(لديك ذكريات هذا اليوم) هذه إحدى تدابير الفيس التي أضيفت قبل بضع سنوات ؛ حيث يقوم التطبيق باسترداد ذكرياتك في مثل هذا اليوم خلال السنوات الماضية المختلفة من منشوراتك وصورك وغيره. في بداية هذه الخاصية كانت عمليات اعادة المشاركة بالذكريات شبه يومية ، ثم بدأت تخف وتتقطع. لم يعد الناس يكترثون للماضي وهكذا قامت التكنولوجيا بتبخير إهتمام الإنسان ببنائه الموضوعي خلال الزمن. غير أن برنامج الفيس لا يترك اهتمامه بك أبدا فهو يجمع تاريخك كله ويقوم بإرسال البيانات لتحليلها ومن ثم معرفة التوجهات العامة للجمهور ثم تعزيز تلك التوجهات أو تغييرها أو حرفها عن مسارها أو حتى لاستغلالها سياسيا كما حدث في انتخابات ترامب الأخيرة. يبدأ المتعاطي للرقمية الحديثة في تبني روح جديدة للكسل ، الكسل من أن تضغط بأصبعك لفتح رسالة أو نقل صورة أو ملف ، الكسل من القيام بمجهود عضلي أقرب للصفر ، بأصبع واحد. وهكذا تبين لي أن الكسل سلوك ذهني وليس عضلي. هنا الكسل هو حالة من الرفض لإضاعة وقت مهدر مسبقا والتوجه نحو إهدار أكثر امتاعا ، ثم يبلغ الكسل أن تفتقد حتى تلك الرغبة في الرد أو المشاركة أو التفاعل أو حتى وضع علامة اعجاب بابهامك... هذا الكسل الرقمي غريب جدا ، وسنجد أن برامج عديدة تعتمد عليه لمنع اختراقها ، فالعمليات المتعددة والسريعة تعطي إنذارا لأي تطبيق أو موقع أو قاعدة بيانات فتقوم على الفور بحظر البروكسي...ومن ذلك البنوك الرقمية وتطبيق الفيس وخلافه. حيث يعتبر وضع علامة الاعجاب كثيرا وسريعا شبهة تستوجب حظرك لفترة مؤقتة...هناك إذا معيار طبيعي عام يشمل كل البشر إلا استثناءا قليل. هناك متوسط للكسل يحدد ما إذا كنت كائنا بشريا حقا أم برنامجا رقميا. فالكسل الرقمي تحول إلى مؤشر واداة فاعلة لقياس الرابط البشري بالرقمي ، وهذا المؤشر لا تقوم به فقط البرامج بل البشر أيضا ، فالتفاعل السريع دليل على الحب والتفاعل الكسول دليل على عدم الاكتراث وانعدام التفاعل او بطئه او تأخره دليل على وجود مشكلة أو موقف ما.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة