|
البُرهان على الطريق السريع,, بقلم إسماعيل عبد الله
|
12:12 PM February, 05 2020 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
على الرغم من الجدل الذي أثاره دعاة الهوس الديني والمتشنجين فيما رشح من خبر تناقلته وسائل الإعلام, حول لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان, برئيس وزراء حكومة إسرائيل في عنتبي بيوغندا, إلا أن الحقيقة الواضحة هي أن البرهان أخيراً وطأ بقدميه على السجادة الحمراء للطريق السريع, والمسار الصحيح المؤدي إلى الخروج الكلي من طوطم فكر الاسلام السياسي, وذلك بانجازه لهذا الحدث اللذي سيصبح نقطة تحول كبرى وعلامة فارقة وفاصلة في مسيرة الدولة السودانية الحديثة. وبمثل هذه الخطوات الجريئة يمكن للبلاد أن تتعافى من المعرقلات والمتاريس, المانعة لتحقيق التنمية و الانفتاح الاقتصادي على جميع دول العالم, دون قيد أو شرط يرتبط بعقدتي الدين والعرق, فالتشدد والتطرف ويوتيوبيا البطل الأسطوري صلاح الدين الأيوبي والانشغال بالقضايا الهلامية, لا يمكن أن يسهم في معالجة أزمة واحدة من أزمات البلاد المصيرية المتمثلة في المشكلتين الاقتصادية والسياسية, وهذه القضايا الهلامية إذا أردنا ان نقدم لها مثالاً وأنموذجاً فلن نجد غير موضوع الانشغال بالقضية الفلسطينية التي أهدرنا فيها الطاقات الذهنية والبدنية والزمنية, والتي اهتممنا بها اهتماماً زائداً عن الحد فاق اجتهاداتنا المبذولة في حل أزمة الخبز والرغيف والدقيق والغاز, فالصراع الكوني ومنذ الأزل ينحصر في جدليتين هما نزعة امتلاك المال وانتزاع السلطة والنفوذ. لا يوجد شعب عربي أو إفريقي شغل باله بالمشكلة الفلسطينية مثلما فعل الشعب السوداني وحكوماته المتتالية على امتداد عصورها القديمة والحديثة, وآخرهذه المشغولية الفارغة خطاب وزير الدولة بوزارة الخارجية الأستاذ عمر قمر الدين اللذي قدمه في القمة العربية الأخيرة, فهو ذات الخطاب النظري والتقليدي الشاجب و المدين للوجود الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية, وتظل المعضلة الكبيرة والهاجس الخطير هو أن الشعب الفلسطيني لم يقابل هذا الجهد الإنساني الخالص بالثناء و الشكر والتقدير, أو حتى بمجرد الاعتراف لنا بهذا الفضل الذي ظللنا نقدمه خدمةً لهذه القضية الخاسرة. كان زميلي في الجامعة على حق عندما وصف الطالب الفلسطيني اللذي درس معنا بنفس المدرج, بأنه صاحب (قلب ميت) لا يحرك ساكناً تجاه قضايا أهله, داعماً حجته تلك بداء السمنة الذي اجتاح كل اجزاء جسد هذا الطالب الوافد, تلك السمنة التي كانت علامة مميزة لحجمه الفيزيائي الكبير عندما تراه جالساً بين الطلاب, في ذلك الزمان اللذي كانت فيه الملحمة الثورية للمطربة جوليا بطرس (الشعب العربي وين؟) لا تفارق بث تلفزيون السودان, تلك الأهزوجة الحماسية التي ضلت طريقها إلى مزبلة التاريخ لأنها استنجدت بالشعب العربي وحده و لم تذكر شعوب العالم. لا أدري ما المغزى من تلقين طالب من طلاب العلم وهو ما يزال في مرحلته الإبتدائية, بمدارس الجنينة والدلنج ببيت الشعر (أنا من يافا أنا من صفد), وأهل يافا وصفد لا يدرون ما هي كادقلي و لا أين تقع الجنينة في خارطة أطلس العالم, أليس هذا ظلماً ممنهجاً لبراءة هؤلاء اليافعين مرتكباً من قبل المسئولين عن وضع وتنقيح المنهج التربوي بوزارة التربية والتعليم؟, اللذين جعلوا من قدسية بخت الرضا طريقاً لتدجين أجيالنا الناشئة و إخضاعها لمناصرة هذه القضية التي باعها أهلها. ما أقدم عليه البرهان ليس بدعةً ولا مخالفةً لمنهج ديننا الحنيف ولا معاكسةً لأخلاق ومباديء الاسلام , وذلك لأن رسولنا الكريم لم يقف يوماً ضد ممارسة المسلمين لنشاطهم التجاري والإجتماعي (الزواج) مع اليهود والنصارى (أهل الكتاب) , فاليبحث تجار الدين عن سلعةٍ أخرى غير هذه ليستثمروا فيها بعيداً عن استغلال عاطفة التدين لدى المسلمين و المسيحيين و اليهود. إنّها فرصة للسودانيين لأن يخرجوا من حالة الفقر والبؤس و الشقاء و(المكاجرة), فإذا لم يفعلوا ولن يفعلوا فاليبشروا بوطن مجزأ ومقطعة أوصاله, لا يستطيع أحد منهم أن يلملم أطرافه المتناثرة حتى لو امتلك عصا موسى, مع العلم أن موسى و عيسى و يهوذا جميعهم أنبياء الله اللذين انبتتهم أرض بني إسرائيل, ولقد علّمنا قرآننا الكريم أن جملة (بني إسرائيل) وردت في آياته الكريمة عشرات المرات, والمدهش أن كلمة (فلسطين) لم ترد ولا مرة واحدة.
إسماعيل عبد الله [email protected]
|
|
|
|
|
|