في تصريحٍ لصحيفة الجريدة عدد أمس الإثنين ، يقول عيساوي المدير الأسبق لهيئة الإذاعة والتلفزيون أنهُ قد ظُلم وأنه ليس بـ (كوز) ، ورغم أن أمر عيساوي والتلفزيون قد أخذ خلال الأيام الماضية حيِّزاً كبيراً من التحليل والنقد والكتابات طالت جميع أطراف المعادلة الخاصة بإعادة تأهيل الأجهزة الإعلامية وفي مقدمتها تلفزيون السودان ، إلا أن أمر عيساوي هذا المرة يصلح أن يكون نموذجاً يمكن الإستفادة فيما سيأتي من (مناوشات) القضاء على الدولة العميقة ، وفي هذا الإطار أُلفت أنظار المتحمسين لتصنيف مُناهضي أن ليس كل مُنتمِ للدولة العميقة هو بالضرورة ( كوز) فهناك الآلاف من الإستنفاعيين الذين ملأوا أركان الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة ، وهناك أيضاً (الإنكساريين) الذين لا يعلمون شيئاً عن عالم النضال والجرأة والقدرة على تحدي الجبروت لمجرد نُصرة حقٍ صاحبه غير ماثٍل ولا يُطالب به ويوهمون أنفسهم أنهم خارج دائرة الصراع ، كل هؤلاء هم من مكوِّنات الدولة العميقة ، لذا فإن عيساوي حين يتبرأ الآن من كوزنته فهو لا مناص ينمتي لإحدى الطائفتين اللتين تم ذكرهما آنفاً ، ولو كنت مكانه والعياذ بالله لفضَّلت ولصالح سمعتي المهنية والشخصية أن أكون (كوزاً) على أن أكون إستنفاعياً أو مُنكسراً حين كان المزاج العام للشعب السوداني القوة عدم الإنكسار ، فأن تكون مدافعاً عن منهج أو منظومة تعتقد أنها الأصلح ولو لم تكُن كذلك ، خيرٌ من أن تكون مُجرَّد أداة يُحركها من يشاء وكيف ما يشاء وإن سبَّب ذلك الإستغلال الضرر للشعب والوطن ، عموماً يجب أن ننتبه جميعاً شعباً وحكومةً إلى أمثال عيساوي في خضم الجيوش التي كانت تخدم وتناصر وتدعم نظام الإنقاذ المشئوم.
بما لا يدع مجالاً للشك أن فلول النظام البائد قد إعتمدت في الوقت الراهن لمحاربة الثورة وشخوصها (سلاح الإعلام المُضاد) ، والذي يُمثِّل تمهيداً لأشكال ومضامين أخرى لتلك الحرب المُعلنة ، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن الآلة الإعلامية المُستخدمة هذه المرَّة هي من الضخامة والتنظيم والتكتيك بمستوى لا يمكن تصوَّره لغير المُتمعنّين ، يستعلمون فيها خبرات إعلامية مهمة وقادرة على التخطيط والتنفيذ والتأثير السلبي عبر منظومة من القواعد العلمية المُتعلِّقة بسيكولوجية التأثير الجماعي ومزاجية الرأي العام ، وطبعاً يركِّزون هذه المرة على وسائط النشر الإلكتروني بنسبة عالية ثم نسبة متواضعة عبر الصحف التي ما زالت تعاني مغبة الإنتماء للتنظيم للبائد ، يعتمدون في ذلك على تأجيج الشائعات ، وتركيز إتجاهات النشر على السلبيات المؤسسية والشخصية لحكومة الثورة ومُناصريها ومؤسساتها ومراجعها الوثائقية والمُستندية ، أقول ذلك حتى لا يعتقد البعض أن حرب الدولة العميقة للثورة المجيدة يتم طبخها داخل مؤسسات الدولة فقط ، الدولة العميقة الكثيرٌ من جنودها المجهولين موجودون في أماكن أخرى و بأيديهم أسلحة أخرى لا يفِلُ شرها إلى إرتفاع مستوى الوعي الشارعي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة