اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 08:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-03-2004, 07:56 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال (Re: Abdel Aati)

    ثلاثة مفاهيم للوطنية السودانية :

    فى مقابل الواقع الاستعمارى ؛ فقد بدا الوعى الوطنى فى التبلور ؛ وخاضت جماهير شعبنا فى مختلف مناطق البلاد ؛ نضالا متواصلا من اجل الانعتاق الوطنى ؛ لم يقابل ثراه وعظمته الا ضعف همة القائمين على قيادة الشعب من النخب المختلفة ؛ وضيق افقها واتصال مصالحها مع مصالح الاستعمار .
    اننا هنا نذكر انه بعد انهزام التمردات القبلية المختلفة والتى استمرت طوال عشريتن عاما ؛ وتصفية الجيوب المتفرقة لبقايا الفكرة الجهادية المهدية ؛ هاتان العمليتاتن اللتان مورستا باقصى درجات القساوة والبربرية من قبل السلطة الاستعمارية ؛ فقد بدات فى التبلور مفاهيم الوطنية السودانية ؛ والتى يمكن ان نجملها فى ثلاثة مفاهيم ؛ قامت ابان الحقبة الاستعمارية ؛ ونزعم بانها لا تزال مستمرة الى الان .
    اما الاول فهومفهوم تقليدى عشائرى متخلف ؛ قائم على ان السودان يتكون من قبائل مختلفة ؛ ولكل من هذه القبائل سادتها المتحدثين باسمها . وان تمثيل مصالح الامة يتم عن طريق هؤلاء السادة ؛ او هذا القسم الرفيع من الامة . ان هذا المفهوم قد تبلور على يد الانجليز واذنابهم ؛ وتمظهر فى زيارة وفد هؤلاء " السادة" لانجلترا ؛ لتهنئتة ملكها بكسب الحرب ؛ وقد كانت جريدة الحضارة هى الناطق الرسمى باسم هذه التيار ؛ والذى اعلن عن نفسه بقوة وفظاظة ابان نهضة العام 1924 ؛ والتى كان هذا التيار من الد اعداءها ؛ حيث قال الناطق بلسانهم "اهينت البلاد لما تظاهر اصغر واوضع رجالها دون ان يكون لهم مركز فى المجتمع ؛ بانهم المتصدون والمعبرون عن راى الامة . ان الشعب ينقسم الى قبائل وبطون وعشائر ؛ ولكل منها رئيس او زعيم او شيخ ؛ عم اصحاب الحق فى الحديث باسم البلاد ؛ فمن هو على عبد اللطيف الذى اصبح مشهورا حديثا ؛ والى اى قبيلة ينتسب ؟ "
    ان هذا التيار وان قام على تقسيم الامة السودانية الى طوائف وقبائل مختلفة ؛ وان عمل على الاحتفاظ بالتقسيم الطائفى للمجتمع السودانى ؛ فقد كان قادته يتحدون معا فى كل منعطف وطنى ؛ كان ذلك ابان ثورة 1924 ؛ وبعد الاستقلال حين نافسهم الزعيم الازهرى ؛ وفى كل الحكومات "الديمقراطية " الائتلافية التى سادت فى العهد الوطنى . ان الممثلين الرئيسين لهذا التيار عشية الاستقلال قد برز وسط قيادة طائفة الانصار والختمية والهندية ؛ ومن والاهم من القيادات القبلية وكبار الموظفين السودانيين فى الادارة الاستعمارية ؛ ووجد تجليه الاكبر فى الاحزاب التى انشأتها قيادة هذه الطوائف ؛ وخصوصا احزاب الامة والشعب الديمقراطى والاتحادى الديمقراطى فيما بعد .
    اما المفهوم الثانى فقد قام على وجود امة سودانية عربية مسلمة ؛ تجد امتدادها فى الكيان العربى ؛ وخصوصا مصر ؛ وقد انتج هذ المفهوم شعار وحدة وادى النيل ؛ وتمثل اول ما تمثل ابان ثورة 1924 من بعض قادة جمعيتى الاتحاد السودانى واللواء الابيض ؛ من فئات المثقفين المتاثرين بالثقافة العربية والجلابة ؛ مثل سليمان كشة . وقد نبلور هذا المفهوم فى مؤتمر الخريجين فيما بعد ؛ والاحزاب الاتحادية التى نشات عنه ؛ وقد كان نشيد المؤتمر يبدا بالكلمات : " امة اصلها للعرب –دينها خير دين يحب " ؛ الامر الذى عنى من البداية استبعاد كل العناصر غير العربية وفير المسلمة من قوام هذه الامة المتهيلة ؛ او انخراطها فى هذه الامة بعد التخلى عن ثقافاتها الخاصة ؛ سلما كان هذا التخلى ام حربا .
    ان هذا المفهوم والذى نشأ فى الاوساط المدينية وقطاع الافندية ؛ قد وجد انتشارا شعبيا واسعا وسط جماهير الشمال السودانى ونخبها وفئاتها الوسطى ؛ وامتد الى الحركتين العروبية والاسلاموية ؛ والتى ذهبت به كل منهما الى حدوده القصوى ؛ وان قنعت كل منهما باحد مكوناته . فالحركة العروبية على اختلاف تيارتها: التقليدية ( الشيخ على عبد الرحمن ) والحديثة ( القوميين العرب والبعث ) قد رات فى السودان شعبا عربيا ؛ متجاهلة كل الشعوب السودانية الافريقية فى الجنوب ودارفور والشرق واقصى الشمال ؛ اما الحركة الاصولية فقد رات فيه شعبا مسلما على الطراز السلفى ؛ متجاهلة غير المسلمين ؛ بل وحتى المسلمين المختلفين عنها فى تصورها للاسلام والثقافة والهوية القومية .
    ان المفهوم الثانى ؛ والذى كان اكثر تقبلا من قبل النخب الحاكمة ؛ قد تبلور فى تيارات مختلفة ؛ الا ان القاسم المشترك الاعظم بينها كان هو طموحها لرؤية السودان وبنائه على جناحين من العروبة والاسلام ؛ ولا عجب اذن ان يتجه العروبيون السابقون الى مواقع اسلامية اخيرا ؛ وان يطعم الاسلاميون الصرف ايدولوجيتهم بملامح عروبية ؛ وقد سادت هذه التصورات فى مختلف احزاب وحكومات هذا التيار ؛ كما تمثلت ايضا فى سياسة الجنرالات عبود ونميرى والبشير ؛ ومن والواهم من متبنى هذا المفهوم للوطنية السودانية والامة السودانية من يتامى المثقفين المحدثين .
    اما المفهوم الثالث فيقوم على وجود امة سودانية متعددة المكونات والثقافات والاديان ؛ وعلى ضرورة توحيدها واندماجها على اسس حديثة ؛ وعلى قاعدة من المساواة فى الحقوق والواجبات ؛ والاحترام المتبادل لمصالحها وثقافلتها . وقد تبلور هذ التيار اول ما تبلور فى " جمعية قبائل السودان المتحدة " والتى انشاها على عبد اللطيف ؛ ثم فى جمعية الاتحاد السودانى ؛ والتى عملت على ترسيخ الاتحاد بين السودانيين انفسهم ؛ ووسط اغلب قادة ثورة 1924 ؛ وخصوصا على عبد اللطف وعبيد حاج الامين ؛ وقد كان من راى على عبد اللطيف ان كل الشعب السودانى هو شعب سودانى كريم ؛ حيث لا فضل للعربى على النوبى او الجنوبى ؛ وقد ضمت الثورة وتنظيمها جمعية اللواء الابيض عناصرا من كل القبائل والشعوب السودانية ؛ كما كان من اهم شعاراتها الغاء قانون المناطق المقفولة ؛ والاحتجاج على سياسة المستعمر المشجعة للانفصالية فى الجنوب .
    وقد تميز هذا المفهوم منذ البدء باتجاه شعبى وتحديثى واضح ؛ حيث راى ان الشعب يتكون من عماله ومزارعيه ورعاته ومثقفيه ؛ وليس من القادة الطائفيين والقبليين ؛ ولذلك فقد تميز بمواقف ناقد منذ البدء لهؤلاء القادة ؛ وللمؤسسات الطائفية وممارساتها ؛ وللادارة الاهلية ؛ وراى دورا للعناصر الحديثة قى تمثيل الامة ؛ وان القيادة لا ينبغى ان تستند على ارث قبلى او دينى ؛ وقد عبر عن هذا معظم شعراء ثورة 1924 ؛ كما عبر عنها على عبد اللطيف فى الاجتماع الذى قرر تاسيس جمعية اللواء الابيض ؛ حيث قال :"والله نحن اجتمعنا دلوقت لانو حتكون فى مفاوضات ؛ المفاوضات دى دلوقت السيد عبد الرحمن عمل الاجتماع بتاعو واعلن رايو ؛ ونحن ما بنعتقد انوالنظارو العمدوالمشايخ بيمثلونا ؛ لاننا نحنا ناس برضو عندنا راى فى الحكاية دى "
    ان هذا المفهوم ؛ والذى كان مختلطا بمفاهيم وحدة وادى النيل ابان ثورة 1924 ؛ ما لبث ان اخذ طابعه المستقل من بعد انهزام الثورة ؛ وخصوصا فى اعمال عرفات محمد عبدالله ومعاوية محمد نور وعبدالله رجب ؛ كما تبته الحركة اليسارية الناشئة ؛ والحركة النقابية للعمال والمزارعين ؛ ومعظم الحركات الاقليمية وتياراتها الخارجة عن النفوذ القبلى والتقليدى ؛ وان كان قد ظل طول الوقت مفهوما مستقبليا ؛ حيث لم تتوفر له فرص الانتشار الواسع ؛ فى مقابل التوجهات العقيمة لاصحابى مفهوم السادة والسودان العربى الاسلامى من جهة ؛ والتوجهات الانفصالية من الجهة الاخرى .
    ان مما لا ريب فيه هو ان المفهومان الاول والثانى ؛ اى حكم السادة القائم على الانقسام القبلى والطائفى ؛ وتصور السودان ككيان عربى اسلامى ؛ قد كانا هما الطاغيان عشية الاستقلال ؛ رغما عن الاخطاء الكامنة فيهما ؛ ورغما عن الطابع اللاديمقراطى لاولهما ؛ والطابع الاحادى لثانيهما . اننا لا نذيع اذن سرا اذا ما قلنا ان النضال ضد الاستعمار قد شن اساسا تحت راية مفاهيم خاطئة للوطنية السودانية ؛ الامر الذى كمنت فيه جذور العديد من الازمات اللاحقة .

    الطريق الى الاستقلال :

    بعد هزيمة التمردات القبلية المختلفة ؛ وانكسار ثورة 1924 ؛ وحالة البطش والارهاب والتضييق التى تعرضت لها الحركة الوطنية وقادتها بعد العام 1924 ؛ هذا التنكيل الذى تجلى فى استشهاد عبيد حاج الامين فى السجن فى 1932 ؛ وبقاء على عبد اللطيف معتقلا ؛ بعد انتهاء فترة حكمه فى 1935 ؛ فى ... مستشفى للامراض العقلية بمصر ؛ حتى موته فى العام ...... 1948 !!!! فان الطريق للاستقلال قد تاجل كثيرا ؛ وطغت على الساحة القيادات المرتبطة بالاستعمار من السادة المزعومين؛ ورجال الادارة الاهلية ؛ وكبار موظفى الحكومة .
    ان معظم الجهد العام الذى قام به المثقفين بعد هزيمة الثورة قد تجلى فى الاعمال الادبية والنشاطات الثقافية ؛ وفى تاسيس التعليم الاهلى ؛ وبعض المشاريع الخيرية ؛ كملجأ القرش ؛ وفى النزوح الى الخارج للتعليم ؛ والنشاط الرياضى ؛ هذه النشاطات التى كانت مراقبة بدقة من قبل الادارة الاستعمارية ؛ والتى استمرت منذ النصف الثانى من العشرينات وحتى العام 1938 ؛ حين تكون مؤتمر الخريجين وبدا فى نشاطه العام .
    ان العديدين ينظروا الى مؤتمر الخريجين كاصل الحركة الوطنية السودانية ؛ متجاهلين عن عمد او جهل ثورة 1924 ؛ وفى الحقيقة فان مؤتمر الخريجين ؛ على ايجابياته ؛ قد كان تنظيما اصلاحيا صفويا ؛ لم يطرح واجب النضاال الوطنى الثورى ؛ ولم يستطع الاتيان ببفكرة وطنية جديدة ؛ وكان هو المعبر الذى خرجت به نخبة الافندية والزعامات الطائفية الى العمل العام ؛ بكل سلبياتها وضعفها وخطل مفاهيمها .
    فقد بدا المؤتمر باختيار اول لجنة له من كبار الخريجين ؛ وسعى منذ البدء لتطمين الحكومة بانه حركة لتحسين وضع الخريحين ؛ لا علاقة لها بالسياسة ؛ يتصل بها عن طريق المذكرات المليئة بآيات الاحترام والتقدير ؛ وساعيا الى الحصول على اعترافها ؛ وسارع الى تاييد بريطانيا تاييدا مطلقا لما اندلعت الحرب ؛ كما ابتعد بصفويته عن مخاطبة الشعب ؛ على خلاف حركة المؤتمر الهندية التى سبقته ؛ والتى قيل انها كانت مصدر الهامه ؛ والتى كانت حركة مفتوحة لكل الشعب ؛ وخاضت النضالات المتعددة ضد لاسيطرة الانجليزية .
    ان المؤتمر لم يلبث وحاله كهذا ؛ ان تعتوره الخلافات ؛ وان يبدا تاثيره فى الانحسار ؛ وعضويته فى التناقص ؛ وان تسعى فيه القيادات الطائفية تبحث لها عن التاييد ؛ وتجده بين هذه الفئة وتلك من قيادات المؤتمر ؛ الامر الذى حول المؤتمر الى شكل دون محتوى ؛ وهيكل دون روح ؛ وادى به فى النهاية الى التفكك والانحلال ؛ دون ان يتحول الى هيئة لالهاب النضال الوطنى ؛ والى الدعوة الصريحة الى الاستقلال .
    ان المذكرة الشهيرة التى رفعها المؤتمر ؛ قد نصت اولا على " قيام حكومة سودانية ديمقراطية فى اتحاد مع مصر تحت التاج المصرى " ثم ما لبثث ان تحولت الى : " قيام حكومة سودانية ديمقراطية فى اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا " ؛ ثم اغرقت هذه المطالب المبهمة والمتناقضة بمطالب تفصيلية جديدة من قيام لجنة مشتركة من المؤتمر والحكومة لمشروع تولى السودانيين الحكم فى البلاد ؛ والمطالبة بالغاء الحريات العامة . ان هذه المطالب والتى لم تتعظ من تجربة ثورة 1924 ؛ والتى تلتحف بغطاء التاج المصرى ؛ والتى تدعو الى نفسها من خلال مذكرات متبادلة مع الادارة الاستعمارية ؛ وليس فى النضال الشعبى ومخاطبة الجماهير ؛ ليست مطالب حركة ثورية وطنية بل حركة اصلاحية نخبوية سلمية ؛ وهذا ما كانته حركة المؤتمر منذ بدايتها والى انحلالها .
    ان تفكك المؤتمر قد ارتبط بنشوء الاحزاب ؛ والتى قامت اما على اساس طائفى كما حزب الامة ؛ او على اساس من الؤلاءات والعلاقات الشخصية كاحزاب الاتحاديين المختلفة ؛ او بتدبير مباشر من الانجليز ؛ كالحزب الجمهورى الاشتراكى ؛ وقد قامت كلها على مفاهيم خاطئة للوطنية السودانية ؛ ووالت هذا الطرف او ذاك من الادارة الاستعمارية ؛ وكادت لبعضها حينما كان ينبغى ان تعمل موحدة ؛ ولم يربط بينها فى اختلافها ؛ الا التخبط السياسى ؛ وضعف المنهجية الفكرية ؛ وانعدام البرناج الواضح ؛ والتهادن مع الادارة الاستعمارية ؛ رغم جاهزية الشارع السياسى لخوض النضال ضاريا ضد الاستعمار .
    اننا تستثنى من هذه الاحزاب الهلامية ؛ الحزب الجمهورى بقيادة محمود محمد طه ؛ وحزب الحركة السودانية للتحرر الوطنى ؛ والتى عملت فيما بعض كالجبهة المعادية للاستعمار ؛ ذوى البرامج الواضحة والنشاط المصادم ؛ وان كانت هذه احزاب صغيرة ؛ نعيب على الاول منها ارتباطه الكامل بشخص فرد ؛ وانخراطه من بعد فى ايدولوجية دينية وابتعاده عن اساليب العمل السياسى المعتادة ؛ وعلى الثانى اعتماده على ايدويولجية ماركسية تتصلب باستمرار ؛ الامر الذى ادى الى تحوله الى الحزب الشيوعى السودانى فى مطلع العام 1956 ؛ الامر الذى اغلق امامه الباب منذ البدء فى امل التحول الى حزب جماهيرى شعبى ؛ والى انتهاج سياسات واقعية لا عقائدية .
    ان الحزبين الرئيسين الذين تصدرا الساحة ؛ قد كانا حزب الامة الذى تاسس بمباركة بريطانية فى العام 1943 تحت رعاية امام الانصار ؛ والحزب الوطنى الاتحادى الذى تكون بتوحيد الاحزاب الاتحادية المختلفة فى العام 1953 بمباركة مصرية ؛ وتحت رعاية الطائغة الختمية والهندية ؛ وحين قام الحزبان على افراد وطوائف وشعارات عامة ؛ فقد انعدم فيهما البرنامج الوطنى التفصيلى لمهام ما بعد الاستقلال ؛ وكان شعار :"تحرير لا تعمير " دلالة كافية على ضيق افق هذه القيادات ؛ والتى رفعت شعار رفض التعمير علنيا ؛ وكانت كل حصيلتها من البرامج شعارات ساذجة ومتناقضة وعمومية من نوع السودان للسودانيين ؛ و الاستقلال التام او الموت الزؤام ؛ او الاتحاد تحت التاج المصرى .
    ان اسهام بعض هذه القيادات الفكرى والسياسى قد كان محدودا وقاصرا ؛ فالرئيس الازهرى ترك للمكتبة السودانية كتاب واحد هو " الطريق الى البرلمان" ؛ وهو كتاب اجرائى حول قواعد المداولات فى البرلمان ؛ ولم يتسع وقته للكتابة حول قضايا السودان الملحة ؛ اما الشيخ على عبد الرحمن؛ قائد حزب الشعب الديمقراطى ؛ فقد اخرج اول كتاب له " الديمقراطية والاشتراكية فى السودان " فى العام ...1970 ؛ كما ان السياسى الالمع فى حزب الامة ؛ السيد محمد احمد المحجوب ؛ وبعد التخلى عن الاهتمامات الادبية ؛ قد اخرج كتابه " الديمقراطية فى الميزان " فى عام 1976 ؛ وفيما عدا ذلك فينعدم الاسهام الفكرى او البرامجى " لقادة" الحركة الوطنية السودانية .
    ان الكتب المذكورة ؛ ورغم صدور اثنان منها بعد عقدين ونصف من الاستقلال ؛ وبعد خروج كاتبيها عمليا من الساحة السياسية ؛ تتميز بالغموض وعدم المنهجية والعمومية فى المفاهيم ؛ وخصوصا فى مسائل جوهرية كقضية الديمقراطية والنظام السياسى والمؤسسات الدستورية ؛ كما ذهب الى ذلك الدكتور حيدر ابراهيم على فى دراسته التحليلية لهم ؛ وفوق ذلك فان كاتبيها فى الممارسة العملية ؛ قد خرقوا مرات كثيرة ؛ المبادى التى اعلنوا التزامهم بها فى شعاراتهم المعلنة او فى الكتب السابق ذكرها ؛ وخوصوصا تجاه قضية الديمقراطية ومؤسساتها .
    ان النضال الشعبى الذى تفجر منذ منتصف الاربعينات ضد الاستعمار ؛ والحركة الجماهيرية المناهضة له ؛ والتى ظهرت كانصع ما تكون فى النضال ضد الجمعية التشريعية ؛ ما لبثت ان اخلت مكانها للاسوب التفاوضى مع دولتى الحكم الثنائى ؛ وللاسلوب الاصلاحى التدرجى ؛ الذى انتج الحكم الذاتى فى العام 1954 ؛ واعلان الاستقلال فى الاول من يناير 1956.
    اننا وفقا لما تقدم ؛ نزعم ان الطريق الى الاستقلال قد كان اصلاحيا لا ثوريا ؛ وان الاحزاب التى نمت عشية الاستقلال قد كانت احزابا هشة وهلامية ؛ لا تمتلك اى برنامج للبناء الوطمى ؛ وان الاستقلال قد جاء بشكل تفاوضى سلمى ؛ وليس بشكل جماهيرى ثورى ؛ الامر الذى افقده كثيرا من الزخم ؛ وقلل من حدود المشاركة الشعبية فى واقع ما بعد الاستقلال .








                  

العنوان الكاتب Date
اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Adrob wad Elkhatib01-01-04, 10:51 PM
  Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Adrob wad Elkhatib01-01-04, 11:09 PM
    Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:52 AM
      Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:53 AM
        Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:54 AM
          Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:56 AM
            Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abdel Aati01-03-04, 07:58 AM
              Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال Abureesh01-03-04, 09:28 AM
                Re: اين انتم ولا كلمه واحده اليوم عن ذكرى الاستقلال اساسي01-03-04, 10:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de