re: عصام الدين ميرغني)

    up
                  

03-02-2004, 08:18 PM

elfaki

تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 128

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (5) (Re: Alia awadelkareem)

    السيد مؤلف كتاب (الجيش السوداني والسياسة) تحية طيبة وبعد .. لم يساورني أي احساس وأنا أقرأ تعقيب السيد عبدالرحمن خوجلي بأن المعقب يكتب من دافع الخلاف السياسي الذي كان سائدا داخل القيادة الشرعية كما أشرت أنت .. وانما الاحساس المباشر الذي أحسسته أنه يود أن يصحح وقائع هو فيها شاهد عيان بل هو واحد من صناع تلك الوقائع فمثلا هذه الواقعة وردت في كتابكم وعلق عليها السيد خوجلي .. فهل تكرمتم بالتعليق أهو تعليق صحيح أم فاسد لآنه يأتي من تاريخ هو اشترك فيه ...

    (( ثلاث سنوات تم فيها انتخاب مكتب قيادي يمثل التيارات الثلاثة من شيوعيين، وديمقراطيين ومستقلين وضم القيادات العسكرية التالية:
    مقدم علي التجاني علي
    رائد حيدر الجعلي
    رائد حيدر المشرف
    رائد عبد العزيز خالد
    نقيب عبد الرحمن خوجلي
    ........."
    والحقيقة ولم تكن هناك انتخابات بالصورة التي ذكرها العميد عصام الدين إنما تم التشاور والإتفاق لتكوين مجموعة لقيادة تنظيم الضباط الاحرار على النحو التالي:

    مقدم محمد عبد المجيد جريس الاستخبارات العسكرية
    مقدم مهندس على التجاني الاشغال العسكرية
    رائد حيدر الجعلي مدرسة الاستخبارات العسكرية
    رائد حيدر المشرف المهندسين
    نقيب عبد الرحمن خوجلي مدرسة المدرعات
    نقيب (م) العباسي عبدالرحيم الاحمدي 19 يوليو مدرعات
    ملازم (م) عبدالله ابراهيم الصافي 19 يوليو مدرعات

    ولم يكن الرائد عبدالعزيز خالد عثمان ضمن هذه المجموعة. ولحاجة في نفس العميد عصام الدين استبعد ثلاثة هم المقدم محمد عبد المجيد جريس والنقيب (م) العباسي عبدالرحيم الاحمدي )))..
                  

04-04-2004, 01:13 AM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتاب «الجيش السوداني والسياسة» (Re: عصام الدين ميرغني)


    UP
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de