خلال الاحداث الاخيرة ومنذ فض الاعتصام امام القيادة العامة من قبل الدعم السريع وكتائب الظل، ظل الثوار يواجهون بطش وتنكيل من المنتسبين الي قوات الدعم السريع او التي يرتدي بزيهم من كتائب الظل، لذا وجب علي الشعب السودانيين الثائر مجابهة هذه القوة الغاشمة بالوسائل السلمية التي تعاهد عليها، وفي اطار حملة رفض البطش الامنى برز بعض الكتّاب والمعلقين علي القنوات الفضائية في ادانة الدعم السريع (الجنجويد) علي اساس انهم جيش اجنبي محتل، علي الرغم من ان كل المراقبين يتفقون علي ان هذه المجموعات هم قوات مرتزقة منهم السودانيين بالميلاد ومنهم ذات اصول اجنبية تم تجنيسهم مؤخراً لأجل خدمة النظام البائد، لكن الذي يعني الشعب السودانى حالياً هو مجابهة جرائم هذه القوات غير المنضبطة وليس الطعن فى اصولهم وانتمائاتهم العرقية، اما عن سودانيتهم، فيظلوا سودانيون ما دام منح لهم الجنسية السودانية، هم الان سودانيون بالأمر الواقع، حتي لو انهم تجنسوا في الامس الاول كما ان كل القبائل العربية في السودان وبعض القبائل الحدودية تسودنوا بحكم الامر الواقع. موضوع التجنس اصبح من الموضوعات التي لا يعير عليه اهتمام العالم المعاصر. كل الدول المتقدمة تسعي الي كسب عقول وايدي عاملة لزيادة انتاجها عن طريق التجنس، الا محيطنا العربي الذي ظل يتعامل مع العمالة الوافدة بنظام الكفيل (عبودية العصر). الاوربيون والامريكان والاستراليون وكثير من الدول الأسيوية يجنسون الاجانب الوافدون اليهم وفق اجراءات قانونية عادلة وفي خلال فترة وجيزة تتراوح ما بين ثلاثة الي عشرة سنين ينال الوافد جنسية البلد المستضيف، اما المجرمون منهم يعاقبون وفق جرائمهم مثلهم مثل اي مجرم من السكان الاصلين، اي بمعني ليس للجريمة جنسية او اصل، لذا الحملة علي حميدتي او مليشياته علي انهم تشاديون او نجيريون او غيرهم لا يفيد هذه الثورة في شيء بل على العكس يعمق الخلاف والجدل الدائر بين الاطراف والمركز، وعندئذٍ يخرج من احضان الثورة من يدافع عن الجنجويد لانهم مستهدفون فى اصلهم ، وعندها يصعد موضوع الهوية والاصل سلم اوليات الثورة بدلاً من حرية وسلام وعدالة. حتى لا ننسى حميدتى فى آخر خطاب له امام مناصريه انه يواجه استهداف اثني وليس سياسي. ثورة 19 ديسمبر ليست ثورة تغيير حكومة بل ثورة شاملة، وبالأخص ثورة مفاهيمية واجتماعية في المقام الاول ثم سياسية وعدلية ليخلص الشعب السودانى الي نظام ديمقراطي مستحدث من القيم السودانية الحميدة. 2 عملية العصيان المدني والمظاهرات التي تلت فض الاعتصام كشف لنا الوجه الحقيقى للعاصمة الخرطوم، وهي كما نشاهدها فى الفضائيات من اقبح العواصم في العالم مظهراً ونظاماً، كأن الخرطوم باكملها (شانتى تاون) فى برازيل او فى نيجيريا، اوساخ مكومة في الطرقات، هياكل لمباني خرسانية غير مكتملة في عُلاها وفي سُفلاها متاجر مكدسة بالبضائع، نصف الطرقات يغطيها الرمل المطحون والممزوج بالزيوت، النفايات البلاستيكية تتكدس عند فتوحات مجاري صرف الصحي حيث تبوح منها رائحة كريهة يأذي الجلوس و المارة معاً ، السيارات تتكدس في الطرقات كأن اشارات المرور اوجدوها لاستراحة السائق من عذاب الزحمة وليس لتنظيم المرور، حينما تشاهد احد من المعلقين في الفضائيات يصف حالة العصيان في الخرطوم بمدينة اشباه، غالباً ما يفسره المشاهد غير السوداني علي انها مدينة اشباه في هيكلها ومظهرها وليس فى صمتها. لولا مظاهر السودانيون في الوانهم السمراء وجلاليب رجالهم وثياب نسائهم لاعتقد المشاهد إن المشهد الذى يعرض فى الشاشة هى احد مشاهد مدن شمال سوريا حالياً. الثورة من اولوياتها تعمير الخرطوم وتطهيرها من الرجس حتي يكون عنواناً لهذا الشعب الراقي. 3. قوي الهامش اي السياسيين من الاقاليم الطرفية ظلت ومنذ امد بعيد تتحدث عن سيطرة المركز اي الوسط النيلي في ادارة البلاد، وإن كان هذا هو الواقع الامر الا ان طريقة التنافس بين سياسي النيل والاطراف يجب ان يأخذ منحني اخري في آفاق الثورة غير الذي شاهدناه في العهد البائد، التنافس بعقلية هذا من الوسط وهذا من الغرب او الشرق لا يخدم مشروع الثورة، دعونا نتحدث عن الحاكم العادل والحاكم الظالم، ليس مهماً اصل الحاكم لكن ما يهمنا هو عدله وخدماته، اما احتكار السلطة لفئة معينة من الشعب فهي عملية منبوذة بداهةً لكنها واقعي حتي عند الشعوب المتحضرة، امريكيا مثلاً لا يحكمها الا من ذوي الاصول الايرلندية ليس قانوناً ولا عرفاً لكن الواقع الحال يشير لذلك، حتي بارك ابوما الذى ينحدر من اصل افريقي كان انتمائه من امه ذو اصول ايرلندية، في المملكة المتحدة من الصعب ان يحكمها احد من القوميات الاخري حتي وان اصبح رئيسا لاحد الاحزاب الكبيرة، في المانيا البافاريون هم المسيطرون علي ادارة المانيا، هذا ليس لكثرتهم او علمهم او اصالتهم لكن اصبح امر واقع لهؤلاء القوميات، لان الناخب لا ينظر الي اصل الشخص بل الي برنامجه، اما من وجهة نظر الحكام فطعم السلطة يغري اتباعه الي البحث عن سلطان لان عرق الوظيفة دساس، كابن طبيب يكون طبيبا، وابن العسكري يكون ضابطاً وهكذا. رغم ذلك نتمنى ان تقود الثورة الى تصحيح مفاهيم العمل السياسى وينهى صراع الجهوية واحتكار سلطة الدولة والاحزاب. غياب ممثل من الهامش في لجنة المفاوضة لقوي الحرية والتغيير لا يعني بالضرورة تعمد تغييب الهامش بل يبدو انه حدث تلقائي بسبب التكوين الهيكلي للاحزاب المكونة للتحالف وهم ذات الاحزاب الكائن قبل الثورة والمسيطر عليه طوائف معينة من المركز والتي كانت تشكو قوي الهامش منها. شكراً لقوي اعلان الحرية والتغيير في ظهورها بمظهر الحقيقة وعدم مجاراة المؤتمر الوطني في تفكير المحاصصة. اخيراً عدم الادانة او الاقرار بمجازر دافور من بقية الشعب السوداني كان مغيباً للآمال علي الاقل من وجهة نظر اهل الضحايا لكن لا يجب علي السياسيين دانة الشعب بل الادانة لفاعل الجريمة... والسبب بالواضح هي نفس السبب وعلي السياسين السعي في بحث الحلول لمشكل السودان الذي يجعل الشعب شعبين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابوبكر شرف الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست