* كأنه يغني لآخر مرة.. *هكذا قلت لمن كانوا بجواري وقتذاك.. * فقد تخيلته يستنزف قدراً كبيراً من طاقته الفنية ــ والصحية ــ في (حب الأديم).. * وكان يوم الاحتفال بتوقيع الوثيقتين قمة تجليات حب الأديم هذا.. * والآن سيحتوي جسده الطاهر هذا الأديم الطاهر.. * رحم الـله صلاح بن البادية…. وأعتذر لروحه الآن عن سؤالي السخيف ذاك.. * يوم سألته ــ في لقاء تلفزيوني ــ عن علاقة المطرب بالسياسة.. * وكنت أعني علاقة بعض مطربينا الكبار بالأنظمة الشمولية؛ ومنها نظام مايو.. * ولا أنسى الاضطراب الذي كسا محياه في تلكم اللحظة.. * فقد عينه النميري عضواً بالاتحاد الاشتراكي… تعويضاً له عن سقوطه في الانتخابات.. * ليست انتخابات سياسية… وإنما (فنية)؛ خاصة بنقابة المغنين.. * والآن أخشى أن يكون هذا هو المصير نفسه للذي استبشرنا به يوم احتفال الوثيقتين.. * فقد تمخضت آمالنا لتلد ما هو دون توقعاتنا بكثير.. * لتلد لنا شخصيات تهرول نحو الكاميرات… قبل أن تهرول تجاه مسؤوليات مناصبها.. * فتكون البسمات والضحكات واللفتات ــ من ثم ــ هي كل ما تملك.. * ويكفي ــ كضرب مثل ــ (قومة نفس) وزير الإعلام إزاء إقالة عيساوي فقط.. * وتلعثم وزيرة الخارجية بين يدي كل مقابلة تلفزيونية.. * وخطة وزيرة الرياضة…عن إنقاذ الرياضة… بتأنيث الرياضة.. * وبرنامج وزير الأوقاف عن (أولوية) إرجاع اليهود.. * والأمر ذاته ينطبق ــ بصورة أو أخرى ــ على السادة أعضاء السيادي… والسيدات.. * علماً بأنه ما كان عليهم أن يتكلموا أصلاً… قبل أن يفهموا شيئاً.. * قبل أن يفهم كلٌّ منهم طبيعة عمله… وواجبات وظيفته…. وأحوال وزارته.. * وحتى بعد أن يفهم فليس مستحباً الكلام… إلا عند الضرورة.. *والضرورة هذه لن تكون ــ بأي حال ــ الهرولة إلى الفضائيات… بإشارة أصبع.. *ثم الاندياح ضحكاً… وتبسماً… وتظارفاً… وتفلسفاً.. * فلا تفسير لمثل ظاهرة (الخفة) هذه سوى شيء واحد؛ شدة الفرح بالمنصب.. * وهو فرح لا يتسق مع أجواء الراهن… ولا يناسبه.. * أجواء الدماء… والدموع… والأنين… وقضية المفقودين.. * وقد كنا نعيب على أهل الإنقاذ ــ لأكثر من ربع قرن ــ كثرة الأقوال… وقلة الأفعال.. * ثم عدم القدرة ــ كذلك ــ على إخفاء الفرح بالمنصب.. * ومعروف أن أهل الإنقاذ هؤلاء كانوا (بسببهم)؛ فشعارهم (لدنيا قد عملنا).. * حتى وإن قالوا العكس؛ خداعاً لأنفسهم… والناس… والـله.. * فما سبب ــ إذن ــ ضحك… وفرح… وخفة… وزراء حكومة الثورة (الدامية)؟.. * وذلك بدلاً من أن تعكس وجوههم طابع (الحزن النبيل)؟.. * فيا سيد حمدوك: بالـله عليك حاول إعادة النظر في اختيارك لبعض وزراء حكومتك.. * فليس من العيب أن تخطئ… ولكن العيب أن تتمادى في الخطأ.. * وأول الذين عليهم أن يترجلوا السيدة وزيرة الخارجية… مع كامل احترامنا لها.. * فما من شيء كان يجبرها على (المذاكرة) أمام الكاميرا.. * بل ما من شيء يجبرها ــ أساساً ــ على الكلام… وهي (في بداية طريقها) الوزاري.. * ثم يتبعها آخرون؛ من الفرحين… الضاحكين… (الخفيفين).. * وإلا فنخشى أن يستحق طاقمك الوزاري هذا ــ عما قريب ــ مثل عنواننا أعلاه.. * الـله يرحمه !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة