نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 10:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-28-2020, 04:37 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946

    03:37 PM January, 28 2020

    سودانيز اون لاين
    عبدالله الشقليني-
    مكتبتى
    رابط مختصر







    نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946




    {مواجهة محمود للإدارة الاستعمارية في حادثة ختان فتاة رفاعة، كشفت الوجه المزيف للمستعمرين كدعاة حداثة، و في نفس الوقت ملّكت الأهالي الغبش أحد أهم مفاتيح حركة الحداثة في معنى الاختيار الحر المبني على الوعي بالمصلحة الحقيقية في التقدم والتنمية و الديموقراطية. شجاعة محمود هنا، في حادثة رفاعة، هي شجاعة رجل حديث يواجه المستعمرين و يقول لهم: لا يمكن أن تحدّثونا ضد إرادتنا، لأن التغيير الحداثي الحقيقي يصدر عن إرادة الشعب الحر.}
    الدكتور حسن موسى
    (1)

    ربما أختلف مع رأي دكتور حسن موسى، فقد كنتُ من أشد القرّاء لهفة لقراءة قضية رفاعة التي تمّت عام 1946، وفق وقائع التاريخ العام، وتم إعادة الحديث عنها 2017. ولكنني فُوجئت بأن القضية رغم مضي أكثر من 71 عاماً، فإن الإخوان الجمهوريين لم يقرؤوا القصة من جديد، ولم يعيدوا النظر فيها. لقد ظللتُ ممانعاً ضد التقليل من شأن الحركة الفكرية التي قادها الأستاذ "محمود محمد طه "، ومثابرته في إخراج الفكر الديني الإسلامي، من قمقم دين مدينة الرسول، إلى رحابة الإنسانية، بإظهار أن العقيدة الإسلامية قد كانت تحمل في أحشائها الدين الذي يمتد بأشرعته إنسانياً. وتم تحويل أو نسخ التسامُح إلى قضية متعلقة بمدينة الرسول، وليست قضية الدين كله. ويرى الأستاذ محمود أنها قضيته، وأن العقيدة الإنسانية كان لها مستقبلا أن تظهر، بعد أن استعصت عن فهم الذين عاشوا فترة مدينة الرسول الأولى.
    *
    تلك قضية، تحتاج لنظر فكري أكثر سعة من دعاوى مواجهة قوانين المستعمر. وأن كل قضايا الحدود، وفق الرسالة الثانية، يتعين أن تتحول إلى قوقعة الرسالة الأولى بذات المنهاج، لو توفر للراحل الحياة ومن ثم التفكير الطلق الذي بدأ به فكره.

    (2)

    عند نظري لقضية رفاعة، فإن القضية الأولى التي فعلها المُستعمر، هي قضية محاكمة ومقاضاة الذين يسهمون في تشويه أعضاء المرأة التناسلية، تحت أي قانون اجتماعي مهما علا شأنه، وهي قضية ينبغي للناظر إليها حينذاك أن يكون القانون الإنجليزي الذي بدأ مسيرة لاستئصال عادة "الختان الفرعوني" البشعة، لا أن يقف العامّة ضد القانون البريطاني، و الأستاذ " محمود محمد طه " وقف موقف الضدّ، بل وسعى حثيثا لخروج المشاركين في هذه الجريمة من عقوبة السجن! .

    للناظر إلى قضية رفاعة، يتعين أن ينظر إليها من منظور إنساني. ولكننا شهدنا أن الأستاذ " محمود " والجموع الغفيرة التي وقفت ضد سجن منْ شارك في هذه العملية التشويهية البشعة، بل وكأن وقوفهم ضد سجن المرأة المتهمة بالجريمة، كأنه نضال ضد المستعمر!. تشارك من كان همهم هو الدفاع عن المرأة بمفهوم الحياة التقليدية، ومن رغب إذلال المستعمر، تحت أغراض متنوعة ، واشتركوا جميعا في ذات النضال ضد القانون.

    إن الاستعمار في السودان كان قد تم بواسطة " وزارة الخارجية البريطانية "، وليست بواسطة " إدارة المستعمرات ". وهذا القانون جاء تطويراً، وضد عادة بشعة لم تزل للأسف الشديد سارية إلى اليوم بنسب تبلغ أكثر من 60% في جميع أنحاء السودان في 2020.
    ليس من السهل قيادتنا، تحت مصوغات غير مُبررة، لتحويل القضية إلى قضية نضال ضد المُستعمر، وهي لا تعدو أن تكون نُصرة لجريمة بشعة لم تزل تعاني منها المرأة في مدن وأرياف السودان إلى اليوم.
    *
    لم تزل جمعية (بابكر بدري ) منذ حياة مؤسسها تُكافح ضد تلك العادة البشعة والبغيضة بانتهاج الوعي، وماذا فعل الوعي ؟ انخفضت نسبة الختان الفرعوني من 95% إلى 65% ،
    لذلك أرى أن خطوة القانون الإنجليزي كانت خطوة في الاتجاه الصحيح. وجاءت ما اصطُلح على تسميتها ثورة رفاعة، كخطوة في الاتجاه الخطأ. ولم تزل المرأة تعاني منها إلى اليوم!.

    (3)

    ونقتطف من دراسة الجمهوريين عام 1976، ما أحسبه دراسة تكشف اتجاهات سالبة بشأن القانون وتبعاته:

    {جازت خدعة قانون الختان الفرعوني على بعض المثقفين!. لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الختان الفرعوني، ولم يطالعهم وجهه الآخر. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور "سعيد محمد أحمد المهدي"، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم سابقا، فقد عبر عن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة ، حيث قال:

    {وأذكر أنه قبل عشرين عاما، بالتمام والكمال، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرّائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا. ويمضي الدكتور سعيد فيقول: وهذه الثورة رغم أنها رجعية، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا أنها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .}
    *
    هذا ما قاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية. ذلك بأنه لا يقوّم نقص المعلومات، التي يمكن الحصول عليها، وتمحيصها، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولون واقعة تاريخية، مثل واقعة قانون الختان الفرعوني، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها، فيأتي من ثم، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا.

    أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية، بعد عشرين عاما، من مناهضة قانون الختان الفرعوني، فيقول أنها (تؤيد الختان الفرعوني) ولذلك (فهي ثورة رجعية) ..إن الثورة كانت ضد (القانون) وليست دفاعا عن الختان الفرعوني. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه. أرجو أن لا يكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون، عن هذه السابقة القانونية، على طريقة الدكتور سعيد }!!

    الإخوان الجمهوريون
    أم درمان - ص.ب 1151 - ت 56912
    الطبعة الأولى - أول مايو 1976م
    جمادي الأولى 1396هـ

    https://www.alfikra.org/chapter_view_a.php؟book_id=93andchapter_id=16https://www.alfikra.org/chapter_view_a.php؟book_id=93andchapter_id=16

    (4)

    إن الأستاذ " محمود محمد طه " لما يزل هو معرضٌ للتجربة والخطأ في سبقه التأويل، وتلك من شيم العظماء، يجرون جراحاتهم على المجتمع الذي تكدّره الأغلال، يقومون بما يستطيعون دون أن نوصمهم بالعصمة عن الخطأ. ولكننا سوف نرتكب جريمة أن نضعه في موضع القداسة، رغم أنه كان السباق إلى التأويل المتقدم، منذ محمد عبدو ثم الدكتور طه حسين ودكتور حامد أبوزيد ودكتور يوسف زيدان ودكتور فراس نورس السوّاح ودكتور خزعل الماجدّي وغيرهم.
    فالتاريخ سيحكم على قضية رفاعة، بأنها ثورة من أجل التقاليد البالية والمسلك البربري تجاه المرأة، وارتكاب الجريمة على طفلة!. ولنا أن نعيد النظر في القضية التاريخية البائسة. والتي لا ولن تكون قضية نفاخر بها في يوم من الأيام، إذ تجاوزها المجتمع الحاضر مثل عادة ( الشلوخ) و( دقّ الشلّوفة) و(درب الطير)، الذين أصبحوا نسياً منسياً.

    عبدالله الشقليني
    25يناير2020


    *























                  

01-29-2020, 06:59 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    ننقل لكم مقال قام بترجمته بروفيسور/ بدر الدين حامد الهاشمي:

    ختان النساء: دراسة عن عادة لا يعرف عنها الكثير .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
    نشر بتاريخ: 11 حزيران/يونيو 2015
    Infibulation and Female Circumcision: A Study of Little known Custom
    Dr. Allan Wosley دكتور آلان اورسلي
    مقدمة:
    هذه ترجمة لبعض ما جاء في مقال علمي / طبي عن الختان في السودان بقلم الدكتور آلان اورسلي (الجراح بمستشفى أم درمان الملكي) نشر في العدد الخامس والأربعين من المجلة البريطانية لأمراض النساء والتوليد (BJOG) والصادر في عام 1938م.
    وليس في المقال معلومات جديدة عن الختان في السودان بحسب ما هو معلوم الآن. غير أن توقيت صدور المقال (1938م) له أهمية تاريخية، ويصب في جهة التنوير للأطباء (والعامة) بتلك العادة المُضِرٌّة في تلك السنوات البعيدة، ودراسة تاريخها المقارن عند مختلف الشعوب عبر العصور. والمعلوم أن تلك العادة قد أثارت في السودان الكثير من الخلاف والصراع في أربعينات القرن الماضي وما بعدها (يمكن النظر في كتاب "تمدين نساء السودان" بقلم جانيس بودي، والذي ترجمنا بعض أجزائه، خاصة ما أثاره من احداث في رفاعة وغيرها. المترجم).
    الشكر موصول لبروفيسورة فيفيت قلوفر من الأمبيرال كولج بلندن لتيسيرها لي سبيل الحصول على هذه الورقة.
    ******
    لعادة الختان تاريخ قديم جدا. فقد عرفت عند المصريين القدماء، وعند سكان الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام. وكان الرومان يمارسونه بإدخال إبزيم / مشبك (fibula / Clasp) عبر القُلْفَة (prepuce) حفاظا على العفة والطهارة.
    ولا تزال عمليات التشويه تلك تمارس في أركان مظلمة في العالم. وستتناول هذه الورقة بعض جوانب أمراض النساء الناتجة عن ممارسة ذلك التشويه.
    ولعل الغرض النهائي من تلك العمليات هو الحفاظ على العذرية. غير أنه لا يستبعد أن لها أغراضا أخرى تفرعت من ذلك الغرض الرئيس، وتطورت إلى أن غدت عادة قبلية.
    ويمكن تصنيف تلك التشويهات (الجراحية) إلى ثلاثة أصناف، وهي قطع المهبل (introcision) في عمر صغير، وختان النساء (circumcision) وهو يتضمن حَشَّ أطراف الشفرين مع قطع البظر، والختان "الفرعوني" (Infibulation proper) وهو يتضمن حَشَّ أطراف الشفرين مع قطع البظر، ثم قفل شبه كامل لفتحة الفرج.
    وترتبط هذه العادة بمزيج من السرية والغموض والدين والخرافة، وتحرص النساء اللواتي يمارسنها، وبصورة طبيعية، على حماية "أسرارها" من حب الاستطلاع والفضول الأوربي. لذا فإن معرفة الغربيين (وحتى الأطباء) بتفاصيل تلك العمليات التشويهية ليست كبيرة. ولقد عملت بالسودان لسبع سنوات طبيبا وجراحا لأمراض نساء القبائل البدائيات primitive tribeswomen (لم تعد مثل هذه الأوصاف مقبولة في الكتابة العلمية المعاصرة لأسباب بدهية. المترجم)، وأتاح لي عملي في أواسطهن نفاذ بصيرة (insight) وخبرة لا بأس بها في هذا الأمر، والذي لا أشك في أن كثيرا من العاملين في الحقل الطبي والصحي (في العالم الغربي) يجهلونه كل الجهل. وأتمنى أن تضيف ملاحظاتي في هذا المقال شيئا مفيدا للأدب العلمي والطبي القليل المسجل عن هذه العادة (ورد في مراجع هذا المقال مقال عن الختان بعنوان Die Beschneidung بقلم عالم أو طبيب ألماني نشر عام 1844، وورقة إيطالية بعنوان Della Circumcisione صدرت عام 1895م، وأدرج أيضا في ثبت المراجع فتاوى ابن تيميه. المترجم).

    الختان كما يمارس في السودان:

    لابد لكل بنت سودانية بلغت السادسة من عمرها من أن تختن. ويحدد يوم الختان في وسط أسبوع من الاحتفالات والولائم، وتؤخذ البنت إلى غرفة في رفقة قريباتها وصديقاتها القريبات. ويتم الأمر كله في دائرة النساء، ولا يلعب الرجال أي دور فيه. وتقوم قابلة (داية) كبيرة بـ "طهارة" البنت باستخدام موسى الحلاقة.
    تطرح البنت عارية على سرير، وتقوم أربع نساء بتثبيتها من الذراعين والكاحلين، بينما تقوم القابلة، وبمهارة وسرعة، بإزالة البظر والشفرين الكبيرين والصغيرين. وتختفي صرخات الصغيرة المتألمة في وسط الزغاريد الفرحة، وجلبة النساء، وتطمين تعيسة الحظ بأن كل شيء سيكون على ما يرام، وأنه لا داعي للصراخ والبكاء. ولا يخلو وجه القابلة أبدا وهي تؤدي تلك العملية من ابتسامة سادية فرحة. وتسود بين النظارة المحظوظات في الغرفة موجة فرح وجزل بائنين.
    وتنزف البنت بعد ذلك التشويه الجراحي بغزارة، وتتولى القابلة أمر النزف كما يلي: تستخدم القابلة مشبكا (clamp) مكونا من قصبتين منحنيتين تربطان معا ويؤمل أن توقفا تدفق الدم من مكان الجرح.
    وتكون الحياة للبنت المختونة في الأسبوعين أو الثلاثة التي تلي العملية شقاءً مقيما وألما لا ينقطع. فالمشبك القصبي يترك في مكانه، وعلى البول أن يجد طريقة ما ينفذ بها للخارج. وعندما يزال المشبك (أخيرا) تكون فتحة الفرج (vulva) قد أغلقت إلا من فتحة صغيرة جدا (لا تسمح حتى بمرور قلم رصاص رقيق) في جهتها الخلفية.
    مضاعفات الختان
    تحدث عقب عملية الختان حالات متنوعة من التهاب النسيج الخلوي (cellulitis) والعدوى (infections) وتراكم الصديد. وتخلف تلك العمليات ندبة وجدرة( keloid) في 50% من الحالات. وتكثر حالات الجَدَر في السودان أكثر من غيره من البلدان.
    أما أخطر المضاعفات المؤسفة وأكثرها حدوثها فتحدث نتيجة خطأ من القابلة حين تجرح بموساها فم مجرى البول mouth of urethra ويغدو مجرى البول جزءاً من الجرح. لقد كنت في أيامي الأولى أشعر بأسي وصدمة لا توصف عندما كانت تحول إلى مثل تلك الحالات. ولكن بعد سنوات (وبعد أن زال حاجز التحيز والكراهية غير المسببة (prejudice سمح لي بأن أقوم بعمليات جراحية على أولئك النسوة التعيسات.
    وربما سيأتي يوم - ومع مواصلة حملات التوعية والإقناع والتأثير لشخصي- نستطيع فيه أن نثني هؤلاء النساء عن ممارسة تلك العادة المضرة.
    علاقة الختان بالزواج
    تقوم القابلة قبيل الزواج مباشرة في حالات كثيرة بفتح ما أغلقه الختان. ولقد رأيت خلال ممارستي لطب النساء في السودان عددا كبيرا من الزوجات الحمل ولم تكن فتحة المهبل عندهن إلا فتحة بالغة الصغر لا تزيد عن رأس الدبوس. ويعاد توسيع تلك الفتحة قبيل كل ولادة. وبذا فإن الأمر كله هنا بيد القابلة وليس الزوج.
    الولادة Accouchement
    تعتمد كثير من نساء الأهالي على ربط مرفقي وركبتي المرأة الجاثية على الأرض بحبل مصنوع من ألياف النخيل مربوط في سقف الغرفة. وتجلس القابلة القرفصاء على الأرض تحت النفساء (في الأصل "المريضة". المترجم)، وتواصل حز منطقة العجان perineum (هي المنطقة الملساء الواقعة بين المهبل والشرج. المترجم) وهي مشدودة كجلد طبل. وتظل النفساء المنهكة تتألم وتذرف الدمع وهي في حالة مؤسفة مروعة بفعل تلك الطريقة العجيبة في التوليد.
    دواعي الختان
    على الرغم من إنكار البعض، إلا أن الحفاظ على العذرية هو السبب الرئيس وراء الختان. إلا أنه من وجهة نظر المرأة فالختان يحمل كل ديناميكية الموضة (dynamic of fashion). فالبنت الصغيرة تتطلع (ربما بطريقة مرعبة نوعا ما) إلى اليوم الذي تتم فيها "طهارتها"، ولا تحلم أبدا بالتهرب من ذلك اليوم، حتى ولو كان ذلك في مقدورها. ومعلوم أن أقبح إساءة يمكن أن توجها النساء للمرأة هنا هو أنها "غير مختونة (غلفاء). وأكثر من ذلك، فالمرأة البالغة هنا تفتخر بالندبة التي يخلفها الختان وتدعوها "نفسي my own self". لذا فربما كانت وراء هذه العادة نوع من الجمالية التشريحية anatomical aestheticism.
    ويزعم البعض، ودون دليل موثوق، وجود علاقة ما بتلك العادة والدين. وفي نظري فالختان عادة قديمة، تغذيها الخرافة، وتعمل نساء كبار في السن على استمراريتها.
    دراسة مقارنة
    1/ قطع المهبل (introcision)
    يقال بأن هذه العادة شائعة عند سكان الجزر في بحر الجنوب، غير أني لم أعثر على دليل على ذلك. غير أنه من الثابت أن هذه العادة تمارس في أوساط البيتا – باتا (Pitta - Patta) في أستراليا (وهي من القبائل الأصلية – aborigines). وعندما تبلغ البنت في هذه القبيلة (البدائية) مرحلة البلوغ يتجمع رجال ونساء القبيلة ليشهدوا إجراء تلك العملية، عليها، والتي يقوم بها شيخ كبير من رجال القبيلة. وتبدأ العملية بإدخال الشيخ لثلاثة من أصابعه في فوهة المهبل لتوسعيه. وفي مناطق أخرى يستخدم الخاتن العجوز مدية حجرية لشق منطقة العجان. ويعقب ذلك ممارسة قسرية للجنس مع عدد من الشباب، وممارسات أخري (أكثر إثارة للاشمئزاز) مع كبار السن والمرضى بقصد تجديد الشباب والحيوية (rejuvenation).
    2/ ختان النساء (circumcision of women)
    يشيع هذا النوع من الختان في أفريقيا في ماندنغو (Mandingo وهم من قبائل سيراليون) وبتسوانا / Tswana) Bechuanas في جنوب أفريقيا) وغالب قبائل البانتو Bantu، ومصر وأجزاء من ساحل الذهب (غانا الآن. المترجم). ويوجد هذا النوع من الختان في آسيا بالملايو، وفي أرخبيل الهند، وبلاد الفرس، وفي شبه جزيرة طويلة في الشرق الأقصى الروسي، تقع بين المحيط الهادي وبحر أوخوتسك kamchatkans)). ويوجد أيضا في أمريكا في شرق المكسيك وبيرو والبرازيل. أما في أستراليا فتشيع هذه العادة في المناطق من يروبانا Urabunna في الجنوب إلى السواحل الشرقية لخليج كاربينتاريا Carpentaria. أما في أوربا، فلم تسجل فيها إلا حالات متفرقة في روسيا عند طائفة مسيحية اسمها Skoptozy تقوم بختان نسائها لضمان عذرية دائمة perpetual virginity مستشهدين بمقولة عن الإخصاء منسوبة إلى القديس ماثيو (متى) في الآية 12 .19 . وتمارس تلك الطائفة الروسية ذلك الختان بغلو ملحوظ يقوم فيه الخاتن /الخاتنة بإزالة كامل الشفرين الكبيرين.
    3/ الختان الفرعوني (Infibulation proper)
    هنا تغلق فتحة الفرج (vulva) بعد الختان. ولحسن الحظ فإن هذه الممارسة ليست شائعة في مناطق كثيرة من العالم. ويعتقد أنها بدأت في الجزيرة العربية قديما. لذا فهي لم تنتشر في أي منطقة خلا شمال شرق أفريقيا. ولا تمارس تلك العادة في مصر المعاصرة. وأخبرني خبير بعلم المصريات اسمه بروفيسور اليوت اسمث بأنه لم يعثر في أبحاثه على المومياوات المصرية القديمة على أي مومياء مختونة بذلك الضرب من الختان المسمى "فرعوني". غير أن معظمهن كن مختونات بحسب ما هو مذكور في النوع المذكر أعلاه (رقم 2).
    أما في أفريقيا فهذه الممارسة شائعة في السودان والحبشة والصومال، بل لقد انتشرت في أوساط النوبة والوثنيين في جنوب السودان. وتشيع تلك العادة أيضا في الملايو، ويعتقد أنها تمارس في أوساط قبائل بيقو Pegu بالهند، غير أنه لا يوجد دليل موثوق على ذلك.
    ممارسو عمليات الختان
    الرجال: يقوم القساوسة والحلاقون والأطباء الشعبيون بهذه الممارسة في مصر المعاصرة. ويمارسها أقرباء البنت عند القبائل الأسترالية الأصلية.
    النساء: القابلات في السودان، وزوجات الحدادين في السودان الفرنسي. ونساء مدربات في الجزيرة العربية وقبيلة الماساي.
    وتتم عمليات الختان على البنات في عمر أسبوع واحد في الحبشة، وعدد من الأسابيع بعد الولادة في الجزيرة العربية، و 3 – 4 سنوات في الصومال، و3 – 8 سنوات عند الأقباط، و6 – 7 سنوات في السودان ومصر، و14 – 15 سنة عند قبائل استراليا الأصلية والبانتيو و الماساي، وبعد إنجاب الأطفال عند قبائل في غينيا وسواحلي Swahili.
    الأسباب التي من أجلها تختن المرأة
    بالإضافة لما ذكرناه أعلاه يزعم من يمارسون تلك العادة على بناتهم أن من "فوائدها" ما يلي:
    1/ تقليل شهوة المرأة الجنسية. وتزعم بعض القبائل الإفريقية أن إزالة البظر يقلل من حالات المس mania الذي قد يصاحب الرغبة الجنسية المفرطة.
    2/ تضييق الفرج، خاصة بعد الولادة
    3/ النظافة (وهذا اعتقاد سائد عند قبائل البانتو Bantus)
    4/ لزيادة الخصوبة (وهذا شائع عند الماندينغو)
    5/ للحفاظ على الأم والمولود/ة من الموت (وهذا ما يعتقده الماساي والسواحيلي).
    6/ لمنع تضخم الشفرين (labial hypertrophy) (عند قبائل الهوتنوت Hottentot والأحباش).
    وأخيرا يجب أن نذكر أن المرأة في مصر القديمة لم يكن يسمح لها قانونا بنيل نصيبها في الميراث إلا إذا كانت مختونة.
    ******* ********
    وفي الختام لابد من تقديم الشكر للحكومة البريطانية في السودان لقيامها بعمل رائد تمثل في فتح مراكز لتدريب القابلات على ممارسة عملهن تحت ظروف صحية مقبولة، وجعلت تسجيل القابلات أمرا قانونيا ملزما. ومن شأن كل ذلك تخفيف وقع الخسائر الصحية الكبيرة التي كانت تحدث قبل تدريب أولئك القابلات، واللواتي ظللن يمارسن عملهن رغم مشاعر العداء والنقد الجارح في قرى ومدن البلاد.
    ويأمل المرء أن تنتهي بذهاب الأجيال الكبيرة في السن هذه العادة الشريرة والتي أنهكت هذا الشعب الرائع المحبوب.
    http://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/135-6-9-7-6-0-3-2/84636http://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/135-6-9-7-6-0-3-2/84636-
    *
                  

01-29-2020, 01:10 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    الأخ الأستاذ عبد الله الشقليني
    تحية المودة والتقدير

    وشكرا لك على افتراع هذا البوست هنا في صفحة المقالات والآراء الحرة، وأرجو أن تسمح لي بنقل محتواه إلى المنبر العام.

    Quote: فالتاريخ سيحكم على قضية رفاعة، بأنها ثورة من أجل التقاليد البالية والمسلك البربري تجاه المرأة، وارتكاب الجريمة على طفلة!. ولنا أن نعيد النظر في القضية التاريخية البائسة. والتي لا ولن تكون قضية نفاخر بها في يوم من الأيام، إذ تجاوزها المجتمع الحاضر مثل عادة ( الشلوخ) و( دقّ الشلّوفة) و(درب الطير)، الذين أصبحوا نسياً منسياً.

    أنت للأسف تخلط بين أمور ما كان ينبغي على كاتب مدقق مثلك أن يخلط بينها. الحزب الجمهوري، الذي تم إنشاؤه في 26 أكتوبر عام 1945 وانتخب الأستاذ محمود رئيسا له، نشر بيانا حول مشروع قانون الخفاض الفرعوني 10 ديسمبر من نفس العام 1945. فخرج منشور الحزب الجمهوري الذي يعترض على ذلك القانون في نفس الوقت الذي يصف عادة الخفاض الفرعوني بأنها عادة رديئة. ودعنا نقرأ من المنشور:
    Quote: (( أ. أساليب عتيقة
    لانريد بكتابنا هذا ، أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ، ولانريد أن نتعرّض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السوان ، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الي يومنا هذا – ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة ، وأساليب خاصة ، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان ، أوقل ، ابتدعتها ابتداعا وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها ارغاما))
    ((من الآيات الدالّة على سوء القصد ، في هذه الأساليب ، إثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف .. وأساليب الدعاية التي طرقتها له ، والطرق التي ارتأتها مناسبة لابطاله ، والقضاء عليه ، ولقد جاءت هذه الآيات دليلا واضحا على التضليل المقرون بسبق الاصرار ولهذا رأينا من المناسب أن نناقش مثل هذه الأساليب بطريقة خالية من المداجاة والمراوغة وفي غير تعنت بتطلع المواطنين على مكامن الضعف فيها ومغافره علهم يدركون فداحة الخطر المترتب على النظر للأشياء من وجه واحد واستساغة الدسم الممزوج بالسموم فيسارعون إلى الحمية ويعتصمون بحبل الشجاعة الأدبية في إبداء الرأي الصريح.))

    ((ب. لماذا أثيرت مسألة الخفاض الفرعوني
    للسائل أن يسأل لماذا أثارت الحكومة مسألة الخفاض الفرعوني؟ وله أن يسأل لماذا أثيرت في هذا الوقت بالذات ــ وله أن يسأل أيضاً لماذا أثيرت في البرلمان الإنجليزي ــ ولماذا تبودلت الرسائل في شأنها مع [كلمة غير واضحة في المصدر]ــ ولماذا لجأت الحكومة إلى القانون لإبطالها ولماذا كانت هذه الصرامة في القانون؟ نعم للسائل أن يسأل هذه الأسئلة وله أن يقتنع بأي رد يقال له إذا كان على جانب من البساطة والسذاجة وضيق الأفق ولكن الذين علمتهم التجارب أن يستشفوا الحقائق الكافية وراء كل حركة تقوم بها حكومة السودان لن يجدوا ما يبرر قبولهم للرد القائل بأن المسألة قد أثيرت إشفاقاً بالمرأة لأنهم لا يجدون لمثل هذا الإشفاق في مدى الخمسين عاماً التي مكثتها حكومة السودان وتقصيرها ظاهر ملموس في ناحية المرأة التعليمية والاجتماعي والصحية.))
    ((ج. لم تثر المسألة إشفاقا بالمرأة
    أما من الناحية التعليمية فالحكومة تجاهلتها وأسقطتها من حسابها ردحاً من الزمان ولم تتبرع في تعليمها إلا مؤخراً ولأنها لما بدأت تعليمها ضيعته لدرجة مخجلة مزرية وحصرته في التعليم الأولي وفي معهد واحد آخر يرتفع قليلاً في مستواه على مستوى المدارس الأولية إضطرت لإنشائه للحصول على حفنة من المعلمات ليقمن بمهمة التدريس في تلك المدارس))
    ((وأما من الناحية الصحية فلأنها لم توفر طبيباً سودانياً واحدا من أطبائها المتخصصين في أمراض النساء وعلى كثرتها ــ ولم تلتفت أقل التفات وعدم اهتمام الحكومة بناحية التعليم والصحة هو ما يدعو الحذر للجزم بأن المسأل لم تثر إشفاقاً بالمرأة.))
    ((هـ. قانون عجيب
    لاشك في أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون ، للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان إما أن يكون قد رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ ، أو عقيدة ، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون ، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ، هو نفس التعنّت الذي وقف في سبيلنا ، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والاستفادة من مياه الدندر ، والرهد ، والأتبرا ، والتوسع في التعليم .. هذا من ناحية الالتجاء للقانون .. وأما القانون في ذاته فهو قانون أريد به اذلال النفوس واهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة ..
    ((قل لي بربك !! أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره ؟؟ وأي كريم يرضى أن يكون سببا في إرسال بنات جاره ، أو صديقه ، أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجبا لكم يا واضعي القانون - أمن العدل ، والقانون أن تستذلونا باسم القانون ؟؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسيها في أعماق السجون ؟؟ ))
    ((و. عتاب
    إخواننا أعضاء المجلس الاستشاري [لشمال السودان] ــ عفا الله عنكم. لماذا لم ترسلوها صرخة داوية ضد سن القانون ــ إلا أنكم استهنتم بكرامة مواطنيكم كما استهان بها واضعو القانون؟ أم رضيتم لأمتكم التشهير والتحقير ولفتياتكم ركوب عربات البوليس ولأمهاتهن وعماتهن وخالاتهن دخول المحاكم والسجون؟ مع علمكم برسوخ العادة وسلامة الطبع وتقديس العرض وتنفير القانون؟؟))
    انتهى الاقتباس من بيان الحزب الجمهوري.
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    سارت الأحداث بأن تعرض الأستاذ محمود إلى المحاكمة في يونيو 1946 وحكم عليه بالسجن لمدة عام بسبب منشورات الحزب الجمهوري وهذه الوثيقة تحكي ذلك:
    Quote: ((الرأي العام – 3/6/1946 مثل الاستاذ محمود محمد طه المهندس امس امام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الاخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لايشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات. ويودع السجن لمدة سنة اذا رفض ذلك.. ولكن الاستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه الى سجن كوبر.)) …

    لم يكمل الأستاذ محمود مدة العام في السجن فقد أفرج عنه بعد خمسين يوما كما حكى كتاب "معالم":
    Quote: "لقد كانت مواجهة الجمهوريين داخل السجن وخارجه مقلقة للاستعمار ومحطمة لكبريائه فاضطر الى اطلاق سراح الاستاذ بلا قيد ولا شرط قبل أن يكمل مدة الحكم بسجنه سنة".

    ثم جاءت حادثة امرأة رفاعة وهنا أنقل عن كتاب "معالم" لمصلحة القراء، خاصة من خاليي الذهن عن الأحداث:
    Quote: وفي سبتمبر 1946م ظهرت أول آثار القانون التي توقعها بيان الجمهوريين ، فقد اقتيدت الى السجن سيدة سودانية ، في رفاعة ، لأنها خفضت ابنتها ، مخالفة للقانون .. ولقد أهدت تلك الحادثة مواجهة عملية للقانون من الجمهوريين .. فقد ألقى الأستاذ محمود خطبة بمسجد رفاعة جاء فيها : - ((ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي ، والزوايا ، أيها الناس ، وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصّر عن الجهاد ، وهو قادر عليه ، ألبسه الله ثوب الذل ، وغضب عليه ، ولعنه . أيها الناس : من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه ، فلن ينصفه الله من عدو . ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره ، فلن ينصره الله على عدو . ألا ان منظر الظلم شنيع ، ألا ان منظر الظلم فظيع .. فمن رأى مظلوما لاينتصف من ظالمه ، ومن رأى ذليلا لاينتصر على مذلّه ، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام ، وشهامة الاسلام الى النصرة ، والمدافعة ، فليس له من الايمان ولاقلامة ظفر .))
    واستجاب الناس لهذه الخطبة ، وتحركوا من توهم ضد الاستعمار وقانونه المجحف .. ونترك تصوير الأحداث لجريدة الرأي العام التي تابعت تطوراتها :


    (( الرأي العام 21/9/46 - نشرنا قبل أيام ، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض ، لأنها خفضت بنتا ، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة .. وجاءنا اليوم تلغرافيا ، بتوقيع أهالي رفاعة ، أن السلطات عادت فسجنت المرأة ، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع ، واقتحم السجن ، وأطلقوا سراح المرأة ، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلا عنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين ، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضا ، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة ، وأخذها الى جهة غير معلومة .. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا ، ومنعت السلطات المعدية من العبور ، وأضربت المدارس ، وأغلق السوق ، وقامت مظاهرة عمومية ، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء ، وفي كل مكان))
    تعليق :- رغم منع السلطات عبور المعدية فان الجمهور عبر بقوارب الصيد ..
    ((الرأي العام الأثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر ، ومنع المعدية من العبور .. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا ، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس .. فتوجه الجمع الى المركز في مظاهرات واسعة ، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك ، فتحطم كثير من الأبواب ، والنوافذ ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين .. وعلى أثر ذلك ، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة باطلاق سراح المرأة السجينة ، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة))
    (( الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة ، والحصاحيصا ، منهم الأستاذ محمود محمد طه ، وشقيقه مختار محمد طه ، فوضعوا في سجون رفاعة ، والحصاحيصا ، ومدني .))

    أرجو أن يكون قد اتضح الآن أن موقف الحزب الجمهوري من مناهضة مشروع القانون لم يكن من أجل الدفاع عن "التقاليد البالية والمسلك البربري تجاه المرأة، وارتكاب الجريمة على طفلة!". وقد تجاوب المثقفون مع موقف الحزب الجمهوري كما يحكي كتاب "معالم" بما يلي:
    Quote: المثقفون يتجاوبون مع الجمهوريين

    لقد حركت بيانات الجمهوريين وأحداث رفاعة والخرطوم المثقفين سلبيتهم وأخذوا يستشعرون سوء هذا القانون الذي نبه اليه الجمهوريون من أول وهلة . واتخذت استجابة المثقفين شكل التعليق في الصحف .. وفيما يلي نبذة من افتتاحية جريدة الرأي العام وهي تعلق على الأحداث ، وكانت السلطات قد نقضت بواسطة المحكمة حكم السجن على امرأة رفاعة ، لانقاذ مايمكن انقاذه من هيبتها وتهدئة للخواطر الثائرة ، وقد جاء هذا النقض في الوقت الذي كانت فيه امرأة رفاعة خارج السجن في منزلها برفاعة حيث كانت السلطات قد اضطرت تحت ضغط الجماهير الثائرة لاطلاق سراحها .. ((أصبح واجبا لزاما علينا أن ننبه الحكومة ، على ضوء ماحدث أخيرا ، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون ، الى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه ، والى النكبة الأجتماعية الخطيرة التي ستتعرض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها .. ففي الحادث الأخير بدا واضحا أن الطريق التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة ، ولا تتفق مطلقا مع كرامة الحكم وهيبة القضاء ، فانتزاع المرأة من بيتها ، في غسق الليل ، وبإزار النوم ، وتهريبها الى الحصاحيصا ، لامعنى له غير اثارة الخواطر أكثر ولا يجدر بالحكومة أن تلجأ الى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ اليها رجال العصابات)) .. ((وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون ، ولكن هناك خطرا جسيما ، ولابد من التنبيه عليه ، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة ، الحرة ، لم تتعرض ، حتى الآن ، الى محنة السجن ، بحكم حياتها الاجتماعية ، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة ))
    ((وقانون الخفاض ، بوضعه الحالي ، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لايرين ان الخفاض جريمة ، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة ، والتقاليد المتبعة ومعنى هذا ، أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات .. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن ، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن ، وذويهن ، فانه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة ، يقضي على سمعتهن ، وكرامتهن قضاء مبرما .. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن ، من هذه السجون السيئة الوضع ، والرقابة ، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا ، اذن فالعقاب بالسجن ، لمثل هذا النوع من النساء ، لايعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن ، ولايردع غيرهن ، وهذا هو الغرض من سجن المجرم ، انما يعد افسادا لخلقهن ، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع .))
    هذا ماقالته الرأي العام عام 1946 .. وفي وقتنا الحاضر يعدّ الأستاذ التجاني عامر ، من المثقفين الذين كان واضحا لديهم البعد الذي نظر به الجمهوريون لمسألة قانون الخفاض ، فالاستاذ التجاني عاصر فجر الحركة الوطنية وهو بذلك شاهد عيان للأحداث ، والمواقف التي نحن بصددها . فلنستمع لتعليقه في جريدة الصحافة ، بتاريخ 16/4/75 وهو يتحدث عن تاريخ الأحزاب السودانية : (( الحزب الجمهوري .. قد يكون هذا الحزب من أقدم الأحزاب السياسية ، بحساب الزمن ، وهو أول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار ، بل بمناجزة وصدام واسمه يدل على المنهج الذي انتهجه لمصير السودان … مؤسس الحزب الجمهوري هو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركة النضال )) (( وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز منها حادث "الطهارة الفرعونية" في رفاعة ، وهو حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن )) ..



    قولك:
    Quote: لم تزل جمعية (بابكر بدري ) منذ حياة مؤسسها تُكافح ضد تلك العادة البشعة والبغيضة بانتهاج الوعي، وماذا فعل الوعي ؟ انخفضت نسبة الختان الفرعوني من 95% إلى 65% ،

    أخشى أن تكون الأمور قد اختلطت عليك، فجمعية بابكر بدري أنشئت في العام 1979. اقرأ في هذه الصفحة من فيسبوك عن فعالية تم تنظيمها في عام 2013


    Quote: ((وبدأت الحديث في الجلسة الافتتاحية للورشة دكتورة محاسن العباسي المدير التنفيذي لجمعية بابكر بدري وقالت انها جمعية طوعية تكونت في العام 1979م وتهدف الي توعية المرأة وهي تعمل عبر مكتبها التنفيذي الي نشر الثقافة وتحقيق اهدافها وهي جغرافيا تغطي جميع انحاء السودان أما عن الاسباب التي أدت الي قيامهم بهذه الورشة قالت د. محاسن ان الجمعية هدفت الي رفع وعي الاعلاميين حول مخاطر ختان الإناث، دمج الاعلاميين في قضايا ختان الإناث مع مطالبتهم بمحاربته.))

    إذن لم تكن توجد في ذلك الزمان ــ 1945ـــ ، ولا حتى بعده بعشرات السنين، جمعية تعمل على توعية النساء والرجال بمخاطر وسوء عادة الخفاض الفرعوني.
    الجدير بالذكر أن الجمهوريين كتبوا في كتاب "معالم على طريق تطور الفكرة الجمهوريين خلال ثلاثين عاما" وذلك في العام 1976 ما يلي:
    Quote: عادة الخفاض لماّ تبطل

    وبعد ، فان عادة الخفاض الفرعوني لاتزال تمارس رغم وجود القانون ، ورغم سوء هذه العادة البالغ ، وذلك لسببين أولا : لم تتفق التوعية الكافية للشعب عن قبح هذه العادة ومضارها .. ثانيا : مثل هذه العادة الحساسة المتأصلة ، في مجتمع مثل مجتمعنا ، لايقتلعها القانون وحده ، وماينبغي له أن يقتلعها .. وانما الذي يقتلعها نهائيا هو التربية والتوعية الشعبية..


    مع خالص المودة

    ياسر الشريف

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-29-2020, 04:35 PM)

                  

01-29-2020, 10:18 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)

    الأكرم د. ياسر الشريف
    تحية لك،
    قرأت ردك ، وعجبت أكثر من ردود صحيفة الرأي العام أو التجاني عامر، إذ الجميع يدافعون عن عادة بشعة، بل ويدافعون عن شرف المرأة مجرمة وهي تمارس تلك العملية البربرية ، ويتخوفون من سمعة المرأة التي يمرغ شرفها السجن حسب نظرهم ، أكثر من ممارسة تلك العادة البشعة!!!.
    لم تكذب أنت ما نقلنا عن الجمهوريين ، وقلت أننا نتحدث عن جمعية بابكر بدري، رغم أننا لم نذكر تاريخها ، لأن ذلك لا يهم ، والأهم هو الدفاع عن الباطل كأنه حق . إن القانون الذي صدر حتى لو كان من المستعمر فهو حق ، والواجب الدفاع عنه ، لا الوقوف ضده.
    *
    إن تكرار مجالس الصلح في الحروب بين القبائل غرب السودان ، حتى اليوم ، سببه أن من يدفعون الديّات هم أعضاء القبيلة ، بينما يخرج القتلة الحقيقيون من جرائمهم كالشعرة من قدر العجين. والوقوف ضد القانون، تماما كما حدث عام 1946، أشياء يندي لها الجبين.


                  

01-30-2020, 09:47 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    الأكرم الأستاذ عبد الله الشقليني
    تحية طيبة
    وشكرا لك. وفي البداية أحب أن أذكِّر بأن السيدة التي تعرضت للسجن كانت هي أم الطفلة المختونة وكانت أرملة.
    تقول:
    Quote: قرأت ردك ، وعجبت أكثر من ردود صحيفة الرأي العام أو التجاني عامر، إذ الجميع يدافعون عن عادة بشعة، بل ويدافعون عن شرف المرأة مجرمة وهي تمارس تلك العملية البربرية ، ويتخوفون من سمعة المرأة التي يمرغ شرفها السجن حسب نظرهم ، أكثر من ممارسة تلك العادة البشعة!!!.

    أين هو الدفاع عن العادة البشعة فيما جاء في افتتاحية الرأي العام؟ واسمح لي بتكرار هذه الفقرة تحديدا :
    وقانون الخفاض ، بوضعه الحالي ، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لايرين ان الخفاض جريمة ، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة ، والتقاليد المتبعة ومعنى هذا ، أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات .. ويقينا أن إلقاء هؤلاء في السجن ، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن ، وذويهن ، فإنه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة ، يقضي على سمعتهن ، وكرامتهن قضاء مبرما ..
    وأين دفاع التيجاني عامر عن عادة الخفاض في قوله ذاك؟ هو قال (( وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز منها حادث "الطهارة الفرعونية" في رفاعة ، وهو حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن )). إذن هو لم يدافع عن عادة الخفاض وإنما ذكر فضل الأستاذ محمود في خصوماته الإيجابية مع المستعمر، والتي لم تكن دفاعا عن عادة الخفاض الفرعوني بحسب العبارة التي جاءت واضحة وضوح الشمس في البيان في قوله: "لانريد بكتابنا هذا ، أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني" وإنما دفاعا عن كرامة المرأة السودانية، في وجه قانون أعمى وجائر من سلطة لم يكن من دأبها الاهتمام بتعليم المرأة وتوعيتها، ولكنها تريد إذلال السودانيين كما جاء في المقتطفات المطولة التي بذلتها في مداخلتي السابقة.
    قولك:
    Quote: لم تكذب أنت ما نقلنا عن الجمهوريين ، وقلت أننا نتحدث عن جمعية بابكر بدري، رغم أننا لم نذكر تاريخها ، لأن ذلك لا يهم ، والأهم هو الدفاع عن الباطل كأنه حق .

    بالعكس، التاريخ مهم، فأنت قلت "لم تزل جمعية (بابكر بدري ) منذ حياة مؤسسها تُكافح ضد تلك العادة البشعة والبغيضة بانتهاج الوعي". إذن أنت تحدثت عن وقت محدد بحياة الشيخ بابكر بدري. إذن نفهم من ذلك أن الجمعية ظلت تكافح ضد تلك العادة البشعة منذ ما قبل عام 1954، وهو تاريخ وفاة الشيخ بابكر بدري. وهذا غير الحق، فالجمعية أنشئت عام 1979، فكيف يمكن لها أن تكافح ضد عادة الخفاض في الأربعينيات والخميسنيات؟ أهمية هذا الموضوع هي أنه يؤكد خلو الساحة من أي مجهود، أهلي أو حكومي، في التوعية والتنوير بمضار الخفاض الفرعوني.
    فهل يعقل أن تسن الإدارة الاستعمارية قانونا يجرِّم عادة اجتماعية ضاربة الجذور في المجتمع، ويعاقب عليها بتلك الصرامة والتشدد؟ أليس هذا هو الباطل بعينه؟
    Quote: إن القانون الذي صدر حتى لو كان من المستعمر فهو حق ، والواجب الدفاع عنه ، لا الوقوف ضده.

    يكون القانون حقاً إذا كان القصد من ورائه حقا كالإشفاق بالمرأة السودانية وإبغائها الخير وتجنيبها الشر.. ولذلك جاء تسبيب الحزب الجمهوري لموقفه ضد قانون الخفاض بما ذكرته لك ولم تتناوله بالتعليق ولذلك أكرره هنا:

    Quote:
    (( أ. أساليب عتيقة
    لانريد بكتابنا هذا ، أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ، ولانريد أن نتعرّض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السوان ، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الي يومنا هذا – ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة ، وأساليب خاصة ، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان ، أوقل ، ابتدعتها ابتداعا وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها ارغاما))
    ((من الآيات الدالّة على سوء القصد ، في هذه الأساليب ، إثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف .. وأساليب الدعاية التي طرقتها له ، والطرق التي ارتأتها مناسبة لابطاله ، والقضاء عليه ، ولقد جاءت هذه الآيات دليلا واضحا على التضليل المقرون بسبق الاصرار ولهذا رأينا من المناسب أن نناقش مثل هذه الأساليب بطريقة خالية من المداجاة والمراوغة وفي غير تعنت بتطلع المواطنين على مكامن الضعف فيها ومغافره علهم يدركون فداحة الخطر المترتب على النظر للأشياء من وجه واحد واستساغة الدسم الممزوج بالسموم فيسارعون إلى الحمية ويعتصمون بحبل الشجاعة الأدبية في إبداء الرأي الصريح.))

    ((ب. لماذا أثيرت مسألة الخفاض الفرعوني
    للسائل أن يسأل لماذا أثارت الحكومة مسألة الخفاض الفرعوني؟ وله أن يسأل لماذا أثيرت في هذا الوقت بالذات ــ وله أن يسأل أيضاً لماذا أثيرت في البرلمان الإنجليزي ــ ولماذا تبودلت الرسائل في شأنها مع [كلمة غير واضحة في المصدر]ــ ولماذا لجأت الحكومة إلى القانون لإبطالها ولماذا كانت هذه الصرامة في القانون؟ نعم للسائل أن يسأل هذه الأسئلة وله أن يقتنع بأي رد يقال له إذا كان على جانب من البساطة والسذاجة وضيق الأفق ولكن الذين علمتهم التجارب أن يستشفوا الحقائق الكافية وراء كل حركة تقوم بها حكومة السودان لن يجدوا ما يبرر قبولهم للرد القائل بأن المسألة قد أثيرت إشفاقاً بالمرأة لأنهم لا يجدون لمثل هذا الإشفاق في مدى الخمسين عاماً التي مكثتها حكومة السودان وتقصيرها ظاهر ملموس في ناحية المرأة التعليمية والاجتماعية والصحية.))
    ((ج. لم تثر المسألة إشفاقا بالمرأة
    أما من الناحية التعليمية فالحكومة تجاهلتها وأسقطتها من حسابها ردحاً من الزمان ولم تتبرع في تعليمها إلا مؤخراً ولأنها لما بدأت تعليمها ضيعته لدرجة مخجلة مزرية وحصرته في التعليم الأولي وفي معهد واحد آخر يرتفع قليلاً في مستواه على مستوى المدارس الأولية إضطرت لإنشائه للحصول على حفنة من المعلمات ليقمن بمهمة التدريس في تلك المدارس))
    ((وأما من الناحية الصحية فلأنها لم توفر طبيباً سودانياً واحدا من أطبائها المتخصصين في أمراض النساء وعلى كثرتها ــ ولم تلتفت أقل التفات وعدم اهتمام الحكومة بناحية التعليم والصحة هو ما يدعو الحذر للجزم بأن المسأل لم تثر إشفاقاً بالمرأة.))
    ((هـ. قانون عجيب
    لا شك في أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون ، للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان إما أن يكون قد رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ ، أو عقيدة ، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون ، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ، هو نفس التعنّت الذي وقف في سبيلنا ، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والاستفادة من مياه الدندر ، والرهد ، والأتبرا ، والتوسع في التعليم .. هذا من ناحية الالتجاء للقانون .. وأما القانون في ذاته فهو قانون أريد به إذلال النفوس واهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة ..
    ((قل لي بربك !! أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره ؟؟ وأي كريم يرضى أن يكون سببا في إرسال بنات جاره ، أو صديقه ، أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجبا لكم يا واضعي القانون - أمن العدل ، والقانون أن تستذلونا باسم القانون ؟؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسيها في أعماق السجون ؟؟ ))
    ((و. عتاب
    إخواننا أعضاء المجلس الاستشاري [لشمال السودان] ــ عفا الله عنكم. لماذا لم ترسلوها صرخة داوية ضد سن القانون ــ إلا أنكم استهنتم بكرامة مواطنيكم كما استهان بها واضعو القانون؟ أم رضيتم لأمتكم التشهير والتحقير ولفتياتكم ركوب عربات البوليس ولأمهاتهن وعماتهن وخالاتهن دخول المحاكم والسجون؟ مع علمكم برسوخ العادة وسلامة الطبع وتقديس العرض وتنفير القانون؟؟))

    والآن سؤالي المباشر لك هو: هل ترى أن الإدارة الاستعمارية كان يهمها أمر المرأة السودانية وأن القصد من القانون والعقوبة الصارمة هو الإشفاق عليها وتجنيبها الشر وإبغائها الخير؟

    مع خالص المودة
    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-30-2020, 10:11 AM)

                  

01-30-2020, 03:48 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)

    لأكرم : دكتور ياسر

    تحياتي الطيبة لك

    نعيد إليكم النص كما نقلناه من مدونة الفكرة:




    جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين!!

    لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
    (( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
    هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا ..أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!

    https://www.alfikra.org/chapter_view_a.php؟book_id=93andchapter_id=16https://www.alfikra.org/chapter_view_a.php؟book_id=93andchapter_id=16


    *

                  

01-31-2020, 04:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    الأكرم الأستاذ عبد الله الشقليني

    تحية طيبة وشكرا لك

    Quote: نعيد إليكم النص كما نقلناه من مدونة الفكرة:




    جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين!!

    لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
    (( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
    هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا ..أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!


    هذا النص حجة في صالح موقف الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، فهو يعتب على الدكتور سعيد قوله:
    Quote: (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))

    ثم يعلق على ذلك الموقف بقوله:
    Quote: أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه ..


                  

01-31-2020, 08:55 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)

    الأكرم : دكتور ياسر الشريف
    تحياتي

    إن الناس يحيون في الخرافة ولكنهم لا يحيون بها، فالخرافة قد تحرك حياتهم دون أن توجدها، هي تهز ولكن لا تخلق . فالحقيقة هي وحدها التي تتحول إلى حقيقة، أما الكذب فإنه يظل دائما كذبا!. حتما إن النقاش مفيد ، ومن فوائده أنه ينور من يقرأون.

    من المأمول به أن العامة لا يقودهم إلا الجهل، فهم يربتون على كتف العادات، ولا يريدون تغييرها. فالعامة لا تريد أن تشغل عقولها بالتفكير، لذا نهضوا ضد قانون الختان للإناث، الذي شرّعه الإنجليز، حبا في بقاء التقاليد والعادات، لا يهمهم الضرر البشع الذي يصيب الطفلات، بل يهمه ثبات العادات البالية، ولا يهمه مقامة المستعمرين.
    ننقل من المقتطف:




    {أي ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد}
    {وقانون الخفاض ، بوضعه الحالي ، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لايرين ان الخفاض جريمة ، بحكم ما يسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة ، والتقاليد المتبعة ومعنى هذا ، أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات .. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن ، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن ، وذويهن ، فانه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة ، يقضي على سمعتهن ، وكرامتهن قضاء مبرما .. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن ، من هذه السجون السيئة الوضع ، والرقابة ، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا ، اذن فالعقاب بالسجن ، لمثل هذا النوع من النساء ، لا يعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن ، ولايردع غيرهن ، وهذا هو الغرض من سجن المجرم ، انما يعد افسادا لخلقهن ، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع }



    يقول دكتور ياسر في ختام مداخلته:



    { هل ترى أن الإدارة الاستعمارية كان يهمها أمر المرأة السودانية وأن القصد من القانون والعقوبة الصارمة هو الإشفاق عليها وتجنيبها الشر وإبقائها الخير؟}
    **


    ستخدمون كلمات : الحفاظ على المرأة ، حصانتهن، كرامتهن، إن سجنهن إفساد لعقولهن ، إن السجن الذي تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا!!. لم نعهد من مسلك العامة إلا الجهل والتخلف، في كل انتفاضاتهم أو ثوراتهم.
    إن الأستاذ محمود، قد درس في كلية غردون. لم يكتف بدراسة الخلوة القرآنية، كما كان متبعا في الماضي، وقد كان هو النهج الذي نظره الخليفة عبدالله ودولته. بل لم يتبع نهج العامة ولم يكفي ( بمدرسة المبشر)، بل خرج على مسلك العامة، في كل شيء، بل هجر العقيدة في تأويلها المتقدم إلى الإسلام في رسالته الثانية.
    نحن ننفي القداسة عن الأستاذ فقط، بل نقر أنه شخصية مفكرة وعظيمة، وقد طوّر تأويله النظر في صُلب العقيدة، ومهر نضاله بدمه، ولكن مشاركته في انتفاضة أو ثورة رفاعة ، هو انضمام لعُصبة التخلف، ولن يشفع له أي تبرير. فتلك هي النقطة السوداء التي لن تتجمّل قباحتها حتى لو بذلنا لها وسائل التجميل العصرية.
    *
                  

01-31-2020, 10:58 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    تسلم يا أستاذ عبد الله الشقليني

    كان هذا سؤالي لك:
    Quote: هل ترى أن الإدارة الاستعمارية كان يهمها أمر المرأة السودانية وأن القصد من القانون والعقوبة الصارمة هو الإشفاق عليها وتجنيبها الشر وإبغائها الخير؟


    وكانت هذه هي إجابتك:


    Quote: ستخدمون كلمات : الحفاظ على المرأة ، حصانتهن، كرامتهن، إن سجنهن إفساد لعقولهن ، إن السجن الذي تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا!!. لم نعهد من مسلك العامة إلا الجهل والتخلف، في كل انتفاضاتهم أو ثوراتهم.

    للأسف ما كتبته هنا ليس في إجابة على السؤال.
    أما قولك:
    Quote: إن الأستاذ محمود، قد درس في كلية غردون. لم يكتف بدراسة الخلوة القرآنية، كما كان متبعا في الماضي، وقد كان هو النهج الذي نظره الخليفة عبدالله ودولته. بل لم يتبع نهج العامة ولم يكفي ( بمدرسة المبشر)، بل خرج على مسلك العامة، في كل شيء، بل هجر العقيدة في تأويلها المتقدم إلى الإسلام في رسالته الثانية.
    نحن ننفي القداسة عن الأستاذ فقط، بل نقر أنه شخصية مفكرة وعظيمة، وقد طوّر تأويله النظر في صُلب العقيدة، ومهر نضاله بدمه، ولكن مشاركته في انتفاضة أو ثورة رفاعة ، هو انضمام لعُصبة التخلف، ولن يشفع له أي تبرير. فتلك هي النقطة السوداء التي لن تتجمّل قباحتها حتى لو بذلنا لها وسائل التجميل العصرية.
    *

    الحزب الجمهوري انتقد مشروع قانون منع الخفاض الفرعوني قبل 9 أشهر من وقوع حادثة الأم الأرملة الشابة، التي ربما لم تكن قد سمعت بذلك القانون، ولكنها قامت بختن طفلتها كما تفعل كل النساء في محيطها وفي مجتمعها، فكان مصيرها هو العقاب بالسجن. تسامع الناس بمجيء الأستاذ محمود إلى رفاعة لمناسبة عزاء فاتصلوا به، لمعرفتهم بموقفه الرافض لقانون منع الخفاض، فوعدهم بالتدخل، وقام خطيبا في الناس في اليوم التالي وكان يوم جمعة، فقاد الناس إلى التعبير عن احتجاجهم على سجن المرأة المسكينة، بتلك الثورة العارمة، التي دفع في نهاية الأمر ثمنها بحريته لأنه حُكم عليه بسنتين سجنا، ولكن السلطة رضخت لمطلب الثوار بإطلاق سراح المرأة.
    فهل كان قصد الإدارة الاستعمارية هو خير المرأة السودانية بذلك القانون الجائر؟ وهل كان الأستاذ محمود مجرد منضم "لعُصبة التخلف" أم أنه، بالرغم من عدم تأييده لعادة الخفاض الفرعوني، كان همه الأول أن ينتصر لامرأة تعرضت لحيف وظلم السلطة الاستعمارية بتعريضها للسجن. ضع نفسك مكان أي سوداني عادي من مدينة رفاعة وقد سمعت بحادث سجن المرأة الأرملة ماذا كان سيكون موقفك حيالها؟ هل كنت ستقول للناس "المرأة تستاهل السجن لأنها خالفت القانون"؟ بل هل كنت تعرف وقتها عن الخفاض الفرعوني سوى أنه عادة متأصلة ومتجذرة ولا غبار عليه البتة؟

    بالمناسبة، السلطة الاستعمارية تعلمت من الدرس ولم يحدث توقيع عقوبة السجن على سيدة سودانية بعد ذلك. وسارت الحياة سيرها الطبيعي إلى أن بدأت حملات التوعية بمضار تلك العادة السيئة، ولكنها لا تزال تمارس بسبب تجذر العادة وبسبب ضعف التوعية وعدم كفايتها. يمكن الاستعانة بالقانون لمعاقبة الكوادر الطبية التي تمارس عملية الخفاض الفرعوني كالقابلات وأطباء النساء والتوليد، وأعتقد أن ذلك يسهم في الحد منها وإزالتها.


    تاريخ فيديو قناة الحرة قبل 5 سنوات
    ـــــــــ

    تاريخ الفيديو نوفمبر 2018
    ــــــــــــــ

    تاريخ الفيديو مارس 2018.
                  

01-31-2020, 10:26 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)

    الأكرم : دكتور ياسر الشريف.
    تحية واحتراما

    لم تكن مداخلتك إضافة ، ويمكنك قراءة المرفقات التي كتبناها وترجم بعضها بروفيسور الهاشمي.

    { الثوار والدعاة والقادة والفنانون والمفكرون، قوم من المرضى والمتعبين، يعالجون آلامهم بتطبيب الآخرين}

    قاوم المربي بابكر بدري ظاهرة ختان الإناث قبل حوادث 1946 بسنين عددا،
    رغم أنه حارب في المعركة الخاسرة في توشكي وكرري . ولكنه اشتغل في تعليم المرأة في رفاعة منذ أول القرن العشرين.
    وعندما نقارنه بالأستاذ ، نجد أن الأستاذ قد نال في مدراس المستعمر أكثر مما ناله بابكر بدري. فماذا فعل عندما علم بحوادث رفاعة ،
    انتمى لرأي العامة ومنخفضي الوعي ، وصار ضاربا لطبولهم التقليدية ، بل صار منهم . لم يستخدم نظرته كمفكر مستنير ،
    بل رضخ للرأي المتخلف التقليدي ، وها أنت تدافع عنه!!

    وأنا أعجب من دفاعكم المستميت عن فكرة بشعة ، أدخل فيها الأستاذ نفسه، وتحول لمدافع عن الجريمة البشعة ،
    في موقف لن يبرره بمقاومة المستعمر، فإن كان القانون تقيأه المستعمر ، فمرحبا بالقانون ومرحبا بمسلك البريطانيين ،
    وكان القانون وتطبيقه على الأقل قد محى تلك العادة المتوحشة البربرية للأبد.

    *
                  

02-02-2020, 06:05 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    الأكرم الأستاذ عبد الله الشقليني
    تحية طيبة وشكرا لك
    Quote:
    لم تكن مداخلتك إضافة ، ويمكنك قراءة المرفقات التي كتبناها وترجم بعضها بروفيسور الهاشمي.

    نعم قرأت المرفقات، وطبعا أنا على معرفة تامة بالمسألة بحكم تعليمي الطبي وعملي كطبيب.

    Quote: قاوم المربي بابكر بدري ظاهرة ختان الإناث قبل حوادث 1946 بسنين عددا،
    رغم أنه حارب في المعركة الخاسرة في توشكي وكرري . ولكنه اشتغل في تعليم المرأة في رفاعة منذ أول القرن العشرين.

    أكون ممنونا لك لو أوردت لي الأدلة على مقاومة الشيخ بابكر بدري لـ "ظاهرة ختان الإناث قبل حوادث 1946 بسنين عددا".

    Quote: وعندما نقارنه بالأستاذ ، نجد أن الأستاذ قد نال في مدراس المستعمر أكثر مما ناله بابكر بدري. فماذا فعل عندما علم بحوادث رفاعة ،
    انتمى لرأي العامة ومنخفضي الوعي ، وصار ضاربا لطبولهم التقليدية ، بل صار منهم . لم يستخدم نظرته كمفكر مستنير ،
    بل رضخ للرأي المتخلف التقليدي ، وها أنت تدافع عنه!!

    نحن في معرض الموقف من قانون منع الخفاض الفرعوني والمعاقبة على ممارسته بصورة صارمة كما حدث في حادث امرأة رفاعة. إذن المقارنة يجب أن تكون في الموقف من القانون والعقوبة. فهل لديك ما يدل على أن الشيخ بابكر بدري قام بتأييد ذلك القانون؟؟
    Quote: وأنا أعجب من دفاعكم المستميت عن فكرة بشعة ، أدخل فيها الأستاذ نفسه، وتحول لمدافع عن الجريمة البشعة ،
    في موقف لن يبرره بمقاومة المستعمر، فإن كان القانون تقيأه المستعمر ، فمرحبا بالقانون ومرحبا بمسلك البريطانيين ،
    وكان القانون وتطبيقه على الأقل قد محى تلك العادة المتوحشة البربرية للأبد.

    أنا الذي أتعجب من عدم مقدرتك على رؤية أن الأستاذ لم يتحول "لمدافع عن الجريمة البشعة" وإنما هبَّ لنصرة المرأة المظلومة التي لم تكن تعرف لماذا تعاقب على ممارسة عادة اجتماعية تعتبر اعتيادية في المجتمع آنذاك. وكان بيان الحزب الجمهوري واضحا في أنه لا يدافع عن عادة الخفاض الفرعوني. لا أفهم كيف تتتجاهل هذه الحقيقة وكأنها لم تكتب في البيان.

    ياسر
                  

02-02-2020, 06:28 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)

    وجدت هذا المقال منشورا في صحيفة البيان الإماراتية بتاريخ 2002 ولم يتضح لي اسم كاتب المقال. على كل حال أرجو أن يكون مفيدا.

    ــــــــــــــ
    حقوق الانسان وتنمية المرأة في مواجهة الختان الفرعوني بالسودان
    التاريخ: 12 سبتمبر 2002

    عادت قضية الختان الى الواجهة بعد ان اثارت جهات اسلامية بقوة شرعيتها وضرورتها مناوئة للجهود التي بذلت وتبذل للقضاء عليها. وتبنى الداعون لها من منظمات وجمعيات من بينهم منتسبون لجامعة ام درمان الاسلامية ختان الاناث باعتباره من السنة بينما عدته منظمات عديدة ناشطة في المجتمع المدني هجوما جديدا على الجهود الكبيرة والمسار التاريخي لمناهضته في السودان. ورأت هذه المنظمات الناشطة ان ختان الاناث ممارسة ضارة صحيا ونفسيا واجتماعيا ولا أصل لها في الدين وان كانت من العادات التي وجدت حظا من الانتشار. وقد أدى هذا التهديد الجديد بإعادة الاعتبار لممارسة ختان الاناث الى نشاط محموم بين منظمات المجتمع المدني وحملات اعلامية وميدانية مكثفة افضت الى تكوين شبكة من المنظمات تحمل اسم الشبكة السودانية للقضاء على عادة ختان الاناث وقد عقدت الاخيرة ورشة موسعة نهاية الاسبوع الماضي ناقشت الاثار الطبية والصحية والمخاطر النفسية لختان الاناث كما تناولت الجوانب الدينية والاجتماعية وأنواع ختان الاناث وممارساته في السودان، واشكال الخفاض الفرعوني وما يطلق عليه مجازاً وخطأ ـ حسب الورشة ـ الخفاض السني ومدى انتشار او انحسار هذه الظاهرة والدواعي والاسباب والاعتقادات الكامنة خلفها وكيفية ممارستها والوضع القانوني للختان في المواثيق الدولية والقانون السوداني والاحزمة التي تنتشر فيها هذه الممارسة في العالم. وقد لاحظت ورقة ختان الاناث واثاره على تنمية المرأة التي قدمتها د. آمنة عبدالرحمن حسن عن جمعية محاربة العادات الضارة، لاحظت ان التوزيع الجغرافي لخفاض الاناث في العالم ينحصر في منطقة وادي النيل وعلى طول الحزام الافريقي جنوب الصحراء مما يشمل مصر والسودان واثيوبيا والصومال وجيبوتي وشرق افريقيا وغرب افريقيا الفرانكفونية الى أواسط افريقيا ودول الساحل والاجزاء الشرقية من الجنوب الافريقي وبعض المناطق في السواحل الجنوبية للجزيرة العربية ومناطق محدودة في ارخبيل اندونيسيا وبعض المجموعات المهاجرة في أوروبا والقارة الاميركية الشمالية فيما يخلو بقية العالم من هذه الممارسة. واعترفت الورقة بان ختان الاناث في السودان يعد ظاهرة قومية اجتماعية حساسة ذات موروث ثقافي ولها دلائل طبية ووجهات نظر فقهية متضاربة ومؤشرات اقتصادية تتداخل فيها متغيرات ومضامين عديدة يصبح من الصعوبة فصلها عن بعضها وتتفاعل جميعها وفق منظومة تنعكس على سلوك جماعي معقد لا يمكن القضاء عليها في وقت وجيز. ورصدت الورقة الاسباب الداعية الى ختان الاناث وذكرت منها حجة الحفاظ على البكارة وحماية الفتاة من الانحلال الاخلاقي، وتقليل الحاجة الجنسية لدى المرأة، والحفاظ على النظافة والطهارة، وتحسين الاداء لاستمتاع الزوج وتصعيد الخصوبة، والاعتقاد السائد بان الختان يقي المولود من التعرض لحدوث جروح قد تؤدي الى وفاته بالاضافة الى حسبان البعض بان خفاض الانثى من موجبات الدين ثم عودة الممارسة الى طقوس قديمة تتعلق بآلهة الخصوبة علاوة على رد هذه العادة للاثر الفرعوني. ومن الخلفية التاريخية اشارت الورقة الى الختان الروماني ونظرية حزام العفة السائدة في العصور الوسطى ووجود مومياءات لمصريات مختونات في مصر، ووجود ممارسة الختان في شواطيء البحر الأحمر منذ عام 24 ق. م. وتوغل ممارسة الختان في شواطيء البحر الاحمر منذ سنة 24 ق. م وتوغلها في عهد الفراعنة «750 ق.م» وعند النوبيين جنوب مصر، ودراسات الرحالة الالمان التي اوضحت ممارسة الختان في الشرق الاوسط والأدنى، ودخول الختان السودان عبر البوابة الشمالية ودخول الختان مصر عن طريق السودان والنوبيين ودخوله الى اثيوبيا قبل مرحلة الديانة الكاثوليكية وانتقال الممارسة الى دول غرب افريقيا بواسطة المبشرين الاسلاميين السودانيين، واجراء بعض الاطباء الانجليز عام 1866م الختان كعلاج للاضطرابات العاطفية وفي اميركا عام 1890م حيث توقفت مثل هذه العمليات نهائياً في الولايات المتحدة عام 1937م. وفي التاريخ السوداني ذكرت طبقات ود ضيف الله المخطوطة الشهيرة مناوئة الشيخ محمد ود ام مريوم للختان الفرعوني «1646 ـ 1733»، وفي عام 1924 كانت هناك تقارير عن البعثة البريطانية بالسودان بمنع الختان وتصدى لها بعض السودانيين بحجة التدخل في معتقدات الوطنيين وتحفظ دار الوثائق المركزية في الخرطوم تقارير لاطباء سودانيين حول مخاطر الختان وذلك في عام 1930، ثم قانون منع الختان الفرعوني لعام 1946م. وبعدها توالت الدراسات والبحوث التي اسهم فيها د. ابو الفتوح شاندول «1967م» الدكتور طه بعشر «1977م» جامعة الخرطوم ومنظمة الصحة العالمية «1979م» جامعة الاحفاد «1981م» وما بعدها، د. حاق [الصحيح حامد] رشوان واخرون عام «1982م» د. اسماء الضرير «1983م»، جمعية بابكر بدري «1979م» وما بعدها، جمعية النساء. ونجد ان اول قانون اعتبر الختان الفرعوني جريمة يعاقب عليها القانون صدر كتعديل لقانون الجنايات لعام 1925م وذلك في عام 1946م وقد شملت العقوبة انذاك السجن او الغرامة او الاثنين معا غير ان هذا القانون بالرغم من سريانه لم يطبق على الاطلاق. في تعديل قانون الجنايات لعام 1974م ادخل القانون تحت اسم جديد «الختان غير القانوني» واعتبر هذا القانون الختان الفرعوني وغيره من انواع الختان جريمة يعاقب عليها بالسجن او الغرامة او العقوبتين معا ولكن القانون استثنى ختان ازالة الجزء المتدلي من رأس البظر كجريمة. وفي تعديل عام 1983م اسقط القانون تماما اما في تعديل عام 1991م فلم يذكر اي قانون يتطرق لاي نوع من انواع الختان. وفي المحور الديني لابطال عادة ختان الاناث يخلص الشيخ علي هاشم السراج الى ان الختان عادة من الموروثات القديمة والعادات التي تفشت في السودان والقرن الافريقي وحوض النيل على وجه الخصوص وانها عادة وحشية بربرية تنتهك قيمة الانثى وكرامتها وان الختان الفرعوني محرم باجماع العلماء سلفاً وخلفاً وان الرؤى التي تجعل ختان الاناث من السنة غير صحيحة، واستشهد على ذلك بفتاوى لمفتي الديار السودانية الاسبق احمد الطاهر والمفتي الاسبق حيدر بن عبد الحي وشيخ الازهر محمد سيد طنطاوي ود. محمود شلتوت شيخ الازهر الاسبق وفتوى الشيخ محمد عرفة والشيخ عبدالغفار مستشار الفقه الاسلامي بمكة المكرمة خلال مؤتمر السكان بالقاهرة 1994م حيث اعلن اننا لا نعرف عادة ختان الاناث بمكة وان الرسول الكريم لم يقم بختن بناته والى يومنا هذا مفادة الختان غير معروفة في مكة.. ويضيف الشيخ السراج ثبت انه ليس في ختان الاناث سنة تتبع تشريعاً ولو في باب المستحبات وفضائل الاعمال.
                  

02-02-2020, 11:46 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)




    نعيد إليكم النص كما نقلناه من مدونة الفكرة:
    جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين!!

    لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
    (( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
    هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا ..أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!



    يقول دكتور ياسر عن النص أعلاه:



    {هذا النص حجة في صالح موقف الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، فهو يعتب على الدكتور سعيد قوله.....}




    فنضطر إلى اقتطاع المقطع مكررا:


    {ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه }.



    لماذا يدعو الأستاذ محمود للإفراج عن المرأة إن لم يكن ضد قانون اعتقالها؟
    لماذا هاجم الجمهوريون دكتور سعيد المهدي الذي أعلن تخلف الحركة ضد القانون الإنجليزي؟
    الموضوع واضح وضوح الشمس ، إذ الخلط بين الاثنين لا يقف في مشروع العدالة ضد حقوق طفلة ،
    والوعي يدعونا للوقوف ضد معارضة القانون البريطاني .
    وما معنى النضال ضد المستعمر إن كان الأستاذ محمود ينتصر لإلغاء قانون يهدف لبتر العادة الوحشية؟!!

    عزيزي دكتور ياسر
    دع الوعي لدى القراء يفصل في الموضوع ، وليس هناك من داع لنصرة الموقف الخطأ.
    *

    *

                  

02-03-2020, 01:06 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48777

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: نعيد إليكم النص كما نقلناه من مدونة الفكرة:
    جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين!!

    لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
    (( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
    هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا ..أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!
    يقول دكتور ياسر عن النص أعلاه:



    {هذا النص حجة في صالح موقف الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، فهو يعتب على الدكتور سعيد قوله.....}




    فنضطر إلى اقتطاع المقطع مكررا:


    {ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه }.



    لماذا يدعو الأستاذ محمود للإفراج عن المرأة إن لم يكن ضد قانون اعتقالها؟
    لماذا هاجم الجمهوريون دكتور سعيد المهدي الذي أعلن تخلف الحركة ضد القانون الإنجليزي؟
    الموضوع واضح وضوح الشمس ، إذ الخلط بين الاثنين لا يقف في مشروع العدالة ضد حقوق طفلة ،
    والوعي يدعونا للوقوف ضد معارضة القانون البريطاني .
    وما معنى النضال ضد المستعمر إن كان الأستاذ محمود ينتصر لإلغاء قانون يهدف لبتر العادة الوحشية؟!!

    عزيزي دكتور ياسر
    دع الوعي لدى القراء يفصل في الموضوع ، وليس هناك من داع لنصرة الموقف الخطأ.


    سلام يا عزيزي الأستاذ عبد الله الشقليني
    نعم، أعتقد أن القارئ بإمكانه أن يكون رأيه وحكمه على ضوء ما تقدم به كل واحد منا.

    ولكن أنتظر ما طلبته منك في المداخلة الأخيرة وهي بسط أدلتك على قولك التالي: "قاوم المربي بابكر بدري ظاهرة ختان الإناث قبل حوادث 1946 بسنين عددا،"
    وشكرا لك
    ياسر
                  

02-03-2020, 05:02 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: Yasir Elsharif)




















































    ثورة رفاعة المزعومة عام 1946: تلفيق الفكر القومي ورمي النخبة للمرأة تحت البص .. بقلم: محمد عبد الخالق
    03 شباط/فبراير 2020

    الاحتفال بذكري استشهاد الاستاذ محمود محمد طه مستحق فهو شهيد حرية الرأي والفكر في السودان ورمزيته لا تحدها حدود في نظر الاجيال الحالية وربما تتسع رمزيته لتحضنها الاجيال القادمة إن قُدر تحول الحقوق والحريات لعقيدة راسخة بين شعوب السودان. ولكن اصباغ القدسية على كل مواقفه ورفعها فوق مصاف النقد ، خاصة فيما عرف بثورة رفاعة لالغاء قانون الخفاض الفرعوني عام 1946 ، بل وخلق التبريرات لها ونسج الاوهام حولها أمر لا يليق. الاستاذ محمود زعيم ديني وروحي لكنه رجل سياسة في المقام الاول والسياسة تحتمل الصواب والخطأ، والسياسي عرضة للنقد.
    هذا المقال يدعو للحوار والتأمل ويرفض تحويل اقوال وافعال الاستاذ الشهيد محمود الى افعال واقوال قدسية لا تقبل النقد. إن سيل التنظير التبريري الذي مارسه بعض تلاميذ الاستاذ النابهين ومنهم الدكتور المحترم عبد الله الفكي البشير، الذي نحمد له كثيرا جمع تراث الاستاذ محمود والتعريف به، وبعض الاكاديمين امثال الدكتور عبد الله علي ابراهيم والدكتور حسن موسي، مع التقدير المخلص لمساهمة كل منهما في نقد ميراثنا الفكري والسياسي، سيلحق اكبر الضرر ليس فقط بفكر الاستاذ محمود، بل بالخطاب النقدي تجاه كافة القضايا السودانية. حين تتواضع عقول نيرة للزود على موقف خاطىء برهق تبريري لا يخرج من حيز الخطاب القومي الذكوري الهتافي فعلى كل مثقف أن يتحسس رأسه.
    ما سمي بثورة رفاعة فشل كبير في اختيار هدف سياسي لمقاومة الاستعمار، وكبوة للفكر الجمهوري. هذه سياسة خطأ والحركات السياسية والاجتماعية ترتكب الاخطاء في تاكتيكاتها احيانا وليس هنالك ما يدعو للتنصل بل التلفيق احيانا ليستقيم ظل عود حركة وطنية. وهذا بالطبع لا ينقص من قدر الاستاذ الشهيد محمود محمد طه مثقال ذرة في أعين الشعوب السودانية. فالاستاذ الشهيد أبن عصره، ذاك العصر بخيره وشره، ويجب أن ينظر اليه في ذاك الاطار.
    بدلا عن التلفيق القومي استنادا على خطاب الحركة الوطنية وسرديتها ينبغي التقرير اولا أن الختان الفرعوني في حق الطفلات والفتيات، وبعض النساء البالغات، خطيئة كبري تصدى لها الفكر السوداني في حينها وأخرج أحسن بياناته في هذا الشأن. هنا لا يكف القول بأن الختان الفرعوني "عادة قبيحة ومستهجنة ولكن..." ولا ينبغي التبرير باسم الحركة الوطنية لسياسة خاطئة، بل يجب إعمال النظر النقدي لموقف الاستاذ ومحاولة معرفة من اين صدر هذا الموقف وماهي جذوره؟ وماذا كان موقع المرأة في ذاك الصراع في خطاب الاستاذ الشهيد محمود والجمهوريين؟ وهذا القول في نفس الوقت ليس تبرئه للاستعمار ورسالته الحضارية المزعومة فالاستعمار مكشوف حال من يومه وأن ترك لنا السكك الحديدية واعمدة التلغراف والاستبالية وكلية غردون. وانما يهم هنا هو وضع الاشياء في نصابها ووقف حد للتلفيق باسم الحركة الوطنية تارة وباسم الشجاعة تارة وباسم دراسات ما بعد الاستعمار تارة اخرى على حساب قضية جوهرية كختان الفتيات.
    موقف الاستاذ الشهيد محمود نفسه وحركته والحجج الحديثة التي صيغت مؤخرا في الدفاع عن موقف الاستاذ الشهيد ما هي في نظري غير محاولات تبررية من فكر ذكوري قومي نازعه الاستعمار في اجساد نسائه. وهذا أمر ليس بغريب في الفكر القومي وخطابه- ان تصير النساء واجسادهن ثيمة راسخة في خطاب الفكر القومي اي كان وفي خطاب الاستعمار ايضا في بعض الاحيان - فكثيرا ما قُدمت الامة كأمرأة تحت التهديد والاستباحة وكثيرا ما استعملت مفردات مثل الاغتصاب وتصوير الوطن/الامة كأمرأة اغتصبت في حالة الاحتلال الاجنبي، كما فعل الفرنسيين في نعت الاحتلال الالماني في الحرب العالمية الاولي واليونانيين القبارصة تجاه الغزو التركي والعرب تجاه قضية فلسطين. اوضحت Anne McClintock ان الخطاب القومي قد تضمن المرأة على عدد من الوجوه: كأداة لانتاج واعادة انتاج افراد الكيان القومي، كمنتج لحدود الكيان القومي عن طريق موانع العلاقات الزوجية والجنسية وكرمز وعلامة للاختلاف القومي ((Anne McClintock “No Longer in a Future Heaven: Gender, Race, Nation, and Postcolonial Perspectives, Anne McClintock, Aamir Mufti, and Ella Shoat, eds, (University of Minnesota Press, 19191)).
    أن دراسة موقف الاستاذ الشهيد من الختان الفرعوني علي وجه هلامي يهمل طبيعة الفكر القومي وموقع المرأة فيه ولا يري في الحركة القومية غير الهتافية والمقدرة على حشد الجماهير لاخراج المستعمر امر لا يليق بالدكاترة المذكورين. الخطاب الذي يهمل المرأة وموقعها في الخطاب القومي وتمثيلها واعادة تمثيلها يجب ان يراجع نفسه.
    ويجب التأكيد هنا أن سيطرة الخطاب القومي على جسد المرأة قد تأسس واستمر ليس فقط على المستوي البلاغي بل على مستوي جسد المرأة فعليا، لحم ودم. فالمواجهة بين الاستعمار وجناح من الحركة الوطنية السودانية حول ختان النساء ليس بحادثة فريدة اختص بها الله السودان وشعبه، فصراع الحركات القومية مع الاستعمار حول جسد نساء المستعمرات مشهود وموثق ودفق فيه مداداً كثيفاً. كان لمشكلة ختان الاناث في السودان مثيلاتها لدي الحركات القومية في الشرق مثل مشكلة حرق الارملة حية مع جسمان زوجها المتوفي في الهند في الممارسة الاجتماعية/الدينية التي عرفت ب((ساتي)) ومشكلة تحجيم قدم المرأة في الصين ((قدم اللوتس)). ونعم، لقد انقسم المجتمع حيال قوانين المستعمر ودارات السجالات والمواجهات. وجدير بالقول ان بعض رجال حركات التحرر الوطني من الطبقات الوسطي ووقفوا ضد انتهاكات بعينها ضد المرأة وبالمقابل حشد المحافظون من الرجال الجمهور ضد هذه المبادرات بل حاولوا بعث ذكراها فيما بعد في انتفاضات مسلحة. ولعله من المفيد أن نعقد المقارنة بين ما دار بين ظهارينا حول جسد المرأة وما دار بين الاشقاء في حركات التحرر مثل الهند. بل أكثر من ذلك ان ننظر للفكر النقدي الذي انتجه الاحفاد تجاه افعال الاجداد.
    أذا توقفنا عند مشكلة حرق الارملة مع رفات زوجها وقارنا بين موقف الاصلاحيين والمحافظين الهنود نجد أنها انطلقت من نفس القاعدة التي انطلق منها الاستاذ الشهيد محمود محمد طه. فقد كانت حجج المحافظين تنطلق من تعاليم الديانة البراهمية وقد انطلقت حجج الاصلاحيين الذين وقفوا ضد هذه العادة الزنيمة امثال Rammohun Roy من نفس الديانة اعتمادا على قراءة مختلفة للنصوص. وفي الواقع ان حجة الاستاذ محمود المركزية إعتمدت ايضا على على الديانة الاسلامية. فقد قال الاستاذ في بيانه:"عندما نشأ الحزب الجمهوري. . . أخذ يعارض الحكومة في الطريقة التي شرعت عليها تحارب عادة الخفاض الفرعوني، لأنها طريقة تعرض حياء المرأة السودانية للابتذال، وعلى الحياء تقوم الاخلاق كلها، والأخلاق هي الدين." وقد تكررت في خطبة الاستاذ في مسجد رفاعة نفس المعاني مع تركيزه في تحريضه لجماهير رفاعة على "نخوة الاسلام وشهامة الاسلام الى النصرة والمدافعة". انه من الصعوبة بمكان تمرير حجة الاستاذ الشهيد هنا كحجة دينية فالختان ليس من الدين في شيء ولكن الخطاب القومي لا يتورع عن اعادة انتاج الدين في سبيل غاياته .الغريب في الامر أن الخطاب القومي لا يغلب حيلة في تسنم الدين فمن الممكن بكل بساطة واريحية أن يتلبس الخطيب روح الدين حتي ولو كان الدين مغاير لقناعته الدينية نفسها ففي انتفاضة 1857 في الهند ضد الاستعمار البريطاني بعث القائد الهندي المسلم خان بهدور خان في احد اعلاناته قصة منع ساتي بعد حوالي عشرين عاما من اصدار قانون منع حرق الارملة مجددا، بعث بالمشكلة مجددا كأحدي المظالم التي تعرض لها الهنود ليضمن حماسة الهندوس للانتفاضة غير آبها بتعاليم دينه هو شخصيا ((Mutiny at the Margin: New Perspective on the Indian Uprising of 1857, Edited by Crispin Bates, Volume 1, 2013)).
    وهنا في الصراع حول جسد المرأة فيما يتعلق بممارسة ساتي بين السلطات الاستعمارية وبين المؤيد والمعارض لهذا الانتهاك تلاحظ Lata Mani ملاحظة صادمة وذلك ان التقاليد (الدين والاخلاق) ليست هي الارضية التي تم النزاع فيها حول جسد المرأة بل العكس هو الصحيح صار جسد المرأة هو الساحة التي تم فيها الجدال حول التقاليد واعادة صياغتها و تأويلها وترت يبها ((The debate on Sati in Colonial India, Cultural Critique. No. 7, The Nature and Context of Minority Discourse II (Autumn 1987)). فقد انخرط فقهاء الهندوسية من الجانبين، المؤيد والمعارض للحرق، في قراءة النص المقدس وفي تقديم الفتاوي بناء علي ارضية حرق الارملة ، وكذلك فعل الاستاذ الشهيد. ولعل في حالة الاستاذ كانت المهمة أكثر صعوبة لغياب النص الديني كليا دع عنك تأويله. الا نلاحظ العنت الذي تنكبه الاستاذ في ربط سلسلة منطقية بين حياء المرأة بالدين، كما تصورها؟ فقط انظر للسلسلة التي اراد لها الاستاذ أن تكون منطقية: حياء المرأة ← - الابتذال ← الحياء ←الاخلاق كلها ← الدين. هذه السلسلة الطويلة التي تنكبها مثقف ربما يكون الاعمق ثقافة دينية بين ابناء جيله في الربط بين الختان والدين تؤكد ما قالت به Lata Mani ان الدين والتقاليد لم يكن الارضية التي دار الصراع حولها وانما جسد المرأة. ان النساء لسن الفاعل في هذا الخطاب ولا حتي الشحيح سمع منهن حول المسألة ولقد حجبت عنهن الارادة، ولكن هذا لا يعني ان النساء مفعول بهن في هذا الخطاب او ان الخطاب عنهن بل العكس لقد كانت النساء الساحة والارضية لهذا الخطاب بكل اطرافه.

    لقد كانت ثيمة المرأة ثيمة مركزية في خطاب الحركات القومية، وقد كانت المرأة، ويبدو انها لا تزال، كما اشارت Deniz Kandiyoti في كثير من الاحيان رهينة للمشاريع القومية فكثيرا ما قدمت المرأة كضحية للتخلف الاجتماعي (انظر الى بيان الجمهوريين حول الختان)
    ورمز للحداثة (انظر الى "يا ام ضفاير قودي الرسن") كما قدمت المرأة كحاملة مصونة للاصالة الثقافية (مرة اخري انظر لبيان الجمهوريين في أمر الختان)، يقول البيان: " قل لي بربك !! اي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟ واي كريم يرضى أن يكون سببا في ارسال بنات جاره، او صديقه، او عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجبا لكم يا واضعي القانون – أمن العدل ، ان تستذلونا باسم القانون؟؟ أومن الرحمة بالفتاة أن تلقوا بكاسبها في اعماق السجون؟؟ ..... ام رضيتم لامتكم التشهير والتحقير ولفتياتكم ركوب عربات البوليس ولامهاتهن وعماتهن وخالاتهن دخول المحاكم والسجون؟" هنا يختلط جسد الامة بجسد المرأة، الشرف الشخصي بالشرف القومي، المهانة الوطنية بمهانة الرجل في حوش بيته. وهذا خطاب قومي قح يضع المرأة كمنتج لحدود الكيان القومي وكرمز وعلامة للاختلاف القومي وحدود امة بعينها ولكنه في الاساس خطاب قومي ذكوري كان جسد المرأة ساحته وارضيته التي ينطلق منها.
    علينا في اعتقادي، عندما ننظر لتراثنا أن نتحرى ونعمل النظر بدلا عن الجري خلف سردية وطنية متوهمة. لقد اهمل الدكتور عبد الله علي ابراهيم والدكتور عبد الله الفكي البشير والدكتور حسن موسي مفاهيم اساسية حول الفكر القومي حين حاولوا التبرير والتلفيق لاعادة انتاج موقف الشهيد محمود الخاطيء حيال قضية الخفاض وتصوير موقفه كموقف ممتاز في سبيل مناهضة الاستعمار. وهذه سمة الخطاب القومي الانتقائية بل التلفقية في بعض الاحيان وقد وقع جميعهم رغم تدريبهم كاسطوات في البحث العلمي في تمجيد وهمي للقومية السودانية متجاهلين ان فكرة القومية محض بنية اجتماعية بمعنى انها كسائر المفاهيم في هذه الدنيا ليست ازلي مطلق بل هي مفهوم اجتماعي يخترعه الناس ويصتنعوه. بل اهم من ذلك ان فكرة القومية قد تستعمل في بعض الحالات لابشع صنوف القمع والاستبعاد واضطهاد شرائح واسعة من المجتمع. وقد انتبه عبد الله علي ابراهيم بحكم تدريبه كباحث وموهبته الاصيلة لهذا الخطل لكنه في نهاية الأمر لم يتورع من خوض نفس الخطاب القومي التبريري كما سأبين. لا بد أن نتذكر ماذا تفعل الفكرة القومية بالشعوب إن لم تقودها حقوق الانسان والقوميات والمرأة. أن لفكرة القومية خير عميم وايضا شر عميم ما لم تضبط وتوجه بواسطة المثقفين والمبدعين والشعراء والصحافيين والكتاب والاكاديميين. ولن أمل من تكرار الحديث حول تخليق واختراع قومية البيض في جنوب افريقيا. ودعنى اتوقف هنا قليلا للتذكير: "هؤلاء البيض لم يكن لديهم حتي وهم يقاتلون في حرب البوير هوية مشتركة او حتي لغة مشتركة. كانوا اقواما شتى يتحدثون مزيجا من الهولندية العالية ومزيج من اللغات الافريقية كانت تسفه باعتبارها لغة المطبخ المستعملة بواسطة خدم البيوت والنساء. ولكن وبمساعدة سماسرة ثقافيين كانوا قادرين على اختراع قوميتهم بل وكتبوا لغتهم في حروف وانتجوا شعرهم ،واهم من ذلك اخترعوا اساطير ورموز قومية استخدمت بشراسةووحشية لقمع الافارقة اصحاب البلاد الاصليين."((محمد عبد الخالق إعتمادا على مصادر اخرى 2009، سودان فور اول، مداخلة مقدمة من محمد عثمان دريج)) .
    تجاهل حمولات الفكر القومي فخ يورث قصر النظر ويشجع على اهمال اقسام واسعة من المجتمع في سبيل فكرة فاسدة سواء كانت الفصل العنصري او مواصلة مجذرة النساء في السودان باسم الشرف القومي.

    لكن دعنا نتأمل الحجج التي صيغت في الدفاع عن ما يسمى بثورة رفاعة. هل هي حقا حجج تنتمي للخطاب القومي الانتقائي كما زعمتُ او كما شاء اصحابها تسميتها: خطاب الحركة الوطنية السودانية؟ ادناه الحجج التي صيغت بلغة اصحابها:
    1- وجهة نظر الدكتور عبد الفكي البشير قد تلخصت في ضرورة "الاحتفاء بثورة رفاعة ووضعها في اطارها النضالي واعادة هويتها الثورية ضمن سجل ارث السودان الثوري." وقد تكررت هذه الدعوة في أكثر من موضع في دعوة الدكتور الملحة لاعادة قراءة تاريخ ثورة رفاعة. و حتي في عرض د. عبد الله الفكي البشير المبتسر والانتقائي لدراسة عبد الله علي ابراهيم، التي ارى فيها بعض الخير اذا اتيح نقاشها في جو مفتوح، تكررت نفس الدعوة لادارج ثورة رفاعة ضمن الارث الثوري السوداني.
    2- اما عبد الله على ابراهيم فيجادل من باب انتاج المعرفة في ورقة طويلة في محاولة يائسة لاستنقاذ موقف الاستاذ الشهيد من براثن الفكر القومي بآفاته.

