اتصل بي العديد من الأصدقاء حول مقالي عن مرشح تجمع أولاد قوش. والحق يقال أنني لست مهتما كثيرا بلطف السيد المرشح ودماثة أخلاقه كما وصفه البعض لي. بل في الواقع لست مهتما لو كان سيئ الخلق أو زير نساء أو سكير أو يتعاطى الهيروين. فهذه حياته الشخصية والتي لا تهمني كثيرا. البعض قالوا بأن لديه علاقة صداقة بالهالك الترابي. وفي نفس الوقت له اتصالات بالدباب خليل إبراهيم. وأكد لي الكثيرون وجود علاقات له ببعض أساتذة الجامعات الأمريكية من المشتبه في انتمائهم لل C.I.A وبرضو هذا لا يهمني كثيرا .. فعموما الدولة الآن أصبحت مخترقة من أغلب مخابرات الدول القريبة والبعيدة وكل يحاول حماية مجموعته التي يتمنى أن تتصدر المشهد. كل ذلك لا يهمني في شيء ، ولكن ما يهمني أن أغلب السير الذاتية التي يكتبها مرشحو أولاد قوش يتم تضخيما بالأكاذيب واللغة المقعرة. دعني مثلا أشير إلى ما ورد بموقع ليكد إن في صفحة مرشح وزارة العدال. بالتأمل العام فنصر الدين هذا لم يمارس أي عمل في السودان لا فيما يتعلق بالمحاماة ولا وزارة العدل نفسها بل ولا النيابة ولا القضاء.. في الوقت الذي فيه العديد من خبراء القانون الذين لديهم دربة وتاريخ طويل داخل المنظومة المؤسسية للعدالة يتم اقصاء خبراتهم ككفاءات محترمة ومستقلة. القراد الرقمي لتجمع أولاد قوش الذي يشوه صورة كل من لا ينتمي إليه دبج لنا فيديو من بضعة ثوان عن حديث للأصم باللغة الإنجليزية واعتبر ذلك معجزة.. في الوقت الذي سنجده يبشع بتراجي مصطفي التي تتحدث الانجليزية والفرنسية على حد سواء..ولا تعتبر ذلك بشيء ذي بال (لأن اللغة الانجليزية فعلا ليست وحيا من الملاك جبرائيل). فالمتسول والعاهرة في امريكا او بريطانيا او استراليا او كندا يتحدثون الانجليزية. ومع ذلك فلا المتسول ولا العاهرة مؤهلان لحكم أكثر دول العالم بؤسا في أفريقيا. لا.. ولم يكتف القراد بذلك...بل أضحى يزرع معايير الشكل والملامح للترشيح في هذه الوزارات ورغم هذا فحتى النسوة اللائي تم استخدام أشكالهن كدعاية تسويقية يسربون من خلالها السيطرة على الجماهير لم يكن بذلك الجمال الباهر ، فأصغر بوابة في مصر أو سوريا ستكون أجمل ممن تم تهويل وتضخيم أشكالهن المدهونة بالماسكات والمساحيق وعدسات الأعين لشعب لا يفكر إلا من بين فخذيه. حقا هذا بؤس شديد..ومثير للغثيان بل والقيء..أن يتم تسفيه عقل الشعب على هذا النحو. على أي حال فلنعد لموضوع تضخيم السير الذاتية لمرشحي أولاد قوش. دعني مثلا أعترف بأنني تعلمت منهم كيف تكتب السير الذاتية المزينة بالتضخيم والتهويل. على سبيل المثال ؛ سنجد أن أحدهم يتحدث عن دراسة الماجستير ويقول بأنها ارتكزت (انظروا لكلمة ارتكزت) على الاهتمام بالقانون الدولي العام وتنازع القوانين وحقوق الانسان....الخ. طبعا هذا وهم وإيهام في نفس الوقت. لماذا؟ ببساطة شديدة لأنك عندما تدرس الماجستير عن طريق المواد فأنت تدرس عشرات المواد والتي لا يمكن إيرادها في السيرة الذاتية. على سبيل المثال أنا درست في مرحلة الدبلوم المؤهل لبحث الماجستير ستة عشر مادة فضلا عن البحث وفق نظام معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية. درسنا ستة عشر مادة من بينها العلوم السياسية والاقتصادية والسوسيولوجي ، والقانون الدولي للبحار وحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني وفلسفة القانون ، وفلسفة القانون الجنائي والملكية الفكرية والحق المتعلق بالخصوصية ....الخ. لا يمكن أن اكتب كل هذا في سيرتي الذاتية ؛ نعم قد أخدع الشعب الدلاهة ولكن ليس مؤسسات لها باع في فهم التضخيم الزائف من الحقيقة. يتم التضخيم بالحديث عن خبرات ضخمة كاذبة. فمثلا الحديث في الخبرة العملية في المنظمات ، أولا العمل في المنظمات هو عمل مؤسسي. وغالبا ما ستواجه قضايا مختلفة مرة في حقوق الانسان ومرة في غيره ولكن من زوايا إدارية أو سياسية وهذا هو الغالب ناهيك عن أن إنشاء منظمة بأكملها ليس مسألة ذات خطر. لا يمكن لمجرد حضورك دورة في التحكيم الدولي أن تعتبر نفسك خبيرا لو كان الأمر كذلك فسأعتبر نفسي خبيرا في التحكيم الدولي وفي عقود البترول وفي أشياء كثيرة أخرى. الخبرة في الواقع تأتي من الخبرة في الممارسة الطويلة. لا يمكنني مثلا أن أعتبر نفسي أكثر خبرة من المئات من الذين عملوا في وزارة العدل أو القضاء لسنوات طويلة. فالكفاءة المطلوبة هي الكفاءة العملية. نعم عانينا جميعا من مشكلة الاقصاء والتهميش لعدم انتمائنا للحركة اللا إسلامية. ولكن رغم ذلك فالمرحلة القادمة لا تتحمل المجاملات. وكما قال حميدتي: (زمن الدسدسة والغتغتة انتهى).. تابعت أحاديث حمدوك ولي في ما يقوله انتقادات كثيرة لكنني أفضل ألا أذكرها في الوقت الراهن لأنني أضع أولوية منحه فرصة الافلات من هذا الشرك الذي تم وضعه فيه عن قصد. فالرجل أيضا لا يملك حنكة السياسيين ولا ملكات اقتحام ميدان واسع من الدسائس والمكايدات والصراعات التي تتطلب عقلية شريرة جدا كعقلية الإسلامويين والشيوعيين الإقصائية والاحتكارية. ومن ناحية أخرى فعندي أمل أن تقوم الولايات المتحدة بدعم حمدوك في هذه المرحلة خاصة إذا تم تعيين عملائها في الحكومة الجديدة المؤقتة لتعطي الشعب بصيص أمل بحدوث اختلاف في واقعنا المرير. ما أطلبه فقط هو النزاهة.. نزاهة أمريكا ونزاهة أولاد قوش ونزاهة حمدوك ونزاهة المجلس العسكري.. واعتقد أن هذا صعب المنال ولكن ليس مستحيلا...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست