جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 04:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2004, 06:49 PM

قصي مجدي سليم
<aقصي مجدي سليم
تاريخ التسجيل: 03-09-2004
مجموع المشاركات: 1091

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي)

    طلال .. من الذين تشرفت بمعرفتهم وجمعتني بهم أيام جميلة وغالية في حارات القاهرة وبين مبانيها ..
    القاهرة هي شخص يدعى (محمد السر)
    الاسكندرية هي شخص يدعى ( محمد صالح)
    محمد صالح هو إنسان لا يكتمل الا بـ(نوسة مشاوي)
    وهاكم النص

    (المنفى هو أن تعيش خارج الإسكندرية)

    طلال عفيفي
    [email protected]

    كانت الإسكندريه فتحاً روحياً مدهشاً وشديد العذوبة والوهج ... بحرها كان حفياً وطيباً ... لا أعرف مدينةً لها هذه القدرة على الأسر و الشده كتلك الفاتنه التي تدلي قدميها في المتوسط.

    أحجارها ومبانيها و بناتها ولياليها والغناء البردان على المقاهي الساحلية وهواءها المخلوط بالأحلام .... دروبها المنحدره صوب البحر ... باراتها وسينماتها ومراكزها الثقافية وباعتها الجائلين في "محطة الرمل" ... صوت الترام في غدوه وترحاله وهو يخترق جسد المدينة عابراً مدارس البنات الثانوية ومحلات الفول والطعمية والكبدة الإسكندراني المحفوفة بالبُهار.

    وجوه الناس في المدينة البحرية نظيفه وذكية ..... كلية الفنون الجميلة في "جليم" وبناتها الغزالات يعبرن الروح يساراً (حيث مرتع القلب) .. دخلتها من محطة "سيدي جابر" على صهوة قطار قادم من القاهرة .... فاجئني الإيقاع ... ليس هادئاً كما قرية , ولا صاخباً كتلك المدينة التي غادرتها للتو ... بل كان أيقاعها خاصاً ... سكندرياً كان .. منذ اللحظة الأولي أحسست (ما تأكد لي فيما بعد) أن هذا المكان يلائمني بل ويسكنني من زمن طويل ... ما حدث أن إقامتي في عروس البحر طالت و أُلغيت على حسابها مشاريع طموحه بالسفر الي ما يعرف بالولايات المتحدة الأمريكية .... حد يسيب السنيوره والحلاوة دي كلها ويروح أمريكا ؟ برضك ده كلام ...؟ الإسكندريه مجد الجغرافيا عموم .....

    الإسكندرية كانت أروع مدينة في جغرافيا ذاكرتي .. عشقتها كما أعشق أنثي ..

    ما زال لوناً أزرقاً يلف روحي كلما سمعت إسمها .. ومازال نداءها السري يسكنني ويراودني .. وكثيراً ما أتخيلني عجوزاً أتجول في في شوارعها ومبرطعاً فيها بخرفٍ لذيذ ومبكر .. مدينة من لا مدينة لهم من أمثالي الذين فقدوا عواصم بلادهم الوطنية وتسربت منهم نكهتها .... فالخرطوم على لساني مدينة لا قرنفل فيها ولا زنجبيل ..

    محايدة كبنت ليل ... رمادية وغير مرحبة .... ليس فيها ما في الإسكندرية من مناخ رؤوم وأمومة عالية .. ولم أعهد في ترحالي منأواسط مجرى النيل وحتى مصبه مدينةً لها ذلك النداء الموحي الساحر .. وذلك الحضور الخاص والقوي .. وكالعادة .. وجدتني محظوظاً ذلك الحظ النبوي الذي لازمني طوال حياتي الماضية , فقد قُدر لي أن أكون واحداً من الجيل السكندري الأخير الذي شاهد المدينة القديمة بكورنيشها القديم وبحرها القديم ومقاهيها القديمة .. ما تبقى من أوائل القرن وأواسطه حين كان الأرمن والأغاريق يزينون جسد المدينة في عولمة إنسانية باكره وأنيقة .

    مقهى "إيليت" الذي ترتفع جدرانه مسافة نصف متر من على الأرض وتعلوها شبابيك مطله على شارع مؤدي لمحطة مصر.. المقاعد متقابلة , تشبه بجزالة مقاعد القطارات .. المكرونة بالفراخ تقدم في طبق يشبه طبق الشوربة كل سبت . . المدخل يطل على السينما .زجاجات البيرة الخضراء تترنح على الطاولة في فراغها بإنتظار نادل يحملها .. صاحبة المكان اليونانية العجوز ما زالت تمارس الحياة وتدير المقهى.

    محل "البُن البرازيلي" حيث تُشرب القهوة وقوفاً , تسمع صوت الونسة البشرية مختلطةً بصوت مكنات إعداد الإسبرسو ودمدمات الترام .

    كان النادي النوبي يطل على ما قيل أنه مقبرة الإسكندر الأكبر الذي تحمل البلاد إسمه.

    هناك كانت ندوتنا وملتقاناالأسبوعي ...كنت أقرأ الشعر مرتجفاً و مرعوباً و فرِحاً فرحاً خفيفاً بالجمهور . . مرتدياً أكثر أزيائي أناقة ومصففاً شعريعلى طريقة محمد منير .

    غالباً ما كان يدير ندوات القصة والشعر عمنا الكبير " حجاج أدول " ماركيز الرواية العربية , النوبي الطيب الذي لم يبارحه سلوك الموظف القديم و إنضباطه وأناقته ونظامه ... كنا نحب الرجل حباً عجيباً وكان يبادلنا الأمر بحذافيره .. كان له صوت مقنع وحبيب ومنطق متماسك ولغة إسكندرانيةمليئة بالجمل الإسمية ... تراه يضحك ضحكته المكتومة خلف نكات الأصدقاء البذيئة والعادية , مدخناً الشيشة في أفضل الأحوال , مغادراً المقهى مبكراً في قميص وبنطلون و أدب بعد أن يدفع حق حجر المعسل وكوب اليانسون .. كان ذلك في أكتوبر ... البرد كان قد بدأ في الهطول .... وبرد الساحل قارس يصاحبه هواء صحيح وقوي ...... قدامى الطلبه (الذين أصبحت واحداً منهم فيما بعد) حذروني من رياح الخماسين والنَوَه .... وبعضهم جاء خلسة إلى منزلي لتحذيري من الشيوعيين .. و للصدفة كنت قد بدأت في التمهيد لإعادة تكوين الجبهة الديمقراطيه في الذي تحلل إثر ضربة 98.... كانت الفكرة تبدأ بتحويل ما يعرف بالأسرة السودانية في الجامعة الي تنظيم نقابي قوي يضم في داخله أكبر جالية طلابية ... من ثم الى مركز ضغط يدعم النقاط الرئيسية في القاهرة التي يقودها التجمع الوطني الديمقراطي السواداني في المهجر المصري .. وعلى المدى الأطول مد المجتمع السياسي المعارض بقوى ديمقراطية بعد تجنيدها و بناءها على الساحل ......

    الخطة كانت طموحه .. وتشبه شبابنا ....كنا نحلم بوطن مضاد لسودان 89 .

    وطن ضد التعذيب والجوع والحرب .

    (ضد العساكر بشكل عموم) .

    كانت صورة "جيفارا" القماشية الضخمة تضيء الجدران .... وكنت أجد عنتاً كبيراً في الإجابةعلى أسئلة صاحبة الشقة حين تسألني : هو إنت يا طلال يا إبني معلق صورة معمر القذافي ليه ؟؟ .

    من أوائل الأشياء التي جذبت إنتباه العبد لله كمية الكُتب والمعرفة والخمر ... الجماعة هنا يشربون الخمر بكميات مهولة .. والخمر نشاط مصاحب للثقافة والجنس واللهو البريء .. لم أكن منتبهاً أن الشعب السوداني شعب مستهلك للكحول بهذا القدر , وله هذه القدرة التخزينية العالية للمنكر ...

    أقول لم أنتبه .. إذ كنت في سنواتي المنصرمة أكثر إهتماماً بالبنقو (وهو ما جاء ذكره في جزء سابق بالسيرة ) ... كنت في الأعوام المنصرمة أميل للتصوف , وقد عرفت تحت تحت (والعهدة على الراوي) أن الإمام الأكبر محي الدين بن عربي كان يدخن الحشيش .... الأمر الذي قلل من إستنكافي الضميري للمسألة .

    لا أذكر الآن لو أني كنت أنام كثيراً ..... لكني كنت أقرأ كثيراً وبنهم لمهدي عامل وملخصات لينين الصادرة عن دار التقدم السورية , وللجابري عن بنية العقل العربي وتكوينه . ولجيفارا وكتاباته الطيبه عن حرب العصابات .. والفتوحات المكية لإبن عربي .. ولهيكل والقومية العربية .. وروايات رؤوف مسعد وصنع الله إبراهيم والكوني و تعرفت في هذا الجو النهم للمعرفة بشكل أشمل على بلادي المفقودة – النوبه - عن طريق حجاج أدول الذي كان واحدة من أصوب بوصلاتي في البلاد البعيدة الحبيبة .

    كذا كان الليل جسراً مباركاً لملاقاة فيروز ..... من في الغربة لم يلتق بفيروز ... من لم يفتح صوت فيروز في روحه باباً للوطن ... والجمال ؟ من لم يوجعه صوتها حتى بكى .... كانت فيروز صديقتنا وأمنا وبراحنا .......

    في ذات الليل والغربة ... وفي ذات الغرفة .. كان مظفر النواب يصرخ في شعريةٍ عاليه يلعن دين العرب وحالهم .... وكان محمد الحسن سالم " حميد " يسأل الحاكمين عما إقترفت أيديهم .

    وزارني الشاعر "خطاب حسن أحمد" ليحكي لي عن مصطفى سيد احمد ويسمعني شعراً أخضر .... (كان السودان يتكون في مخيلتي بشكل جديد ... و طازج ..) .

    أما نحن .. من سوانا كان يراسل ذلك الوطن المحزون ؟ بالرسائل و الغرام ؟

    من كان يحبه مثلنا ؟ ويكاتب الأمهات ... كنت أكتب لأمي كل ليلة عن أشواقي و أحزاني وبردي ............ عن قلة الحيلة والأفق المفتوح ...عن الحنين ... وكانت تتوارد إلي أخبار الموت الذي داهم سوسه جذور شجرة العائلة .

    ماتت عمتي .

    وعمي .. مات ..

    رحل جيراني عن الدنيا ..

    بنت عمي أسقطت جنيناً ..

    (هل كانوا ينتظروني ... و أنا المغرم بالدفن ؟ )

    البحر لم يتبدل ......

    كان أزرق ...

    وحميم ....

    أغان مصطفى سيداحمد كانت تشعشع في مساماتنا صباحاً ... المحاضرات ظهراً ..

    ننام عصراً ... ليلاً ... نركب الترام الى وسط المدينة , أشتري مجلة الوسط و أهرول للمقهى .

    كان المقهى يفرد كراسيه على شارع متفرع من شارع آخر أكبر منه يسمى على إسم نبي أسمععنه لأول مره ( ربما كان نبياً إنجيلياً هو الآخر ) ... إسمه شارع النبي دانيال .

    على المقهى كانت تتوافد مراكب العاطلين عن العمل الذين يتميزون بكفاءات عالية أهلتهم بدورهالمثل هذا النوع من البطالة ... كانوا محامين مهتمون بحقوق الإنسان وكٌتاب ومسرحيين وشعراء ولاعبي طاولة محترفين .... كان بينهم صعيدي شاعر جاء الى الساحل هارباً من ثأر قبلي في الجنوب المصري إسمه خالد حجازي ومن هوامش سيرته أنه زير نساء لم يشق له غبار إلا في الآونه الأخيره وقد حلت به التصاريف في أمريكا بعد سنوات جاب فيها الساحل بحقيبته المعمورة دوماً بكتاب وأشرطة لفيروز و مصطفى سيداحمد وزجاجة من الخمر المصنوعة في حي الإبراهيمية حسب المواصفات السودانية للخمر (بيضاء شفافة و سريعة الإسكار) ... وكان في جيبه " مبسم " يخرجه تو جلوسه على المقهى يدخن به الشيشة .... خلف النظارة الطبية كانت عيون إيهاب عبد الحميد تلمع بطيبة مسيحيه ... الولد ذكاءه نادر وإنسانيته رهيفه ومورقة .... كان يدرس في كلية الطب وقد كاد أن يفني فيها زهرة شبابه الجميل قبل أن يقرر دراسة الآداب ذلك القرار الذي صاحبه نزوح إيهاب عن الساحل ليدخل القاهرة ويصير بعد مكابدة واحداً من صعاليكها المحترمين ..... من وجوه المقهى البارزه مكفوف يمشي كما المبصرين إسمه " وائل " , يهوى لعب الضومينو ومشاهدة معارض الفنون !! .. كان يصطحب أحدنا ليصف له بالتفصيل الألوان والتعرجات الخطية في اللوحة , ليخلص وحده الى أفكار الرسم وتجلياته .. فلا تندهش حين يأتي ويجلس وهو يقول " أمَا النهارده كان في حتت دين معرض " ! كان وائل يلعب الضومينو متحسساً أسفل الحجر بسرعة , مًُميلاً رأسه على كتفه و كأنه يسمع وشوشة ما .. فيما بعد عرفت أن لسكان مُدن السلحل مواهباً خاصة و أرواحاً كبيرة نافذه من شد معاقرتهم لهواء البحر .. فالنسيم الساحلي والمشهد البحري يرفد الروح ببحبوحةٍ في الإنصات و دعةٍ في العشق و زوايا بصريةٍ أكثر إتساعاً . البحر مفردة كونية شديدة صارمة الحضور وشديدة الإدهاش .

    وبإنتمائك لبحر ’ تنتمي للأفق .

    البحر هو الخرافة والأسطورة ,

    هو الرزق والنزوح و الحنين .

    هو تلك الرائحة .... الهواء و اليود والأحلام , ومحفزات البكاء .

    أجمل شمس تلك التي تشرق أو تغرب في بحر .

    وأجمل البنات هن الخارجات تواً من البحر ...

    أجمل الأغاني ..

    وأحلى إستقبال , يكون على ميناء حطت عليه سفائن قادمة من البعيد , عبر البحر ..

    البحر سماء أرضية .. نجومها :

    عشم الراكب بالوصول ..

    طلال عفيفي

    (جزء من كتابه مطوله بعنوان : سيره)








                  

العنوان الكاتب Date
جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم03-29-04, 06:49 PM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-04-04, 02:18 PM
    Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) AttaAli04-04-04, 04:53 PM
      Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) mutwakil toum04-05-04, 00:13 AM
        Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) ابو تميم04-05-04, 01:48 AM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-05-04, 09:34 PM
    Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) AttaAli04-06-04, 01:59 AM
    Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) rani04-06-04, 02:06 AM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-06-04, 10:01 AM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) Ibrahim Algrefwi04-06-04, 09:17 PM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-08-04, 07:00 PM
    Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) ابو تميم04-10-04, 07:33 PM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-17-04, 06:40 PM
    Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) AttaAli04-17-04, 08:14 PM
      Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) Giwey04-17-04, 08:31 PM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) Ibrahim Algrefwi04-20-04, 02:37 PM
  Re: جزء من كتابة مطولة (طلال عفيفي) قصي مجدي سليم04-20-04, 08:26 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de