حين قرأت خبر هدايا ثوار السواقي الجنوبية بكسلا لمرضى حمى الضنك عدت بالذاكرة إلى خبر عن أريحية كسلا في الخمسينات. كانت جريدة "الميدان" رتبت باباً على صفحتها الأولى لحث الشيوعيين والقراء للتبرع لها لمواصلة الصدور. وكان من وراء الباب مدير تحريرها الرفيق المرحوم سمير جرجس (خواجه). وكان يحسن هذا الشغل بموالاة دقيقة لا يفرط في تدوين كل يد امتدت ل"الميدان" بتبرع نقدي أو نوعي. وكتبت عن وسعي حيلته الإدارية القبطية في معرض نعيّ له. وكانت الميدان تفسح أبوابها لاستجابات القراء لنداءاتها. فقد قرأ السيد نقد محمد نقد خبر غرامة الميدان ساعة الفطور. وصمم على توفير قرش الشاي ليجمع 60 قرشاً في الشهر. كما تبرعت تلميذات الأحفاد الوسطي ب 138 قرشاً مقتطعة من حق الفطور (قالت لي السيدة نعمات مالك إنها كانت ضمنهن). ونظمت ضاحية بري حفلاً لدعم صدور الميدان يومية. ولم يوفق الأستاذ أحمد علي بقادي، مد الله في أيامه، مندوب الجريدة لحضور المناسبة لأنه ضل الطريق اليها. وقد تقدم الرسام النور آدم بلوحة لأستاذنا عبد الخالق محجوب مهداة للميدان لتزين بها مكاتبها. وتأتي هنا مكرمة كسلا: ولعل من أوقع ما قرأت من تجاوب القراء مع الميدان ما قام به الرفاق بمدينة كسلا. فقد أرسلوا طرداً من موز كسلا أب نقطة وبرتقال جنائنها لمحرري الجريدة وعمال مطبعتها لما سمعوا عن تأخر مرتباتهم. وارفقوا مع هذا الطرد عنقريبين مما اشتهرت به المدينة لزوم نوم محرري السهرة الذين علموا أنهم يفترشون الغبراء. وكان رقم بوليصة الشحن بالسكة الحديد هو 444729. رفع الله بلاء الضنك يا كسلا عنك يا مدينة للهدى والنور
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة