هل يستطيع أن يُراهن أحد على أن أولئك الشباب االذين جادوا بالأنفس وتحمَّلوا الجراح ورابطوا بالمثابرة والإصرار على النضال من أجل تحقيق ما يأملون ، قابلون للولوج إلى مستنقع الإحباط والتراجع ؟ ، على المستوى الشخصي لا يمكنني تصديق ذلك بعد ما رأيته من مثابرة وثقة في النفس في أعينهم المتطلَّعة لغدٍ جديد ، طالما أدهشني رسوخ هذه القيَّم في هذا الجيل الذي كنا نظن أن عقوله خاوية من الفكر والإرادة والوطنية ، لأننا بكل بساطة كنا ننظر إليهم عبر المظهر ونأنف تكَّبُراً أن نلج إلى دواخلهم ومضامينهم الوضيئة .
وكنتُ أظن أن عهد الحرية القادم ، سيُجبر الجميع وخصوصاً الذين ما زالوا يتمتَّعون بخصلة الحياء ، أن يتواثقوا على أنه سيكون عهداً خالصاً للشباب ، لأنهم يستحقون ولأن بلادنا أيضاً تستحق أن تحظى بعقلياتٍ جديدة ومواكبة لإحتياجات وتطلعات شعبها الذي هو في الحقيقة أغلبه من فئة الشباب ، هم الذين أشعلوا وهج الثورة الأول وهم الذين أعادوا إلى قلوبنا ونفوسنا شيِّم الشجاعة والرغبة في التغيير والإيمان بأن المستحيل قابل لأن يكون واقعاً إذا كنا قادرين على أداء ثمنه بالتضحيات .
وآلمني ما شاهدته عبر وسائل الإعلام السودانية التي لم تعُد هذه الأيام تتورَّع عن نعي ثورة الشباب السوداني ، ووصمها بكل ماهو ليس فيها من مظاهر الوضاعة والخلاعة وإنحدار الأخلاق ، حين تركِّز أخبارها الرئيسية االمسترسلة على مدار ساعات بثها المتواصل على تكوين حزب أو أحزاب جديدة في السودان ، لا تدعي أنها تضيف شيئاَ جديداً إلى باكورة الإنتاج الفكري والآيدلوجي والسياسي في السودان ، بقدر ما تبدو أهدافها سائرة في نفس الدروب التي سارت فيها أحزاب منفعية لا نصير لها في عهد نظام الإنقاذ المدحور ، والذي أصبحت وعلى المستوى الشخصي من المتشككين في إندحاره ، أحزاب المنفعة الشخصية واللحظية جاءت من جديد لترفع راية التطبيل والتزمير والهُتاف ، متحفِّزة ليرقص قادتها ومُداهنوها على أجساد الغلابة من جديد ، جمعٌ من العمائم التي طُويت على رؤوسٍ فارغة إلا من أنانية وحبٍ للذات لا ينقطع ولا يتوانى عن دهس و تجاوز المصلحة العامة و آمال الشرفاء في الحصول على عهدٍ جديد .
جميع أولئك الذين شاهدتهم في ساحة تدشين ذلك الحزب االجديد كانواا من فئة عمرية تجاوزت االستين و فااق بعضهم السبعين عاماً ، لم ييأسوا بعد من عاهة اللهث ورااء هذه الدنيا الفانية ، و يتعاهدون على وأد أحلام الشبااب و إفشال ثورتهم المجيدة التي كاانت على وشك تتويج سابقة تاريخية في السجل االسياسي لهذا الوطن كنهها تولي الشباب االمؤهلين قيادة بلادهم و توجيه دفتها نحو بر الأماان ، و لكن لا مناص أن ينبلج نور الحق و يُدحر في سوداننا الحبيب ظلام الباطل و لو بعد حين ، إعتقوا مستقبل الشباب و الجيل االقادم الذي سيشيِّد مستقبل هذه البلاد من رجعيتكم و أنانيتكم و لهثكم وراء مصالحكم الذي و على ماا يبدو سيرافقكم إدمانه و أنتم على حافة القبور .. اللهم أنصر شباب الثورة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة