التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 02:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-25-2004, 11:23 AM

Al-Masafaa
<aAl-Masafaa
تاريخ التسجيل: 04-25-2002
مجموع المشاركات: 1586

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني

    هذا هو نص الدفاع الذي قدمه المناضل الشيوعي التجاني الطيب بابكر امام المحكمة العسكرية (محكمة امن الدولة) و التي قضت بالحكم عليه بالسجن عشر سنوات في اكتوبر1982

    (المصدر: وثيقة لفرع الحزب الشيوعي السوداني، المملكة المتحدة و ايرلندا)

    السادة رئيس و اعضاء محكمةامن الدولة

    بهذه المحاكمة اقف مرة اخرى في الصف الطويل من الوطنيين و الديمقراطيين السودانيين الذين قادتهم افكارهم و مواقفهم الى المحاكم منذ عهد الاستعمار بموجب قوانيين تصادر الديمقراطية و تجعل من ممارسة حقوق طبيعية، كحق التنظيم و التعبير، جرائم تستحق العقاب. و لقد ناضل شعبنا طويلا ضد الاستعمار و قوانينة الخانقة و قدم تضحيات جمة في سبيل سودان حر ديمقراطي. و بعد الاستقلال و هو يناضل في سبيل التغيير الاجتماعي، لم يتوقف شعبنا قط عن النضال في سبيل الديمقراطية. و الواقع ان تاريخ حركة شعبنا السياسية و الاجتماعية عبر عشرات السنين هو تاريخ نضاله من اجل حقوقه و حرياته، و ثورته في اكتوبر وهي اكبر حدث في تاريخه المعاصر كانت ثورة للديمقراطية. هذه هى الارادة الحقيقية لشعبنا. ان النظام الراهن يعمل بكل السبل و الوسائل لقهر هذه الارادة بحكم الفرد و نظام الحزب الواحد، و قانون امن الدولة وقوانيين النقابات و الصحافة و باجهزة مختلفة للقمع. و من ابرز سبل و وسائل القهر قانون امن الدولة و جهاز امن الدولة الذين بهما تمارس السلطة اضطهادا لا مثيل له بالمواطن، و تسعى الى تجريده من انسانيته و تقتحم حرمة شخصه و سكنه، تحاربه في رزقه و تعتقله امدا غير محدود و تستخدم العنف ضده الى حد اطلاق الرصاص عليه بقصد قتله اذا اشترك في اعتصامات او مظاهرات مهما كانت سلمية. و هى مطلقة اليد ازاءه كمتهم ، فهو محروم من حق الافراج بالكفالة ايا كانت التهمة، و يعامل حتى قبل بداية التحقيق معه بأسوأ مما يعامل السجناء المدانون، و كثيرا ما يتعرض للتعذيب البدني و النفسي لقسره على الادلاء بمعلومات او اعترافات. و السلطة تطلق لسانها ضد المواطن كمتهم او معتقل او معارض بافتراءات يعاقب عليها في بلد يسوده حكم القانون، كما تحاكمه باجهزة اعلامها و تدينه، وهذه كلها حقائق يعرفها الرأي العام و قد عشتها كتجربة ذاتية خلال الشهور العشرين الماضية. و عقب اعتقالي مباشرة نشرت الصحف تصريحات اسنتدها لمسؤولين في جهاز امن الدولة تتهمني و الحزب الشيوعي بالعمالة لجهات اجنبية و يوم عشرين يونيو الماضي نشرت جريدة الصحافة حديثا ادلى به رئيس الجهاز لصحيفة مصرية قال فيه كان الشيوعيون يتلقون تعليماتهم دوما من جهات اجنبية. كمواطن نذر حياته بتجرد لوطنه و شعبه، لا اجد ما اصف به هذة الافتراءات سوى انها رخيصة و جبانة. و لقد عرضت على لجنة التحقيق مئات الوثائق التى تخص الحزب الشيوعي في سياساته الداخلية و الخارجية. و قدم المتحري نماذج منها كمستندات امامكم، و لكنها لم توجه لي سؤالا واحد و لو بطريقة غير مباشرة عن تعليمات تاتي من الخارج اواتهاما بالعمالة و لم تبد صحيفة الادعاءات شيئا من ذلك. اما الحزب الشيوعي، فان له تاريخه المعروف في نضال شعبنا، و في اغسطس هذا يكمل عامه السادس و الثلاثين، و قد صادم الشيوعيون حكومات مختلفة و وقفوا كثيرا قياديين و قاعديين امام المحاكم، و لكن لم يحدث قط ان قدموا للقضاء بتهمة العمالة، لا لانه لم يوجد دليل و حسب، بل و ببساطة لانه لا يوجد و لا يمكن ان يوجد مثل هذا الدليل. لقد حظى الحزب الشيوعي اكثر بكثير من اي حزب سوداني آخر بدراسات عديدة محلية و اجنبية و وجد مكانا مرموقا في عدة كتب و مقالات عن الحركةالسياسية و النقابية السودانية والعربية و الافريقية و المتتبع لهذة الدراسات و لتاريخ بلادنا يرى ان الشيوعيين كانوا دائما في الصفوف الامامية لوطنيي السودان و ان حزبهم هو الحزب السوداني الوحيد المستقل حقيقة عن كل نفوذ اجنبى و للحزب الشيوعي حضور عالمي واسع، و له علاقات معلومة مع الاحزاب الشيوعية و الاحزاب و الحركات الديمقراطية تقوم على الاستقلال و الندية و الصداقة و التضامن و النضال المشترك من اجل الاهداف النبيلة المشتركة و هو يتمتع باحترام حقيقي و عميق و واسع عربيا وافريقيا و عالميا لا تجده سوى الاحزاب الاصيلة، و يتجلى كل ذلك في حملات التضامن الواسعة معه.

    السادة رئيس واعضاء المحكمة

    تصف صحيفة الادعاء الحزب الشيوعي بالمحظور و هو كذلك بالفعل، فالاحزاب محظورة في بلادنا، و هذا هو احد اجلى مظاهر مصادرة الديمقراطية و يستند الحظر الى ان الدستور يفرض الاتحاد الاشتراكي تنظيما سياسيا وحيدا، بزعم انه يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة و انه بالتالي يوحد كل السودانيين و يجنبهم الانقسامات الحزبية. و لكن الواقع يدحض هذا الزعم لان الاتحاد الاشتراكي ليس تحالفا شعبيا وانما مجرد حزب آخر لطبقات و فئات رأسمالية، و السياسات التى تطبق باسمه تمثل فقط مصالح تلك الطبقات و الفئات و تتعارض تماما مع مصالح الطبقة العاملة و الاغلبية الساحقة من الناس البسطاء، و يعكس تركيب قياداته انه حزب للاغنياء و الجماعات المتحلقة حول السلطة و كبار الموظفين، و قد بدلت الوجوه كثيرا و لكنها لم تخرج عن ذلك. ومع ان السلطة انفقت عليه من المال العام عشرات الملايين من الجنيهات و اخلت له ساحة النشاط الشرعي و غذته بالموظفين المنتدبين من جهاز الدولة، جعلت تنظيمات بناها العاملون بجهدهم عبر عشرات السنين روافدا له، فان الاتحاد الاشتراكي ظل حزبا كسيحا فكريا و معزولا جماهيريا و لم يخرج عن كونه مخلوقا للسلطة، و قد رأينا جميعا كيف حل رئيسه هيئاته العليا بقرار فردي (رغم ما قيل من انها منتخبة) و كيف انشأ بقرار فردي آخر هيئة بديلة لا تملك من الامر اكثر مما ملكت سابقتها، و بأسم هذا الحزب العاجز المعزول جماهيريا و الغائب في كل معركة جماهيرية كما اثبت اضراب السكةالحديد و انتفاضة دارفور و مظاهرات يناير هذا العام و غيرها، بأسمه تحظر الحزبية. ان الاتحاد الاشتراكي ليس سوى عينة للظاهرة المنافية للديمقراطية المعروفة بالحزب الواحد الذي يمثل احدى دعامات حكم الفرد، فتحت لافتته يتم احتكار التحدث بأسم الامه و تبرير مصادرة حرية التنظيم و التعبير و حظر الحزبية و رئيسه الدائم هو الرئيس التلقائي للسلطة. و لكن رغم الدستور و القانون، فان هناك احزابا تمارس نشاطها بدرجات متفاوتة من العلنية مثل الجمهوريين و الاخوان المسلميين، و في اجتماع اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي مساء 22 يونيو 1982 اعترف رئيس السلطة بأن الاحزاب عادت في الجنوب و حتى احزاب المعارضة اليمينية تتحرك بيسر نسبي من خلال العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية المتشابكة بين قوى اليمين و لكن السلطة ترصد هذا النشاط و تستخدمة في صراعاتها و في ما يفيد تقوية مواقعها و اضعاف خصومها و ترسم له حدودا لا يتجاوزها. يبقى ان الحظر مطبق بصرامة فقط ضد الحزب الشيوعي و هذا تمييز و لكنه من طبيعة الاشياء فالحزب الشيوعي يختلف جوهريا عن الاحزاب الاخرى، وهو وحده الذي يعارض سياسات السلطةالراهنة لانها تتناقض تماما مع مصالح الشعب و الوطن. كذلك يطبق الحظر بصرامة لان النظام القائم يتناقض تماما مع الديمقراطية ، و الواقع ان مسلك اي نظام تجاه الحزب الشيوعي يقوم معيارا صادقا لمسلكه تجاه الديمقراطية. فعندما انتصرت ثورة اكتوبر عبرت عن انسجامها التام مع الديمقراطية باطلاق حرية الحزب الشيوعي فكانت تلك اكثر الفترات في تاريخ شعبنا ازدهارا بالديمقراطية و اغناها في عطائها السياسي والفكري والابداعي. و بالعكس عندما شرعت الاحزاب اليمينية في الارتداد على ثورة اكتوبر و الانقضاض على منجزاتها التاريخية و خاصة في مضمار الديمقراطية وجهت اشد ضربتها ضد الحزب الشيوعي ، و هذة الحقيقة ادركتها دوائر سودانية عديدة لم تكن دائما على علاقة طيبة بالحزب الشيوعي مثل الجمهوريين فدافعت عن شرعيتة دفاعا عن حقها في الشرعية. ان الحظر الصارم على الحزب الشيوعي ليس سوى مظهر اخر لعداء النظام الراهن للديمقراطية.

    السادة رئيس واعضاء المحكمة

    تتهمني صحيفة الادعاءات و تتهم الحزب الشيوعي بالعمل على تفتيت الوحدة الوطنية ودلل ممثل الاتهام على ذلك في خطبتة النهائية بجانب فريته المردودة عن عمالة الحزب الشيوعي، بان ذلك الحزب يعمل لتحقيق سلطة الطبقة العاملة، و بالتالي يعمل من اجل سيطرة طبقةعلى المجتمع و اثارة التناحرات الطبقية، اليس من المدهش ان يجئ هذا الاتهام من ممثل سلطة تعبر عن مصالح و ارادة اصغر الطبقات الاجتماعية حجما في بلادنا و مع ذلك تدعي تمثيل الامة، بينما تفرض حكمهاعلى الاغلبية بالقهر و تخضع كل كدح الشعب و ثروة الوطن لمنفعتها الانانية الضيقة و لمصلحة من وراءها من الدوائر الامبريالية و الرجعية. صحيح ان الحزب الشيوعي يعمل من اجل ان تتزعم الطبقة العاملة السلطة السياسية في بلادنا، و لكن ليس صحيحا انه بذلك سيقيم نظاما للتناحر الطبقي، بل فالعكس تماما هو الصحيح فعندما سينجح في مهمتة ستكون تلك هي اول مرة في تاريخ بلادنا تعبر فيهاالسلطة حقيقة عن مصلحة اوسع الجماهير و سيستند الحكم لا على البطش و الارهاب و انما الى ارادة الاغلبية الساحقة من الشعب، و ستقوم لاول مرة وحدة وطنية حقيقية راسخة، فالطبقة العاملة لا تستغل غيرها بل تواجهه بوحدة تتجاوز النعرات القومية و العنصرية الدينية و الطائفية ، و هي لا تستطيع ان تناضل في سبيل ادنى مطالبها دون وحدة متينة، لذلك يعمل اعداؤها كل ما في وسعهم لشق صفوفها. كما انها لا تستطيع ان تبلغ اهدافها البعيدة في انهاء الاستغلال الرأسمالي الا بالاتحاد الواسع و القوي مع جميع اقسام السكان الطبقية و الاجتماعية و القومية من اجل انهاء كل قهر و استغلال و تمييز. ان الوحدة الوطنية حيوية للطبقة العاملة سواء في مطالبها الطبقية الخاصة او في الاهداف الوطنية العامة. و يؤكد تاريخ بلادنا ان العمال اقاموا حركة نقابية تحطمت على وحدتها كل مؤامرات الانقسام التي دبرتها السلطة الاستعمارية و الدوائر اليمينية فيما بعد، كما انهم مدوا يد المساعدة النزيهة للمزارعين و الطلاب في معاركهم. و لرجال البوليس في اضرابهم عام 1951، بل للرأسمالية في مطالبها المتعلقة باستقلال الاقتصاد الوطني و عموما يتسم تاريخ الطبقة العاملة السودانية بنضال عنيد في سبيل وحدتها و وحدة كل الشعب من اجل التحرر الوطني و الديمقراطية و التقدم الاجتماعي. و قد سار الحزب الشيوعي على هدى ايدلوجية طبقته، فهو حزب يتجسد رسوخ الوحدة الوطنية فيه في انه يمتد على نطاق الوطن فلا ينحصر في اقليم او طائفة او دين، و في ان برنامجه يطرح حلولا لقضايا السودان بأسره. و من المعروف انه الحزب الوحيد الذي احتلت اعلى مواقع القيادة فيه و بانتخابات ديمقراطية حقيقية لا بقرارات رئاسية او اشارات طائفية عناصر من العمال و المثقفين و الجنوبيين و النساء يأتون من كافة ارجاء الوطن لا من العاصمة وحدها او من اقليم معين او من دين معين لا يزكيهم سوى الاخلاص لقضية الشعب و الوطن و الصلابة الفكرية و النضالية و الخلقية، و قد عمل الحزب على توحيد الجماهير في تكويناتها المختلفة عبر نقاباتها و اتجاهاتها و تنظيماتها الثقافية و الاجتماعية، كما عمل على تشجيع التحالف بين جماهير العمال و المزارعين و الطلاب و المثقفين من اجل قضايانا المشتركة. و من منطلق تفهمه الدوافع الموضوعية التي ادت الى نشؤ التنظيمات الاقليمية و اهمها الاحساس بالتمييز و التخلف و الاهمال، رفض ان يدمغها بالعنصرية، بل سعى للتعاون معها و دعاها الى العمل الوطني العام و التحالف مع الطبقة العاملة و القوى الديمقراطية الاخرى من اجل سودان يزول فيه التمييز بين اقاليمه و ترتفع فوقه راية الوحدة الوطنية. و بشكل عام عرف عن الحزب الشيوعي انه القاسم المشترك الاعظم بمبادرة و نشاط في كافة الجبهات و الجهود و التجمعات التي هدفت توحيد الجماهير بدءا من جبهة الكفاح لمقاومة الجمعية التشريعية عام 1948 و حتى الآن. و من ابرز اعمال الحزب الشيوعي في سبيل الوحدة الوطنية مواقفه في قضية الجنوب ففي انتخابات 1953 طرح لاول مرة في الساحة السودانية فكرة (الوضع الخاص) للمديريات الجنوبية اعترافا بالتمايز و تاكيدا للوحدة الوطنية. و عندما وقع تمرد اغسطس 1955 كان الحزب الوحيد الذى خلا من التعصب فلم يطش صوابه، بل قدم تحليلا موضوعيا لما حدث و دعا الحكومة و الجيش الى ضبط النفس في تطويق التمرد و عدم الاصغاء لدعوات المطالبين بالانتقام لضحايا التمرد من الشماليين، و طالب بابدال احكام الاعدام ضد قادة المتمردين و بمعاملة السجناء منهم معاملة طيبة قتلا للفتنة، وفي مؤتمره الثالث بعد ستة اشهر من التمرد قدم الحزب الشيوعي لاول مرة في السياسة السودانية شعار الحكم الذاتي الاقليمي ثم طوره في مؤتمر المائدة المستديرة و في مؤتمره الرابع في اكتوبر 1967. و في الجانب الفكري انفرد الحزب الشيوعي منذ عام 1958 باصدار ملحق بالانجليزية باسم (ادفانس) لجريدتة العربية الميدان كما اصدر كتيبات عديدة بالانجليزية دفاعا عن الوحدة بين الشمال و الجنوب و دعا الجنوبيين الى الارتباط بالطبقة العاملة و القوى الديمقراطية في الشمال و النضال معها من اجل سودان وطني ديمقراطي. و من برنامج الحزب الشيوعي بالذات جاء بيان 9 يونيو و الذي صاغه الشهيد جوزيف قرنق . ان الاطلاع على نص البيان يؤكد هذه الحقيقة و التمعن فقط في هذه العبارة المركزية في البيان (اننا نرى انه من الاهمية بمكان نمو حركة اشتراكية ديمقراطية في الجنوب في سبيل تحقيق اهدافنا التقدمية المشتركة و لتتقلد تلك الحركة الديمقراطية في الجنوب زمام السلطة في هذه الرقعة العزيزة من بلادنا لوقف النشاط الاستعماري كشرط اساسي في سبيل التطبيق العلمي السليم لمبدأ الحكم الذاتي الاقليمي) من الواضح ان هذه العبارة فكرا و تعبيرا صادرة عن الحزب الشيوعي. و الواقع ان السلطة تنكرت لها تماما بل تسير على نقيضها الآن كليا، و هذا احد جذور الازمة الراهنة في الجنوب. ان الخطر على الوحدة الوطنية يأتي من جهةالنظام لانه يقوم على مصادرة الديمقراطية بينما الوحدة الوطنية بطبيعتها ديمقراطية ولا تزدهر الا في جو الديمقراطية و ان فاقد الشئ لا يعطيه، و لانه نظام يسير على النهج الرأسمالي و الرأسمالية لا تهتم الا بضمان الارباح المجزية لرؤوس الاموال العربية و الاجنبية و وكلائها المحليين و تغض الطرف عن استنزاف القطاع التقليدي و تخريب بنيته الاقتصادية و الاجتماعية و تهمل المناطق والاقاليم و المشروعات التي لا تدر ارباحا كافية، و من جراء ذلك يتفاقم التمييز بين الاقاليم و يتفاقم الوضع السئ في الجنوب و تفاقم النزعات القبلية في منطقة السافنا الغنية التى يتكالب عليها رأس المال و تتحول الى صدامات دموية بلا نهاية. و النظام يحاول ان يصور ان تلك مشكلات يمكن حلها بتغيرات في الاشكال الادارية و بما يسمى باللامركزية و بهذا يأمل ان يتخلص من معضلات الاقاليم الشائكة وان يشغل بها اهلها و يفيد من لعبة التوازنات بين جماعاتهم لتمتين قبضتة المركزية، و من هذا لا من الطبقة العاملة او الحزب الشيوعي يجئ الخطرعلى الوحدةالوطنية.

    السادة رئيس واعضاء المحكمة

    تتحدث صحيفة الادعاءات عن نشر اخبار و بيانات كاذبة و مغرضة بقصد تضليل الرأي العام، و هذا الاتهام عندما يأتي من السلطة يذكر بالمثل العربي (رمتنى بدائها وانسلت) هذة السلطة بذت كل الحكومات السابقة في فن التضليل باحتكارها لوسائل النشر و الاعلام و بتعتيمها على المعلومات والحقائق والاحصاءات التى تعاملها و كانها اسرار استراتيجية و رصيد السلطة في هذا المضمار يملأ مجلدات. و يكفي ان نستعيد ما ظل يقال و يكتب عاما وراء عام و يوم وراء الآخر عن التنمية و الديمقراطية و تسليم السلطة للجماهير و استتاب الامن و الثورة التعليمية و الصحية و سياسة التركيز و برنامج الانعاش و اسباب رفع الدعم عن السلع وغيرها حتى نرى غسيل المخ اليومي الذي يتعرض له شعبنا الامر الذي ادى الى فجوة تصديق واسعة بين السلطة و الجماهير بسبب الفرق الظاهر بين ما تقوله السلطة و الواقع المر، و من ثم ظهر ذلك الشعار الاعترافي المضحك (تمليك الحقيقة للجماهير) اذن ماذا كانت تملك قبل ذلك غير الاكاذيب، و لكن الشعب كشف ايضا ذلك الشعار و عرف انه ليس سوى مدخل الى حملات تضليلية جديدة و كما ثبت ذلك بالفعل. و من الجهةالاخرى، ماذا يمكن ان يفيد الحزب الشيوعي من الاكاذيب؟ ان علاقته بالجماهير تختلف جوهريا عن علاقة السلطة بها فهو لا يملك وسيلة لكسبها غير الاقناع، فاذا تبين انه يكذب و حبل الكذب قصير، فلن يقتصر الامر على عزوف الجماهير عنه، بل سينفض اعضاؤه عنه ايضا. ولكننا نعرف من وثائق الحزب الشيوعي، منشوراته وبعضها مقدم امامكم كمستندات انه يطالب بحرية التعبير و حرية الصحافة و بالاصدار المتعدد للصحف و بالنشاط السياسي و الدعائي الشرعي المكشوف مما يجدر بالسلطة ان تستجيب له ان كانت راغبة حقا في محاربة الاكاذيب و لفضحهم امام الرأي العام و محاصرتهم بالحقائق، بل و معاقبتهم بطريقة لا يمكن ان يعترض عليها احد تحت قانون الكذب الضار علما بأن ممثل الاتهام لم يقدم دليلا واحدا على الاكاذيب التي يلصقها بالحزب الشيوعي.

    السادة رئيس واعضاء المحكمة

    تتحدث صحيفة الاتهام عن معارضة السلطة. ان القانون يحظر المعارضة مع ان حق المعارضة كحق التأييد حق طبيعي ينبثق تلقائيا من المواطنة. فكلاهما نتيجة طبيعية لتفكير المواطن في ما يمس حياته و حياة وطنه و مواطنيه، و ان حظر هذا الحق يناقض الطبيعة البشرية و يغتال انسانية المواطن. و حق المعارضة حق شامل يتضمن التعبير العلني الحر عن رفض برامج السلطة و سياساتها و رفض السلطة في الاساس و المطالبة بابدالها، و في الحقيقة اذا انطلقنا من واقع ان السودان وطن لكل ابنائه وانهم جميعا متساوون، فما الذي يمنح سلطة ما ناهيك عن فرد، حقا ابديا في الانفراد بصياغة مصير هذا الوطن و يفرض على المواطنين الاخريين اما ان يؤيدوا عن اقتناع او اكراه او ان يتحولواالى متفرجيين سلبيين ، او ان يعارضوا فتنزل بهم الوان العقاب. مهما بحثنا فلن نجد سندا لهذا التمييز سوى القوة وحدها و هي لا تلغي الحقائق التي شكلت و تشكل مجتمعنا و تثير الصراعات و الاختلافات داخله، و السلطة باعتمادها مبدأ القوة هذا هي التي تتحمل المسؤولية في ان غيرها حاول وسيظل يحاول ان يمتلك اسباب القوة ليمسك بمقاليد الحكم. ان اكثر الامجاد التي نتغنى بها هي تعبيرات عن مقاومة شعبنا لاوضاع كان يعارضها و ثوراتنا الحديثة الظافرة الثلاث، ثورة المهدية و ثورة الاستقلال و ثورة اكتوبر، نضجت عوامل انتصارها عبر معارضة مديدة للانظمة التي وقعت في ظلها و لقوانينها، و لكن السلطة الراهنة لا تهتم فيما يبدو بدروس التاريخ وهي لا ترى في المعارضة سوى خطر عليها يجب سحق اي مظهر له، انها غير معنية باسباب المعارضة و جذورها ناهيك عن شرعية او حتى معقولية مطالبها، و يبدو انها لا تسأل نفسها عن عوامل استمرار المعارضة و اتساعها رغم الاضطهاد. و عندما يكثر التساؤل عن ذلك محليا و عالميا تجد اجابة مبسطة في معزوفة التآمر الدولي و العملاء المحليين. ان تجارب الشعوب و فيها شعبنا تشير الى ان اية معارضة لها جذور موضوعية يستحيل اجتثاثها. و بالجذور الموضوعية اعني الخلافات التي تتصل بالنهج السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الناشئة عن التباين او التضارب في مصالح القوى الاجتماعية المختلفة، و ان هذة الاختلافات طبيعية و حتمية في مجتمع متعدد الطبقات و القوميات والعناصر و الاديان و الثقافات كالمجتمع السوداني، و لكن من المؤسف ان المعارضة لم تكن مشروعة في بلادنا الا لمدة تقل عن ثمان سنوات في خلال مايزيد عن ستة و عشرين عاما، و هذا ظلم فادح للشعب السوداني. ان الحكومة الراهنة ليست اول حكومة سودانية تقوم ضدها معارضة، فمنذ فجر الاستقلال نشأت نزاعات احزاب الطبقات المتملكة على الحكم. و لكن صراعا اعمق واكثر جذرية كان قد نشأ ايضا ، فاذا كانت قوى شبه الاقطاع و مختلف الفئات الرأسمالية ارادت ان تحافظ على موروثات السلطة الاستعمارية من قوانيين و نظم و نهج اقتصادي و اجتماعي و ان تسير على الطريق الرأسمالي، فأن جماهير العمال و المثقفين الثوريين و الجماهير المتقدمة في المدن و مناطق الانتاج الزراعي الحديث ارادت ان يكون الاستقلال وسيلة تغيير الى الاحسن في كافة اوجه حياتها و ان تشترك بفعالية في صنع الوطن الجديد، اي انها كانت تدعو الى طريق وطني ديمقراطي لتطور البلاد يفضي بها الي الاشتراكية. هذا الصراع الجوهري اخذ شيئا فشيئا يشكل الملامح الرئيسية لحياتنا. و يقف وراء كل ازمة سياسية و كل انقلاب و كل تحالف و كل انقسام ، و في مجراه راحت تتحدد برامج مختلف القوى السياسية، و ان جذور كل معارضة و كل تأييد يرجع الى هذا الصراع الممتد حتى هذة اللحظة و انه صراع موضوعي ناتج اساسا عن تباين مواقع مختلف الطبقات و الفئات في عملية انتاج الثروة و توزيعها. انه صراع لا يمكن تفاديه و لا انهاؤه بمرسوم و سيتواصل ما بقيت اسبابه. و بعد ثورة اكتوبر تبلور في بلادنا برنامجان رئيسيان: برنامج القوى الوطنية الديمقراطية، و كانت اهم مطالبه الدستور الديمقراطي وتحرير الاقتصاد من سيطرة رأس المال الاجنبي و تحقيق تغييرات اجتماعية ديمقراطية و اتباع سياسة خارجية معادية للاستعمار، و برنامج قوى التنمية الرأسمالية الذي تجسد في مطلبين رئيسيين هما الجمهورية الرئاسية و تقييد الحقوق و الحريات الذين يوفران لتلك القوى السلطة المركزية و الاستقرار كشرطين لا غنى عنهما لفرض التطور الرأسمالي فرضا على شعبنا. سلطة مايو جاءت من واقع المعارضة للنظام القديم و اعلنت بياناتها الاولي برنامجا يلتقي في عدد من النقاط مع البرنامج الوطني الديمقراطي وعلى هذا الاساس وجدت التأييد من القوى الوطنية الديمقراطية و تنظيماتها و احزابها و لكنها لم تلبث الا قليلا حتى راحت تتراجع عن برامجها و كان حتما ان يقع الخلاف بينها و بين تلك القوى و رفضت السلطة ان يكون لغيرها حق ابداء الرأي، بل و حتى حق الوجود المستقل و اصرت على الانفراد بالبت في كل امر، و تصاعد الخلاف حتى انتهى الى ما هو معروف ، ففي 19 يوليو 1971 انتفضت القوى الوطنية الديمقراطية داخل القوات المسلحة و انتصرت لمدة ثلاثة ايام ثم انهزمت، و كانت هزيمتها ايذانا بفترة جديدة في حياة شعبنا حيث سلط الارهاب الشامل ضد القوى الوطنية الديمقراطية فاعدم قادة الانتفاضة الابطال و اعدم قادة الحزب الشيوعي و اعتقل الشيوعيون و الديمقراطيون و طردوا من وظائفهم و اقتلعوا من بين جماهيرهم، و باختصار مهدت الارض لسيادة الطريق الرأسمالي وفي غضون عامين فقط من مجيئها كانت السلطة التي اطاحت بالنظام القديم تحقق له المطلبيين الاساسيين ، و زيادة السلطة المركزية المطلقة و المصادرة التامة و الشاملة للديمقراطية و طرد المعارضة بتنظيماتها و احزابها و قياداتها من ساحة الشرعية.

    (عدل بواسطة Al-Masafaa on 03-08-2004, 08:32 AM)









                  

العنوان الكاتب Date
التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa02-25-04, 11:23 AM
  Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa02-25-04, 11:26 AM
  Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني خالد العبيد02-25-04, 07:28 PM
    Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني خالد الحاج02-25-04, 08:03 PM
      Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Abdel Aati02-26-04, 00:27 AM
  Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني elsharief02-26-04, 09:13 AM
    Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني bunbun02-26-04, 01:57 PM
      Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa02-28-04, 09:08 AM
        Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني هدهد02-29-04, 00:11 AM
          Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa02-29-04, 12:47 PM
  up خالد العبيد02-29-04, 10:15 PM
  Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني يا بت يا نيل02-29-04, 11:26 PM
    Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa03-02-04, 11:35 AM
      Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني bunbun03-03-04, 01:01 PM
        Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa03-05-04, 09:41 AM
  Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني NEWSUDANI03-05-04, 12:09 PM
    Re: التجاني الطيب يحاكم النظام السوداني Al-Masafaa03-05-04, 12:30 PM
  عاجل خالد العبيد03-06-04, 10:25 PM
    Re: عاجل Al-Masafaa03-08-04, 09:00 AM
      Re: عاجل Al-Masafaa03-09-04, 01:45 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de