"بعضاً من هذا البوست نشرته ردا على كمال محمد الذى يفتى بحرمة المولد"
ما زلت أذكر فرحنا الغامر عندما يبدأ ميدان المولد ببحري بالتزين و تبدأ دكاكين الحلوى بالانتشار هنا وهناك استعدادا لليلة الكبيرة.
و ما أحلى الزفة التي كان يقيمها المجلس البلدي في زمن الأخلاق الحقة و الدين السمح تتقدمهما موسيقى القرب تعزف فتطرب الناس و يجرى خلفها الأطفال ووجوههم تطفح بشرا و سعادة
ثم يأتي يوم القفلة و يتقاطر الناس على الميدان من كل أنحاء بحري و ضواحيها بعضهم على الأقدام و بعضهم بالعربات الخاصة و كثيرون باللوارى و الباصات و من جهات بعيدة.
ناس حلة حمد وخوجلى و ناس الختمية الطيبين ناس الدناقلة خفيفو الظل( مسقط رأسي)- ناس الديوم ناس المزاد والشعبية الكتار و ناس الأملاك الراحات وناس الصافية التقى وكمان أهلنا في الحلفاية في الفكي هاشم والخليلة و الكدرو و الجيلى ولا ننسى ناس كوبر و الجريفات و حلة كوكو و المايقوما و الحاج يوسف. كلهم يأتون فرحين و يأتي معهم أطفالهم أحبائهم فيشترون لهم ما تيسر من حلوى السمسمية و الفولية و الحمصية اللذيذة و أذكر أن كان لنا جيران أقباط (ناس اسكندر) كان يحبون المولد وحلوى المولد أكثر منا و ينتظرون قدومه بفارغ الصبر.
كل هذه الناس تأتى يوم القفلة منهم من يذهب مباشرة لخيم الطرق الصوفية و مدد يا أبو الزكية و يا شيخنا عبد القادر الجيلانى و منهم من يذهب لشرب الشاي بي اللبن ويتناول معه اللقيمات ذات اللون الذهبي فيغمسها في السكر فيقرمش أولها و يذوب آخرها حلاوة وخاصة مع رشفة من الشاي المقنن لبنو. بعضهم يجلس فرد جلسة مع القهوة والبن الحبشي ذي الرائحة الحريفة ولا يقوم إلا وقد تنى وتلت وخمس.
أذكر أننا كنا نزور هذه الخيام الطرق الصوفية و نقضى بعض الوقت الذي ربما قد يطول في بعض الأحيان. كنا نعجب أيما إعجاب بجبة الدرويش الملونة و رقصته الصوفية سريعة الإيقاع و نستغرب لماذا لا يسقط على الأرض و هو يدور بكل هذه السرعة وكانت دورتين تكفى الواحد منا حتى يشعر بالدوخة.
ثم ننطلق من هذه الخيام إلى دكاكين الحلوى نمتع عيوننا الصغيرة بمنظر العرائس الجميلة و الأحصنة الكبيرة التي كان معظمنا لا يستطيع دفع ثمنها و لكن لا بأس من الفرجة.
بعدها يجيء دور السينما المتجولة و التي كانت تجد لها ركنا في المولد فتعرض الأفلام العربية الدينية وبعض الأفلام الوثائقية الأخرى.
آخر الليلة كان الذهاب للركن الشمالي الشرقي من المولد والذي تقل به الحركة و نقضى ما تبقى من وقتنا و مخزون لياقتنا البدنية في ألعاب الليل السودانية المشهورة نعود بعدها إلى بيوتنا عند الساعات الأولى من الصباح ففي يوم القفلة لا يوجد حظر أسرى على التجوال.
اللهم لا تحرمنا من بدعة المولد النبوي الشريف و فرحته ولا عزاء للوهابيين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة