|
الرأي العام - السودان «المغرضون» في الأرض
|
14 Mar 2004 04:54:48 GMT الرأي العام - السودان «المغرضون» في الأرض
الخطاب الداخلي السوداني يتعامل مع الشعب السوداني وكأنه قطيع من السذج البسطاء يستمعون للأخبار وينتظرون بفم فاغر مفتوح سماع رأى الحكومة ليسلموا به تسليما ..هذا ما أوحى به تعليق الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية على ما قيل في الكونغرس الأميركي على أنه مجرد استهداف من " المغرضين" ..
كلما واجه السودان متاعب دولية في أميركا أو المنظمة الدولية ولجانها طمأنت الحكومة الشعب بأن كل شيء على مايرام وأن الأمر ليس بأكثر من حملة "مغرضين" أو حاملي بطاقة كراهية السودان وشعبه ..ويظل على هذا السودان مبشر بمزيد من المعضلات الدولية من حزب " المغرضين" ..
وقريبا سيجد السودان نفسه ايضا في مواجهة "المغرضين" من دول الاتحاد الأوروبي عندما يذهب إلى اجتماعات اللجنة الدولية بحقوق الانسان في جنيف .. سيجد أن "المغرضين" من دول الاتحاد الأوروبي يصمون الحكومة بانتهاك حقوق الانسان وانها فعلت ذلك يوم كذا .. وأنها صادرت او اعتسفت تلك الصحيفة وأنها وأنها قائمة طويلة من الاتهامات لا يمكن الدفاع عنها بغير أنه من فعل وتدبير "المغرضين" من اعداء السودان الذين يهاجمونه في المحافل الدولية..
وسيتم التصويت وسيجد السودان ان دولا كثيرة من "المغرضين" في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا صوتت ضده .. وانه لا ينجو من الملامة إلا من الدول "غير المغرضة" التي تمثل قائمة "عتاة منتهكي حقوق الانسان" في العالم.. هؤلاء هم دائما سندنا الذين نفلت بهم من العقوبة الدولية..!!
الأوضاع الانسانية في دارفور لا تزال بالنسبة للرأى العام السوداني تقع في دائرة المسكوت عنه .. صحيح ان الحكومة تؤكد مرارا وتكرارا أن الأوضاع الانسانية تحت السيطرة .. وتذيع ارقاما متواترة للمعونات والأغذية التي تذهب الى هناك .. لكن يظل كل ذلك هو وجه من الحقيقة .. الوجه الذي تراه الحكومة وتصفه في اعلامها .. فإذا ردد آخرون أن للحقيقة وجهاً آخر .. فإن الأفضل أن تبطل الحكومة دعاوى الوجه الآخر بالمنطق الرصين والمواجهة السافرة.. منطق يقنع "غير المغرضين" من الشعب السوداني نفسه قبل "المغرضين" في الكونغرس الأميركي..!!
من المناسب أن يعلم السيد وزير الخارجية ان حرص الحكومة على ضخ "تطمينات" للرأى العام الداخلي بأىة كلمات أو اوصاف لم يعد عملا ملائما مع واقع اليوم..الأقوال ماعادت برهانا على شيء.. فهي اسهل عمل يرتكبه الانسان ..ان يبث في الاثير الكلمات والبلاغة والأوصاف.. لكن الشعب السوداني نفسه في حاجة إلى خطاب مسلكي يقنعه بحجة الحكومة . خطاب مؤسس على واقع يعيشه امامه..
سيدي وزير الخارجية ..المشكلة لم تعد في "المغرضين" في الكونغرس الأميركي .. بل في "غير المغرضين" من أبناء وطني الذين يرددون في براءة "اسمع الكلام أصدق.. اشوف العمايل استعجب" .. وقد حرفتُ المثل عمدا بحذف ضمير المخاطب حتى لا يفهم خطأ ...!!
الرأي العام
|
|
|
|
|
|