دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2004, 03:21 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها!

    دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها!

    [email protected]د. حسين آدم الحاج
    الولايات المتحدة الأمريكية

    عادت دارفور, كما ظلت منذ إستقلال السودان, إلى سوق المكايدات والمزايدات السياسية, وبدأت قوى السودان القديم تتكالب عليها لإرجاعها لبيت الطاعة بعد أن فلتت من عقالها نتيجة لثورتها الناشبة الآن, وما الحراك السياسى والتناغم الذى يدور الآن بين حزب المؤتمر الوطنى من ناحية وجملة من الأحزاب السياسية الأخرى من ناحية ثانية إلاَّ مؤشرات واضحة فى ذلك الإتجاه, لكن واقع الحال وتبيان مسار الأمور تشير إلى عكس ذلك وتدل على أنَّ دارفور سوف لن تلتفت إلى الماضى, وإذا كان السودان الجديد قادم فإنَّ "دارفور الجديدة" قادمة أيضاً لكى تعدل من مسار الدولة السودانية المهترئ, وقد ظلت تفعل ذلك طوال تاريخها, وهى إن تفعل ذلك الآن فإنَّما تفعلها بعد أن دفعت مهرها غالياً من أرواح أبنائها ودمائهم, فالعشرات الألوف من الذين ذهبوا لربهم وهم فى قراهم وبواديهم دونما ذنب جنوه سوى أنهم على الطرف الآخر, والآلاف من القرى التى أزيلت بكاملها ثمَّ محاولة إفساد كل مقومات الحياة فيها بحيث تصعب العودة إليها مرة أخرى لإعمارها لا يمكن أن تمضى هكذا دونما عائد, ولقد صدق المناضل المصرى سعد زغلول حينما كتب وهو ما يزال تلميذاً فى مرحلة الصبا أنَّ للحروب فوائد مثلما للسلام أيضاً, إلاَّ أننا نصف ما حدث ويحدث اليوم فى دارفور بالثورة, لأن الثورة الجادة تأتى وفى أحشائها فكراً مغايراً وفلسفة جديدة تنبذ الكثير من المفاهيم القديمة وتبنى الجديدة على أسس مغايرة فى عملية أشبه بعملية الهدم والبناء كما يقول علماء الجيولوجيا.

    تهافت المبادرات بشأن قضية دارفور:

    فاجأ الرئيس عمر البشير الشعب السودانى فى أمسية التاسع من شهر فبراير 2004م ببيان أعلن فيه عن إنتهاء العمليات العسكرية بدارفور وأن القوات المسلحة تسيطر على مسارح العمليات وأنها مستعدة لردع كل من يردع أمن المواطنين, وأعلن أيضاً العفو العام عن كل من حمل السلاح وتسليم نفسه خلال شهر لأقرب مخفر شرطة وعلى وزارة العدل إتخاذ التدابير لضبط حيازة السلاح, كما أعلن عن تشكيل لجنة لإعادة بناء النسيج الإجتماعي بدارفور ودعا إلي مؤتمر جامع للتنمية والسلام وحيا جهود أبناء المنطقة الداعية للحوار وأشاد بموقف الرئيس التشادي إدريس دبي الساعي لحل مشكلة دارفور سلمياً. وجاء في البيان والذي تضمن تسع مواد منها معالجة أوضاع المتضررين، وفتح مسارات الإغاثة، وترتيب عودة النازحين بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين وحكومة تشاد, كما أكد البشير في بيانه على توجيه الجيش وأجهزة الأمن لضبط حيازة السلاح وتكوين لجنة قومية للتعايش السلمي.

    ومن غريب الصدف أن يعقد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة مؤتمراً صحفياً وقبيل دقائق من بيان البشير, وكأنَّما كان هناك تنسيق مسبق فيما بينهما, ناشد فيه رئيس الجمهورية والحكومة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بإعلان وقف فوري لإطلاق النار من جانب واحد لمدة 3 أشهر, وأعلان دارفور الكبري منطقة كوارث وتكوين هيئة قومية لإستقطاب الإغاثات الداخلية والخارجية لنجدة الإقليم وتكوين منبر سياسي جامع يضم المؤتمر الوطني الحاكم والأحزاب الممثلة في الجمعية التأسيسية لعام 1986م والحركة الشعبية وحركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة (حاملة السلاح بدارفور) وزعماء القبائل الكبرى وشخصيات من أبناء دارفور على أن يجري التشاور بشأن تكوين المنبر ويكتمل في ظرف أسبوعين, كما ودعا إلى تفويض المنبر لمناقشة قضايا الإقليم على أن ينجز مهامه في ظرف ثلاثة أشهر (صحيفة البيان الأماراتية 10/2/2004م), وأعلن التزام حزبه بالعمل للحصول على تجاوب كافة الأطراف المعنية مع هذا الإعلان في ظرف (72) ساعة من قبول الحكومة, وحذر من ان إستمرار أزمة دارفور سيفضي إلى إستقطاب إثني حاد يعم البلاد ويمزق كيانها الاجتماعي كما ويفضي إلي إنقسام الرأي العام حولها بما يهدد إتفاق السلام المرتقب ويفتح الباب للمزايدات غير المسئولة من أفراد وجماعات وتبرر التدخل الإجنبي, كما أوضح أن فرص نجاح هذا التحرك كبيرة لأسباب أهمها أن قبائل دارفور الكبري إتخذت مواقف متعلقة أزاء الأزمة بجانب إستعداد النظام للإعتراف بالرأي الآخر, وأضاف أن هناك ثلاثة عوامل برزت في كثير من مناطق السودان لاسيما في دارفور من بينها تفشي ثقافة العنف وألياته وإستعداد جهات اقليمية ولوبيات دولية لأحتضان أطراف نزاع سودانية لذلك فإن التصعيد الإمني والعسكري لا يمكن أن يحسم أزمة دارفور, وأكدَّ ان مبادرته لا يتعارض مع حواره مع الحكومة وأن الظروف تقتضي تحركاً إستثنائياً و أنه إذا ما رفضت الحكومة طلبه هذا فإن (لكل حادث حديث), وأن إستجابة الحكومة ستجد تأييداً واسعاً وإن العكس هو الصحيح وشدد بأن الحل العسكري لن يجدي لأن حملة السلاح لهم جيوب أخرى لذلك فإنهم لن يختفوا وحذر من أنهم ينظمون صفوفهم الآن ويعملون على توحيد رؤيتهم أزاء أزمة الإقليم!

    وقد قام الصادق المهدى بحراك واسع لتسويق مبادرته فقد أوردت صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 13/2/2004م أنَّه قد أجرى محادثات مغلقة مع علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني, وأنَّهما قد ركزا في نقاشهما على فرص حل مشكلة دارفور سلماً بعد المبادرة التي طرحها المهدى وإقترح فيها تفويض منبر قومي لحل الإزمة سياسياً عبر مؤتمر يضم كل القوى السياسية. من جهته وجه علي عثمان محمد طه اللجنة السياسية العليا المعنية بدارفور بدعوة كافة الأحزاب السياسية التي تباين موقفها تجاه مبادرة عمر البشير الرئيس السوداني لحضور المؤتمر الجامع الذي إقترحه البيان الرئاسي الصادر أمس الاول بشأن دارفور (سودانيز اون لاين 12/2/2004م).

    من جانب آخر ناشد مبارك الفاضل مساعد رئيس الجمهورية رئيس حزب الأمة الفيدرالي كافة القوى السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بتفعيل مبادرة رئيس الجمهورية ومساندتها وإنزالها لإرض الواقع وأشار إلى أنَّ الحكومة لا ترفض مساهمة الإسرة الدولية للمتأثرين بالحرب والدور الإنساني إلا أنَّها ترفض تدويل قضية دارفور ونفى أن يكون هناك إحتكار للسلطة والتنافس السياسي متاح للجميع (الأنباء 13/2/2004م).

    وقبل أن تهدأ الأجواء أو يتمكن المجتمع من إستيعاب ما ورد فى تلك المبادرات المتسارعة أطلق حزب المؤتمر الشعبي مبادرته الخاصة في إطار نفس المشكلة طرحها الدكتور الحاج آدم يوسف، أمين الاتصال التنظيمي بحزب المؤتمر الشعبي لولاية جنوب دارفور, إشتملت علي عدم تدخل الحكومة الإتحادية في مسألة الإمن وتركه للحكومة الولائية في دارفور، بجانب منحها السلطات والإمكانات اللازمة. وإعتبرت قضية حاملي السلاح شأنا سياسيا يعالج بالحوار بين الحكومة المركزية وأبناء دارفور الذين حملوا السلاح والذين لم يحملوه (سودانيز اون لاين 15/2/2004م). لكنَّ الدكتور الترابى غيَّر موقف حزبه من المؤتمر مؤخراً وأعلن أنَّ حزبه سوف لن يشارك فيه وزاد بأنَّ أحزاب المعارضة الرئيسية قررت مقاطعته, لكنه لم يوضح ما هى تلك الأحزاب, ووصف المؤتمر بأنه "مصطنع ومطبوخ ولن يحل المشكلة" (الحياة اللندنية 25/2/2004م).

    وفي أول رد فعل حول الخطاب الذي وجهه عضوا الكونغرس الأميركي إلى الرئيس بوش والذي يطالب بالتحقيق مع 12 مسؤولا سودانياً، قال المتحدث بإسم الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان في إتصال مع صحيفة الشرق الأوسط: "إن حكام الخرطوم لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا فهم يمارسون الإرهاب الآن في دارفور ومن قبل ذلك مارسوه في شعبنا شمالا وجنوبا، وإن الأفضل لحكام الخرطوم إستغلال الفرص النادرة والإتجاه نحو السلام العادل والتحول الديمقراطي"، وتابع عرمان "عليهم الإتجاه نحو الحل السياسي في دارفور والتعلم من دروس الماضي في الجنوب والتوقف عن إنتهاكات حقوق الإنسان التي وصلت إلى حد قصف اللاجئين الأبرياء، وأن العمل العسكري في دارفور لن يفيدهم، كما إن المناورات في مفاوضات الإيقاد لن تفيدهم أيضا" (الشرق الأوسط 21/2/2004م).

    فى خضم هذا التهافت إنقسمت هذه الأحزاب بينها فيما يختص بذلك السيل من المبادرات, وأخذوا ينتقدون بعضهم بعضاً, فى حالة أشبه بحالة "مبادرات الوفاق الوطنى ومجموعة العشرة" وغيرها من تلك التى لم تراوح مكانها, وفى هذا السياق فقد شكك حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن عبد الله الترابي في مصداقية المبادرة التي أطلقها البشير, وقال عبد الله حسن أحمد نائب الترابي أن الحكومة سبق أن أعلنت مبادرات سياسية فى السابق ولكنها لم تقم بانفاذها وتوقع أن تكون مبادرة البشير تكتيكاً لكسب الوقت مشيراً إلى أن الحكومة تفتقر إلى المصداقية, من ناحيته رحب الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي يترأسه محمد عثمان الميرغني بحذر على المبادرة لكنه حذَّر من أي تصعيد للمشكلة عسكرياً, وأشار إلى أن العمليات العسكرية التي جرت مؤخراً تضرر منها المواطنون بشكل كبير, وقال إن النصر العسكري لا يعدو أن يكون كسب جولة في معركة طويلة مشدداً على أن الخيار المطلوب هو الحل السياسي للمشكلة بإعتبارها مشكلة سياسية في المقام الأول, ولعلَ أقوى التصريحات وأصدقها من واقع الأمور هو ما ورد على لسان يوسف حسين, الناطق الرسمي بإسم الحزب الشيوعي, والذى أشار إلى أن وقف إطلاق النار خطوة إيجابية لكنه طالب بإستئناف التفاوض تحت إشراف دولي وشدد على أن عدم إتخاذ هذه الخطوة سيجعل من مبادرة البشير بلا قيمة, وطالب الحكومة بتشكيل لجنة إتحادية لتقصي الحقائق التي حدثت من جراء تصعيد العمليات العسكرية مؤخراً, وإتهم الحكومة بقصف المدنيين وحرق القرى ودعا لإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وإعادة النازحين واللاجئين لمناطقهم الأصلية, إلى جانب إتخاذ تدابير تحول دون إنتقال العمليات العسكرية لمناطق أخرى بدارفور, ونبه إلى ضرورة نزع السلاح من ميليشيات القبائل العربية, وأضاف أن مشكلة دارفور لا يمكن حلها إلا عن طريق الحل السياسي الشامل.

    إنَّ المبادرات التى قدمتها الحكومة وحزبا الأمة والشعبى لا تعدو أن تكون مجرد مناورات لإحتواء أزمة دارفور من منطلقات مصلحية وحسابات حزبية محضة تحاول الإلتفاف على لب القضية والتى أشار إليها بوضوح تصريح يوسف حسين أعلاه, ولعلَّ موقف الحركات المسلحَّة كان حاسماً فى الرد على البشير وأولئك الذين يثرثرون فى مجالس العاصمة, فقد صرَّح عبدالواحد محمد أحمد النور رئيس حركة تحرير السودان أنَّ حركته لاتزال تسيطر على ثلث مساحة الريف في دارفور وإن قوات الجيش وميليشياتها ترابط داخل المدن الرئيسية فقط، ووصف ما جاء في بيان البشير بأنه «هراء» وعار من الصحة وليس له علاقة بما يدور على الأرض, لكنَّه أكدَّ إستعداد حركته لقبول وقف النار الشامل والدخول في مفاوضات شريطة أن يتم الأمر تحت مظلة دولية, من جانبه نفى أبوبكر حامد نور المنسق الميداني لحركة العدل والمساواة, وهي الفصيل الرئيسي الثاني الذي يقاتل في دارفور, أن تكون حملات الجيش كسرت شوكة حركته, وقال إنَّهم فى حركتهم مستعدون للحوار على أن يكون ذلك تحت رعاية المجتمع الدولي وحمّل الحكومة مسئولية عدم الحوار (سودانيز أون لاين 12/2/2004م).

    إنَّ من الملاحظات المهمة التى تستوجب الإهتمام حول هذه المبادرات هو عدم تجاوب الأهالى فى دارفور مع ما يحدث حولها من مغالطات فى منتديات الخرطوم السياسية ومجالسها بالرغم من أنَّها تعنى بقضيتهم بالدرجة الأولى, فهم يعرفون جيداً مقدار ما حدث لهم من جرائم وتشريد بحيث إنعدمت معها الثقة بينهم وبين الجانب الحكومى, ولهم تجارب غزيرة فى هذا المجال, ولعلَّ مظاهرات أبناء الإقليم التى تجوب عواصم العالم الكبرى لدليل واضح على ذلك, خاصة المظاهرة التى قام بها تجمع روابط طلاب دارفور بالجامعات السودانية بحر الأسبوع الماضى و لخَّصت لهذه النقطة تحديداً, فقد أصدر هؤلاء الطلاب بياناً وسلموا رسالة إلى مكتب الأمم المتحدة بالخرطوم طالبوا فيه بتشكيل لجنة "لتقصي حقائق حول الكارثة الإنسانية في دارفور" وأنَّ "الأوضاع الإنسانية تزداد تدهورا مع توالي الكوارث المتمثلة في المجازر الجماعية والإبادة العرقية وحرق القرى والإعتقالات التعسفية", وأضافوا فى بيانهم أنَّ إعلان الرئيس البشير الأسبوع الماضي إنتهاء العمليات العسكرية في دارفور هو "حلقة جديدة في مسلسل الكذب" من قبل النظام بالنظر إلي إستمرار المعارك, وإتهم البيان حديث الحكومة حول عودة اللاجئين السودانيين في تشاد الذين أفرزتهم الحرب في دارفور «ضرب من المزايدة», وطالبوا الولايات المتحدة بإرسال فريق لتقصي الحقائق حول عمليات الإبادة الجماعية والمجازر البشرية وتقديم المتورطين لمحاكمة عادلة" (سودانيز أون لاين 16/2/2004م), لكنَّ الجدير بالملاحظة فى هذه الحادثة هو تصريح المكتب الصحفي للناطق الرسمي باسم الشرطة بالخرطوم حول أن الجهات المختصة ظلت ترصد محاولات لبعض التنظيمات والقيادات للتقليل من شأن قرارات الرئيس التي أصدرها مؤخراً والقاضية بالعفو عن حاملي السلاح بدارفور والدعوة لمؤتمر سلام شامل، واصفةً تلك الجهات بأنها تعمل على إستغلال الطلاب لتحقيق مكاسب لها. إنَّ صدور مثل هذا التصريح يعكس ضمور الفرص لإنفاذ المبادرة بعد دخولها حلبة المزايدات السياسية.

    ما الذى يجمع بين حزب الحكومة وحزبى الأمة والشعبى بشأن قضية دارفور:

    جملة من الأسباب تلك التى تجعل الحكومة وحزبها المؤتمر الوطنى بجانب أحزاب الأمة والمؤتمر الشعبى تتهافت بمبادرات مهترئة بشأن أزمة دارفور, أولاهما هو أنَّهم جميعاً مشتركون فيما حلً ويحل بدارفور من كوارث, فالنزاع القائم الآن لا يمثل إلاَّ نتاج سلسلة طويلة من التطورات المجحفة بحق أهل هذا الإقليم أخذت منحنى خطيراً عندما كان الصادق المهدى نفسه رئيساً للوزراء تمثلت فى مذكرة التجمع العربى الشهيرة, والتى أمسك رئيس الوزراء عن الحديث عنها فحسبها مناصروا المذكرة رضاً وتأييداً لهم الشيئ الذى أدَّى إلى إستفحال الأمور بعدها نتيجة لتوافر السلاح المتدفق عبر الحدود الغربية والمدفون فى رمال الصحراء والموهوب من الحكومة لبعض قبائل التماس لمساندتها فى حربها ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان, كل ذلك إقترن بغطاء آيدلوجى إستهدف أول ما إستهدف غالبية أهل الإقليم فكانت تلك المجازر الرهيبة فى ديار الفور عام 1989م, ثمَّ جاء إنقلاب الإنقاذ ليضيف ضغثاً على إبالة فوجد الأرض مهيئة لبذر سموم جديدة وتجيير ولاء أهل الإقليم سياسياً عبر ما أسموه المشروع الحضارى وإعادة صياغة المجتمع السودانى, ولمَّا إستعصى عليهم ذلك قرروا قطع العقدة من أساسها بدلاً عن محاولة حلِّها فبدأ التضييق على القبائل الكبرى بدءاً بمنتصف عام 1990م, أى بعد عام واحد من الإنقلاب, وإندفعت قوات الجيش المسنودة بمليشيات الدفاع الشعبى تعيث دماراً فى ديار تلك القبائل فى وسط دارفور الشيئ الذى إضطر معه المهندس داؤود يحيى بولاد إلى طلب العون من أعدى أعداء الحكومة فى محاولة يائسة لإغاثة أهله من حملات إبادة مؤكدة.

    من يتحمل مخطط مثل هذا؟ لا شك فى أنَّ هذه الأحزاب الثلاثة الكبيرة مشاركة فى تحملها بدرجات متفاوتة متمثلة فى سكوت حزب الأمة فى مبتدئها ثمَّ أدلجتها بنظريات هؤلاء الذين هم فى المؤتمر الشعبى الآن وتنفيذ تلك النظريات بواسطة الذين هم فى المؤتمر الوطنى اليوم, وما زالوا يواصلون تنفيذها, ولقد سارعت الحكومة دون هوادة أو كلل فى إستباحة أرض دارفور وتأجيج نيران النزاع فيها وإنبرت لتفتيت ديار القبائل الكبرى بطريقة تعسفية, وإقتطاع جزء من شمال دارفور وضمها للولاية الشمالية, وتصفية مشاريع التنمية رغم قلتها, والعبث بأموال طريق الإنقاذ الغربى ضاربة بعرض الحائط كل سمات الأمانة والثقة فى حفظ المال العام, وكأنَّ كل ذلك لم يكفها فواصلت مسلسلات الدم والخراب وبروز مليشيات الجنجويد ثمَّ القصف الجوى المحموم مؤخراً فى أبشع سياسة يمكن لنظام حكم أن يرتكبه ضد جزء من شعبه.

    يحدث كل ذلك وحزب الأمة, الشريك السياسى المفترض لأهل دارفور, لم يتحرك, والحراك الذى نعنيه هنا هو الحراك الفاعل (بيده) لا عن طريق النقد المبطن والتصريحات الصحفية المبتورة وإصدار المبادرات التى تتم صياغتها وراء أبواب مغلقة لا تعيش بضعة ساعات تنتهى إلى لا شيئ كما فقاعات الصابون. واليوم يأتى الصادق المهدى, بعد خراب مصر وطيران الأرواح البريئة إلى بارئها, ليدلى بمبادرة مهزوزة واضعاً يده فى يد الإنقاذ الملطخة سلفاً بدماء أهل دارفور يحسب أنه يستطيع أن يحسن صنعا! لقد ذكرنا فى مقال سابق أن لو أنَّ الصادق المهدى ترك بقائه فى القاهرة ودورانه بين مدن العالم وتوجه إلى دارفور ليقضى فيها أسبوعين مثلاً ينصح من ينتصح ويهدى من يستهدى لكان قد أنقذ أرواحاً كثيرة, والأعمار بيد الله, أو لكان قد أوقف هذه الهجمات الهمجية, والتى لا تزال تستمر وإلى اليوم, تفتك بأرواح العباد وتدمر حياتهم دون وجه حق, وقد كان بإمكانه أن يفعل ذلك لكنه آثر السكوت مرة أخرى, إنَّ سكوت الصادق المهدى عن كل ذلك طيلة الفترة الماضية ومنذ مذكرة التجمع العربى تحديداً تضعه فى خانة المساءلة الأخلاقية ونراه الآن أخيراً يحاول العودة إلى دارفور ولكن من بوابة الإنقاذ! إنَّ محاولته هذه سوف لن يكون بأفضل من العطار الذى يحاول إصلاح ما أفسده الدهر, نحسب أنَّه قد إختار الطريق الخطأ.

    الأمر الآخر والهام فى تهافت هذه الأحزاب على قضية دارفور هو رغبتهم فى إبرام مصالحة فوق رؤوس أهل دارفور وإستغلال ذلك لتجاوز حسابات خاصة بكل منها, أهمَّها هو محاولة الحكومة لدفن ما حدث من مآسى وقتل وتشريد للأهالى المدنيين بعيداً عن أعين المساءلة الدولية ومحاولة إخفائها تحت البساط (Under the carpet), فحكومة الإنقاذ تعلم تمام العلم حجم الكوارث وإنتهاكات حقوق الإنسان التى إرتكبتها هى والمليشيات المساندة لها بحق أهل دارفور, ولذلك فهى تصر إصراراً متعاظماً بعدم فتح أى مجال لتدخل دولى مهما كان شأنه قد يمتد ليشمل تحقيقاً عن تلك التجاوزات, والتى إذا ما تمت قد تطال مسئولين كبار فى نظام الحكم خاصة وأن هناك نداءات ودعاوى قوية بحق بعض منهم كما لاحظنا فى الفترة الأخيرة, ولعلَّ الصادق المهدى يريد أيضاً مساعدة الحكومة فى إنقاذ نفسها من هذه الورطات, وقد ظلَّ يفعل ذلك دوماً كلما دارت نائبات الدهر على نظام الإنقاذ, بل نراه متشدداً أكثر من النظام نفسه ومدافعاً عن فكرة عدم إتاحة الفرصة لأى تدخل دولى, فقد حذَّر مؤخراً في "لقاء الصحافة والسياسة" الشهري بمنزله بالملازمين من ان المناخ الخارجي فيه درجة عالية من الإستعداد للتدخل غير الحميد لكن التحرك الشعبي إذا ما تم فإنه يمنح صدقية لما يعتزم أن ينفذه الجميع. وأشار إلى أن التقارير التي أصدرتها منظمة العفو الدولية ومركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن ومجموعة الأزمات الدولية تدعو جميعها للتدخل في الشأن السوداني لأنه غير مؤهل في إعتقادها لحل مشاكله, وأكد أن تقرير منظمة العفو الدولية خطير وأن رد المسئولين الحكوميين عليه غير كاف, ودعا للإرتقاء بالخطاب الحكومي إزاء التقرير خاصة وأن بعض بنوده إتهمت الحكومة بالقيام بجرائم حرب وبأنها خرقت القانون الدولي وإتفاقية جنيف لعام 1949م, وأضاف أنه اذا لم يتحرك الرأي العام المحلي بشكل فاعل وغير مفعول فان الرأي العام العالمي سيتحرك لتنفيذ وصاياه على السودان (البيان 12/2/2004م). لقد كتب الصحفى محمد لطيف المحلل السياسى بجريدة الرأى العام موضوعاً بعنوان "الرئيس والإمام هل يجتمعا على دارفور؟" (الرأى العام 11/2/2004م), وفى عنوانه لهذا لمز وغمز ربما يعرف تماماً ما وراءه, أورد فيه "أنَّ أهمَّ ما طرحه الصادق المهدي فى مبادرته لحل قضية دارفور هو إمكانية التوفيق بين إستراتيجية الدولة الجديدة تجاه أزمة دارفور والتي عبر عنها مبادرة البشير وبين مبادرة حزب الأمة التي أطلقها المهدي في ذات اليوم, ويقول إنَّ تفعيل هذه المبادرة سيضيف إلى الجهد الوطني في محاصرة أزمة دارفور ويقلل من فرص التدويل", وربما تكون هذه العبارة الأخيرة هى بيت القصيد وراء مبادرة حزب الأمة. بدورنا نتساءل لماذا يفعل الصادق المهدى ذلك وماذا يريد أن يقول؟ لماذا يحاول أن يدعم جانب النظام الغاشم وفى نفس الوقت يتجاوز جرائم تاريخية حلَّ بأهم قاعدة إنتخابية لحزبه؟ ويلغى أطناناً كبيرة من المرارات خلَّفها هذا النظام بنفسه خاصة وأن جانباً كبيراً من تلك المرارات تتعلق بأرواح الآلاف من المواطنين الأبرياء ظلوا آمنين فى قراهم البعيدة قد لا يعرفون الفرق بين البشير والنميرى إلى أن أتاهم داهم فى ظلمة الليل, إنَّ الجانب المحزن فى سياسات الصادق المهدى هو تجاهله لما حلَّ بهؤلاء الناس من كوارث وعدم الإشارة إليها مطلقاً فى تصريحاته, وإلاَّ فكيف نجد تفسيراً لإستنكافه زيارة الإقليم ولو لمرة واحدة طوال الفترة الماضية أو إتخاذ مواقف أكثر تشدداً ضد النظام بشأن قضايا هؤلاء البشر, فعندما عاد مع حزبه من القاهرة قبل ثلاثة أعوام تقريباً قام بعدها بطواف على بعض المناطق فى ولايات نهر النيل والنيل الأبيض وكردفان وما زال يطوف لكنه أهمل دارفور بحجمها الكبير وأهلها الكثير! حقيقة إنه لأمر يؤسف له, وكمتابع للأحداث بدارفور ومآلات أشياء كثيرة يمكننى القول لو أنَّ حزب الأمة ومنذ عودته من القاهرة قد حصر نفسه وبرامجه وندواته كلها حول مشكلة دارفور فقط لكفاه زاداً حقيقياً فى مقبل الصراع السياسى القادم على الساحة السياسية السودانية, وهو صراع رهيب ستتساقط دونه رؤوس كبيرة, لكن لمن تدق الأجراس!

    ناحية ثانية هناك إحتمال أن يتم فهم مبادرة الصادق المهدى من زاوية الإنتهازية السياسية, فبعد تعاظم الإهتمام الدولى بقضية دارفور والإحتمال الكبير للتدخل الحميد أسوة بمناطق مماثلة يحاول حزب الأمة أن يقفز على ذلك بمبادرة يعتقد أنها يمكن أن تعيد إليه بعض المصداقية بين أناس لم يعرفوا فى تجربتهم السياسية أى حزب غيره, لكنهم فجعوا فيه وفى تصرفاته فى أشد الفترات حرجاً فى تاريخهم كانوا معلقين خلالها بين الموت والحياة فنفضوا أيديهم منه الآن, ويجدر بنا هنا أن نعيد فهمنا للعلاقة العقدية بين الناخب والحزب السياسى فإذا كانت الديمقراطية عائدة وراجحة, كما يقول الصادق المهدى نفسه, فإنها سوف لن تعود كما بالأمس وإنما تستوجب أول ما تستوجب تأهيل تلك العلاقة الشرطية بين الحقوق والواجبات حتى يستقيم الميزان. وفى الحقيقة فإنَّ العالمين بإستراتيجية حزب الأمة نحو دارفور يعرفون أنَّ هذا الحزب أو قادته لا يرغبون البتة فى أن يروا بروز أى صحوة سياسية فى دارفور كيما يظل الإقليم منطقة مقفولة لنفوذهم, ولذلك فقد ظلَّت إستراتيجيتهم تعمل ضد مثل هذه التوجهات بل ومحاولة تخريب أى تنظيمات محلية قد يشتم منها تهديداً لقواعدهم هناك, إنَّ تجربة "جبهة نهضة دارفور" لمثال واضح فى هذا المجال فهذه الجبهة قد نشأت أساساً لمناهضة ظاهرة تصدير النواب, وهى ظاهرة مارستها قيادة الحزب فى السابق وبخبث عبر إرسال مرشحين لها من غير أبناء الإقليم ليفوزوا فى دوائرها الإنتخابية المغلقة, ولقد كان السيد أحمد إبراهيم دريج والدكتور على الحاج محمد من القيادات الشابة فى تلك الجبهة, بالرغم من أنَّهم ليسوا مؤسسيها, وقد فاز السيد دريج فى دائرة زانجى كمرشح مستقل فى إنتخابات 1965م, التى أعقبت ثورة أكتوبر, وكان وقتها يتمتع أيضاً بوضعه كقائد لجبهة نهضة دارفور وكأقوى شخصية مؤثرة فيها, فإشتغلت إستراتيجية حزب الأمة تجاهه حتى تمَّ ضمَّه إلى كوادره فإنهار بذلك أقوى عمود فى الجبهة وتفرق أعضاؤها أيدى سبأ وتوجه الدكتور على الحاج لحزب الإخوان المسلمين, ولم تقم لتلك الجبهة قائمة وإلى اليوم الشيئ الذى دفعت دارفور من أجله ثمناً غالياً وخسرت خسراناً مبينا متمثلة فى فقدها لأهم بوتقة كان يمكن من خلالها تفريخ قيادات محلية صلبة و واعية بقضايا دارفور وما هذا الخواء فى القيادات الحاكمة اليوم إلاَّ نتيجة لذلك, وعلى العموم سنعود لدراسة تجربة جبهة نهضة دارفور دراسة تحليلية فى مقال قادم لنا بإذن الله. المهم فى الأمر أن حزب الأمة قد تمكن من خلال تلك المؤامرة من إعادة سيطرته السياسية على دارفور ونتيجة لذلك نجده قد فاز بمعظم المقاعد البرلمانية فى الإنتخابات القومية المتتالية, وبالقطع فقيادته لا تريد لأبناء الإقليم ومثقفيها أن يتحدوا أبداً, ولعلَّنا نلاحظ فى حديث الصادق المهدى فى مؤتمره الصحفى الذى ورد أعلاه ما يشير إلى ذلك وتخوفه من وحدة أبناء الإقليم وذلك من خلال قوله "إنَّ الحل العسكري لن يجدي لأنَّ حملة السلاح لهم جيوب أخرى لذلك فإنهم لن يختفوا, وحذَّر من أنهم ينظمون صفوفهم الآن ويعملون على توحيد رؤيتهم أزاء أزمة الاقليم", إنَّ الجزء الأخير من هذه العبارة (وحذَّر من أنهم ينظمون صفوفهم الآن ويعملون على توحيد رؤيتهم أزاء أزمة الاقليم) يجب أن نضع تحتها خطان لأنَّ بين سطورها يكمن حذر الصادق المهدى ولا يريد لتلك الوحدة أن تكتمل حتى وإن إستدعى ذلك التحالف مع نظام الإنقاذ لضربها, وليس من المستبعد أن يكون هنالك تفاهماً وتنسيقاً قد تمَّ فى هذا الإتجاه وإلاَّ فكيف نفسر هرولة الصادق المهدى المحمومة نحو الحكومة وفى هذا الوقت تحديداً! لذلك فإنَّ لحزب الأمة مصلحة حقيقة فى لملمة قضية دارفور لكن دون أن يؤدى ذلك إلى توحيد أبنائها أو يحقق وحدتهم لأنَّ المستهدف الأكبر حينها سيكون حزب الأمة نفسه. إنَّ الصادق المهدى وحزبه لا شكَّ فى أنهم متابعون بقلق للحراك العالمى لأبناء دارفور, والغيرة الوطنية الصادقة التى يبدونها تجاه إقليمهم, إضافة إلى مراجعتهم الحالية لهشاشة تناول الأحزاب التى نصفها بالقومية لقضايا أهلهم, وما يدور داخل كل ذلك من مخاض قد نحسبه لا تحمل أخباراً سارة لهذا الحزب فى مقبل العراك السياسى الحر.








                  

العنوان الكاتب Date
دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-27-04, 03:21 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-27-04, 03:23 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Mohamed Adam02-27-04, 04:38 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! WadalBalad02-28-04, 01:32 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! الجندرية02-28-04, 09:21 AM
  Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Alsawi02-28-04, 10:16 AM
    Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Kostawi03-01-04, 08:02 AM
      Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! إسماعيل وراق03-29-04, 10:38 PM
        Re: دارفور... وتهافت الحكومة والأحزاب السياسية على قصعتها! Mohamed Bang03-30-04, 01:53 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de