|
Re: تاريخ أفريقيا ليس كما يصوره الغرب (Re: Tanash)
|
قد يكون وراء المثل الذى كان شائعا فى اوساطهم آنذاك, و مؤداه أن "أفريقيا دائما يأتى منها الجديد". ففكرة "أفريقيا الظلامية" السائدة الآن, هى فكرة حديثة نتجت عن دراسات المقارنة الجاهلة التى أجراها الأوروبيون على هذه القارة و شعوبها خلال القرون الأربعة الأخيرة. و قد كتب الكاتب الأنجليزى (جوناثان سويفت) عن جهل أهله الأوروبيين هذا, تعليقا لاذعا و لكنه لا يخلو من طرافة, حيث يقول أن الجغرافيون الأوروبيون فى خرائط أقريقيا يملأون فراغاتهم بصور متوحشة, وعلى المنحدرات غير المأهولة, يرسمون الأفيال عوضا عن المدن *. * Geographers in Africa maps With savage pictures fill their gaps, And over uninhabited downs Paint elephants instead of town. و هناك سبب آخر يوضح لماذا شعوب أفريقيا السوداء - مع تحييد مصر عنهم – يوصمون باللاتحضر و خلوهم من احراز النجاح فى أى من ضروب الثقافة. اذ هناك عددا مقدرا من مواطنى أوروبا, المنحازين لعرقهم و ثقافتهم, سيصابون بصدمة تثير الرعب, اذا قدر لهم الأطلاع على السلوك الوحشى و الدموى لأبناء قارتهم ابان حقبة تجارة الرقيق اللانسانية. حيث كان هؤلاء المغامرين الأوروبيين, الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة يقومون بصيد الرجال و النساء و الأطفال كالحيوانات, و يدمرون بالكامل القرى حتى يتسنى لهم اعتقال السكان و بيعهم كالقطيع. و ليخفوا هذه الصورة, كان تجار الرقيق يخترعون من خيالهم قصص عن وحشية الأفارقة و بدائيتهم, فتبدو عملية اصطيادهم و ترحيلهم للعمل فى حقول أمريكا الزراعية, نوع من النشاط الكنسى الذى تقف خلفه و ترعاه عقول عالية الاستنارة. قام (ج. أ. روجرز) فى كتابه هذا بمحاولة لوضع أقريقيا فى مكانها الصحيح على خارطة الجغرافيا البشرية, و هى الغاية التى تمحورت حولها أبحاثه و حياته. و اذا كان الشاعر الأمريكى الأسود المعروف (كونتى كولن), بدأ قصيدته "الميراث" بالسؤال: " ماذا تعنى أفريقيا بالنسبة لى ؟", فهذا الكتاب يستطرد السؤال بالتساؤل: "ماذا تعنى أفريقيا بالنسبة للأفارقة ؟", و "ماذا تعنى للعالم ؟", و هذا الكتاب يجيب على كل هذه الأسئلة.
و قد لاحظ الكاتب الأمريكى الكاريبى (ريتشارد ب. مور) فى دراسته "أهمية تاريخ أفريقيا" : ( تظهر أهمية التاريخ الأفريقيى, و ان لم يكن صراحة, فى كل المحاولات التى تنكر أى شىء له قيمة تاريخية يعود لأفريقيا و الأفارقة. هذا المسعى الناجح و المباشر واسع الانتشار, و الذى تم التوصل اليه خلال خمسة قرون بغرض كشط تاريخ أفريقيا من السجلات و المراجع العامة, هو حقيقة يجب أن تكون واضحة و محسومة للعقول المستنيرة و المفكرة. فمن الواضح و المنطقى أنه ماكانت ستتخذ مثل هذه المجهودات, خلال هذه المدة الطويلة, فقط من أجل تعتيم و دفن ما هو قليل الشأن و لا يحظو على أى أهمية. ان الأهمية الأساسية لتاريخ أفريقيا تصبح أكثر جلاءا عندما نلاحظ أن هذا التجاهل المتعمد لهذا التاريخ جاء نتيجة للغزو و الانتشار الأوروبى فى أفريقيا, الذى بدأ منذ أواسط القرن الخامس عشر. حيث شعر الأوروبيون بدافع لا يقاوم لتبرير فتوحاتهم الأستعمارية هذه و ما تبعها من سيطرة و نهب و احتيال.) و بوضعنا فى الأعتبار كل البراهين و الأدلة التى توصل اليها العلم, نجد أن ظهور الانسان الأول كان فى أفريقيا. ففى كتابه "الأرتقاء و نشؤ و تطور الانسان فى أفريقيا" يقول (د. س. ب. ليكى) : ( فى أى دولة يزورها المرء و يدخل فى نقاش حول أفريقيا, فان السؤال الذى يطرح باستمرار, من قبل الناس الذين يفترض ان يكونوا على دراية و معرفة أفضل: " ولكن ما هو الأسهام الذى قدمته أفريقيا فى تقدم و تطور العالم ؟!", ان منتقدى أفريقيا هؤلاء ينسون أن رجال العلم اليوم, باستثناء القليل منهم, مقتنعين تماما بأن أفريقيا كانت مهد ميلاد يتبع ..
|
|
|
|
|
|