فضيحة فضيلة الشيخ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 04:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-09-2004, 02:56 PM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة فضيلة الشيخ (Re: أبوالزفت)


    هذه المشاعر والأحاسيس كلها، دارت في مخيلتي وأنا جالسة أمام جارتي المسلمة، المؤمنة، المهذبة، التي تفهم حقائق ديننا، وتحرص علي تعاليمه السمحة، ورغم ذلك وصفها زوجي بأنها تستقبل الغرباء.. شبه عارية، لا لشيء إلاٌ لأنها اكتفت بالحجاب، ولم تأخذ بالنقاب!
    تناسيت هذه المشاعر، والأحاسيس، والاعتراضات، كلها.. وركٌزت همٌي في تحقيق الهدف من وراء زيارتي، طبقا لأوامر، وتعليمات، زوجي والذي يعتبره هدف حياته الأوحد في هذه الدنيا الفانية وسألت جارتي سؤالا، أنا أكثر الناس رفضا له، ومعاناة منه :
    'لماذا لا تتنقبي يا أم فلان' ؟!
    وفوجئت جارتي بهذا السؤال الغريب، والعجيب، والمسٌتفز، لها، ولي قبلها، وللملايين من السيدات والفتيات المصريات. وبدلا من أن تجيب عن سؤالي، تجاهلته، وسارعت بسؤالي:
    'ولماذا يجب عليٌ أن أتنقٌب؟! هاتً لي آية قرآنية واحدة، أو أي حديث نبوي صحيح، وغير مدسوس يفرض علي المرأة المسلمة والمؤمنة، والملتزمة، بتعاليم دينها،والحريصة علي نصوص شريعته، ارتداء ما يسمي بالنقاب. إن الدين كما نعرفه يسر لا عسر، والإظلام الذي يفرضه هذا النقاب علي من ترتديه نفسيا، وإنسانيا،وحضاريا،وصحيا،واجتماعيا يتعارض جملة وتفصيلا مع ألف باء ديننا الإسلامي الصحيح، وليس المفتعل،أو المزوٌر، أو الذي أفتي به المعقدون، والمهووسون، والمتحجرون الجهلاء..ممن تتزايد أعدادهم في مصر لسوء حظ شعبها يوما بعد يوم، وسنة بعد أخري' .
    ولم تكتف جارتي 'أم فلان' بما لم تصدمني مكاشفتي به، وإنما أضافت إليه قائلة :
    'إنني كثيرا ما بكيت علي حالك، وعلي حال بناتك.. وولديك. فكلنا في العمارة نسمع، ونتألم، وندهش، مما تعانون منه علي يد زوجك. لقد تحدثنا كثيرا عن هذه المأساة، وقد سألني زوجي مندهشا، ومستغربا: لماذا تقبل جارتك البقاء مع هذا الرجل؟! لماذا لا تترك بيته وتعود إلي بيت أبيها، أو إلي أي مكان آخر.. فمهما تدنٌي مستوي المعيشة في هذا المكان، سيكون بالقطع أرحم، وأخف وطأة وإذلالا مما تعانيه حاليا في شقته؟! ولم أجد ردا مقنعا علي سؤال زوجي، فأنا شخصيا لا أتصوٌر ولا أصدق..في نفس الوقت كيف يمكنك احتمال ما تتحملينه؟! ولا أعرف، في الوقت نفسه لماذا قبلت أن يحرم أطفالك أبسط حقوقهم، وأولها حرمانهم من الضحك، واللعب، واللهو مع غيرهم من الأطفال؟! قد لا تصدقين إذا قلت لك إنني وزوجي، وأولادي، وكل سكان العمارة بلا استثناء لا حديث لنا غير السخط علي زوجك، والتعاطف مع أطفالك، وفي الوقت نفسه نسخط عليك لأنك وافقت علي العيش يوما واحدا مع هذا المخلوق الذي لا يمكن أن يعيش في مطلع القرن الحادي والعشرين، فمكانه المناسب..هو عهد سكان كهوف ماقبل التاريخ، أو علي الأقل..زمن الجاهلية الأولي' .
    ولم أغضب مما سمعته من جارتي التي اتهمها زوجي ظلما، وافتراء 'بالفسوق'،و'الانحلال'، لمجرد أنها لم تتنقٌب وهي تحاسب مندوب وزارة الكهرباء، وأظهرت له وجهها عاريا، ويديها بلا قفاز من القماش السميك الذي يفرضه عليٌ وعلي بناته فور بلوغ الواحدة منهن سن الثامنة من عمرها!
    علي عكس ما كانت جارتي تخشي منه، فوجئت بي أوافقها علي رأيها. ليس هذا فقط.. بل وشاركتها في غضبها، وسخطها، علي شخصي الضعيف، وزايدت علي رأيها..قائلة :
    'لا تظلميني يا أختي العزيزة. فأنا أدري بحالي، وأقسي منك في إدانتي لضعفي وقلة حيلتي. إنني أعترف بأنه لولا استسلامي، ولولا عجزي، ولولا ضعفي، مااستأسد زوجي..كما استأسد، وماوصلت وأولادي إلي ما وصلنا إليه. إنني وحدي المسئولة عما أصابني، وحطم حياتي، وأوصلني إلي الحالة التي أتمني فيهاالموت علي البقاء في هذه الحياة التي لا يمكن لامرأة عادية أن تقبل بها، أو توافق عليها'.
    ولمحت مؤشرات الدهشة، والعجب، علي وجه جارتي 'أم فلان' ..
    فالذي سمعته مني كان متفقا مع رأيها، ورأي زوجها، وآراء كل سكان شقق عمارتنا، ورغم ذلك لم تسمع منٌي ردا..أو مبررا مقنعا واحدا لاستسلامي لهذا الزوج الجاهل، المتسلٌط، الذي ألغي كل ما جاء بالكتاب السماوي الكريم، وكل ما حدده لنا رسول الإسلام صلٌي الله عليه وسلم، وكل ما انتهت إليه الحضارة الإنسانية بمختلف دياناتها، واتساع اهتماماتها وجاء زوجي بدينه الخاص، مبتكرا حدوده، وفارضا اشتراطاته، ومعانيه، وتفسيراته..التي تتناقض كلها مع ألف باء الدين الذي ولدت منتسبة إليه، ونشأت ملتزمة به، و كبرت في العمر طامعة في هدٌيه..وسماحته.. وتعاليمه.
    واحترمت جارتي رغما عنها هذا التناقض الشديد في مبادئي وتصرفاتي. فأنا مسلمة حقيقية، ورغم ذلك وافقت علي خزعبلات الرجل الجاهل، التافه، الذي شاء قدري أن أرتبط به، وأنجب منه ستة من الأولاد والبنات!
    ربما يرجع تفهم جارتي لتناقضي الغريب واللامعقول مع ذاتي، إلي اعترافي لها بأنه سبق السيف العذل. بمعني أن خضوعي لهذا الرجل المتحجر، وموافقتي علي أفكاره الجاهلية، يرجع أولا وأخيرا لعجزي عن حماية أولادي مما يمكن أن يدمر حياتهم، في حالة ابتعادي عنهم، وترك البيت تحت رحمة من لا يرحم!
    كل ما حصلت عليه من نتائج زيارتي لجارتي، التي اتهمها زوجي ظلما بلا أدني خجل بالعري والفسق والفجور..أن غضبي من نفسي، وسخطي علي ضعفي، تضاعفا مرات ومرات.. وأن كراهيتي للحياة ذاتها شجعني علي الإقدام علي ماكنت أنويه عشرات المرات، وفي كل مرة كنت أخشي من غضب الله فأرجع عن ارتكاب جريمتي.
    صدقني إذا قلت لك انني صممت علي الانتحار والتخلص من حياتي أكثر من عشرين مرة، وفي المرة الحادية والعشرين فور مغادرة شقة جارتي شعرت بإحساس عميق ملأ قلبي وعقلي بأن الله سيرحمني لو نفذت قراري وأنهيت حياتي بيدي! فالعذاب الذي ذقت مرارته طوال معاشرتي لجلادي لا أتصوٌر أنه يزيد علي العذاب الذي ينتظرني في السماء لإقدامي علي الانتحار الذي يحرمه الله الغفور الرحيم بعباده.
    انتهزت فرصة خروج زوجي وولديه لصلاة الفجر في زاوية قريبة من المنزل يجتمع فيها مع من شابهه في أفكاره، ومن تعلم منهم استبداده، ومن يعلمهم أسلوبه في جعل حياة من يعيشون معهم جحيما، واطمأننت إلي استمرار بناتي في نومهم.. وتوجهت إلي المطبخ وأغلقت بابه خلفي، ثم أمسكت بسكين حادة قطعت بها شرايين يدي، وجلست علي مقعد خشبي صغير أتابع براحة عميقة لم أشعر بها منذ ربع قرن سيلان دمي الغزير المتدفق من جرحي، وأخذت أتمتم بكلمات صامتة استغفر بها الله، وأتمني رحمته، وأرجع عصياني لتحريمه الانتحار إلي هول العذاب الذي تحملته وصبرت عليه، حتي اللحظة التي فقدت عندها البقية الباقية من صبري، ولم أعد أستطيع فيها تحمل أكثر مما تحملته. ولم أتوقف عن ابتهالاتي للرحيم الغفور إلاٌ بعد أن فقدت الوعي، وللأسف الشديد استرجعته في اليوم التالي علي سرير المستشفي!
    لقد شاءت إرادة الله عز وجل أن أعود إلي الحياة بعد أن تصوٌرت أنني نجحت في التخلص منها.
    تجمٌع أولادي وأفراد عائلتي أمام سريري، ووجوههم ناطقة بالفرح والسعادة لعودتي إليهم، أما وجه جلادي فكان كالعادة جامدا، غاضبا، وساخطا! لم أسمع منه كلمة واحدة يشجعني بها، أو حتي كلمات: 'حمدا لله علي سلامتك'.. لم ينطق بها! ولم يكتف بذلك.. وإنما صمم علي إذلالي، وأصر علي صدم مشاعر أخوتي وشقيقاتي وبناتي عندما فاجأنا قائلا:
    'لقد ارتكبت جريمة لا تغتفر في حق ديننا، ولا تتصوٌري أن الله سبحانه العادل، القاهر، الجبار، قد غفر لك لأنه سبحانه وتعالي قد أعادك إلي الحياة، وإنما الهدف من هذه العودة هو أن تمضي بقية عمرك في التكفير عن خطيئتك العظمي، ونسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يجعلك من الصالحات المؤمنات' .
    ولم أغضب مما قاله، فلا جديد فيه، ولا كلمة من كلماته تستحق التفكير أو تتطلب الغضب.
    أخوتي وشقيقاتي وبناتي هم وحدهم الذين ظهرت علي وجوههم ملامح السخط، والقرف، والكراهية.. وإن كانت صامتة ومكبوتة.
    وعدت إلي جحيمي الأسري مرة أخري..
    والطريف أن جلادي تصوٌر أنه مضطر إلي أن 'يطيب خاطري'، ولو للمرة الأولي منذ ربع قرن من الزمان، ففوجئت به يدخل غرفتنا وبادرني قائلا:
    'أعلم إنك غاضبة عندما منعتك بعد زواجنا من قيادة السيارة، حماية لك، وحفاظا علي تعاليم رب السماوات والأرض ! ولا بأس الآن من السماح لك بقيادة السيارة بعد أن سمعت فتوي من الداعيةغ...ف تبيح ذلك بشروط محددة، أهمها ضرورة وجود محرم معك في السيارة، مثل أحد ولدينا. لقد اشتريت لك سيارة جديدة تقف الآن أمام المنزل، ولننزل فورا لتجربتها' .ولم أعلق بكلمة يفهم منها الترحيب أو الرفض، واكتفيت بإبداء دهشتي في سري من هذا الرجل الذي تصوٌر أن السماح لي بالعودة إلي قيادة السيارة هو أكبر تنازل،وأعظم تسامح يمكنه الإغداق عليٌ بهما! أو ربما يتصوٌر أن إقدامي علي الخلاص من حياتي كان نتيجة هذا الحرمان، وليس نتيجة الأهوال التي سمم بها حياتي وحياة أولادي منذ عرفناه لأول مرة، وحتي تلك اللحظة!
    ونزلت معه لركوب السيارة الجديدة، وعندما طلب مني الجلوس أمام عجلة قيادتها.. اعترضت قائلة :'كيف أقود السيارة وأنا منقبة، وأنت تعلم أن نظري ضعيف وإذا وضعت النظارة الطبية تحت النقاب فلن أري شيئا من خلال'ضربة الموسي' بطول العينين؟!' .
    ولم يرد زوجي علي اعتراضي، واكتفي بالجلوس إلي جانبي في المقعد الأمامي، وأمرني بالانطلاق!
    وسرنا في شارع أو شارعين.. وكنت أصطدم مع المارة والسيارات من حولي وأمامي.. والمدهش إننا مررنا بالقرب من رجال شرطة المرور عساكر وأمناء شرطة وضباط ولم يعترض أحد منهم علي قيادتي السيارة بالنقاب، ولا علي تخبطي وتهديدي لأرواح وممتلكات الآخرين ناهيك عن تهديدي لحياتي وحياة من معي! علي العكس فوجئت برجال المرور يتطلعون إليٌ وربما لمحت علي وجوههم علامات الرضا، والاحترام، والتشجيع!
    فالنقاب يحظي شئنا أم أبينا باحترام الكثيرين، وتأييدهم، وإعجابهم، ولا يجرؤ أحد علي منعه في الأماكن والمواقف التي ينص القانون علي ضرورة الكشف عن الوجه والتحقق من الشخصية!
    فلا يخفي عليك أن هناك من المتقدمات لأداء امتحانات المدارس والجامعات من يرتدين النقاب، ولا يستطيع المراقبون التحقق من شخصيتهن، لأنهن يرفضن الكشف عن وجوههن!
    وما يقال عن الامتحانات يقال أيضا عن مغادرة المنقبات عبر منافذ الجوازات في المطارات، أو عودتهن إلي البلاد من خلال نفس هذه المنافذ، فلا يعترض الضباط بعد أن يئسوا من الجدل العقيم الرافض للكشف عن الوجه بأي شكل من الأشكال!
    ورجال المرور لا يعترضون علي قيادة المنقبات لسياراتهن، رغم أن النقاب لا يسمح لهن بالرؤية الكافية وبالذات علي الجانبين، مما يعرضهن ويعرٌض الآخرين لأخطار قد تكون قاتلة! لقد قرأت لك منذ زمن بعيد أن رجال المرور في أوروبا وأمريكا يمنعون تعليق حلية صغيرة، مثل الحجر الأزرق، أو الدمية، أو حتي سلسلة تتدلي من المرآة الداخلية أمام قائد السيارة لأن هذه المدلاة رغم صغرها وضآلتها، يمكن أن تحجب بضعة سنتيمترات من مساحة الرؤية. هذا ما يطبقه رجال المرور في العالم كله، منذ عشرات السنين، أما نحن في مصر فلا يعترض واحد منهم علي هذه الخيمة المغلقة والمظلمة فيما عدا ضربة الموسي التقليدية ويسمح للمتخفية شبه العمياء تحتها قيادة السيارة وتهديد حياة وممتلكات كل من يعترض طريقها أو يقترب منها!
    ولست في حاجة إلي تكرار ما تعرفه ونعرفه جميعا، عن استغلال البعض لهذا التساهل والاحترام لكل منقبة :
    رجال هاربون من العدالة ووجدوا في ارتداء النقاب الحماية الكاملة من الملاحقة والقبض عليهم!
    ورجال يرتدون النقاب لتأدية الامتحانات بدلا من الفتيات!
    وفتيات فاسدات يحميهن ارتداء النقاب من نظرات المتطفلين، وحراس العمارات وهن يترددن علي شقق 'العزاب' !
    ورجال يرتدون النقاب ويدقون علي أبواب شقق عشيقاتهم، ويرحب بهم الأزواج باعتبارهن صديقات زوجاتهم!
    هذه الطرائف الباكية نسمع عنها ونقرأ تفاصيل ما يكشف عنه في صفحات الحوادث في الصحف، ولا تحتمل التعليق أكثر مما سمعناه وقرأناه، وأعود إلي حكايتي لأقول لك إنني توقفت بالسيارة فجأة.. ونزلت منها وطلبت من زوجي قيادتها وإعادتي إلي منزلي، وكانت آخر مرة قدت فيها سيارة، حتي لا أكون مصدر خطر وتهديد علي حياتي وحياة المحرم بجانبي، وحياة الآخرين.
    ولعلك لا حظت قولي بأن هناك من يستغل ارتداء النقاب للقيام بأعمال غير سوية، ومعني ذلك أن الأغلبية من النساء والفتيات المنقبات لا غبار علي تصرفاتهن،ولا طعن في سلوكهن. فمنهن من ارتدت النقاب اقتناعا به، ومنهن أيضا مثلي من أجبرت علي ارتدائه.
    ***
    الأستاذ إبراهيم..
    إن ما ألاقيه من عذاب، هو ذاته عذاب بناتي، وكدت اقتنع بأن هذا هو قدر المرأة منذ طفولتها وحتي مماتها ما دام هناك رجال علي شاكلة الجلاد الذي ابتلينا به.
    لم أستطع أن أفعل شيئا لبناتي، ففاقد الشيء لا يعطيه.. كما يقولون. المشكلة الكبري كانت مع الولدين الشابين. فقد فوجئت بهما يصبحان نسخة طبق الأصل من أبيهما. فهما يؤمنان بما يؤمن به من أفكار، وآراء، وتفسيرات، وممنوعات، ومحرٌمات، ومحظورات !
    وكم كانت سعادة الأب بما حققه من نجاح وإصلاح في تربية من يحملان اسمه، ويواصلان سيرته بعد وفاته.
    وكنت أتصوٌر أن طالب المدرسة الثانوية، أو شقيقه في الجامعة، لن يلتزما بما فïرض عليهما وهما بعيدان عن البيت، لكن ما عرفته منهما، ومن أبيهما، أنهما يطبقان حرفيا في المدرسة والجامعة ما يلتزمان به تماما في المنزل!
    والأخطر من هذا.. أن طالب الجامعة أصبح في أفكاره أكثر تطرفا من أبيه، وأكثر منه حماسة ورغبة في إنقاذ الكرة الأرضية من مباذل، وخطايا، وموبقات، وكفر سكانها غير المؤمنين وغير الملتزمين بالأفكار التي يصر علي أنها أنزلت في كتاب الله وأحاديث رسوله صلٌي الله عليه وسلم.
    كان الأب بحكم سنه يكتفي بالقول، أما الابن فإنه يري أن فرض الإلتزام بهذه الأفكار لا تجدي معه الهداية بالموعظة الحسنة، ولابد من استخدام 'اليد' أي القوة في إجبار الشعب علي الالتزام بما فرض عليهم الإيمان والالتزام به حرفيا.
    لقد بكيت ساعات طويلة عندما جاء ابني من الجامعة ليشيد بما تحقق في11سبتمبر الماضي في نيويورك! لم أبك فقط علي آلاف الأبرياء الذين قتلوا في هذه العمليات الإرهابية، وإنما كان بكائي الأكثر علي ما رسخ في عقل وقلب ابني من عنف، وحقد، وكراهية تخطت كل ما كنت أتصوٌره أو أتوقعه من فلذة كبدي.
    قد تقول إن موقف ابني هو مجرد حالة فردية أو مرضية، لكن هذا الابن نفسه هو الذي كان'يبشرنا' بأن المئات من رفاقه هللوا مثله لما يصفونه بأنها الحرب التي اشتعلت لتحرق كل من ليس مسلما كإ كإسلامهم، وكل من لا يطبق ما ينادون بتطبيقه!
    الخطر كما أري ليس مقصورا علي بيتنا، ولا علي بيوت العشرات، أو المئات غيرنا.. وإنما أؤكد أن العدد أكبر بكثير مما نتصوره. كما أنه ليس وقفا علي الأحياء العشوائية، والمناطق الفقيرة، حيث تنتشر البطالة بين شبابها.. كما يحلو للبعض تبسيط هذه القضية الخطيرة في كل مرة نسمع فيها عن حادثة إرهابية.
    إن بيتي يقع في حي راق، وزوجي لا هم له بعد تفننه في تعذيبنا غير جمع المال الوفير من عائدات محلاته، وهو الرجل المتدين، والأمين، والعادل.. كما تؤكد لحيته الطويلة،وزيه الإسلامي الذي لا يخلعه، و 'السبحة' التي لا تفارق يده.. يتمتع في الوقت نفسه بأكل حقوق الدولة، فهو لا يدفع ضرائب عن أرباحه الطائلة، ويزوٌر مستنداته ليثبت خسائره، والإفلاس الذي يتهدده!
    وولدٌي يدرسان في المدرسة والجامعة، وينتظرهما مال طائل يرثانه عن أبيهما غدا أو بعد غد، ليسارعا بالزواج وإنجاب الأولاد ليبثا في عقولهم وقلوبهم أعنف الأفكار التي غرسها أبوهما فيهما، ليصبحوا أكثر منهما عنفا، وحماسة، وتطرفا.

    ***

    ليس هذا بلاغا ضد زوجي، ولا صرخة لحماية أولادي من التطرف واستخدام العنف الجاهل، لكنه بلاغ إلي الرأي العام لينظر إلي ما هو أبعد من طرف أنفه.
    ورسالتي هذه..أتمني أن يقرأها إذا وجدت الشجاعة لنشرها كل من يتصدي للدفاع عن حقوق المرأة المصرية، وما أكثرهم.. وما أكثرهن.. في كل المجالات.
    لقد سمعت عن ثورة المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة، تعليقا علي المسلسل الرمضاني الأخير 'الحاج متولي'.
    لقد نشرت المقالات، وصدرت البيانات، وكلها تدين المسلسل، وترفض أفكاره، وتصحح مفهوم سماح الإسلام بتعدد الزوجات بعكس المفهوم الذي دعا إليه الحاج متولي وزوجاته الأربعة.
    كلمات نضالية، وجمل حماسية، وشتائم نالها مؤلف قصة المسلسل، وكاتب أحداثه، ونجومه من الفنانين المبدعين، وكل هذا الهجوم كان من وجهة نظر الثوار والثائرات تعبيرا عن حماية حقوق المرأة، وعدم إهانة كرامتها، وإظهارنا في صورة المرحبة بتعدد زوجات زوجها، والمسالمة مع ضرٌاتها الثلاث.
    لا بأس، ولا ضرر، من حماية حقوق المرأة المصرية والاعتراض علي تعدد الزوجات دون الالتزام بشروطه التي تنص عليها الشريعة الإسلامية، لكن هذه القضية الوهمية، الخيالية، التي عرضها مسلسل'الحاج متولي' لم تكن تستحق كلمة واحدة من سيل الكتابات والمناظرات والاعتراضات والحملات التي جندت لها، وكنت أتمني لو أن بعض هذه الحماسة وجهت لمناقشة قضية واقعية، وخطيرة، مثل المثال الذي قدمته في رسالتي.
    الذي حدث لي ورويت لك بعضه فقط، يحدث بالقطع لمئات، وآلاف غيري من نساء وفتيات مصريات، ألاٌ تستحق هذه القضية اهتماما من المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة المصرية، مثلما أعطوه لقصة خيالية تحولت إلي مسلسل تليفزيوني ترفيهي؟!
    إن قضية جلادي نساء مصر.. تمثل واقعا مؤكدا يحدث في مدن وقري عديدة، لا فرق بين حي راق ومنطقة عشوائية، ولا ترجع أسبابها إلي الفقر أو الغني، ولا بين رجال جهلاء ورجال متعلمين، ولا فرق أيضا بين شباب مترف وشباب عاطل عن العمل.
    إن انتشار هذه المشكلة البالغة الخطورة علي المجتمع المصري، قبل أن تكون ضد أبسط حقوق المرأة المسلمة، يرجع في رأيي إلي تفشي 'فيروس العنف اللاديني' الذي يفتك بعقول وقلوب شبابنا، بعد نجاح أدعياء الدين الذين يسمح لهم بنشر أفكارهم، ومنحهم الصحف، والكتب، والميكروفونات، والمدارس، والمساجد، والزوايا، والبيوت، لمسح أمخاخ شبابنا وفتياتنا، وما أصابني وأصاب أولادي هو نتيجة طبيعية لما يحدث الآن في بلادنا.. تحت سمع وبصر السادة والسيدات المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة.
    وأسخف الأمور أن نهلل اليوم لتحرير المرأة الأفغانية بعد سقوط جلادي طالبان، وتنظيم القاعدة، في الوقت الذي نتجاهل فيه ما يحدث للمصريات بصرف النظر عن عددهن اللاتي يعشن حتي هذه اللحظة مثلما عاشت المرأة الأفغانية، فهل نطمع الآن في أن تنال مصريات عديدات بعض ما نالته أخيرا جدا بنات جنسها في أفغانستان؟
    آسفة علي الإطالة.. وأحترم صبرك، وأدعو الله أن يوفقك.








                  

العنوان الكاتب Date
فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:43 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:45 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:47 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:48 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:52 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:54 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-09-04, 02:56 PM
    Re: فضيحة فضيلة الشيخ Ayman Gaafar02-09-04, 06:12 PM
      Re: فضيحة فضيلة الشيخ sudania200002-09-04, 11:30 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ Hisham Amin02-10-04, 02:06 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ haleem02-10-04, 07:36 AM
    Re: فضيحة فضيلة الشيخ اساسي02-10-04, 08:15 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 08:42 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 08:53 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 09:23 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 09:24 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 09:31 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ haleem02-10-04, 10:56 AM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-10-04, 01:57 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ tariq02-10-04, 02:21 PM
    Re: فضيحة فضيلة الشيخ haleem02-10-04, 02:37 PM
  Re: فضيحة فضيلة الشيخ أبوالزفت02-11-04, 08:53 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de