الأخ الفاضل / كنان محمد الحسين التحيات لكم وللقراء الكرام
المشكلة الكبرى في هذا السودان أن الأذهان السودانية لا تملك السعة الكافية لتخزين المعلومات والتجربة .. بالإضافة أنها أذهان خربة تنسى المعلومات بسرعة شديدة .. وكل المقترحات التي ترد من الناس والكتابة لمعالجة قضية من القضايا هي مقترحات تم تجربتها في السابق عشرات المرات .. وأنت هنا تقترح فتح استيراد الحافلات الكبيرة والمركبات الأخرى دون الحاجة لرخصة استيراد .. وكذلك دون الحاجة لدفع الرسوم الجمركية .. تلك الرسوم المبالغة والعالية .. ثم تقول بمنتهى البراءة المعهودة في أبناء السودان أن ذلك سوف يخفف كثيراُ من أزمة المواصلات في البلاد .. ونحن نقول لكم بمنتهى الجرأة والصراحة أن : ( ذلك هو عشم إبليس في الجنة !! ) .. ورغم أن تلك المقترحات هي وجيهة ومنطقية وسليمة للغاية ومعقولة في أي بلد من البلاد في العالم إلا أنها غير كذلك في هذا السودان !! .. وتلك المقترحات قد تم تجربتها في كل مراحل الحكم بالسودان .. والناس لا ينسون أيام ( الترماي ) ،، وكذلك لا ينسون أيام مواصلات العاصمة .. والكبار من الأجيال مازالوا يذكرون تلك التجربة مع حافلات ( أبو رجيله ) في تلك السنوات .. وقد تم توريد المئات والمئات من تلك الحافلات الضخمة ( المرسيدس ) .. ثم توالت تلك التجارب بقدر من الإعجاز .. ومازالت تلك الحافلات التي تعرف بحافلات ( الوالي ) تجوب الطرقات والشوارع .
صدقني يا أخي الفاضل أن الشعب السوداني لم يلتمس يوماُ بالانفراج بمعنى الانفراج لأزمة المواصلات في السودان منذ الاستقلال .. ولم تنخفض تعريفة المواصلات في السودان منذ أن رفرف علم البلاد فوق السارية .. بل ذلك الارتفاع المجنون المتواصل بمنوال السنة بعد السنة .. بل بمنوال الشهر بعد الشهر .. بل بمنوال الأسبوع بعد الأسبوع .. بل بمنوال اليوم بعد اليوم .. وتلك المقترحات التي ترد في كتاباتكم هي مجرد أوهام تدغدغ الأحلام وتجول في أذهان البعض .. وهي تلك المقترحات التي تنزل برداُ وسلاماُ على فئات من أبناء السودان .. تلك الفئات التي تنتهز السانحة لتستورد الحافلات والمركبات بكل الأحجام دون أن تدفع مليماُ واحداُ في مقابل الرسوم الجمركية .. ثم تملأ الشوارع والطرقات بكميات هائلة من الحديد دون أية فائدة .. وهي تلك الفئات التي تعودت أن تعذب الشعب السوداني المغلوب على أمره .. وتتعمد في المماطلة كالعادة وعدم الالتزام .. وعدم التواجد في ساعات الذروة عند الطلب .. وحيث ذلك الزوغان المعهود .. كما أن أصحاب تلك الحافلات والمركبات في كل الأحوال يفضلون الترحيل الخاص بموجب عقود بدلاُ من ذلك الترحيل العام في الطرقات والشوارع .. ونقول لكم بالحرف الواحد وبصريح العبارة : ( إذا تواجدت في هذا السودان مركبات وحافلات بعدد سكان السودان ) فإن ذلك لا يعني الكثير لدى الشعب السوداني .. فهو ذلك الشعب الذي سوف يقف كالعادة تحت الهجير طوال الساعات .. والذي سوف لن يهناُ بالتعريفة المنخفضة في مقابل تلك الجمارك الغير مدفوعة .. تلك التعريفة للمواصلات التي بلغت الأرقام الفلكية منذ أن رفرف علم البلاد فوق السارية !.. وفي لحظة من اللحظات فإن أصحاب تلك المركبات والحافلات سوف يتمنون كالعادة في تلك التعريفة وفي قيمة الترحيل من منطلق ( إذا عجبكم 30 جنيه للنفر ) في أقل مشوار داخل المدن !.. والمحصلة هي تلك الخسارة المعهودة .. حيث تلك الأموال الغير مدفوعة للجمارك السودانية وحيث تلك الأموال المنهوبة من جيوب الغلابة .. يعني بالمفهوم البلدي ( الخسارة بالجانبين !! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة