|
الحزب نصف الحاكم
|
ظل مصطلح ( الحزب الحاكم ) من أكثر المصطلحات السياسية تداولا في فترة الإنقاذ ، وكان حزب المؤتمر الوطني حزبا حاكما بالفعل ، حاكما مطلقا لا يشرك أحدا في سلطته إلا من أراده ديكورا لمرحلة معينة فإنه يدجنه ويحدد له حجمه وصلاحياته وامتيازاته ويراقبه في أدائه ، أما غير ذلك فلا شراكة أبدا ،،، لا شراكة في السلطة ، ولا شراكة في الثروة ، ولا شراكة في الوجاهة ، ،، ليوطد الحزب الحاكم ويكرس كل هذه السلطات في يده ، كان لابد له من إيجاد البعد الكورالي ، هؤلاء مشجعون ، وهتيفة ، وتضخيم تبعية ،، وهم جميعا لا بد أن يتقاضوا ثمن ما يقومون به ،، ما كان الأمر مزعجا للحزب الحاكم ، وما كان الأمر صعبا بالنسبة له ،، كانت الثروة كلها في يده ، فدفع ميزانية الحزب الحاكم من هذه الثروة ، فالمال مال الشعب ، والحزب حزب الشعب ،، وزيتهم في بيتهم ،، فكانت بدلات السفر وتكاليف المؤتمرات وإقامة القادمين من الأرياف البعيدة في الفنادق الفخمة ، وهم قادمون بالسيارات اللاندكروزر أو الطائرات ، وكانت الامتيازات وتوزيع الأكشاك والأراضي السكنية والزراعية ، وكانت المشاريع الوهمية التي تستمر وهما لأكثر من عشر سنين لكن الرواتب تدفع والبدلات تدفع والامتيازات توزع ، تمدد الجسم الإداري ، لا لأن الوطن يحتاج كل هذا الكم الهائل من الإداريين ، لكن لأن الكم الهائل من الهتيفة ينتظر المكافئة ، والوظيفة جزء منها ، ومدخل هام لها ، فتعددت الولايات وتعددت المحافظات وتعددت المحليات ، وتبعها تمدد قائمة الوظائف كأنها تلد كل يوم وليدا ، ليتم إلحاقه باسم أب جديد ،، أسماء عديدة من رأسمالية السودان التقليدية اندثرت ، عوائل كانت كبيرة تقلصت وتراجعت ، وبعضها اختفى كليا ، وأسماء جديدة بمواصفات جديدة أطلت ، وشكل جديد للرأسمالية بدا يتكون في البلاد ،، الرأسمالية التي تلبس النظيف دوما ، وتتحدث بالموبايل ، وتركب السيارات الفارهة ، وتتعالى على الوضع الاجتماعي السائد وتحاول فرض واقع جديد خاص بها ،، وترسم خريطة الوطن كما يحلو لها ،، اليوم ، الحزب الحاكم يتجه نحو السلام ، ويتجه نحو الديمقراطية ، ويتجه نحو قبول الآخر ، هكذا تقول دوائره ، وهكذا تقول اتفاقياته الإطارية ( وهو مصطلح آخر لي حديث معه ) ،، والضغوط تتوالى على الحزب الحاكم من كل جهة ، فيضيق الخناق عليه ، فيهرول نحو السلام ويهرول نحو الديمقراطية ، ، وبالرغم من أن هرولة الحزب الحاكم نحو السلام والديمقراطية تشبهه ، من حيث تلككها ، ومن حيث ترددها ، إلا أن الأمر لابد أن ينتج عنه شئ أفضل من مخاض الجبل الذي ولد فأرا ،، السلام لن يأتي إلا بالاقتسام الواضح للسلطة والثروة ،، وهذه مشكلة تواجه الحزب الحاكم ، فالجلباب الجديد ضيق لا يتسع لكل الجسد ، ولم نسمع بأن الحزب الحاكم قد قام بإعداد خطة أو استراتيجية جديدة لمواجهة ضروريات إعادة التوزيع ، بموجب معطيات تقسيم السلطة سيصبح الحزب الحاكم ( الحزب نصف الحاكم ) ، وسيتبع ذلك أن يكون نصيبه نصف الثروة ،، إذن ما هي أسس التوزيع الجديدة ؟ العديد من الانتهازيين والهتيفة سيتم إسقاطهم عنوة من كشوف الرواتب وكشوف الامتيازات ، أو أن يقبل كل واحد بنصف ما كان يأخذ أيام كان الحزب نصف الحاكم حزبا حاكما ،، وأصعب من هذا كله ، أن الحزب نصف الحاكم لن يسمح له باقتطاع ميزانيته من ميزانية الدولة ، ببساطة لأنه الآن لديه شركاء ، وببساطة لأنه أصبح حزبا نصف حاكم ، وبالتالي فإن الحزب نصف الحاكم سيطلب من المقتدرين من الأعضاء أن يدفعوا ويدعموا الميزانية بدلا من أنهم كانوا يأخذون منها ، ولا أعلم ما هي الاستراتيجية التي أعدها الحزب الحاكم لإعادة تربية أعضائه ودفعهم إلى خانة العطاء منتقلين من خانة الأخذ ، ، ،، أربعة عشر عاما مرت ، وأصبح الحزب الحاكم في عز المراهقة ، فكيف ينتقل هذا المراهق إلى مرحلة النضج ، كيف يجتاز مراهقته وقد تربى في كل هذا العز وفي كل هذا الدلال ، وبعد كل هذه السنين ، يتحول الحزب الحاكم إلى الحزب نصف الحاكم . كثيرون سيتساقطون ، وكثيرون سيجدون أن الحزب نصف الحاكم لا يلبي شروط انتهازيتهم ، وكثيرون سيملون المشادة مع أبناء حزبهم ، وسينسحبون بالهزيمة أو بسبب الملل أو بسبب البحث عن البديل الأفضل ،، قريبا جدا سيتحول الحزب الحاكم إلى الحزب نصف الحاكم ، فدبروا أنفسكم أيها الهتيفة والانتهازيين ، فموارد الحزب نصف الحاكم وسلطته ونصيبه من الثروة لا تكفيكم جميعا كما كانت موارد الحزب الحاكم وسلطته ،،
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحزب نصف الحاكم (Re: democracy)
|
الأخ ديقراسي لك التحية أفهم من ذلك أن الجماعة لديهم خطط جاهزة للمرحلة المقبلة ، وأن استثماراتهم في الخارج ستضخ عليهم أموال طائلة ، وأنهم سبقوا الشركاء في التوزيع ، والله ما هينين بس تعرف هناك فئة لن تجد شيئا ولن يخصص لها شئ ، وهذه الفئة ستقوم بكشف الحرامية لأنه كما يقال إذا اختلف اللصان ظهر المسروق .
| |
|
|
|
|
|
|
|