    يزعم عبد الله في ورقته ان هدفه بناء جسر بين الانثوية السودانية ودراسات الحركة الوطنية وقد تنكب عبد الله علي ابراهيم طريق صعب في بناء هذا الجسر المزعوم بين الدراسات السودانية والكتابة الجندرية فحديث القومية وموقع المرأة فيه قد سمعه عبدالله وفات قعر اضانه بحكم التدريب كباحث. لذا يبدأ عبد الله في ورقته المنشورة بالانجليزية ((Keep These Women Quiet: Colonial Modernity, Nationalism, and Female Barbarous Custom, Journal of Women of Middle East and Islamic World 9 (2011) 1-55))
    لتمهيد دفاعه عن موقف الشهيد بالتقرير أنه " لكي نبدأ بتقديم الاطار الامبريالي لفهم ثورة رفاعة، يحتاج المرء لاعادة تأهيل القومية كوسيلة مشروعة للسعي من اجل الحرية والسعادة." (ص 20) بل يمضي عبد الله علي ابراهيم الي القول: "ان المظالم التي تتعرض لها النساء والاقليات الاخرى ، وعلى الرغم انها مُحطة ، لا تقف كأساس لتجاهل الامة بإعتبارها الشكل الوحيد حتي الان لاحتواء وتقديم السكان." (ص 20) واعتمادا على فرانس فانون يقول عبد الله ان هنالك فرق بين الثقافة القومية والقومية الثقافية "وعليه فان دفاع طه المزعوم عن ختان الانثي لم يكن دفاع عن عادة بل دفاع عن ثقافة قومية من الممكن أن تكون تلك الثقافة نفسها مؤسسة على صراع سياسي صلد"(ص 22). واخيرا ينتقل عبد الله على ابراهيم ليرفع نفسه ومعه محمود محمد طه فوق الخطاب القومي بمهاجمة الاستعمار:

    "أن النظر المتناقض حول ميراث طه الانثوي ناشىء من ثنائية مؤسفة في الدراسات السودانية. فالكتابات الجندرية الحساسة ثقافيا عن ختان الاناث في البلد قد فشلت في التأثير على كتابة سردية الحركة الوطنية في السودان. وفي هذه السردية الوطنية لا تزال ادعاءات التحديث الاستعماري لتمدين السكان المحليين (مثل انقاذ نساء المستعمرات من مضطهديهم الرجال) مقبولة. بل اسوأ من ذلك ، أن مهمة الانقاذ هذى تُفتقد الان ويتم تذكرها بحنين كعصر ذهبي بواسطة الاكاديميين وغير المتخصصين على السواء." (( الترجمة من عندي ولعبد الله علي ابراهيم كل الحق في المنازعة في دقتها)).
    ولم تفت على عبد الله علي ابراهيم الصلة الوثيقة بين ساتي والختان في الخطاب القومي/الاستعماري مستندا على Boddy لكنه يمضي ليتجاهل عشرات الكتابات حول نقد الخطاب القومي الهندي ويوجه الانظار الى مهمة الاستعمار الحضارية.

    المشكلة هنا ليست في أن الخطاب القومي خطاب ((كعب وخلاص ندينه)). والمشكلة ليست مشكلة الاقتصاد السياسي للدراسات السودانية وبناء الجسور بين نظامين تعلميين، انما في منجز للخطاب القومي وموقف اتخذ قبل 74 عاما وموقع المرأة فيه. نعم، للخطاب الاستعماري دوره في هذه الحادثة وللخطاب القومي دوره فيها، ولكن
    تناول الخطابين عن طريق التركيز على الخطاب الاستعماري وصرف الانظار عن خطاب القومي لا يجدي. إن هذه المتاهة في تقديري هي ما دفعت عبد الله - ميقظا لشبح فريجنيا وولف حول مقولتها الخالدة حول الوطن والمرأة – ليقول في تقرير مدهش في مناسبته "أن نساء العالم الثالث اللائى ساهمن في الصراع ضد الاستعمار الذي نتج عنه ميلاد الامة لا يمكن ان يتحملن اسقاط اهمية الامة والقومية بالنسبة لتاريخ النساء والانثوية معاً. النساء يحتجن الامة كما يحتاج فقراء الناس للحكومة.." مرة اخرى نحن لسنا بصدد وضع سياسة جديدة لمحاربة الخفاض الفرعوني وانما بصدد دراسة موقف تاريخي منجز للخطاب القومي، ولسؤ الحظ عبر عنه أكثر رموزنا القومية شرفا وجسارة، الاستاذ محمود. موقف اتخذ قبل 74 عاما عبّر بوضوح عن موقع المرأة فيه.

    3- أما حسن موسي فيقول: "ان فعل الاستاذ محمود ملك الاهالي الغبش اهم مفاتيح حركة الحداثة: الاختيار الحر المبني على الوعي بالمصلحة الحقيقية في التقدم والتنمية والديمقراطية. شجاعة محمود هنا ، في حادثة رفاعة، هي شجاعة رجل حديث يواجه المستعمرين ويقول لهم: لا يمكن أن تحدثونا ضد اردتنا، لان التغيير الحداثي الحقيقي يصدر عن ارادة الشعب الحر."
    في الحقيقة، لا أري في الحجج اعلاه، اذا جاز تسميتها بحجج، ما يسند موقف الاستاذ الشهيد محمود محمد طه غير كلمات رنانة تصب في اطار الفكر القومي فقط مثل "اطار نضالي"، "التراث الثوري" ، "هويتنا" و"لغو استعماري" ادخلنا فيه عبد الله علي ابراهيم بحمد واخرجنا بخوجلي. و"شجاعة رجل حديث يواجه المستعمرين" كما زعم حسن موسي.
    هذه الحجج عبارة عن حجج تلفقية وتصلح لتلبسيها لاي موقف ضد الاستعمار مهما كان نبل او وضاعة الهدف.
    وللوقوف على تلفيق الفكر القومي وانتقائيته، اود أن اسأل هؤلاء الاكاديميين: هل "أرث السودان الثوري" و"الاطار النضالي" و"سردية الحركة الوطنية" الذي يراد أن تدرج "ثورة رفاعه" تحتها يتسع لاضافة ثورة ملاك الرقيق في أبوحمد عام 1924 ومحاولتهم الهجوم على الادارة المحلية مطالبين باستعادة رقيقهم المحرر؟ ماذا يمنع؟ ما الفرق؟ لماذا لا يدافع عبد الله على ابراهيم عن ثورة أبو حمد، وهو واحد ناس وسم مساهمته الاكاديمية النيرة في بحث تراثنا بمساهمة مشهودة حول اهل المنطقة والسحر عند الرباطاب؟ لماذا لا يدافع هؤلاء الكتاب عن ثورة ملاك الرقيق في ابو حمد؟ ماذا يمنع من اضافة انتفاضة أبو حمد لتراثنا الثوري وسردية الحركة الوطنية وهويتنا الثورية؟ لماذا لا تنطبق كلمات حسن موسي عن شجاعة محمود في مواجهة الادارة الاستعمارية في حادثة ختان فتاة رفاعة على ملاك الرقيق في ابو حمد؟ ولكأني بصوت الصديق حسن موسي يقول لي: ((خلونا لمن نقرر برانا نفك العبيد الديل او نحتفظ بيهم حسب ارادة الشعب الحر)) ، ماذا عن ارادة الشعب غير الحر في ابو حمد من الرقيق عام 1924 يا حسن موسي؟ هل ننسي المقاومة ((المجيدة)) لتجار الرقيق واستمرارهم في الغزوات والخطف رغم الاحكام بالسجن والاعدام أحياناً من سردية الحركة الوطنية مع استصحاب دراسات ما بعد الاستعمار يا عبد الله علي ابراهيم؟ ما هو المعيار لانتقاء حادثة ما بين الحوادث لادراجها في تراثنا الثوري وسردية الحركة الوطنية واستبعاد حادثة اخري؟ هل المعيار هو المناسبة والخطاب السائد؟
    أنظر الى ذلك يا صديقي لقد انشغلنا بثورة 1924 وعلي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ ونسينا ارثنا الثوري الحقيقي في ذات السنة 1924: ثورة ابوحمد المجيدة لاستعادة نظام الرق يا دكتور عبد الله الفكي البشير. لكن لا بأس في نهاية الأمر، فالذي وصف علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ بأولاد الشوارع وتسأل الى اية قبيلة ينتمون قد ضاع صوته في شعاب التاريخ من أجل هويتنا الثورية الذكورية. هذا صوت الافندية الانتقائي الذي لا يزال يستبعد المرأة، بل يرميها تحت البص ليبني ((رجالته)) الوطنية على حساب النساء.
    كلمة أخيرة:
    الشهيد الاستاذ محمود محمد طه في النجوم زي الهيكل المنضوم ما بخاف.


    [email protected]


    http://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/34-0-6-8-3-1-6-8/122321-ثورة-رفاعة-المزعومة-عام-1946-تلفيق-الفكر-القومي-ورمي-النخبة-للمرأة-تحت-البص-بقلم-محمد-عبد-الخالقhttp://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/34-0-6-8-3-1-6-8/122321-ثورة-رفاعة-المزعومة-عام-1946-تلفيق-ا...-عبد-الخالق
    *
                  

02-03-2020, 09:21 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نحو إعادة النظر في قضية رفاعة 1946 (Re: عبدالله الشقليني)

    محمود محمد طه: ثورة رفاعة واللغو الاستعماري بقلم عبد الله علي إبراهيم
    https://sudaneseonline.com/board/7/msg/%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%af-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b7%d9%87%3a-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%...9%85-1579933288.html


    مقال بروفيسور التي تحد\ث فيه عن القصة :


    محمود محمد طه: ثورة رفاعة واللغو الاستعماري بقلم عبد الله علي إبراهيم




    https://sudaneseonline.com/board/7/msg/%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%af-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b7%d9%87%3a-%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%...9%85-1579933288.html


    انعقدت بالخرطوم ما بين 18 إلى 20 يناير ندوة "المسلمون وتحديات العصر: السلام والديمقراطية والاشتراكية" في مناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه. وتعاقد على قيام المؤتمر عمادة البحث العلمي لجامعة النيلين بالخرطوم ومركز الدراسات السودانية. وكان منسق الندوة هو الدكتور عبد الله الفكي البشير صاحب "مشروع الفهم الجديد للإسلام" في التعريف بمأثرة المرحوم محمود محمد طه الذي صدر فيه مؤخراً "الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه (1968): الوقائع والمؤامرات والمواقف" (2019). وعقد المؤتمر 10 جلسات عمل وأمّه علماء في الفلسفة وعلوم الإسلام من معظم البلاد العربية وجنوب السودان.

    ومرفق مع هذا التعريف بالندوة ملحص لورقتي في الندوة وعنوانها "محمود محمد طه: ثورة رفاعة واللغو الاستعماري".

    محمود محمد طه: ثورة رفاعة واللغو الاستعماري
    عبد الله علي إبراهيم
    هذه الورقة عود على بدء إلى ثورة رفاعة (1946)، التي قادها الأستاذ المرحوم محمود محمد طه المجدد الديني الذي أعدمه نظام نميري في 1985، لإلغاء قانون سنه الاستعمار لمحاربة ممارسة الخفاض الفرعوني. وبالرغم من أن لطه مقام القداسة بين الليبراليين والتقدميين لوقفته الغراء بوجه الموت يسعى بنور بسمته بين يديه إلا أنه يلقى في نفس الوقت أشد النقد منهم لوقفته "الرجعية" في 1946 ضد قانون قصد لاستنقاذ النساء من هذه العادة البربرية. ولم يغفر له نقاده تلك "الزلة" برغم بذله الاستثنائي المشهود اللاحق لأجل تحرير المرأة.
    ستجادل الورقة أن هذا الخلط في مساهمة طه الأنثوية ناشئ من نقيضة مؤسفة في الدراسات عن السودان. فالكتابات الجندرية بالغة الحساسية عن الختان الفرعوني، التي طعنت في مشروعية مهمة الاستنقاذ الاستعمارية وممارستها، لم تنجح في التأثير على سردية الحركة الوطنية السودانية. فهذه الحركة ما تزال ممتثلة لدعوة، أو زعم، الاستعمار ترقية الأهالي في سلم الحضارة (مثل إنقاذ نسائهم من مضطهديهم الرجال) التي تحظى بقبول واسع في أوساطها. فهي قد حاربت الاستعمار بلا هوادة ولكنها ثمنت ما عدته أقباساً من الحداثة قبلتها بمنطق العصر الذي هم فيه. والأسوأ أن الأجيال العاقبة للاستقلال، التي فُجعت في وعده، تحن إلى أيام تلك الوصاية الاستعمارية وتشتهي عودتها.
    تريد الورقة، على بينة من دراسات ما بعد الاستعمار، أن تجسر ما بين الأنثوية السودانية التي تشفع لمثل طه في وقوفه ضد الوصاية الاستعمارية الإنقاذية، ودراسات الحركة الوطنية التي استحسنت حداثة الاستعمار وحاكمت طه بمعاكستها في ثورة رفاعة ، لرد لاعتبار الحداثوي لفكر الأستاذ محمود محمد طه وممارسته. وستنظر الورقة لحداثة الاستعمار، التي تجسدت في مهام مثل استنقاذ نساء الأهالي من جور الذكور، ك"لغو استعماري" كما رأيناه عند الأكاديمي الهندي هومي بهابا. وهو لغو دال على عقم المخاطرة الاستعمارية. فهي مخاطرة خرجت لتحديث العالم لكن تنازعتها من جهة عادة الديمقراطية في البلد المستعمِر (المتربول) وعادة الشوكة بالعصا الغليظة في المستعمَرات من الجهة الأخرى التي اقتضتها ضرورات الإدارة وضبط الأهالي. وستحلل الورقة خطاب الختان الفرعوني في السودان
    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de