|
اليوم خمر وغدا مُر
|
كتب جعفر عباس: الغضب الساطع آت، بعد أن استشهد أحمد ياسين ومات، قتلته اتفاقية أوسلو المشؤومة، التي كان طرفاها غراباً وبومة، فهي التي سهَّلت اختراق الصفوف، ومسحت بالأرض شُم الأنوف، كان الغراب الذي يعتمر الكوفية، يحسب أن البومة ستكون للعهد وفية، وستسمح له بممارسة السلطان، وسط مظاهر الأبهة والهيلمان، وانتهى الأمر بالغربان أسرى ورهائن، وهدفا للقناصة والكمائن،.. نيرون مات ولم تزل روما بعينيها تقاتل، وياسين مات ولم تزل حماس صامدة تناضل، ولشارون أن يرفع اليوم الكأس ليشرب نخبا، وأن ينتشي فرحا وطربا، ولكن اليوم خمر وغدا أمر، وسيكون للأمر طعم مر، فقد فاض الكيل، وجاء زمن الثبور والويل، فالدم لا يغسله سوى الدم، وسيكون نهار إسرائيل رعبا وليلها غماً،.. في منعطف كهذا، لا تقولوا عن رد فعل حماس كيف ولماذا، فحماس ستنضم إلى الحرب على "الإرهاب"، دون مساندة من بوش "الأرباب"، فإسرائيل مركز محور الشر، بعد أن آلت الأمور إلى سفاح غر، هو برميل الحقد المتكور أرييل شارون، ذلك الثور الأرعن المجنون،.. ولو كان لبوش ضمير وذمة، لجعل مكان شارون في قائمة الإرهاب على القمة، ولكن عين الرضا عن كل عيب كليلة، وصار شارون شمشون وبوش "دليله"، أما جماعتنا، الذين يحتكرون بضاعتنا، فما زالوا في عصر مليون ليلة وليلة، وكل ليلة متنيلة بستين ألف نيلة، أهل الكهف هبوا بعد بضع مئات من السنين، وجماعتنا يشخرون منذ ألف من الأعوام ومئتين، جيوشنا "كشافة"، وكلامنا لغو وسخافة، أصابنا الهوان فدخلنا بيت الطاعة، الذي بناه سيد البيت الأبيض بما سرقه منا من بضاعة، وفي فقه العولمة ليس للناشز كلمة، بل تؤدب بالبرطوش والجزمة، ديارنا كلها تورا بورا، وليس لدينا ما يستر عورة، ولكن ما لجرح بميت إيلام، في عصر رموزه نانسي وراغب العلاَّم! وفيما أرى فإن صلاح الحال من المحال، ما لم يتهدم كل شيء بزلزال، لتنهض العنقاء من تحت الركام، تاركة خلفها ذل ماضي الأيام،.. كل هذا الموت الذي يطاردنا، ليمسح تالدنا وطريفنا، ستخرج منه شهقة الميلاد، وسيخرج من رحم حواء التي تفلت من الوأد، مردة عماليق، ينصبون لورثة شارون الخوازيق، سيكون جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة، المستميت على المبادئ مؤمنا، لن يقبل مثلنا الهوان ولحس النعال، ولن يمارس الرقص على إيقاع "الروك" الأمريكي في دلال، وسيكون مركز الزلزال القادم رام الله أو غزة، لتشبع الحظيرة العربية خلخلةً وهزّا، وستكون قوته مليون درجة بمقياس القسّام، ويبلغ مداه سان فرانسيسكو وفيتنام، وعندها سينام قتلانا قريري العيون، لأن هناك من سدد ما تراكم على الأمة من ديون.. أول الغيث دم ثم الربيع، ودماء الأحرار لا يمكن أن تضيع، ولكن لابد أولا من اقتناء المكنسة، لجرف الرياء والنفاق والوسوسة، لابد من جرف إرث قرون الذل إلى الزبالة، دون أن نبكي على أطلاله.. ويا شيخنا ياسين، ليكلأك برحمته من أقسم بالتين والزيتون وطور سينين.. لقد مت كما اشتهيت، ولنداء ربك والوطن لبَّيت... ليدخلك الله فسيح الجنان، ويخرجنا مما نحن فيه من هوان.
|
|
|
|
|
|